صواريخ “البوتينية” الروسية

alexandar-rocket

صحيفة الديار الأردنية ـ
يلينا نيدوغينا*:
الأنباء التي تناقلها وسائل الإعلام العالمية عن نشر روسيا لصواريخ “إسكندر” على حدود سورية مع دول تحادِدُها، يَعني الكثير، عوضاً عن أن هذه الخطوة الروسية تعني بما لا يقبل الشك، أن ضمان الأمن والإستقلالية والسيادة السورية هي الآن وفي المستقبل المنظور ذات أهمية روسية إستراتيجية وسياسية وأمنية تامة.
الأنباء عن نشر الصواريخ الروسية، وكان مُفاجِئاً للعالَم بأسره، والذي لم يتأكد للآن وعلنياً وحتى كتابة هذه المقالة من مصادر روسية رسمية، أي من الكرملين و/أو والخارجية الروسية و/أو مصادر عسكرية روسية رفيعة المستوى، يُشير في حال صَّحتِهِ الى أن هذه الخطوة تؤشّر على: أولاً؛ تأتي رداً سريعاً وصارماً على حلف الناتو وتركيا الأردوغانية – التي أضحت المِطرقة الضاربة للناتو ولسياسته الراهنة التوسعّية في سوريا والعالم العربي-، وذلك لنشر الناتو على الحدود مع سورية صواريخ باتريوت الأمريكية التي يَخدِمها حربياً خبراء وعسكر من أمريكا وأوربا الغربية. ثانياً؛ حماية الأراضي الروسية من ضربة مباغتة من قواعد ناتوية غير بعيدة عنها، سيّما وأن سورية غير بعيدة عن الأراضي الروسية كما نوّه الى ذلك الرئيس فلاديمير بوتين في مؤتمره الصُحفي الأخير قبل أيام. ثالثاً؛ حماية الأراضي السورية- التي غدت الآن ونهائياً منطقة تخدمها روسيا عسكرياً وأمنياً بنشاط علني ومباشر بعيداً عن السلوكيات الدبلوماسية المعهودة، الأمر الذي يؤكد على أن سوريا أصبحت منطقة نفوذ روسي تتوسّل تثبيتاً روسياً حاسماً فيها لحمايتها من التدخل الخارجي الوقح، فلا بد من إدراك مسألة هامة هي أن الروس لن يتركوا هذه الصواريخ لأحد، بل لأنفسهم هم وحدهم، وبالتالي فهم الذين سيقودون المعركة بإقتدار سيّما وأن الراشح من الأنباء كشف بأن مئات الجنود والضباط الروس وصلوا سوياً مع هذه الصواريخ الإستراتيجية “وبصحبتها” الى سوريا. رابعاً؛ الهجوم على إيران غير مقبول روسياً، وتعتبر هذه الصواريخ إضافة نوعية لتعزيز الأمن الإيراني وبالتالي تأمين الحدود الجنوبية لروسيا. خامساً؛ هذه الصواريخ تستطيع استهداف دائرة جغرافية واسعة بنجاح وشلِّ حركتها العسكرية في النصف دقيقة الأولى لإنطلاق العدوان على روسيا وسورية وإيران. سادساً وليس أخيراً؛ يَفترض نشر صواريخ “اسكندر” ضمان أمنها “الذاتي” في دائرة جغراعسكرية واسعة حتى لا تصيبها نيران عدوّة، ولئلا تقع في أيدي الإرهابيين أو قوات التدخل الخارجي، وهو مَظهر يَعني أن مناطق جغرافية واسعة في سورية تنتشر فيها هذه الصواريخ هي الآن ومنذ زمن غير قصير هادئة ومُسيِطر عليها عسكرياً وأمنياً، أي أن مناطق سورية واسعة وعديدة وحدودية مع الدول المجاورة مُطّهَرَة سورياً ومأمونة.
نشر الصواريخ الروسية في سوريا يعني أيضاً بأن أمن سوريا هو أمن لروسيا أيضاً، ولأن “اسكندر” تفوْق بقدراتها قدرات صواريخ “باتريوت” الامريكية التي تعجز عن التصدي “لاسكندر” كما بيّنت الوقائع السابقة، وان هذه الخطوة تعبير عن ان روسيا لا تستبعد مشاركتها المباشرة في ردع المعتدين على سوريا التي بات أمنها خطاً أحمراً لموسكو، كما وهي خطوة محسوبة كرد عالي النبرة على التصريحات التركية والأميركية وبعض الغربية والعربية التي ذهبت بعيداً في فبركاتها السياسية المباشرة وغير المباشرة ضد سوريا وروسيا وعلاقة البلدين، إذ كانت هذه الفبركات وتستمر تهدف الى تهديد العلاقة الكفاحية بين دمشق وموسكو، وتشويه السياسة الروسية وتصويرها بالخائنة، مما يستدعي عدم الثقة بها في الشعوب والدول الأخرى التي أصبحت موسكو البوتينية مِثالاً يُحتذى لها ولغيرها على صعيد العلاقات النضالية الدولية الأُممية والتصدي الجماعي للعدو المشترك إستناداً الى ذراعين روسية وصينية شعبية لقصم ظهر الإرهاب الدولي والإرهابيين مِن كُلِّ شاكلةٍ ولونٍ.
*كاتبة ومُمَثِلة العالم العربي في اللجنة التنفيذية لرابطة الصحافة الروسية في العالم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.