على ماذا يراهن الأميركيون في تأخيرهم هزيمة داعش في سوريا؟

موقع العهد الإخباري ـ
شارل أبي نادر – عميد متقاعد:
لم يكن سهلا ما حدث مؤخرا في البادية السورية حول تنفيذ تنظيم داعش هجوما واسعا، استهدف فيه وعلى جبهة يتجاوز محيطها المئتي كلم، اكثر من عشرة مواقع أساسية للجيش العربي السوري وحلفائه في محور المقاومة، وحيث نجح بداية في الدخول الى بعض المواقع كالقريتين في ريف حمص الجنوبي الشرقي، وسيطرته على منطقة جبلية مشرفة على مدينة السخنة، بالإضافة إلى نجاحه في احداث ارباك امني وميداني على طريق تدمر دير الزور ما بين الشولا وكباجب، فإن الأمور عادت تقريبا الى ما كانت عليه لناحية انتشار الجيش والحلفاء، والذين يحضرون قواعد الانطلاق النهائية للاندفاع نحو الميادين، والتي تشكل حاليا نقطة الارتكاز الاقوى لداعش في سوريا.

عندما تقدم الجيش العربي السوري وحلفاؤه في محور المقاومة في البادية السورية مؤخرا، حيث فكوا الحصار عن مطار ومدينة دير الزور، وتقدموا شرق الفرات، من خلال اندفاعة لافتة في المسافة أو في اختراق المواقع الاقوى لداعش في سوريا، كانوا بذلك قد اختاروا مناورة من اثنتين، المذكورة أعلاه والتي نفذوها، والمناورة الأخرى والتي كانت تقضي بالتقدم البطيء والآمن في تلك البادية مع توسيع هامش الحيطة والحماية وتثبيت خطوط مدافعة متماسكة، وخاصة لناحية الجنوب والجنوب الشرقي باتجاه الميادين والبوكمال.

ارهابيو “داعش”

 لقد كانت العوامل المؤثرة باختيار المناورة الاولى: انهم من جهة، (الجيش والحلفاء) رأوا اهمية سرعة الوصول الى دير الزور لفك الحصار عن المدينة والمطار، فإن معطياتهم مع الوقائع الميدانية هناك كانت تشي باتخاذ “داعش” قرارا نهائيا وحاسما للسيطرة على الموقع الجوي والمدينة، وما لذلك من خطورة حتمية في حدوث مجازر دموية من قبل التنظيم هناك، فاستدعى الامر الوصول سريعا لتلافي ذلك؛ ومن جهة ثانية، لاقتناعهم بأهمية الوصول الى دير الزور وتجاوز النهر شرقا قدر الإمكان لقطع الطريق على قوات سوريا الديمقراطية، والتي كانت مدفوعة أميركيا لمسابقة الجيش العربي السوري وحلفائه الى السيطرة على مواقع “داعش” في الشرق السوري، بالإضافة طبعا إلى قرارهم الثابت دائما بالوصول الى الحدود مع العراق وتأمين الربط الاستراتيجي مع كامل محور المقاومة.

عمليا ، يستنتج من الهجمات الأخيرة المشبوهة لـ”داعش” على مواقع الجيش وحلفائه في البادية، والتي تدل كافة الوقائع العسكرية والميدانية عن وجود تواطؤ كامل من الوحدات العسكرية الاميركية في التحالف الدولي مع التنظيم، وهذا التواطؤ تثبته الوقائع والمعطيات التالية:

– لا يمكن لأي مجموعة عسكرية مهما كانت متماسكة ومنظمة، ان تنفذ عملية هجومية على محيط واسع يتجاوز عرضه مئات الكيلومترات في بادية صعبة جغرافيا وميدانيا، والوصول الى عشرات المواقع المستهدفة بوقت متزامن وبطريقة منسقة ومدروسة، دون امتلاكها معلومات استعلامية دقيقة، من صور جوية واحداثيات وتسجيلات عن اماكن تواجد عناصر الحماية والمراقبة والاستراحة والكمائن والدوريات، والتي تنفذ المدافعة عن العشرات من هذه المواقع المستهدفة.

– كان مستحيلا بالنسبة لعناصر داعش، ان تتحرك وتنتقل بمئات الاليات الخفيفة والسيارات، ما بين الحدود العراقية – السورية و البادية بين الميادين والسخنة بطريقة آمنة ومضمونة، لو كان الرصد الجوي الاميركي فاعلا بمواجهتها ومراقبتها وبالحد الادنى من قدراته، في الوقت الذي نشاهد هذه القدرات الجوية الاميركية ناشطة بشكل لافت وفعال في متابعة عناصر وكوادر من “داعش” لها وضعية خاصة لناحية أموال ومحاسبة داعش او لناحية موقعها في هيكلية التنظيم الامنية، الامر الذي سمح طبعا لهذه العناصر من تحضير وتنفيذ هجوم واسع باتجاه الغرب.

طبعا، يأتي هذا التواطؤ الاميركي الذي اصبح مكشوفا ولم يعد يحتاج إلى وقائع أو معطيات ميدانية او عسكرية اخرى لاثباته، في سياق مخطط مدروس، بدأ مع خلق ورعاية التنظيمات الارهابية وعلى رأسها داعش، ثم امتد في مواكبة هذه التنظيمات في حربها على سوريا، وهو اليوم، وبعد عجزه عن تحقيق السيطرة على سوريا، يحاول تأخير هزيمة هؤلاء الارهابيين، المرتزقة او المحليين، من خلال تضييع الوقت ريثما يستطيع ايجاد حل ما، يتمثل حسب اعتقاده، بدعم وتثبيت مجموعة من المسلحين، تسبق الجيش العربي السوري على السيطرة على مواقع داعش والتي لم يعد باستطاعته التهرب من مصيرها المحتوم بالهزيمة والاندثار.

وأخيرا …  من الواضح أن رهانات الاميركيين في اطالة عمر “داعش” هي على طريق الفشل  كما فشلوا سابقا في رهاناتهم على سقوط الدولة السورية،  ويبدو ان الجيش العربي السوري وحلفاءه في محور المقاومة، يتحضرون لدق آخر مسمار في نعش داعش في سوريا، انطلاقا من تحرير الميادين، فالبوكمال وصولا إلى الحدود مع العراق، لتكتمل استعادة السيطرة على كامل الجغرافيا السورية، ودائما بفضل الشهداء الابطال من الجيش والحلفاء، والذين فرضوا وثبّتوا بدمائهم الذكية خطوط الانتصار على الارهاب، وعلى من أوجده ورعاه ودعمه وهو يحاول الان جاهدا اطالة عمره دون جدوى.

Source link

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.