قراران أمميان لمحاربة الإرهاب .. ولكن!

asecurety-council-syria

صحيفة الوطن العمانية ـ
رأي الوطن:

في جلسة استثنائية لمجلس الأمن الدولي ترأسها الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس الأول تبنى المجلس قرارًا ملزمًا لوقف تدفق الإرهابيين الأجانب إلى سوريا والعراق واحتواء الخطر الذي يشكلونه على بلدانهم الأصلية. ويفرض القرار الملزم الذي تم تبنيه بالإجماع على الدول منع مواطنيها من الانخراط في تنظيمات مثل “داعش” تحت طائلة فرض عقوبات.
ويعد هذا القرار هو الثاني بعد القرار الأممي رقم 2170 الذي يفرض تجفيف مصادر تمويل الإرهاب وتدفق حركتهم إلى العراق وسوريا، ويفرض عدم التعامل معهم ببيع النفط العراقي والسوري المسروق، ما يطرح علامات استفهام كثيرة من بينها: ما الفرق بين القرارين إذا كان القرار 2170 ينص على ما نص عليه القرار الثاني؟ وما قيمة القرار الثاني إذا كان القرار الأول الصادر تحت الفصل السابع حتى اللحظة تضعه دول محسوبة (تبعيةً وتحالفًا) على الولايات المتحدة تحت أقدامها؟ فهل هذا يعد تخبطًا وارتباكًا وعدم وضوح في الرؤية والاستراتيجية الأوبامية التي صُمَّت آذانُ العالم بها؟ أم يدخل في سياق الدعاية والاستعراض الأميركي والتمظهر بأن الولايات المتحدة هي حامية الحمى والمدافع الأول عن حقوق الشعوب وعن الأمن والسلم الدوليين؟
أسئلة كثيرة تفرضها طبيعة التحركات الأميركية سواء في ميدان السياسة أو ميدان المعركة، وهي حركة تشي في جوهرها بأن الولايات المتحدة لا تزال في طور البحث عن الذرائع وإيجاد الأسباب التي تسمح لها بتعزيز وتثبيت في المنطقة، والبقاء فيها من زاوية محاولة إيهام الرأي العام الأميركي بصورة خاصة والرأي العام العالمي بصورة عامة وفي مقدمته الرأي العام لمنطقتنا المصابة بداء التدخل والإرهاب الصهيو ـ أميركي، بأن الشرق الأوسط وكذلك العالم سيكون على كف عفريت وزوابع إرهاب مدمرة إذا ما فكرت الولايات المتحدة بالانسحاب والتخلي عن دورها، لكنها بمواصلة أدوارها العسكرية وتدخلاتها السياسية تضمن الاستقرار والسلم الدوليين!!
وفي تصورنا أن مثل هذه المحاولات الأميركية لزراعة الأوهام هي محاولات مكشوفة ومفضوحة، وتصب في الجهد اليائس والبائس لتحسين صورة الولايات المتحدة في العالم والتي تشوهت بأول طلقة أطلقتها ضد دول بالعالم ودول بمنطقتنا، وتلطخت بالدماء منذ سقوط أول ضحية بطلقة أميركية غادرة، وتشوهت وتلطخت أكثر وأكثر بدعمها غير المحدود للإرهاب الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني وضد شعوب المنطقة، واعتبارها إرهاب الدولة الصهيوني “دفاعًا عن النفس”، بل مهما حاولت أن تجلو التشوه والدماء من على صورتها لن تنجح في ذلك، ما لم تعلن التكفير عن سائر الذنوب والخطايا والموبقات التي ارتكبتها ـ ولا تزال ـ بحق الشعوب والأبرياء باسم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب.
إن باب التوبة والتكفير مفتوح أمام الولايات المتحدة للعودة إلى المسرح الدولي والقبول بها من قبل شعوب المنطقة، لكن السير فيه يبدأ بداية بالكف عن التآمر والتدخل في الشؤون الداخلية للدول وشعوبها، والكف عن دعم الإرهاب بكافة أشكاله ووسائله وأوله الإرهاب الصهيوني، ورد المظالم إلى أهلها، وردع من تسميهم حلفاء أو أتباعًا أو غير ذلك عن التعامل مع الإرهاب وأدواته، وعن دعمه بالمال والسلاح والبيئة الحاضنة. لكن يبدو أن الولايات المتحدة ليست في وارد ذلك، وكل ما يهمها هو الإرهابيون الأجانب ومحاولة بناء موانع قانونية تمنعهم من العودة إلى المواطن التي جاؤوا منها، وحصرهم في حدود المنطقة ليمارسوا هواياتهم الإرهابية ضد شعوبها ودولها. وهذا ما يبرر صدور القرارين الأمميين السابقين على ما يبدو.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.