عذراً فخامة الرئيس!!!

sleiman-michel

\صحيفة البلد اللبنانية ـ
علي حلاوي:
عندما سمعت كلمة الرئيس ميشال سليمان في جامعة الروح القدس متحدثاً عن ثلاثية فريدة من نوعها قائمة على “الجيش، الشعب والقيم المشتركة”، ويرغب بأن تكون شعار جمهوريته سرعان ما استذكرت “جمهورية افلاطون الفاضلة”.
لا اعرف بالتحديد ما سر ذلك الرابط اللاإرادي، العفوي بين الطرحين ولكن بما ان التاريخ يعيد نفسه في الكثير من الاحيان فلا يبدو مستحيلاً ان يتشابه الرئيس سليمان والفيلسوف افلاطون في نظرتيهما الى جمهوريتيهما الفاضلتين.

فجمهورية افلاطون ترتكز على الدولة العادلة والحاكم العادل وديمقراطية الفقراء التي تتصدع وتنفرط من كثرة ديمقراطيتها. لم ينس افلاطون ان يتحدث عن الحاكم الذي “إذا جاء زعيم يُطري الشعب داعيا نفسه “حامي حمى الوطن”، ولاه الشعب السلطة العليا، فيستبد بها، ولكم تتوفر تلك الشروط في الرئيس سليمان وهو الذي تبوأ كرسي العرش بعد اتفاق البشر والحجر عليه بأن يكون ملكهم الخالد.

في جمهورية سليمان المبنية على القيم المشتركة وسيادة الدولة واحادية سلطتها على ترابها ومياهها وهوائها ليس هناك غير “وحدة القيم وضمانها وحدة القانون وعدم الاستنساب في تطبيقه، ووحدة القانون لا يحميها سوى المؤسسات الشرعية التي لا شريك لها في القرار والتنفيذ سياسياً وعسكرياً”. يثق فخامته بوثيقة اعلان بعبدا التي تجهل اغلبية الطبقة العاملة اي “الشعب” بنودها السبعة عشر. يرى في “الوثيقة” المخلص الوحيد للبنانيين من محنتهم، وليس مستبعداً ان تتحول الى كتاب اخضر جديد على مثال كتاب اخضر معمر القذافي.

في وثيقة بعبدا ايها الطبقة العاملة، حديث عن الحوار والتهدئة الامنية والاعلامية بين الافرقاء وهو محقق على اكمل وجه عبر فلتان اعلامي، فتن متنقلة وتفجيرات بالجملة والمفرق. في اعلان بعبدا حديث عن دعوة المواطنين بكلّ فئاتهم للوعي والتيقّن وعدم اللجوء الى السلاح والعنف وهو ما التزم به مواطنو باب التبانة وجبل محسن، عرسال واللبوة، اهل طريق الجديدة وجمهور الضاحية من لحظة سماعهم بالاعلان العظيم.

فقرة جديدة في الوثيقة تتحدث عن الحرص على “ضبط الأوضاع على طول الحدود اللبنانيّة السوريّة وعدم السماح بإقامة منطقة عازلة في لبنان وباستعمال لبنان مقرّاً أو ممراً أو منطلقاً لتهريب السلاح والمسلحين، ويبقى الحقّ في التضامن الإنساني والتعبير السياسي والإعلامي مكفولا تحت سقف الدستور والقانون”. وهذا نسبة تطبيقه 100% الى درجة ان المقاتلين اللبنانيين مع المعارضة السورية واللبنانيين الآخرين من انصار النظام يعبرون الحدود ليلاً نهاراً متأبطين سلاحهم في يد ويحملون وثيقة ميشال سليمان في اليد الاخرى.

ولكن ماذا عن بند التزام لبنان القرارات الدولية وبخاصة القرار 1701، وهذا ساري المفعول من ساعة تطبيقه في آب الـ 2006 ولم يخترق سوى بالغارة الاسرائيلية الاخيرة على جنتا وهي ” بلدة لبنانية 100%” وتزامنت مع كلام الرئيس عن حق بسط الدولة سلطتها على جميع الاراضي اللبنانية”.

وهناك بند “دعم الجيش على الصعيدين المعنوي والمادي بصفته المؤسسة الضامنة للسلم الأهلي والمجسّدة للوحدة الوطنيّة” وهو ما حققه فخامته في عهده عندما جعل الجيش ينتظر من قادة محاور اعطاءه اذن الدخول الى مناطقهم، ومعاقبة جندي اطلق نار على جندي عدو، محاكمة ضباط ليس لسبب إلا لأنهم اطلقوا النار على مواطنين مشبوهين لم يمتثلوا للاوامر العسكرية. اما المليارات السعودية – الفرنسية التي لم تعرف طريقها الى الجيش بعد، فرد فخامته الهدية مجهولة الهوية بأحسن منها بعد ان وضع المملكة العربية السعودية وجلالة ملكها في ذات الخانة مع الوطن والشعب والجيش معلناً شعاراً جديداً “عاشت المملكة العربية السعودية”.

وكي لا ننسى بند القضاء و”ضرورة دعم سلطته تمكيناً من فرض احكام القانون بصورة عادلة ومن دون تمييز” ، وهو ما سعى الرئيس الى تطبيقه عبر توزير احد اهم وجوهه العادلين في اطلاق سراح العملاء من ضمن حصته الوزارية.

هذا هو اعلان بعبدا باختصار.هذا ما يحلم ميشال سليمان ان يورثه للاجيال اللبنانية. من حقه ان يحلم كما من حق “نصف” اللبنانيين ان يقولوا “عذراً فخامة الرئيس”!.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.