كلمات عن شراكسنا وجهود روسيا البوتينية

 

 

موقع إنباء الإخباري ـ
علاء ساغه*

بحلول اليوم الأول من كانون الثاني/ يناير 2019م، يكون قد مضى ست سنوات مكتملة على شروع شراكسة سورية بمناشدة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بسرعة الدخول الى مُعترك القضية السورية، لإنقاذهم من براثن الارهاب الدولي، الذي استهدفهم الى جانب استهدافه مواطنيهم السوريين العرب، وغير العرب أيضاً، من مختلف القوميات والديانات والنِّحل والمِلل.

وتعود قصة هذه المناشدة التاريخية، إلى عام 2012م، حين وجّه المشاركون في المؤتمر التاسع للاتحاد الشركسي الدولي، نداءً إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيسة “مجلس الاتحاد” فالنتينا ماتفيينكو، ورئيس مجلس “دوما الدولة” سيرغي ناريشكين، يناشدونه تقديم الحماية للشراكسة السوريين، ومساعدة الراغبين منهم في العودة إلى وطنهم التاريخي في شمال القوقاز، وحسناً فعلوا أنذاك بالتوجّه الى روسيا.

وأكد النداء وقوع إصابات بليغة بين أبناء الجالية الشركسية في سورية، الذين يتراوح العدد التقريبي لهم ما بين150 ألفاً و200 ألف مواطن، ويُقدّر عدد مَن غادروا منهم سورية منذ بداية الأحداث السورية، حتى 2014، بـ1500 شخص، توجّهت غالبيتهم الى القوقاز، (موقع “الأخبار” دوت كوم”/ 13 شباط 2014م، تصريحات رئيس الجمعية الشركسية في دمشق عدنان قبرطاي وغيره من الشراكسة السوريين)، خلال العمليات القتالية الجارية في مختلف المدن والقرى السورية. عِلماً، بأن كثيرين فقدوا مساكنهم وممتلكاتهم وأعمالهم في سورية جراء الارهاب. ونوّه النداء كذلك إلى: أن من شأن مثل هذا القرار أن يرفع من هيبة روسيا، وأن يوطّد السلام والأمن والاستقرار في شمال القوقاز..

 

وورد في النداء كذلك، “تثير القلق على الأخص المحاولات لأستغلال الشركس السوريين في احتدام الصراع الطائفي والإثني في البلاد، وفي المنطقة. علاوة على ذلك، نشطت القوى التي تتدخل بشكل سافر في الشأن الداخلي السوري، وتحاول مغازلة الشركس ليس في مصلحة روسيا. إن شركس سورية يكنون تقليدياً مشاعر طيبة حِيال روسيا، ويوطّدون العلاقات مع وطنهم التأريخي في شمال القوقاز. والشركس السوريون ينتظرون من روسيا الاتحادية المساعدة العاجلة ولهم الحق في ذلك”.

بينما صَرّح الشركسي بيبرس لِ “الاخبار” عن جمهورية أبخازيا، أنها إحدى الجمهوريات التي حصلت على استقلالها أخيراً، كانت من أكثر البلدان دعماً لشركس سورية، إذ منحتهم بيوتاً وفرص عمل، إضافة الى مِنح لتعلم اللغة. واستقبلت هذه الدولة زهاء 300 شركسي، وأرسلت طائرة الى سورية لنقلهم.. وهي تستعد لإرسال طائرة أخرى (أنذاك). أما جمهورية كاباردينيا بلكاريا فقد منحت الوافدين إليها إقامة في فنادق لمدة سنة، ثم مدّدتها لسنة أخرى، ووزعت على بعض العائلات على أساس القرعة.

وبعد توزيع هذا النداء، قالت “وكالة أنباء رم الاردنية “أنه ” تمت المصادقة بالإجماع على نص النداء في المؤتمر الذي عقد في نالتشيك، عاصمة جمهورية قبردينو- بلقاريا، بحضور مندوبين من الجاليات الأديغية في موسكو، وأديغيا، وقرشاي- شركيسيا، وأقليم كراسنودار، وموزدوك، وكذلك من تركيا، وسورية، والأردن، وبلدان أُوروبا والولايات المتحدة الامريكية”.

وبعد عام واحد تقريباً من توجيه النداء الى روسيا، وصل عدد مّن عادوا  إلى جمهورية قبردينو بلقاريا، نحو2000 مواطن شركسي، وتتحدث معلومات أخرى عن أن أعداداً أُخرى، من ذوي الاصل الشمال قوقازي عموماً، يبلغ بالآلاف، هاجروا لجنوب روسيا من سورية والاردن والعراق، ومن غيرها من البلدان العربية.

