عاموس يدلين: قرار مجلس الأمن حول المستوطنات سيعزز حركة نزع الشرعية والمقاطعة ضد ’إسرائيل’

 

تناول رئيس معهد أبحاث الأمن القومي والرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية الصهيونية، عاموس يدلين، في مقال له نشر في مجلة “نظرة عليا”، التي تصدر عن المركز نفسه، القرار الذي اتخذ في مجلس الأمن الدولي مؤخرًا، ضد البناء في المستوطنات وانعكاساته.

عاموس

رئيس معهد أبحاث الأمن القومي عاموس يدلين

 وطرح يدلين عدداً من الإشكاليات وسبل مواجهتها من قبل “إسرائيل”، حيث اعتبر أن القرار إشكالي في سبعة أبعاد:

1. من ناحية “إسرائيل”، وبالنسبة للنهج الذي في أساس القرار 2334، والذي يقول إن: “حكم الحائط الغربي، كحكم مستوطنة يتسهار، أو حكم حي راموت في القدس كحكم مستوطنة ألون موريه”، وهذه المقاربة في الحكم، تبدد كل أمل في إدارة مفاوضات تكون غايتها التقدم بتسوية الدولتين.

2. يعزز القرار الرفض الفلسطيني واستراتيجية الامتناع عن المفاوضات مع “إسرائيل”، انتظارًا لإملاء دولي لمبادئ التسوية. وعليه، فإن القرار سيشجعهم على التمسك برفض العودة الى المفاوضات والمرونة.

3. يزيد القرار خطر الدعاوى ضد إسرائيليين على المستوى السياسي والعسكري في المحكمة الدولية في لاهاي، وفي أجواء “الصيد القضائي” للزعماء والقادة الإسرائيليين سيكون من الصعب خوض مفاوضات للسلام.

4. حركة نزع الشرعية والمقاطعة على “إسرائيل” ستتعزز وتلقى تشجيعًا معنويًا وسياسيًا قابلًا للترجمة الى خطوات قانونية، سياسية، جماهيرية واقتصادية.

5. يضع القرار المسألة الإسرائيلية كصخرة خلاف بين الديمقراطيين والجمهوريين في الجمهور الأمريكي، ويهدد التأييد من الحزبين لـ “إسرائيل”.

6. ثمة في القرار أيضًا مس بالردع الإسرائيلي، الذي قسم هام منه يقوم على أساس الحلف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة ودعمها لـ”اسرائيل”.

7. تقرير في المواضيع التي يتناولها القرار، والذي سيكون الأمين العام مطالبًا بإعطائه كل ثلاثة أشهر، سيضمن اهتمامًا مواظبًا للمسألة على حساب مواضيع أهم، ويغذي حملة مستمرة لمناهضة “إسرائيل”.

واضاف يدلين، مع ذلك، من المهم التشديد على أن القرار لم يتخذ تحت الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، وبالتالي فإنه لا يسمح باتخاذ عقوبات وخطوات عملية أخرى ضد “إسرائيل” من الأمم المتحدة. ويمكن التقدير بأن الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة، والتي هي أكثر عطفًا على “إسرائيل” من إدارة أوباما، ستستخدم الفيتو على كل محاولة للانتقال الى قرارات على أساس هذا الفصل.

وسأل “ما هو الصحيح لـ”إسرائيل” أن تفعله؟”، قائلاً “في ختام العام 2016 من الأهم توجيه النظر الى المستقبل من الانشغال في تحليل الماضي للطريق التي أدت الى قرار 2334. وعليه، ينبغي الاستعداد بهدف حصر الآثار السلبية لهذا القرار وبلورة سياسة مناسبة أكثر لإسرائيل، في ضوء الوضع السياسي الإشكالي الذي يخلقه”.

واشار الى انه “في المدى القصير فإن الإحساس بالغضب والإهانة والخيانة، وحتى لو كان ممكنًا تفهمها، فإنه ليس أساسًا سليمًا لسياسة متوازنة وناجعة، حتى لو كان هامًا جباية ثمن من السلطة الفلسطينية التي بادرت الى الخطوة، بل يجب تأجيل الرد حتى 20 كانون الثاني 2017، موعد دخول الرئيس دونالد ترامب الى البيت الابيض”.

