لقاء إيجابي بين عون وفرنجية.. والصمت سيّد الموقف في ملف التسوية

 

بقي الصمت هو المتكلم الوحيد في ملف التسوية الرئاسية، الذي ومنذ أيام، يتربع على سدة الأخبار في البلد والشغل الشاغل عن باقي الملفات لاسيما جلسات الحكومة وأزمة النفايات.

وكان للقاء الذي جمع العماد ميشال عون والوزير سليمان فرنجية في منزل الجنرال بالرابية، النصيب الأوفر من اهتمامات الصحف الصادرة اليوم.

وأجمعت الصحف اللبنانية على إيجابية اللقاء والاتفاق على استمرار التواصل بين الطرفين، مع استمرار سيطرة الصمت على تطورات هذا الملف في الكواليس.

بانوراما الصحف اللبنانية

بانوراما الصحف اللبنانية

“السفير”: «قمة الرابية»: ثبات في المواقف ولا التزامات

فقد رأت صحيفة “السفير” أن الرئاسة دارت دورة كاملة في الخارج.. وعادت الى المربع المسيحي، الممتد ما بين بنشعي والرابية، باعتباره ممراً إلزامياً لرئيس الجمهورية المقبل، وهي المعادلة التي عكسها الرئيس نبيه بري بتأكيده خلال لقاء الاربعاء النيابي ان أفضل سيناريو رئاسي يكمن في التفاهم بين رئيسي «التيار الوطني الحر» و«المردة».

أما فرنجية فلم يكن بحاجة أصلاً الى إقناعه بالأسبقية الرئاسية لعون، وهو الذي استمر في طرحها، حتى ما بعد لقاء باريس، وصولا الى اجتماع أمس في الرابية، حيث شدد مجددا على انه سيستمر بدعم خيار الجنرال وإعطائه الأولوية، إذا كان لديه حظ، «أما إذا تبين أن الأبواب موصدة كليا أمامك، فأنا أكون في هذه الحال مرشحاً طبيعياً.. المهم أن يربح الخط في نهاية المطاف».

لكن السؤال الذي لا يزال رئيس «المردة» يبحث عن رد مقنع عليه هو: الى متى يصح الانتظار الذي مضى عليه حتى الآن قرابة سنة ونصف السنة.. وماذا لو خسر عون رهانه في ظل الفيتو المحكم عليه، وضاعت فرصة فرنجية في آن واحد؟

ورأت “السفير” أن رئيس «المردة» يدرك أن الحسابات يجب أن تكون دقيقة، وأن خيطاً رفيعاً يفصل بين الإنجاز والانتحار.

وإذا كان فرنجية يعتقد أن الحكمة تقتضي الإسراع، لا التسرع، في التقاط الفرصة بالتوافق مع عون، قبل فوات الأوان، إلا ان الأكيد انه ليس واردا لديه، عملا بالحكمة ذاتها، أن يقبل بانتخابه من دون موافقة الجنرال و«حزب الله» معا، حتى لو تأمن النصاب الدستوري.

في كل الحالات، ترك رئيس تيار «المردة» مجالا أمام التأويل والاجتهاد، لـ «هواة النوع»، بعدما قرر أن يلجأ الى الصمت الذي يفتح الباب أمام كل الاحتمالات، رافضا الإدلاء بأي تصريح بعد انتهاء اجتماعه مع الجنرال.

“الأخبار”: الحريري لا يملك أوراقاً يسلّفها لحلفائه

من جهتها قالت صحيفة “الأخبار” انه على المقلب الآخر، لا يزال المحيطون بالرئيس سعد الحريري يشيعون أجواءً إيجابية حيال التسوية المفترضة. يؤكد الحريريون أن حزب الله سيسير فيها، «لأنه ببساطة لا يمكنه رفض المرشح الرئاسي الأكثر قرباً إليه».

في النقاشات مع الحريريين المؤيدين للتسوية، لا يكشفون «سرّ» قناعتهم بأن التسوية ستمر، رغم وجود «نِصاب مسيحيّ» معارض لها، يمثّل غالبية القوى الوازنة شعبياً، ورغم عدم موافقة حزب الله عليها. هل ثمة عرضٌ مغرٍ سيقدمونه للحزب وللجنرال ميشال عون ليقبلا بالتسوية المقترحة؟ يردّ الحريريون بأن هذا الأمر ليس من اختصاصهم، بل يقع على عاتق فرنجية.

لكن الأخير لا يملك أوراقاً يسلّفها لحلفائه: لا في قانون الانتخاب، ولا في العمل الحكومي. ويُحكى في الصالونات السياسية أن رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل، سأل الحريري عندما التقاه في باريس، عمّا يمكن أن يحصل عليه حزب الكتائب في مقابل تأمينه غطاءً مسيحياً للعهد الجديد، فرد الحريري بأن هذا السؤال يجب أن يُطرح على الرئيس المقبل.

تبدو نقاشات الحريريين أقرب إلى «العصف الذهني» منها إلى الكلام في السياسة. جوهر موقفهم مبني على أن تسوية إقليمية ما تلوح في الأفق، وأن انتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية هو أولى الثمار المبكرة لهذه التسوية. لا يقدّمون أدلة على ما يقولونه، سوى ما يُحكى عن وقف إطلاق للنار في اليمن. أما خريطة طريق وصول فرنجية إلى بعبدا، فيبدون عاجزين عن رسمها، ويعودون إلى العبارة اللازمة: حزب الله سيوافق.

