صراع نفوذ خفي بين ريفي ونائبي “المستقبل”

tripoli-gunman

حسان الحسن –

جريدة الثبات:

يُخفي الصراع التقليدي المسلَّح بين منطقتي باب التبانة وجبل محسن في طرابلس، والذي تطوّر أخيراً لينتقل إلى مواجهة مفتوحة مع الجيش اللبناني في مختلف أحياء المدينة، ثلاثة أهداف رئيسية:

أولاً: إبقاء عاصمة الشمال “ساحة صراع” لتوجيه الرسائل المحلية والإقليمية من الفريق المعادي للمقاومة؛ بأنه لا يزال بوسعه تفجير الوضع الأمني في بعض المناطق اللبنانية، على وقع الهزيمة التي مُني بها في “معركة القلمون” في سورية، ما يؤكد الترابط الوثيق بين الانفلات الأمني في طرابلس والأزمة في الجارة الأقرب.

ثانياً: بدا جلياً أن الفريق المذكور آنفاً يستخدم “اللعبة الأمنية” لتحقيق مآرب سياسية، وذلك بعدما نجح في حصوله على رئاسة الحكومة والوزارات التي تُعنى بالشأن الأمني، وبالتالي هو يلجأ إلى “اللعبة” عينها مع اقتراب موعد الاستحقاق الرئاسي، لتقوية أوراقه، وتعزيز دوره في هذا الاستحقاق.

ثالثاً: تأمين استمرار “قادة المحاور” في “وظيفتهم”، وبالتالي فإن بسط سلطة الدولة في طرابلس والتصدي للإخلال بالأمن يُنهي دورهم، انطلاقاً من هنا بدأت المجموعات المسلحة استهداف وحدات الجيش المنتشرة في الفيحاء، في محاولة للضغط عليه وإخراجه منها.

لا ريب ألا علاقة عسكرية – استراتيجية بين “حوادث طرابلس” والمعارك في الجارة الأقرب إلا لناحية الإيواء، خصوصاً بعد استعادة الجيش السوري لمنطقة الزارة، وإحكام الطوق على “مسلحي الحصن” في ريف حمص الغربي.

من ناحية أخرى، تشكّل الحوداث المذكورة انعكاساً لبعض الخلافات الإقليمية والداخلية، لا سيما الخلاف السعودي – القطري، ويُترجم على أرض الواقع الطرابلسي بصراع نفوذ بين تياري “المستقبل” و”السلفي”، خصوصاً أن الأخير يحظى بدعم الدوحة ورعايتها لتأليبه على الرياض، بحسب مرجع إسلامي طرابلسي، ويلفت إلى أن هناك صراعاً أشبه بـ”النار تحت الرماد” بين “قادة المحاور” التابعين للوزير أشرف ريفي، وآخرين من التيار “السلفي”، الذين يخشون من إتمام أي تسوية على حسابهم، خصوصاً بعد التوافق الحكومي على البيان الوزاري الذي تضمّن “حق اللبنانيين بمقاومة الاحتلال”.

وفي سياق متصل، يلفت مصدر مطلع إلى أن هناك “صراع نفوذ” خفياً بين ريفي من جهة ونائبي “المستقبل” سمير الجسر ومحمد كبارة من جهة أخرى، بعد تقدُّم وزير العدل عليهما في الشارع، من خلال دعم “أمراء الأزقة”.

وفي إطار مسألة “صراع النفوذ” بين القوى الطرابلسية، يعتبر مراقبون أن الهدف الحقيقي “للجولة 20” التي شهدتها طرابلس، إثبات الحضور على الساحة الطرابلسية بين ثلاثة تيارات، “العزم” الذي يتزعمه الرئيس نجيب ميقاتي، و”المستقبل”، و”السلفي”، مشيراً إلى أن “التيار الأزرق” يسعى إلى تقليص دور ميقاتي في مسقط رأسه.

في المحصلة، لا شك أن الأوضاع الأمنية في طرابلس بدأت تأخذ منحى بالغ الخطورة بعد استهداف الجيش ودوره، وبات في حاجة مُلحّة إلى “مظلة سياسية” كي يؤدي دوره المطلوب، وبالتالي يعيد الاستقرار المفقود إلى طرابلس وسواها، فلا يمكن أن تتحمل المؤسسة العسكرية مزيداً من الاستنزاف، ولا تستطيع أن تنتظر طويلاً للرد المناسب، في انتظار تأمين الغطاء السياسي لذلك، فهل يصدر قرار عاجل بالتصدي للمعتدين حفاظاً على ما تبقى من هيبة الدولة، قبل أن تدفع عاصمة الشمال فاتورة مماثلة لتجربة “فتح إسلام” جديدة؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.