في معنى “بوتينية” الرئيس قاديروف وصلاته وعائلته بالكعبة المشرفة

mhamad-tweimi-kaerov

موقع إنباء الإخباري ـ
محمد حسن التويمي*:
أخيراً، زار رئيس جمهورية الشيشان رمضان قاديروف، نجل الزعيم الشيشاني الشهيد أحمد قاديروف، سوياً مع والدته وعدد من المسؤولين الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، وتبرّك منها وصلى فيها.
الرئس قاديروف توجّه الى المشاعر المقدسة في زيارة لم يُعلن عنها قبل تنفيذها، كما لم يكن مُخططاً فيها ولا موضع بحث سابق طويل للزيارة ان يتم فتح باب الكعبة له وللسيدة والدته، كما نوّه هو شخصياً، إذ عادة ما يفتح باب الكعبة مرتين في السنة لكن حصراً لضيوف الشرف فقط.
قاديروف حظي بالصلاة في أقدس موقع إسلامي على وجه الارض، وهو الموقع الذي انطلقت منه الدعوة الاسلامية الى رياح العالم أجمع، والى الشيشان كذلك، حيث أصبح قاديروف بلا منازع زعيماً دينياً ومدنياً في آن، في روسيا بوتين الحليفة، والصديقة الصدوقة للامة العربية والامة الاسلامية.
خلال زيارة قاديروف للكعبة رافقه أيضاً 20 فرداً،  من بينهم أخت قاديروف، وابنته، ومفتي جمهورية الشيشان صلاح الحاج ميجييف، ونائب مجلس الدوما الشيشاني أدم ديلمخانوف، ورئيس برلمان جمهورية الشيشان ماغومد داودوف، ومستشار رئيس الجمهورية أدم شهيدوف وغيرهم.
زيارة قاديروف تعني فيما تعني، وبين طياتها، وفي احتمال هو الاغلب، أنه هو قناة سياسية ودبلوماسية نشطة ما بين الرئيس فلاديمير بوتين وبين القيادة السياسية السعودية، التي أرادت من خلال تكريمه الكبير لقاديروف، بعث رسالة سياسية لروسيا، مفادها أن الرياض لا تريد توتير العلاقات مع موسكو بوتين، وما الشكر المتميز بكلمات منتقاة من جانب الرئيس قاديروف للقيادة السياسية السعودية، سوى علامة تدل على ذلك بوضوح، سيّما وان قاديروف يعتبر واحداً من الاكثر قرباً من الرئيس فلاديمير بوتين، إن لم يكن أكثرهم قرباً منه.
يتمتع الرئيس قاديروف بقدر عال من التدين والتمسك بتعاليم الإسلام، وهو أمر معروف في روسيا، ما جعله حريصاً على زيارة المقدسات والمزارات الدينية الإسلامية كافة، ومشاركته في عملية غسل الكعبة في عام 2010، وهي تجري مرتين سنوياً، ويتابعها العالم الإسلامي كله. أنذاك، ظهر قاديروف وهو يحمل “مكنسة” ويُشارك في عملية الغسل برفقة أمير منطقة مكة.
تدين قاديروف الفائق، جعله دائماً يرتدي سبحة حول رقبته، إلى جانب سبحة أخرى إلكترونية في يده، حتى يتسنى له دائماً التسبيح، لكن الأمر وصل إلى أبعد من ذلك حيث يحتفظ قاديروف بشعرة من شعرات الرسول محمد “صلى الله عليه وسلم”، بعدما تسلمها من دولة الإمارات العربية المتحدة، وقام بوضعها داخل “مسجد أحمد قاديروف” المركزي في الشيشان، واستقبلها قديروف في مطار “غروزني” وأوصلها إلى الجامع بموكب رسمي وبصحبته كبار رجال الدين في الدولة، كما يحتفظ قديروف بجزء من رداء النبي محمد “صلى الله عليه وسلم”، وجديلة له تبلغ من الطول 50 سم.
وعائلة الرئيس قاديروف متدينة أيضاً، إذ  حصلت كريمته “عائشة” رمضان قاديروف على لقب “الحافظة”، وذلك لأنها استطاعت أن تحفظ جميع سور القرآن الكريم خلال عامين، وبذلك تعدُ عائشة (14 عاماً)، الثانية في عائلة قاديروف حافظة للقرآن، ويمنح لقب حافظ/ حافظة، لمن يستطيع حفظ جميع سور القرأن البالغ عددها 114 سورة.
البعض لا يعرفون جيدا الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف، وهو الرئيس الأقرب إلى قلب الرئيس فلاديمير بوتين، وأنه “بوتيني حد النخاع”، فقد تولى رئاسة الشيشان بعد أن اغتال الارهابيون والده وأيضاً رئيس الوزراء الشيشاني في عام 2007، وكان عمره لا يتعدى آنذاك الـ30 عاماً، ويعتبر قاديروف واحداً من أكثر المقربين إلى الكرملين وهو ما جلب السخط نحوه من قيادات في بلدان الغرب.