ينتشر شراكسة سورية وأصحاب القوميات من الأصل القوقازي، في مختلف المدن وعلى امتداد الجغرافيا السورية، والسواد الأعظم منهم مؤيّد للدولة السورية وتوجهاتها، وكان لعددٍ كبيرٍ منهم مناصب بارزة في الدولة والقوات المسلحة السورية، وتشير المعلومات المتوافرة، إلى أن روسيا عملت منذ ما قبل دخولها العسكري الإنقاذي الى سورية، بطلب من حكومتها الشرعية، على حماية الشراكسة وأولئك الذين يَعودون بأصولهم الى قوميات القوقاز الشمالي، إذ أَجلت مجموعات منهم على متن طائراتها، كما أنها أرسلت أطقماً طبية لعلاج المصابين من أبناء الشعب السوري، وبضمنهم القوقازيون.

وتحدثت الفضائيات الروسية بشكل متواصل، وما تزال تتحدث الى الآن، عن جهود روسيا لإجلاء القوقازيين وقومياتهم وعشائرهم الكثيرة، ومنهم الشراكسة والشيشان والأباظة (الأبخاز) والأسيتينيين بالطبع، بالإضافة الى الأديغا، والأسيتين، والداغستان، والشابوغ وآخرون، وبالطبع الروس والشيشان أيضاً، الى جانب عدد كبير من الأطفال الذين تم إجلاؤهم من سورية، بعد تحريرهم من قبضة الإرهابيين، وهنالك حكايات عديدة مؤلمة قصّها المصابون السوريون عن بشاعات أفعال الارهابيين في تلك الحرب.

في العام الحالي، الذي يُشرف على الانتهاء، جرت في روسيا عملية استطلاع للرأي، بمناسبة إسناد منصب رئيس روسيا للسيد فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين، لولاية رئاسية رابعة، وأكدت نسبة كبيرة ممن أجابوا على الاستفتاء، أن استقرار الوضع في شمال القوقاز والحفاظ عليه وعلى روسيا من التفكك، هي الانجازات الرئيسية لبوتين، الذي سبق له في ولايته الاولى، إنقاذ روسيا من الانهيار، ونقل الشعب الروسي الى حالة الاستقرار الحياتي والاقتصادي والكفاية، ووفر للمشردين وكانوا كثيرين، بيوتاً ليحتموا بها شتاءاً وصيفاً، بعد أن أُوقفت رواتبهم لشهور كثيرة، وبعدما التحفوا الشوارع مسكناً لهم، جرّاء ما يُسمّى بعملية “البيريسترويكا” التي أفقرتهم، والتي كادت تفتت روسيا العظيمة وشعبها الكبير، وتُقيم قومياتها واحدة على أخرى!

واليوم، يَعيش القوقاز وروسيا وكل مواطن هناك، في أجواء سلمية وآمنة ومُطمئِنة، إذ توفّر الدولة البوتينية المستلزمات الرئيسية لحياة الشعب، وهي تَعد بمد يد المساعدة ليس لسورية فحسب، بل ولغيرها أيضاً من أصدقاء روسيا الذين لا يعملون ضدها، بل يتعاونون معها ويتحالفون قولاً وفعلاً لحماية هِبة الحياة المقدسة، ونحن في الاردن أيضاً أصدقاء تاريخيين لروسيا.

كشركسي ولدت وأعيش في الاردن، سأبقى مُتابع لأوضاع جمهوريات القوقاز قراءةً وكتابةً، وأتمنى زيارة القوقاز مهد أجدادي، لأتمتع سوياً مع عائلتي بأجواء روسيا ومصادقة ومخالطة شعبها الذي لم أعرفه للآن عن قُربٍ.. فعائلتي وحتى إبني الصغير، يتمتعون بالجنسية الروسية وجواز السفر الروسي، أما أنا فلا!!! لذا أنا أتمنى تحقيق حُلمي بالحصول على هذه الجنسية، ولو بأمرٍ من الرئيس الروسي بوتين، الذي أشد على يديه لصرامته واستقامته في مكافحة آفة الارهاب الدولي في كل مكان، وإنقاذنا من براثنه، ولتحالفه الصادق والأمين مع كل مَن يتحالفون ويتصادقون معه.

  *#علاء_ساغه: ناشط شركسي وكاتب اردني وعضو في رابطة القلميين حُلفاء #روسيه.

تعليق 1
  1. مروان سوداح يقول

    هذه المقالة تلخص اماني العديد من ممثلي شعوب القوقاز للعودة الى وطنهم التاريخي بمساهمات روسية بضمنها تنفيذا للوائح القبول الرسمية لهم ومنها معرفتهم للغة والثقافة الروسيتين والاستقرار الدائم في روسيا والالتزام بقانون روسيا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.