لاريجاني لـ«البناء»: نحن في صورة التحرك الفرنسي ولا نريد التدخل… فالاستحقاق لبناني في الأساس

larijani-beirut

صحيفة البناء اللبنانية ـ
هتاف دهام :

وجه رئيس مجلس الشورى الايراني الدكتور علي لاريجاني في زيارته إلى بيروت التي تأتي من ضمن جولته في المنطقة، رسائل الى الحلفاء والخصوم، بأن الجمهورية الاسلامية الايرانية في خندق واحد وفي حلف استراتيجي مع روسيا التي تجهد لعقد «موسكو 1» بين الحكومة السورية والمعارضة لإيجاد حل للأزمة السورية.

تأتي الجولة الايرانية في خضم الازدواجية التي تعتمدها الولايات المتحدة في استراتيجيتها في المنطقة، من ترحيبها بضرب الجمهورية الاسلامية للتنظيمات الارهابية في العراق، ورفضها أي تعاون ايراني- روسي- سوري في ضرب «داعش» في سورية، إضافة إلى الحرب الاميركية ضد روسيا التي أطلقت مبادرة لجمع الحكومة السورية والمعارضة في موسكو، وفي أعقاب الغارات «الاسرائيلية» على منطقة الديماس السورية بالقرب من مطار دمشق الدولي.

دحض لاريجاني كل محاولات الولايات المتحدة دق إسفين بين روسيا وإيران. وأكد في المؤتمر الصحافي الذي عقده في فندق فينيسيا «أجواء التقارب والتفاهم مع روسيا، وشدد على التعاون معها لايجاد حل سياسي للازمة السورية».

وقال: «بيننا وبين أميركا لا يوجد أي توافق في ملف مكافحة الارهاب، فأميركا أوجدت ائتلافاً وادعت بأنها تقاوم «داعش»، ولكن ما نراه فقط شعارات ولا تحركات فعلية، بينما نحن ندعم العراق ونساعده».

وإذ ابدى معارضته «فكرة تقسيم العراق»، قال: «يجب أن نعمل على وحدة الوجود العراقي. واذا حدث التقسيم سيمتد الى بقية دول المجاورة»، مشدداً على «ضرورة احترام الشعب العراقي ورأيه في هذا الموضوع».

تشكك الجمهورية الايرانية في نيات التحالف الدولي لضرب «داعش»، الا أن تشكيكها هذا تفصله عن مسار الانفتاح في المفاوضات النووية، فطهران كما يقول رئيس مجلس الشورى تفصل بين الملفات، بعكس الولايات المتحدة التي تربط الملفات بعضها ببعض».

وأشار لاريجاني الى «ضرورة أن نتحلى بالواقعية، وأن نرى أن بعض الدول أرادت أن تدعم التكفيريين ومن ثم حاربتها، وهذه أوهام طفولية، فعندما يعمل على سلوك خط سياسي بدعم التكفير ومن ثم الانقلاب عليه فهذا لا يدلّ على واقعية لأنّ القضاء عليه صعب وليس بالأمر السهل وللأسف الولايات المتحدة عندما دعمت التكفير والتطرف ومن ثم حاربته في أفغانستان والعراق وسورية زادت من حدّته».

لما كانت اللافتة التي وضعت في قاعة المؤتمر الصحافي في فينيسيا، خلف لاريجاني والسفير الإيراني محمد فتحعلي والتي كتب عليها «فلسطين لكل الشعب الفلسطيني من النهر إلى البحر وليس أقل من ذلك حتى بمقدار شبر»، شكل الملف الفلسطيني بحسب ما أفادت مصادر مطلعة على الزيارة «البناء» المحور الرئيس في محادثاث لاريجاني مع المسؤولين اللبنانيين والفصائل الفلسطينية. وذكّرت المصادر بدعوة المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية علي خامنئي «الفلسطينيين الى مواصلة كفاحهم المسلح ضد «إسرائيل» وتوسيعه الى الضفة الغربية».

وفي السياق، أكد لاريجاني انّ بلاده لا تستعرض في دعمها المقاومة الفلسطينية، بل تقدم الدعم السياسي وغير السياسي للفلسطينيين، فهي تقيم كل العلاقات الأخوية مع كل الفصائل المقاومة البطلة ولا يمكن لأي حركة هامشية أن تغيّر موقفنا».

لقد حملت زيارة لاريجاني تأكيداً على الدور المحوري الشامل للمقاومة في عناوينها المختلفة اللبنانية والفلسطينية بأنها ضدّ أي مشروع ارهابي «إسرائيلي» أو تكفيري، وليست مقاومة محصورة في حدود جغرافية أو سياسية، أي أنّ حزب الله الذي ألحق هزية بالعدو «الاسرائيلي» في 2006 ويحارب الارهاب في سورية، بات قوة مؤثرة في رسم المعادلات الدولية مستقبلاً.

وشدد المسؤول الايراني في المحاضرة التي ألقاها في كلية الحقوق على ان هناك بعض التيارات التي تعتبر فاعلة أكثر من الدول مثل حزب الله الذي يلعب دوراً ايجابياً في المنطقة ويعتبر رمزاً للمقاومة، وكذلك حركة «حماس» و«الجهاد الاسلامي» تعتبران رمزين في المقاومة».