وقال يدلين، “أما خطوات الضم الواسعة فلن تكون صحيحة بأي حال وستكون خطأ يؤدي إلى تعميق عزلة “إسرائيل” أو حتى إلى خطوات أخطر ضدها. وبالمقابل، فإن تعزيز الاستيطان في القدس وفي الكتل الاستيطانية، وتشجيع نقل السفارة الأمريكية الى القدس، والاعتراف بالمكانة الحالية للجولان، كفيلة بأن تكون خطوات تنسقها “إسرائيل” مع الإدارة الوافدة”.

واضاف “إن أساس الإستراتجية الإسرائيلية طويلة المدى يجب أن تكون ثلاث فرضيات:

1. إدارة أوباما ستكون أكثر ودًا لإسرائيل، وسيكون ممكنًا التوصل معها الى تفاهمات رفضتها إدارة أوباما بثبات.

2. العودة الى المفاوضات ليست ممكنة عقب الرفض الفلسطيني، فما بالك إن وضع اتفاق شامل ونهائي لم يكن قابلًا للتنفيذ حتى قبل اتخاذ قرار 2334 ولكن بالطبع ليس مع السلطة الفلسطينية وحماس، حيث سيكون من الصعب تحقق ذلك بعد اتخاذ القرار، الذي من المتوقع أن يدفع مواقف الفلسطينيين نحو التطرف، وبالمقابل يرص صفوف الجمهور الإسرائيلي في تعزيز الاستيطان في القدس وفي الكتل.

3. الوضع الراهن ليس جيدًا لـ”إسرائيل”، ويجب المبادرة الى تغيير يحفظ أفق حل الدولتين، ولكنه يؤدي الى هناك بطريقة ممكنة في الظروف الحالية. ويجب التقدم نحو الانفصال عن الفلسطينيين بطريقة منضبطة حذرة وصبورة تحمي المصلحة الإسرائيلية في أن تكون دولة يهودية، ديمقراطية آمنة وعادلة، ترمم مكانتها السياسية والأخلاقية في العالم.

ولفت يدلين، الى انه على أساس هذه الفرضيات من الصحيح أن نعرض على إدارة أوباما اقتراحًا إسرائيليًا لخطوات عملية في أساسها مبادرة إسرائيلية فاعلة لتصميم واقع محسن، في ظل التصدي للادعاءات بأن المستوطنات هي عائق للسلام.

وتابع انه في السياق، سيكون من الصحيح لـ”إسرائيل” أن تتبنى استراتيجية فاعلة، في مركزها توافقات مع الولايات المتحدة حول التمييز بين الاستيطان في الكتل والمستوطنات المنعزلة، حيث تجمد إسرائيل البناء. وفي نظرة أوسع، صحيح أن تثبت “إسرائيل” التزامها بأفق الدولتين في المستقبل، من خلال سلسلة أعمال غايتها إحداث تغيير في الميول الحالية تبادر إليها هي نفسها.

واضاف يدلين، انه في هذا الإطار صحيح أن تبادر “إسرائيل” الى خطوات لتشجيع البناء للمؤسسات الفلسطينية الفاعلة وتوسيع حكم الفلسطينيين الذاتي، وتثبيت منظومة اقتصادية فلسطينية مستقرة، وإقامة بنى تحتية تسمح بتواصل مواصلاتي، وكل هذا كأساس لدولة فلسطينية عند نشوء الظروف لإقامتها. ومن المهم إشراك الدول العربية البرغماتية في تحقيق هذه السياسة بإسناد من إدارة ترامب وبقيادتها.

واشار الى ان مثل هذا التغيير في السياسة ستكون له أيضًا مضاعفات في الساحة الحزبية في “إسرائيل”، وفي هذه الساحة يجدر برئيس الوزراء أن يلجم الخطوات المتطرفة لهوامش اليمين التي تملي مؤخرًا خطوات حكومته من خلال السياسة والتشريع اللذين يسيئان لمكانة “إسرائيل” في الساحة الدولية.

وختم يدلين، “رغم أن الولايات المتحدة هي الحليف الأهم لـ “إسرائيل” وأحيانا الوحيد، إلا أنه من المهم ألا تنجر “إسرائيل” الى المواجهة الجمهورية الديمقراطية، وتعود لتكون مدعومة من الحزبين. كما من المهم أن تعود لتثبت الثقة بين الدولتين، ولا سيما بين زعيميهما وخاصة بعد أن انتهكت هذه الثقة بين الطرفين في فترة الرئيس أوباما وحكومات نتنياهو. ومن المهم العودة لبناء أسس العلاقات الخاصة والقوية بين الدولتين معاً، والتي ستضمن المصالح الحيوية لكلتيهما”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.