طرابلس..إنّا نبكيكِ

tripoli-gunman

موقع إنباء الإخباري ـ
نور الهدى صالح:

لا صباح أو مساء الخير اليوم في طرابلس. كلّ ما يمكن أن يتبادله أهلها، سلامات محمّلة برصاص الحقد، مشتعلة بنار الفتنة، وممتدّة من قلب الأزمة السوريّة. تداعيات هذه الأزمة لم يسلم منها لبنان، الّذي كان من أكثر المتضررين. حتّى أصبحت أكثر مناطقه أهميّةً في حرب أمكن لنا أن ندعوها اليوم “حرباً أهلية”.
الاشتباكات ما بين جبل محسن وباب التبانة، على وتيرة واحدة: أعمال قنص، تفجيرات متكررة، استهدافات لكنائس ومساجد، قتل مبرّح خالي من معاني الانسانيّة وغيرها من الأمور الّتي لم تعهدها هذه المنطقة قبل هذه الأزمة النكراء. فمن هو المسؤول؟
يجوز لنا لوم جميع الرؤساء على عدم تحرّكهم لمواجهة الفتنة قبل اشتعالها، لتحرق طرابلس وتؤول بها إلى الحال اليوم.
فمع بدء الأزمة السوريّة من سنتين تقريباً، لمعت بعض شرارات الفتنة في المدينة، كان يجب في تلك الحال تدارك الموقف قبل أن يزداد سوءاً. فيتدخّل الجيش اللّبنانيّ مسيطراً على الوضع، ماسكاً زمام الأمور كلّها. أمّا ما جرى في الواقع، من تمسّك بمبدأ النأي بالنفس، والافساح بالمجال لظاهرة التسليح المتطرّف للتمادي إلى ما عليه اليوم، فهو خطأ فادح ارتكبه من لم يحرّك ساكناً.
بحسب مصادر أفادت “الجمهورية” أنّ كمّيات كبيرة من الأسلحة دخلت الى شمال لبنان وقد أظهرت الإحصاءات أنّ 10 % من الشبّان كانوا يملكونها في مناطق النزاع بطرابلس، واليوم أصبحت النسبة تفوق 70%. فتجارة السلاح تنتشر في لبنان بشكل كبير إذ إنّ كلّ من يريد اقتنائها لديه مصدرُه الخاص ومعارفُه ويتلقّى ما يطلبه من القطع الكبيرة والصغيرة.
اليوم أفضل ما قد يقوم به الجيش اللبنانيّ هو استدراك انتشار الفتنة على الأرض اللّبنانيّة، وملاحقة كلّ مسلّح متطرّف يقبع في إحدى المخيّمات أو مخبأ في زاوية على أرض الوطن. ذلك بالإضافةً إلى وعي المسؤولين أهميّة تدخّل الجيش في أبسط  الأمور ذات الشرارات الطائفيّة، كي لا تتفاقم.

بدأت المعارك في طرابلس بالتزامن مع الأزمة في سوريا، وفي حين لم يكن معلناً او معروفاً للملأ تدخل حزب اللّه في معارك الجوار. وبالتالي ليس المسؤول عن جرّ المعركة إلى لبنان حزب اللّه ـ لمن يحتج بذلك ـ بل كانت الفتنة في طرابلس مدروسة جيّداً من قبل من بدأ الفتنة في سوريا، ومخطط ليجرّ الأخيرة إلى لبنان.
إذاً فمصير طرابلس اليوم مرهون بمصير سوريا. الأفكار نفسها، الجماعات التكفيريّة ذاتها، والهدف واحد: القضاء على الاستقرار في المنطقة.
لكلّ أهلنا في طرابلس. نحن نستنكر كلّ الأعمال الإجراميّة التي ترتكب بحق الأبرياء في الشّمال، ومن استهداف للمدنيين وخصوصاً الجريمة الّتي طالت باص العمّال، آملين أن ينال مطلقو النار الخمسة جزاءهم بأسرع وقت ممكن. فالمتاجرة باتت بالدم، ومن المعيب أن نكون اليوم في القرن الواحد والعشرين وما زلنا نركض خلف أفكار تودي بحياة أهلنا وإخواننا إلى الموت، وتكرّس فيما بيننا معاني الحقد والتعصّب والتحريض المذهبي.
نطمح لأن تعود طرابلس كما كانت، مدينة الشمال المزدهرة باقتصادها وأمنها والّتي تتباهى بالمحبة بين أهلها..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.