وفي عز الحراك الدولي لانتخاب رئيس للجمهورية، وفيما تعتبر بعض المصادر «أن هناك قراراً ايرانياً بالدخول أكثر في النسيج اللبناني، من خلال الدور الذي تلعبه عبر حلفائها في لبنان»، أشار لاريجاني رداً على سؤال لـ«البناء» عن مواكبة ايرانية للمسعى الفرنسي لانتخاب الرئيس، إلى «وجود بعض المشاورات التي جرت في هذا المجال وجرت معنا حول المسعى الفرنسي لحل مسألة الرئاسة»، مؤكداً «دعم اي حل، ولكن القضية الأساسية، وما نريده هو أن تقوم الاقطاب السياسية بدورها في هذا المجال، وعلى المسيحيين في لبنان القيام بالجهد الأساسي في ملف الرئاسة».

وتابع: «عندما هاجمت اسرائيل لبنان نحن وقفنا إلى جانبه ودعمناه، حينها قال بعضهم إننا ندعم الشيعة والمخطط الشيعي ضدّ اليهود، وعندما دعمنا المقاومة الفلسطينية قالوا إنها حرب فارسية مع إسرائيل، ونخاف القيام ببعض الخطوات العملية في الاستحقاق، حتى لا ندخل في معمعة جديدة، ويقولون إننا نمارس حرب الماجوس، فنحن نريد أن نجد حلاً يجعل هذا الملف يبصر النور». وعليه ردّ لاريجاني في تأكيده مسؤولية المسيحيين الاولى في انتحاب الرئيس، في شكل غير مباشر على كلّ من يحمّل ايران مسؤولية العرقلة.

وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» انّ الزيارة «تحمل في الملف الرئاسي اللبناني، قطعاً للطريق على المحاولة الفرنسية عقد صفقة خارجية تفرض رئيساً للبنان»، وردّ لاريجاني بطريقة غير مباشرة على الفرنسيين، بتأكيده وجوب احترام القرار السياسي اللبناني، بدءاً بضرورة الإجماع المسيحي على رئيس للجمهورية وصولاً الى الاتفاق اللبناني اللبناني.

وفي السياق، أشار لاريجاني أمس إلى «أن إيران تدعم كلّ حوار، لا سيما الحوار بين المستقبل وحزب الله»، لافتاً إلى «أنّ هذا الحوار إيجابي لأنّ لبنان لا يمكن أن يتعايش شعبه إلا بالتلاقي والحوار. والمصلحة اللبنانية العليا لا يمكن أن تقوم إلا بالحوار».

واذ استبعد لاريجاني أن يتمكن «داعش» من الدخول الى الأراضي اللبنانية، لفت الى «أن الجهد الأساسي بموضوع العسكريين اللبنانيين المخطوفين يجب أن يكون على عاتق الدول التي دعمت المجموعات الإرهابية».

وفيما غابت الهبة الايرانية لدعم الجيش اللبناني عن لقاءات المسؤول الإيراني مع القيادات السياسية لا سيما رئيس الحكومة تمام سلام ووزير الدفاع سمير مقبل، على اعتبار ايران «أنّ الكرة باتت في ملعب الحكومة اللبنانية، وانها لا تريد افتعال خلافاً داخلياً في شأنها»، بحث لاريجاني ورئيس مجلس النواب نبيه بري في ملفي النفط والغاز، وشدّد الطرفان بحسب ما علمت «البناء» على أهمية دور المقاومة في حماية الثروة النفطية من الأطماع الاسرائيلية».

وكان بري شكر إيران مرشداً ورئيساً ومجلساً للشورى على دعم لبنان وبخاصة المقاومة وتزويدها بما يلزم لتقوية قوة الردع في مواجهة العدو «الاسرائيلي».

وتطرق الى موجة التكفير، لافتاً الى «أنّ الهجمة التكفيرية تريد حرق العراق بعد سورية والحرب الدولية في هذين البلدين لن تؤدّي الى استتباب الأمن»، معتبراً «أنّ الحلّ في سورية داخلي سياسي وليس عبر تدفق المسلّحين والإمدادات المالية».

وأوضح بري «أن الهجمة الاستيطانية فشلت في لبنان بفضل المقاومة وهي تحاول مدّ يد أخطبوتها إلى الجولان وتهويد فلسطين»، لكنه أشار الى أنّه في هذه الآونة تنتصر فلسطين رغم «الفيتو». ودعا بري الى وضع خطة شاملة لمواجهة الفكر المتطرف، قائلاً: «آن الأوان لكشف كذبة الربيع».

والتقى رئيس مجلس الشورى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وزار ضريح الشهيد الحاج عماد مغنية وأضرحة شهداء المقاومة وشهداء تفجير السفارة ا يرانية في روضة شهداء المقاومة ا سلامية وروضة الحوراء زينب ووضع أكاليل من الزهر.

وفيما اجتمع بالأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي رمضان عبد الله شلح في مقر السفارة الإيرانية، عقد لاريجاني لقاء مع الفصائل الفلسطينية في لبنان شارك فيه السفير الفلسطيني اشرف دبور، مسؤول العلاقة بين حزب الله والفصائل الفلسطينية النائب السابق حسن حب الله، ممثل حركة الجهاد الاسلامي في لبنان ابو عماد الرفاعي وممثل حركة حماس علي بركة، امين سر فصائل منظمة التحرير في لبنان فتحي ابو العردات وممثلون عن الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وجبهة التحرير الفلسطينية والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة ومجلس علماء فلسطين وممثلون عن «تجمع العلماء المسلمين» في لبنان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.