فيروسات تغزو البكتيريا قد تساعد في خفض وفيات “كوفيد-19”

كشفت دراسة حديثة أنه يمكن تسخير نوع من الفيروسات التي تفترس البكتيريا لمكافحة الالتهابات البكتيرية في المرضى الذين ضعفت أنظمتهم المناعية بسبب مرض “كوفيد-19”.

وتسمى هذه الفيروسات بالعاثيات، وهي غير ضارة للبشر ويمكن استخدامها لاستهداف البكتيريا المحددة والقضاء عليها. فهي تهم العلماء كبديل محتمل للعلاج بالمضادات الحيوية.

وتعرف العاثيات بأنها أكثر الكائنات الحية شيوعا على سطح الأرض، ويوجد منها المليارات في أمعاء الإنسان ما يساعده على مكافحة البكتيريا الضارة.

وفي مراجعة علمية جديدة، نُشرت في مجلة Phage، اقترح الباحثون استراتيجيتين، حيث يمكن استخدام العاثيات لعلاج الالتهابات البكتيرية في بعض المرضى الذين يعانون من “كوفيد-19”.

وفي الاستراتيجية الأولى، يتم استخدام العاثيات لاستهداف العدوى البكتيرية الثانوية في الجهاز التنفسي للمرضى. وهذه العدوى الثانوية هي سبب محتمل لارتفاع معدل الوفيات، خاصة بين المرضى المسنين.

والهدف هو استخدام البكتيريا لتقليل عدد البكتيريا والحد من انتشارها، ما يمنح الأجهزة المناعية للمرضى المزيد من الوقت لإنتاج الأجسام المضادة ضد فيروس SARS-CoV-2.

وتقول مؤلفة الدراسة، الدكتورة مارسين فويودزيتش، من  كلية العلوم الحيوية بجامعة برمنغهام، وهي الآن باحثة في سجل السرطان في النرويج: “من خلال إدخال العاثية، قد يكون من الممكن شراء وقت ثمين للجهاز المناعي للمرضى، كما أنه يوفر استراتيجية مختلفة أو مكملة للعلاجات القياسية للمضادات الحيوية”.

وأوضحت مارثا كلوكي، أستاذة علم الأحياء الدقيقة بجامعة ليستر ورئيس تحرير مجلة PHAGE أهمية هذا العمل، قائلة: “بنفس الطريقة التي اعتدنا فيها على مفهوم البكتيريا الصديقة يمكننا تسخير الفيروسات الصديقة أوالعاثيات لمساعدتنا في استهداف وقتل الالتهابات البكتيرية الثانوية الناتجة عن ضعف جهاز المناعة بعد هجوم فيروسي من فيروسات مثل كوفيد-19”.

ويقول الدكتور أنتال مارتينيك، خبير الصيدلة الحاسوبية في جامعة القطب الشمالي في النرويج: “هذه ليست استراتيجية مختلفة فقط للعلاجات القياسية للمضادات الحيوية، ولكن الأهم من ذلك، أنها أخبار مثيرة تتعلق بمشكلة المقاومة البكتيرية نفسها “.

وفي استراتيجية العلاج الثانية، يقترح الباحثون أنه يمكن استخدام العاثيات المعدلة صناعيا لتصنيع الأجسام المضادة ضد فيروس  SARS-CoV-2، والتي يمكن إعطاؤها للمرضى بعد ذلك عن طريق رذاذ الأنف أو الفم.

ويمكن إنتاج هذه الأجسام المضادة الناتجة عن العاثيات بسرعة وبتكلفة زهيدة باستخدام التكنولوجيا الموجودة.

وتقول الدكتورة فويودزيتش: “إذا نجحت هذه الاستراتيجية، فمن المأمول أن تكسب الوقت لتمكين المريض من إنتاج أجسام مضادة خاصة به ضد فيروس SARS-CoV-2، وبالتالي تقليل الضرر الناجم عن رد فعل مناعي مفرط”.

وتركز دراسة الأستاذة كلوكي على أن تحديد وتطوير العاثيات التي تقتل مسببات الأمراض في محاولة لتطوير مضادات حيوية جديدة. “يمكننا أيضا أن نستغل معرفتنا بالعاثيات من أجل هندستها لتوليد أجسام مضادة جديدة وغير مكلفة لاستهداف كوفيد-19”.

وتدعو الدكتورة فويودزيتش إلى إجراء تجارب سريرية لاختبار هذين النهجين. وقالت: “لقد أظهر لنا هذا الوباء القدرة التي تملكها الفيروسات للتسبب في الضرر. ومع ذلك، باستخدام الفيروسات المفيدة كسلاح غير مباشر ضد فيروس SARS-CoV-2 ومسببات الأمراض الأخرى، يمكننا تسخير تلك القوة لغرض إيجابي واستخدامها لإنقاذ الأرواح. جمال الطبيعة أنها يمكن أن تقتلنا، كما يمكن أن تأتي لإنقاذنا”.

وأشارت فويودزيتش: “من الواضح أنه لن يكون هناك تدخل واحد يزيل كوفيد-19. من أجل إحراز تقدم، نحتاج إلى معالجة المشكلة مع أكبر عدد ممكن من الزوايا والتخصصات المختلفة”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.