قوى 14 آذار وحلب التيوس

14 marss
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:

بكل موضوعية تمعنت في البيانات والتصريحات الصادرة عن تيار المستقبل والقوات اللبنانية وقرأتها بدقة بحثا عن فكرة واحدة تشكل ردا أو نقاشا في التعاطي مع الخطاب الغني بالوقائع والمواقف والمبادرات الذي ألقاه السيد حسن نصرالله .

أولا في مجابهة التحولات العشرة التي عددها السيد نصرالله حول توازن القوى في المنطقة انطلاقا من المحور المركزي للأحداث الإقليمية في سوريا لم يقدم احد حجة أو واقعة تناقض أيا من تلك الوقائع الظاهرة والنافرة التي بين بها السيد نصرالله وبكل واقعية مؤشرات التحول في توازن القوى للدلالة على فشل الرهان المركزي لقوى 14 آذار منذ عامين ونصف على نجاح خطة إسقاط سوريا لبناء نتائج لبنانية تعيد إحياء مشروع هذه القوى للتخلص من المقاومة وإلحاق لبنان بمواقع النفوذ الاستعماري الغربي.

لم يبرهن أي كان على أن تحالف العدوان على سوريا ما يزال صلبا متماسكا ولا على أن الشعب السوري يدعم ما يدعى بالمعارضة أو على أن تلك المعارضة المتناحرة قادرة على توحيد صفوفها المتهتكة أو أن تشكيلات العصابات المسلحة المتناحرة تقيم سلطة جديرة بالاحترام يرى فيها السوريون بديلا عن دولتهم الوطنية وجيشهم العربي السوري ولم يخرج أي بهلوان آذاري من جيبه دليلا على تقدم العصابات الإرهابية وتراجع الجيش العربي السوري وكذلك لم يتسن لفطاحل وجهابذة الفكر السياسي الحريري او الجعجعي البرهنة على أن داعش والنصرة ليسا القوتين المهيمنتين على تركيبة العصابات كما لم يفلح أي منهم في نقض استنتاج السيد نصرالله أن الحوار السوري السوري بدون شروط هو الحل الواقعي في سوريا وطبعا لا أدلة لديهم يعرضونها لتدعيم رهانهم الذي أكدوا التمسك به على إسقاط الدولة السورية ورئيسها وهو رهان بات مسلما بسقوطه عند حلفائهم الأميركيين والغربيين عموما ولن نقول مشغليهم .

ثانيا شاء بعض المتحدثين الحريريين أن يقدموا خدمة للمملكة السعودية عبر نفي صفة الغضب التي أوردها السيد نصرالله في معرض وصفه لمواقف المملكة الداعمة للتفجير وللتعطيل في لبنان والتي تسعى لمنع الحوار ولإدامة العنف في سوريا والغضب هو الوصف الذي ورد على لسان وزير الخارجية الأميركية جون كيري الذي اعتبر من لندن أن المملكة غاضبة بسبب التراجع الأميركي عن ضرب سوريا والسعودية نفسها تحدثت بلسان بندر بن سلطان بغضب شديد عما وصفته بالتراجع الأميركي عن حرب مدمرة تمنتها قوى 14 آذار لتكون مدخلا لتعديل التوازن الإقليمي بما يتيح التخلص من المقاومة بعد تدمير سوريا عن بكرة أبيها وبما يفتح طريق بعبدا لسمير جعجع الذي صاغ مواصفات الرئيس العتيد المطلوب انتخابه بلغة الترشيح التمهيدي الذي اتفق عليه مع فيلتمان والحريري مع انطلاق العدوان على سوريا وفي الفترة نفسها التي قال فيها الشيخ سعد الحريري على تويتر إنه عائد إلى لبنان من مطار دمشق وهو ما وعد نفسه به متنقلا بالمواعيد على روزنامة فيلتمان المتزحلقة التي طارت شهرين وراء شهرين فصمدت سوريا وصمد جيشها وشعبها و تحدى القائد المقاوم بشار الأسد الحرب الكونية بقوة ذلك الشعب والجيش وبالاعتماد على حلفاء وشركاء في العالم والمنطقة أقاموا على صخرة الصمود السوري معادلات قوة وثبات قلبت التوازن العالمي وهذا بالذات ما يغضب المملكة السعودية ويحبط قوى 14 آذار المصممة على البحث عن الحليب واللبن في حضن تيس .

ثالثا تضمن خطاب السيد مبادرة مهمة ومتوازنة حول الوضع اللبناني الداخلي ليس فيها أي أثر للانتصارية ولطلب الإذعان فهو بكل بساطة دعا الفريق الآخر إلى القليل من التواضع والواقعية من خلال صيغة حكومية متوازنة تنطوي على تنازلات مسبقة من جانب الحلف الوطني العريض الذي يمثل السيد نصر الله أحد كبار أركانه وهو قال أن هذا العرض لن يبق صالحا طويلا مع تراكم التحولات في ميزان القوى ودعا 14 آذار لالتقاط فرصة سانحة يمكن عبرها احتواء الخلافات وتحريك الحوار وإنهاء حالة التعطيل التي فرضت بقرار سعودي معروف علانية استجابت له قوى 14 آذار بفعل أوهامها التي تساقطت تباعا .

جميع التصريحات والمواقف المستقبلية والقواتية قامت على رفض التجاوب مع هذه الدعوة الصادقة وادارت الظهر للفرصة وتشبثت بقرار التعطيل تحت شعار رفض التنازلات وتحدث بعض المتذاكين عن السعي لتعديل التوازنات وهذا وهم جرى اختباره منذ انطلاق العدوان على سوريا وفصول بواخر السلاح وإرسال الضباط والإرهابيين إلى سوريا وإنشاء “مفوضية الحليب والبطانيات “على الحدود التركية السورية.

رابعا السلاح الوحيد الذي استعملته المملكة السعودية لتعديل التوازنات غير التعطيل هو استثارة الفتنة والسيارات المفخخة التي فجرتها جماعات إرهابية مدعومة من بندر بن سلطان وكان خطف الزوار في أعزاز إحدى الحلقات الأخطر في مخطط تدمير جهنمي .

يعلم المتحدثون لو أمعنوا التفكير أن حزب الله وحلفاءه ومعهم غالبية العشب اللبناني نجحوا في إسقاط الفتنة بالصبر على كلام السفهاء وأفعال المتآمرين وهم يعلمون أن الناس في طرابلس وصيدا وبيروت والبقاع رفضوا التحريض على العنف وقاوموا الميليشيات التي يقودها ويمولها الحريري وبندر وتمسكوا بالجيش اللبناني وبرعاية الدولة اللبنانية لأمنهم رغم تقصيراتها ورغم جميع الخروقات الخطيرة وكل ما تردد عن دور فرع المعلومات في حماية الإرهابيين وأوكارا إرهابية كثيرة منها مربعات أمنية لعصابة الجيش الحر في قلب طرابلس .

الحريري وجعجع مصممان على حلب التيوس ومناطحة الحيطان ويهدران فرصة ثمينة عرضها السيد في خطابه ليبقيا وضع البلاد معلقا على أوهام فاشلة وفي حلقة استنزاف سيكون على القوى الوطنية أن تعد لكسرها في المرحلة المقبلة.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.