عملية شبعا… أسئلة ما بعد الاتهام الإسرائيلي لحزب الله

 

اسرائيل

ـ الاخبار: 

يحيى دبوق

مرّت عملية شبعا. الردّ الاسرائيلي كان هائلاً وقاصماً، كما قالت تل ابيب، لكن في الجهة المقابلة، في لبنان، لم يسمع أحد، تقريباً، بالرد. تهديدات الايام والاسابيع، وأيضاً الاشهر، التي سبقت العملية، والتي توعدت اسرائيل من خلالها بأن ردّها سيكون قاسياً وغير تناسبي ومنفلت العقال، ولمجرد خرق «السيادة الاسرائيلية»، كما اكدت اخيراً مصادر عسكرية اسرائيلية، لم يجد تعبيراً ميدانياً في اعقاب العملية، وعلى أرض الواقع. برغم عدم اعلانه رسمياً مسؤوليته عن تنفيذ العملية، إلا ان اسرائيل اتهمت فوراً، وبلا جدال، حزب الله. وبنت كل ما يلي الاتهام، من مواقف واجراءات ومقاربة ميدانية وسياسية واعلامية، عليه. ويوم أمس سمحت الرقابة العسكرية للإعلام العبري بنشر أهم ما ورد في التحقيق الرسمي للجيش الاسرائيلي، والذي جاء فيه أن مجموعة من حزب الله تسللت مئات الامتار الى الجنوب من الخط الازرق مع لبنان، وزرعت عبوتين ناسفتين انفجرتا بدورية للجيش. «أما الرسالة المراد إرسالها فهي أن حزب الله معني بإنهاء الوضع الراهن مع إسرائيل في حال قررت مواصلة مهاجمة قوافل السلاح بين سوريا ولبنان». فيما كان لافتاً لتل ابيب صمت الحزب الله، وبالتأكيد محلاً لتحليل وتقدير استخباراتها التي فسّرته، كما يبدو من تسريبات الاعلام العبري، بأنه تناسب مع عدم اعلان اسرائيل بصورة رسمية مسؤوليتها عن استهداف موقع جنتا في البقاع. كان هم اسرائيل ابتداء، كما بدا من المقاربة الاعلامية ومن تسريبات مصادر عسكرية، رفيعة او وضيعة المستوى، أن لا اصابات في صفوف الجيش، برغم تسرب معلومات نقيضة لذلك، جرى تأكيدها لاحقاً في معرض نفيها. الحرص على افهام الداخل الاسرائيلي، وايضاً الجهات المعنية في الجانب الثاني من الحدود، بأن لا اصابات، كان لافتاً. في البداية، قيل انه لم تسقط اصابات. ولاحقاً، جرى الحديث عن اصابة واحدة، لكن تلقت العلاج اللازم سريعاً. وبعدما تسرب خبر نقل ثلاثة جنود اضافيين الى المستشفى، أكدت مصادر عسكرية ان إجلاءهم جاء فقط للتأكد من انهم لم يصابوا! في مقابل ذلك، وبحسب اعلام اسرائيل وتأكيد جيشها، قامت المدفعية وسلاح المدرعات، سريعا وبصورة تلقائية، برد واسع النطاق تجاه مواقع ومراكز لحزب الله على طول القطاع المستهدف. وبحسب بعض المراسلين (القناة الاولى)، ثمة تأكيدات على اصابة عناصر من الحزب! اما من ناحية حزب الله، فلا شك انه انشغل طويلا في البحث عن الموقع او المواقع الضائعة والمكتومة الهوية، التي استُهدفت، لكنه لم يجد شيئا. ورواية الرد الاسرائيلي الواسع، وجدت تعبيرها لدى المراسلين والمحللين، ليس في اتجاه التحقق من صحة الردّ او عدم صحته او تضخيمه، بل التعامل معه ومع ضخامته على انه مسلّمة، وبالتالي البحث في تداعياته. عدد من الخبراء في استديوهات التلفزة العبرية كان يحلل الخيارات الموجودة لدى حزب الله، وتقديراته للرد الممكن ان يلجأ اليه، بل انه لم يستبعد ان اقدام الجيش الاسرائيلي على رفع مستوى التأهب لديه ومنع المستوطنين من التوجه الى منطقة الحدود، يعود اساسا الى تقديرات تتعلق برد حزب الله على «الهجمة الواسعة النطاق» في اعقاب العملية! هذا في ما يتعلق بالرواية الاسرائيلية التي وجدت تعبيراتها وتردداتها في الداخل الاسرائيلي، اذ من جهة المستوطنين، قامت تل ابيب بما وعدت به، وردّت بصورة واسعة جداً، وبالتالي، تلقى حزب الله العقاب الموعود، لكن ماذا عن الجانب الثاني؟ كيف قرأ من في لبنان معطيات رد غير موجود؟ وكيف قرأ حزب الله معطيات اصابة عناصره غير المصابين؟ وكيف قرأ استهداف مراكزه غير المستهدفة؟ اسئلة لن تجد اجابات علنية في ظل صمت حزب الله، لكنها بالتأكيد كانت واضحة وجلية في دلالاتها وخلفياتها والرسالة التي انطوت عليها.

«داعش» لم تتبنّ العملية:

حتى يوم أمس، لم يصدر تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) أي بيان يتبنى فيه عملية شبعا. بعد دقائق على إعلان العدو وقوع العملية، نشر حساب على موقع «تويتر» عبارة يقول فيها إن «داعش» تبنى العملية. الحساب يحمل اسم «الدولة الإسلامية في العراق والشام». بعض مؤيدي «داعش» طالبوا مشغّلي الحساب ببيان التبني، لكن البيان لم يظهر بعد. والحقيقة أن هذا الحساب ليس تابعاً لـ «داعش»، ولا ناطقاً رسمياً باسمها. فحسابات «واعتصموا» التي اعلنت «داعش» عن كونها «حسابات رسمية» لها، لم تأت على ذكر العملية لا من قريب ولا من بعيد. أضف إلى ذلك أن تنظيم «الدولة»، وعندما يريد تبني عمليات أقل أهمية بما لا يقاس من عملية تفجير تستهدف الجيش الإسرائيلي، يُصدر بياناً مسنداً بصور وتسجيلات، ولا يكتفي بتغريدة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.