كلمات في النصر الكوري المُتحقق

 

 

موقع إنباء الإخباري ـ
عبد الإل
ه جبر المهنا*:

النصر المُتحقق لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية بعد عقود كثيرة من الحصار الغربي الظالم، والذي طبّق لينال منها منذ تأسيسها بقيادة حزب العمل الكوري في سبتمبر 1948، مروراً بالحرب الكورية – الدولية (1950-1953)، قد فشل فشلاً ذريعاً في مواجهة التخطيط العلمي الدقيق والإصرار الكوري على تحقيق الأهداف التي رسمها الحزب للدولة، وفي طليعتها بناء دولة قوية وفق المبادى الزوتشية الاشتراكية الرصينة، لضمان كرامة وحرية المواطن، وفي الاستناد الى دعم ومساندة الرفاق في جمهورية الصين الشعبية وروسيا الفيديرالية و جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق.

وفي مقابل هذا الحلف الكوري – الاشتراكي الدولي جهدت واشنطن وعواصم الغرب وحكومات في أقصى شرق آسيا الى إجهاض التجربة الكورية، مستعملين كل الوسائل لتدميرها، إذ مارست امريكا انواعاً كثيرة من العقوبات، منها الاقتصادية والعسكرية، مع وجود الآف الجنود الامريكان والمعدات والقواعد العسكرية التكتيكية والنووية في جنوب كوريا، مهدِّده بالتالي أمن جمهوية كوريا الديمقراطية الشعبية، مقابل اصرار القيادة والشعب الكوري بالاستمرار في النضال من أجل بناء الوطن وازدهاره ووحدته وتميزه.

كانت ممارسات الحكومات الامريكية المتعاقبة تتسم في جلها بالابتزاز لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية والدول الحليفة المحاذية لها، مُتخذة في ذلك ذريعة “التهديد الشيوعي” المزعوم، وبذلك استطاعت واشنطن تسويق أسلحتها لجنوب كوريا واليابان ودول اخرى، وبلغت بمئات المليارات من الدولارات، في الوقت الذي كانت فيه جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية تبني قوتها العسكرية والاقتصادية بمعاونة الاصدقاء والحلفاء، رداً على الاعمال العدوانية الامريكية، وحملات التضليل الاعلامي الامريكية للرأي العام العالمي، وفبركاتها لتسويد صفحة القيادة التاريخية في جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، وثبت بالتدريج رخص هذه المزاعم وإفلاسها.

وبرغم أُسلوب الابتزاز الفكري والمالي الرخيص لحلفاء أمريكا وأصدقاءها والعالم، إلا أن جنوب كوريا واليابان وغيرها من الدول أدركت هذه الالعاب الرخيصة، وعملت من أجل للقاء القائد كيم جونغ وون المحترم مع نظيره الجنوبي وترامب. وفعلا تمت اللقاءات، وتم كسر الجمود في العلاقات الثنائية لمختلف الاطراف، وتفويت الفرصة على الادارة الامريكية في تأجيج الاوضاع العالمية ودفعها نحو حرب واسعة، من خلال الشرق الاقصى الآسيوي.

ولقد جاءت اللقاءات التاريخية بين أطراف الحرب الكورية السابقة لوقف عمليات الابتزاز الدولي لكوريا الدولة والشعب، وكان ذلك بفضل الدعم المباشر والواضح من جانب القيادتين الروسية والصينية لتقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع، وتطويق الخلافات ومساعي التخريب الخارجية، وبرغم انتقال أمريكا ترامب الى خطوة خطيرة تتمثل في محاولة استثمار الوضع الجديد المتشكل لصالحها اقتصادياً وسياسياً، إلا أن ما يدعو الى الطمأنينة هو أن بيونغيانغ أتمت كل برامجها الدفاعية بنجاح كبير، وبعدها استجابت للوساطات الدولية، وبذلك سحبت البساط من تحت أقدام الادارة الامريكية التي لم تتمكن من الضغط على كوريا، فتوجهت قيادة جمهورية كوريا الديمقرطية الشعبية للقاءات وهي قوية، وانطلقت من واقعها التفاوضي الصلب ومن موقع المنتصر بخاصة في سنغافورا، مع علمها اليقين ان الادارة الامريكية تعاني من أزمة عدم احترام تعهداتها على الصعيد الاوروبي والعالمي، إلا أن الوفد الكوري المفاوض كان نبيهاً ومتنبهاً لهذا الواقع بشكل كامل، وهو ما تبيّن لنا من خلال اعتراف ترامب “بعظمة لسانه” من أن “الرئيس الكوري” كان “مفاوضاً ذَكياً وحَاذقاً”، وهو اعتراف علني من رئيس أمريكا بحجم الانتصار التاريخي الذي حققته جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية وقائدها المُجرّب.

وإذا كان هناك سعي من الادارة الاميركية للاستثمار المالي في جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية واستخدامه للضغط عليها، فالدولة الكورية الاشتراكية هي صاحبة الولاية على أرضها وتتمتع بالسيادة والاستقلالية، ولها هي وحدها القرار في مع مَن تتعاون، ومَن تلفظ، وهي قادرة على ذلك.

هناك الكثير من دول العالم التي لديها استثمارات مالية جيدة في كوريا الديمقراطية، ومن غير المنتظر أن توافق بيونغيانغ على توظيف الاستثمارات الامريكية في أراضيها، خشية من استخدامها ك”حصان طروادة” ضد الاشتراكية، كما تم استخدام هذه الاستثمارات في الاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية بشرق اوروبا، لحرف الشعوب عن واقعها الاشتراكي وتعلّقها بأوهام الرأسمالية وصورتها التي هي بشعة دوماً وليست بالقطع حسنة ولا جميلة ولا جاذبة إلا للاغبياء وقليلي العقل.

وخلاصة القول، ان القيادة الزوتشية في جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، ممثلة بزعيمها كيم جونغ وون، نجحت بتحقيق اهدافها التي رسمتها وفق المبادئ التي حدّدتها منذ قيام الدولة، حيث شهدنا اندفاع الشعب الكوري خلال كل العقود الماضية للدفاع الوطني الأمثل والبناء بخط متوازٍ خلف قيادة زعماء كوريا، بالرغم من كل العقوبات الاقتصادية والحصار الاقتصادي الغربي، منذ تأسيسها سنة 1948، ونستطيع بثقة القول، ان قيادة جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية نجحت بتوطين المبادئ الإشتراكية وصولا للمرحلة الاعلى – البناء الاشتراكي الاكثر تطوراً وإزدهاراً.

#عبدالإله_جبر_المهناكاتب عراقي وعضو ناشط في الهيئات والفعاليات الكورية العربية والتيار الديمقراطي من أجل الاصلاح.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.