عن إقتراح صيني

صحيفة الديار الأردنية ـ
مروان سوداح*:
المقترح الأخير الذي تقدمت به الحكومة الصينية لحل الأزمة حول سورية بهدف إحلال السلام في سوريا عِقب انهيار إقتراح وقف إطلاق النار في عيد الأضحى، جدير بالدراسة والبحث من جانب المحللين السياسيين والإعلاميين والمتابعين لشؤون وشجون منطقة “الشرق الاوسط”.
فقد كانت زيارة الأخضر الابراهيمي الى بكين، كمُمَثلٍ مُعَتمدٍ لمنظمة الأمم المتحدة الى سورية، مُهمة للقيادة الصينية في سياق عملية السلام حول سوريا وللإبقاء الإيجابي على جسور التواصل قائمة بين مختلف الجهات والأطراف الضالعة في القضية السورية، ولأن رأي الصين أساسي في عمليات التسوية السياسية حول سورية. فالصين تعمل لضمان حل واقعي للقضية السورية يُحَجِم من التدخلات فيها، ويُنقذ سوريا من المخالب الأجنبية على اختلافها بعدما أوغلت في الدم السوري الزكي.
الإبراهيمي التقى في بكين وزير الخارجية الصيني المُخضرم، يانغ جي تشى، وعُقِدت بين الطرفين مباحثات جادة، برغم محاولات الإبراهيمي الذي يسير على خُطى سلفه لتضليل الرأي العام العالمي والعربي إدعاءً بأن ما يجري في سورية إنما هو “حروب أهلية!”. لكن الحروب الإهلية تبقى أهلية إيها “الإبراهيمي” وتبقى محلية وبين ناس البلد أنفسهم، وتستمر بعيدة عن التدخلات الخارجية. لكن الذي يجري في سورية إنما هو إدارة نشطة ويومية “عربية” ودولية لحرب تدخل سافر شاملة في الشأن السوري المحلي والوطني، وهو كذلك إستقدام للإرهابيين مِن كل حدب وصوب لتدمير سوريا وشل قدراتها المختلفة. فالتدخل الخارجي ليس بالقطع حرباً أهلية، وما يجري على الأرض السورية أطرافه تنظيمات وحركات وأحزاب وعناصر لسانها إفرنجي وحنكتها مُلتوٍ!.

بكين ترى بأن الوضع في سوريا “يزداد خطورة”. فحين يتعلق أمر المسألة السورية بالمصالح الأساسية للشعب السوري، وكذلك السلام والاستقرار في منطقة “الشرق الأوسط”، يجب على المجتمع الدولي أن يوليها جل اهتمامه، لذا ترى القيادة الصينية “بأن المخرج الواقعي الوحيد للمسألة السورية إنما هو الحل السياسي.. وأن مصير سوريا يجب أن يُقرره الشعب السوري بإرادته المستقلة.. ويجب على الأطراف السورية المعنية أن تولي اهتماماً كبيراً للتوافق الذي توصل إليه المجتمع الدولي بشأن حل المسألة السورية سلمياً وتتجاوب معه تجاوباً إيجابياً، وأن تطلق الحوار السياسي الشامل المبكر، وبأن تحدّد النظام السياسي والطريق التنموي للبلاد عبر المفاوضات والمشاورات “المستفيضة” و”ذات النفس الطويل” و”على قدم المساواة”.. ويجب “احترام وحماية سيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها”. لذا بذلت الصين وتستمر ببذل جهود دؤوبة سوياً مع المجتمع الدولي لإيجاد “حل عادل وسلمي وسليم” للمسألة السورية، حرصاً على “صيانة مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقواعد الأساسية للعلاقات الدولية، وبغية حماية السلام والاستقرار في “الشرق الأوسط” والمصالح الأساسية للشعب السوري.. وبهدف دفع عملية الحل السياسي للمسألة السورية”.. لذا تطرح الصين المبادرة التالية:
أولا: يجب على جميع الأطراف السورية المعنية أن تبذل قصارى جهدها لتحقيق وقف إطلاق النار ووقف أعمال العنف، وأن تتعاون تعاوناً إيجابياً مع جهود الوساطة التي يقوم بها الأخضر الإبراهيمي في هذا الصدد، وان تتخذ خطوات فعّالة لتحقيق الهدنة، بما في ذلك الهدنة المطبّقة على المناطق والمراحل، وبأن توسّع نطاق الهدنة، وأن تحقّق فك الارتباط، وذلك لإنهاء الاشتباكات المسلحة وأعمال العنف كافة في نهاية المطاف.
ثانيا: يجب على الأطراف السورية كافة تعيين وإيفاد مفاوضيها الذين يتمتعون بالتفويض الكامل في أسرع وقت ممكن، لمناقشة وإعداد “خارطة الطريق للانتقال السياسي”، وتشكيل “جهاز إداري انتقالي ذي تمثيل واسع”، ودفع الانتقال السياسي لإنهاء الأزمة السورية “في زمن مبكر”، وذلك بمساعدة الممثل الخاص المشترك الأخضر الإبراهيمي والمجتمع الدولي.. و”يجب الحفاظ على استمرارية وفعالية مؤسسات الدولة السورية” من أجل “ضمان” الأمن والاستقرار والسلاسة للعملية الانتقالية.
ثالثاً: يتعين على المجتمع الدولي أن يقدم كل التعاون والدعم لجهود الوساطة التي يقوم بها الأخضر الإبراهيمي وبمشاعر متزايدة من المسؤولية، وأن يبذل جهوداً ملموسة لتنفيذ البيان الصادر عن اجتماع وزراء خارجية مجموعة العمل بشأن سوريا في جنيف، وخطة كوفي عنان ذات النقاط الست، وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة. ويجب الاهتمام بالجهود الإيجابية التي تبذلها الجامعة العربية ودول المنطقة المعنية من أجل “حل المسألة السورية سياسياً”.
رابعاً: “يتعيّن” على الأطراف المعنية إتخاذ إجراءات ملموسة وفعّالة “للتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية” في سوريا. كما ويتعيّن على المجتمع الدولي تعزيز جهود الإغاثة الإنسانية للشعب السوري، وضمان إيواء اللاجئين السوريين في الخارج وإيصال معونات الإغاثة إلى المحتاجين داخل سوريا في حينه. ويجب على الحكومة السورية والأطراف السورية المعنية أن تتعاون تعاوناً كاملاً مع جهود الإغاثة الإنسانية التي تقوم بها الأمم المتحدة والمنظمات المعنية المحايدة في جميع المناطق المتأثرة بالصراعات، وأن تضمن سلامة أفرادها. وفي الوقت نفسه “يجب عدم تسييس القضية الإنسانية وعدم عسكرة” عملية الإغاثة الإنسانية.
*رئيس الإتحاد الدولي الالكتروني للصحفيين والإعلاميين والكُتّاب العرب أصدقاء الصين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.