كيف تحوّل مخيم “عين الحلوة” إلى جنة التكفيريين؟



وكالة أنباء آسيا:

 مخيم “عين الحلوة” هو أكبر مخيّمات للاجئين الفلسطينيين في لبنان من حيث عدد السكان (حوالي 44.775 نسمة مسجلين في “الأونروا” حتى العام 2003) والمساحة (290 دونماً)، ويقع هذا المخيم على بعد 3 كم جنوب شرق مدينة صيدا، جنوب لبنان، وقد تأسس على أرض كانت أصلاً معسكراً للجيش البريطاني في الحرب العالمية الثانية، من قبل الصليب الأحمر، بين عامي 1948 و1949، وقد بدأت “الأونروا” عملياتها في المخيم عام 1952.

تأثّرت المخيّمات الفلسطينية في لبنان، لا سيما مخيّم “عين الحلوة” بشكلٍ كبير بالأزمة السورية منذ اندلاعها عام 2011، وبدأت منذ ذلك الوقت تزداد الحركات التكفيرية والوهابية فيها، ثمّ برزت محاولة “داعش” إنشاء خليّة إرهابية داخل المخيّمات، للانطلاق منها إلى أعمال فتنوية تخريبية إرهابية في الأراضي اللبنانية كافة.

بالإضافة إلى مخيّم “عين الحلوة” في لبنان مخيّمات أخرى/ كمخيّم “البص، والراشيدية، ومخيّم برج الشمالي، ومخيم برج البراجنة، البداوي، نهر البارد، ضبية، الجليل والمية ومية” أكبر هذه المخيمات هو مخيّم “عين الحلوة” يليه مخيّم الراشيدية (248.4 دونم) فمخيما “نهر البارد، والبداوي” (200 دونم) فبرج الشمالي (134 دونم) وبرج البراجنة (104 دونم) البص (80 دونم) ولا تتعدى مساحة كل من المخيمات الخمسين دونماً.

تقع معظم المخيمات الكبرى، غير مخيم “عين الحلوة” في منطفة صور جنوب لبنان (البص، والراشيدية، وبرج الشمالي) وهي منطقة خاضعة بأغلبيتها لتأييد شعبي كبير للمقاومة ضد العدو الإسرائيلي، ولتدخل حزب الله في المعركة السورية لنصرة الرئيس بشار الأسد ونظامه، لذا فإن قيام “خلافة” داعشية في تلك المخيّمات شبه مستحيلة، بالإضافة إلى أن مخيمي “برج البراجنة، وشاتيلا” يقعان على مقربة من الضاحية الجنوبية لبيروت، أي أن قيام خلافة داعشية فيهما ليست سهلة أيضاً.

ومحاولة قيام حركة تكفيرية في مخيّم “نهر البارد” شمال لبنان أفشلها الجيش اللبناني في شهر أيار/مايو 2007 من خلال معركة حامية دارت لأيام، أما مخيّم “البداوي” الشمالي أيضاً، فبالرغم من كبر مساحته يُعتبر عدد سكانه (15.982 نسمة مسجلين بال”أونروا” حتى العام 2003) قليل مقارنةً بعدد سكان مخيّم عين الحلوة..

وبحسب المعطيات اتخذت قيادة “داعش” في الرقة منذ بداية العام 2016 قراراً ببناء تنظيم مستقل لها في مخيم “عين الحلوة” في بداية شهر تشرين الأول/أوكتوبر 2016 تمكنت القوى الأمنية اللبنانية من إلقاء القبض على “أمير داعش” في المخيّم “عماد ياسين” (47 عاماً) داخل المخيّم، ولا زالت التحقيقات معه جارية حتى اليوم. وفي المخيّم قوى إسلامية متشددة أخرى، ساهم جزء منها بمنع توسع الحركة الداعشية داخل المخيّم، ولا تزال “جبهة النصرة” تحتفظ بالحضور الأقوى داخل بيئة المجموعات التكفيرية الإسلامية المتطرفة في المخيم، وهي نجَحت في أن تجذب إليها بقايا “فتح الإسلام” و”جند الشام” ومجموعات أخرى كانت انتظمت منذ أكثر من عامين ضمن ائتلاف أسمته “الشباب المسلم” بزعامة “أسامة الشهابي”.

بدأت مجموعة “الشهابي” من 30 عنصراً، انتشرت في أحياء “الطيري، والصفصاف، وقسم من حي حطين” وهي تبايع “جبهة النصرة”، ثم ظهرت مجموعة “بلال بدر” التي بدأت بخمسين عنصراً، يمتازون بأنهم صغار في السن، وأعلنت ولاءها ل”جبهة النصرة” وأميرها “أبو محمد الجولاني” بدايةً، ثم تينّت الأفكار الداعشية، بالإضافة إلى مجموعة “هيثم الشعبي” التي تتكوّن من أربعين عنصراً، وتتبع “النصرة”.

وقد صُنّف بلال بدر “الأخطر”، كما تشير المعطيات إلى أن تواجد “داعش” في المخيّم حقق تقدماً ملموساً خلال فترة تواجد “بدر”.

وكانت محاولات أخرى قد حصلت سابقاُ، ففي أوائل أيلول عام 2014، حين خطط القيادي في “داعش” المدعو “محمد الايعالي” الملقب بـ”أبو براء اللبناني” (لبناني من مواليد العام 1989) لاختراق جميع المخيّمات اللبنانية في لبنان، وإنشاء هيئة استشارية مهمّتها التنسيق بين كلّ مجموعات التنظيم فيها، ثمّ لاحقاً طوّر هذه الخطة المدعوّ “علي جوهر” الملقّب بـ”أبو الزبير” (شقيق عبد الغني جوهر) وذلك في اتجاه إنشاء غرفة عمليات موحّدة لـ”داعش” تدير من خلالها خلاياها في “عين الحلوة، وبرج البراجنة” وغيرهما.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.