كلام مشابه كرّره مستشار الحريري أول من أمس على مائدة السفير الأميركي ريتشارد جونز، الذي لبّى دعوتَه إلى غداء «دوريّ» جمعٌ من السياسيين المتعددي الانتماءات السياسية. يكتفي جونز ونائبه في رئاسة بعثة الولايات المتحدة في عوكر بالاستماع، من دون أن يدليا بأي موقف يمكن الاستناد إليه لتحديد موقف بلادهما مما يدور في لبنان.

التفاؤل الحريري رفع من منسوب «الخوف» لدى حلفائه في فريق 14 آذار، باستثناء الجميّل ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. أحد سياسيي 14 آذار، من خارج الكتائب والقوات، ومن معارضي المبادرة الحريرية، لم يعد يملك أمام التفاؤل الحريري سوى «التبشير» بأن الأخير آتٍ إلى لبنان قريباً، وسيعلن ترشيح فرنجية، وأن التسوية مستمرة، وأن حزب الله سيعلن بعد ترشيح الحريري دعمه لفرنجية لكن بعد الاتفاق على قانون الانتخاب على أساس النسبية، «لأن البحث عالق حالياً عند هذه النقطة». يردد السياسي الآذاري هذا الكلام رغم أن أحداً من القوى السياسية لم يفتح «بازار» المقايضة بعد، وفيما رئيس القوات سمير جعجع والجميّل مصرّان على معارضة التسوية المقترحة.

“النهار”: الدعم قائم ودائم للعماد عون ما دام مرشحاً

أما صحيفة “النهار” فأفادت معلوماتها المتوافرة عن اللقاء، أنه على رغم ستار الكتمان الذي أحيط به وخصوصاً من جانب فرنجيه وأوساطه، ان أجواء الانفتاح على الحوار والتهدئة بين القطبين الحليفين لم تنعكس تبديلاً في أي من موقفيهما من التسوية الرئاسية وآفاقها، فلا العماد عون أعطى أي انطباع أو أبدى أي استعداد للتراجع عن ترشّحه عقب استماعه الى عرض فرنجيه لظروف التسوية التي عقدها مع الرئيس سعد الحريري، ولا رئيس “تيار المردة” أوحى الى عون بأنه في وارد التسليم باحتراق مبكر لفرصته بل انه أدرج زيارته للرابية في اطار الانفتاح الذي يسعى من خلاله الى تبديد الهواجس ومعالجتها وخصوصاً لدى الحلفاء ولكن من دون التسليم لمنطق رفضها لمجرد طرحه مرشحاً يحظى بفرصة متقدمة لم تتوافر لسواه.

وبذلك توضح المعطيات ان الخلوة قد تكون كرست طرح مرشحين اساسيين لدى قوى 8 آذار ما دام الموقف الحاسم والمفصلي لـ”حزب الله” طي الغموض والصمت حيال الخيار بينهما.

وأضافت الصحيفة أنه “اذا كان مجمل المعلومات التي تنسب الى الحزب أنه لا يزال متمسكاً بترشيح عون، فان الرئيس الحريري وفريقه لا يزالان ينتظران بلورة موقف الحزب الواضح قبل الاقدام على أي خطوة جديدة، علماً ان لملمة تداعيات التسوية تشمل، الى موضوع موقف “حزب الله”، معالجة مواقف القوى المسيحية أيضاً وهو الأمر الذي وضع تحت العناية المركزة منذ أيام”.

وفيما لزم فرنجيه الصمت بعد لقائه عون الذي استمر زهاء ساعة، كما لزمت أوساطه الكتمان، حرصت الاوساط القريبة من الرابية على القول لـ”النهار” أن أجواء اللقاء كانت ايجابية وتخللها تأكيد الحلف بين القطبين وان الدعم قائم ودائم للعماد عون ما دام مرشحاً. وأشارت الى ان عون أبدى حرصه على فرنجيه ضمن التحالف كما تصارحا بمسار الامور والحؤول دون افتعال شرخ بينهما.

وصرح رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل الذي شارك في اللقاء لـ”النهار” بأن “سليمان فرنجيه صديق وحليف ولن يستطيع أحد بكل محاولاته أن يخرّب العلاقة بيننا عبر كلام مغلوط، لا بل بالعكس الكلام بيننا فيه دائماً صدق والتزام، وما حصل هو ربح لفريقنا ويعزّز الخط الاستراتيجي، ولن ندع أي خسارة تطاله بل ربح صافٍ نزيد عليه تباعاً”.

“البناء”: لقاء فرنجية ـ عون والتمسّك بالثوابت

كذلك رأت صحيفة “البناء” أن الأمور لم تحسم لمصلحة رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، فالعقد لا تزال موجودة وبناء على ذلك سيؤجل البت بهذا الملف إلى ما بعد الأعياد، وإن كانت أجواء لقاء الرابية بين رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية التي خيّم عليها التكتم، كسرت الجليد وعكست ارتياحاً واسعاً في صفوف فريق 8 آذار بمختلف مكوناته.

وقات الصحيفة إذا كان فرنجية غادر من دون إدلاء بأي تصريح، وكذلك التزمت أوساطه الصمت ورفضت التعليق في حديث لـ«البناء» على الزيارة، فإن قناة الـ«أو تي في» أشارت إلى أنه «تم تأكيد صلابة الحلف بين التيار الوطني الحر وتيار المردة، وأكد فرنجية خلال اللقاء أنه باق على ثوابته السابقة حيث جدد دعمه للعماد عون». وأضافت «جرى الاتفاق على متابعة مجريات انتخابات رئاسة الجمهورية والتنسيق الدائم في هذا المجال».

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.