لا لست محايدة!

majida-raya-martyrs-protests

موقع إنباء الإخباري ـ
ماجدة ريا:

منذ ليل السبت، والساحات تشتعل بالشباب المتظاهر الذي يريد التغيير…
نعم، تعب المواطنون من المسؤولين في هذا البلد، ولهم كل الحق بصرخة وجع كبيرة، لا أعرف إذا كانت ستوصل إلى حل، أم إلى الطريق المسدود ذاته.
ملفات متراكمة، وأزمات متلاحقة من دون حلول، والمواطنون يئنون، يريدون بلداً، يريدون وطناً، وطناً بكيت عليه منذ أن احتدم الانقسام بعد عدوان تموز 2006 ، وقلت يا وطني، يا وجعي، إلى أين نحن ذاهبون؟؟
وكبر السؤال، وكبر معه الألم، وباتت المعاناة لا تطاق، ولكن وسط كل هذا، كان هنالك شباب في مكان آخر، وله مطالب أسمى وأرفع، مطالب تبني الأوطان، تصون الأعراض، وتحمي الناس.
نعم في الوقت الذي ينشغل فيه المنشغلون في البحث عن لقمة العيش الكريمة ـ وهذا حقهم ـ كان شباب آخر منشغلاً في حماية الوطن من العصابات التي باتت على أبوابه، تهدد الحياة، كل الحياة، كل الناس، كل المذاهب، كل الطوائف… هؤلاء الشباب يقدمون دمائهم وأرواحهم فداء لهذا الوطن، ومن أجل الجميع.
البعض يصرخ، يريد أن يعيش، وهذا حق لكل إنسان، يريد أن يكون له وطن يعيش فيه بكرامة، والمسؤولون جلّهم مشغول إما ببناء الثروة على حساب المواطن، وإما بإثارة الفتن، وإما الإثنين معاً، ولكن هناك من هو مشغول بحماية الوطن.
هناك أناس تفقد أعزة، تفقد خيرة أبنائها دفاعاً عن هذا الوطن، وتعيش ألم الفقد، وإن كانت ترفع رأسها بشهدائها، ونفاجأ ببعض ممّن هم في هذه الثورة يرسم صورة على الجدار لشخص يكمّ فمه بأقدس علم. أما علِم الذي رسمها أن هذا العلَم هو الذي يلفّ به نعش الشهيد الذي ترك له كل الحياة في هذا الوطن ليحميه من داعش وأمثالها؟
لا لست محايدة. كل تحرك يمكن أن أكون معه بين الشك واليقين، إلاّ حركة هؤلاء الشهداء، الذين قدّموا حياتهم ليحمونا جميعاً، أنا أراهم بعين اليقين، وأنحني أمام تضحياتهم، بل أقبل التراب تحت أقدامهم.
لو يلتفت هؤلاء، مع كل مطالبهم المحقة، إلى أن هذا العلم، الذي هو راية المجاهدين، هو أقدس من أن يُرمى بوردة، فلولاه لكان العدو داخل الوطن، يكمل خراب من يخرب، ومن يرفض الأيادي الممدودة له من أجل بناء الوطن.
لكني لا أبتئس، لأنني أؤمن أن دماء الشهداء ستزهر نصراً، هذا أمر محتوم، لأن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: بسم الله الرحمن الرحيم ـ إن تنصروا الله ينصركم ويثبّت أقدامكم ـ صدق الله العلي العظيم.
عندما نريد أن نشعل ثورة، يجب أن نعرف كيف نشعلها، ومن أجل ماذا، وإلى أين نريد أن نصل. أمّا أن نصرخ فقط من أجل الصراخ، ومن أجل تنفيس الوجع، فهذا يزيد الوجع وجعاً، ولن يوجد الحل.
في بلد مثل لبنان، وصل فيه الإنقسام إلى ما وصل، يجب أن نجد مساحات للتلاقي، لأن مثل هذه الأمور قد تصل بنا إلى مكان مجهول، قد يكون أقسى، وسط المعمعة التي تمر بها كل المنطقة، يجب أن يكون هناك منطق للحلول، وأن لا ننسى أبداً العدو المتربص بنا على حدودنا، وللأسف له في الداخل الكثير من المناصرين، الذين لا يأبهون لأي خسارة جديدة، طالما أن مخططاتهم فشلت سابقاً، وستفشل لاحقاً، لأن دماء الشهداء الشرفاء هي التي ستبني الوطن، وهي التي تحفظ الكرامات والأعراض، وتحفظ كل لبنان.
أحلم مع من يحلم بوطن كريم لكل أبنائه على اختلافهم، لكني في ركب المضحّين في هذا الوطن، إلى أن يصبح وطنا يكرم الجميع.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.