والسخط الذي يعتمل الغرب تجاه الرئيس قاديروف، مرده كذلك، إضافة الى بوتينيته الصارمة، الى ان قاديروف – وهو إبن رئيس شيشاني شهيد بِحِرابِ الارهاب الدولي وهو ارهاب يَصمه قاديروف ويصفه  بالارهاب الامريكي – قرّر أن يهب حياته دفاعاً عن روسيا، وعن الرئيس، فلاديمير بوتين شخصياً، وأعلنها صراحة في مناسبات عديدة، وعلى صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، ودائما ما يرددها أمام جيشه وجنوده؛ علماً بأن رئيس الشيشان وجنود الشيشان جميعهم مستعدون للتضحية من أجل الرئيس بوتين، ومن أجل الدفاع عن روسيا، كما ظهر في شريط مصور أمام حشد كبير من الجنود الشيشانيين، وهو يؤكد أنه مستعد للموت من أجل روسيا والرئيس بوتين.
تقول الصحافة الروسية، أن كثيرين لا يستطيعون تفسير سر قوة ومتانة العلاقة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الشيشاني، رمضان قاديروف، الأمر الذي دفع البعض إلى أن أطلقوا عليه لقب “فتى بوتين المدلل”، لكن العلاقة بين الرجلين وصلت الى حصول قديروف على ميدالية “بطل روسيا”  Hero of Russia ، من الرئيس فلاديمير بوتين مقابل مواقفه الشجاعة واخلاصه لروسيا الاتحادية ومشاركته في حماية وسلامة الأراضي الروسية، ويُعدُ وسام “بطل روسيا” أرقى وسام تمنحه المؤسسة العسكرية في روسيا ويحصل عليه الأبطال الذين خدموا روسيا ويمنحه الرئيس الروسي شخصياً.
يُعرف عن الرئيس الشيشاني، رمضان قاديروف، وطنيته الشديدة وانتماؤه القوي للشيشان وروسيا، لدرجة أنه وعد بأن يُطلّق زوجته في حالة وجد على مائدته منتجات مصنوعة خارج جمهورية الشيشان وروسيا، مؤكداً أنه لن يسمح بأن يدخل منزله أي منتجات مصنوعة في الغرب، أو حتى من خارج البلاد، وكانت دولته تنتج مثلها.
كما وان وطنية وانتماء الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف لا تقتصر فقط على رغبته في عدم استخدام المنتجات الغربية، بل وصل به الأمر إلى حد فرضه عقوبات على الرئيس الأمريكي باراك أوباما نفسه، منها تجميد أرصدة، ومَنع من السفر في حق باراك أوباما وقادة أوروبيين آخرين لتسببهم في المأساة التي تعيشها أوكرانيا، وحمَّل أمريكا والاتحاد الأوروبي المسؤولية عن كل ما يجري في أوكرانيا وأيضاً سورية وليبيا والعالم العربي، لذلك قررت بلاده فرض عقوبات على الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ورئيس المفوضية الأوروبية، وكاثرين آشتون مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد وآخرين، وبموجب هذه العقوبات يمنع هؤلاء من دخول التراب الشيشاني وتجمّد أية أرصدة لهم.

الأزمة بين الرئيس الشيشاني والاتحاد الأوروبي معروفة وقديمة، لدرجة أن الاتحاد الأوروبي قرر فرض عقوبات على “الحصان” الخاص بقاديروف، ومنعوه من الحصول على الجائزة الخاصة، رغم فوزه في أحد السباقات في ألمانيا، وذلك لأنه مملوك للرئيس قاديروف، وهو الأمر الذي علّق عليه قديروف بسخرية على حسابه على موقع “الانستغرام”، بأنه أمر غير مقبول أن تقوم دولة مثل ألمانيا بفرض عقوبات على الخيول كما تفعل مع البشر، قائلاً: “كيف نتحدث عن حقوق الإنسان في الغرب، رغم أنهم يمارسون انتهاكات صارخة ضد حقوق الخيول – الحيوانات الأكثر سلمية ولطفاً في العالم”، لكن سرعان ما تراجعت ألمانيا، وألغت الحظر المفروض على الحصان “زازو”، وحصل قاديروف على جائزة قيمتها (5) آلاف يورو.
•    مسؤول الاتصالات والمطبوعات والملف الاسلامي بالصين للاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتّاب العرب حلفاء الصين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.