لماذا تخلت ايران عن سياسة مماشاة السعودية ؟

iraniran-rockets5

وكالة مهر الإخبارية الإيرانية ـ
محمد مظهري*:
بعد ابرام الاتفاق النووي، ايران تتخلى عن سياسة الليونة امام خصومها الاقليمية مدركة الاوضاع الجديدة في المنطقة، ولم تعد تكتفي برد اعلامي او كلامي، وانما تستعد لكبح جماح الدول التي كانت تعودت على استغلال الدعم الاميركي لها للمغامرة والمقامرة في المنطقة.
توعد قائد الثورة الاسلامية في ايران آية الله السيد علي الخامنئي السلطات السعودية برد قاس وعنيف عقب وقوع كارثة مشعر منى ما ادى الى مقتل عدد كبير من الحجاج الايرانيين الذين كانوا يؤدون مناسك الحج في مكة المكرمة وقال: “ان المسؤولين السعوديين لايقومون بواجباتهم وفي بعض الاوقات يعملون عكس واجباتهم و”يتخابثون” واذا قررت ايران الرد عليهم فإن احوالهم تصبح غير محمودة.”

وتلت تصريحات آية الله الخامنئي تأكيدات عدد من القيادات العسكرية الايرانية على تنفيذ اوامر القائد لضرب اي عدو يتجاوز الخطوط الحمراء الايرانية بشكل سريع وصاعق.

وفي هذا السياق شدد قائد الحرس الثوري الايراني محمد علي جعفري على ان “الحرس الثوري في أهب الاستعداد لتفعيل جميع القدرات امتثالا لاوامر قائد الثورة واستعادة حقوق ضحايا الكارثة”.

كما واشار آية الله الخامنئي ان الحكومة الايرانية كانت تتبع سابقاً سياسة ضبط النفس تجاه السعوديين وممارساتهم في المنطقة وهنا يطرح السؤال نفسه لماذا ايران تخلت عن سياسة المماشاة والليونة مع السعودية ولجأت الى تصعيد اللهجة تجاه السلطات السعودية؟ هل تشهد المنطقة ظروف جديدة وتغيرات في موازين القوى؟ فما هي أهداف طهران من اتخاذ مواقف صلبة وتوعّد الجانب السعودي برد عسكري خلال الايام الاخيرة؟

لندرك اسباب تصاعد الخلافات بين ايران والسعودية يجب ان نراجع السياسات السعودية بعد وفاة الملك السابق عبدالله بن عبدالعزيز حيث قام الملك الجديد بايجاد تغييرات اساسية في الطاقم الحكومي كما تمسّك بسياسة التطرف والمغامرة العسكرية في المنطقة ومواجهة ايران بشكل مكشوف وسافر حيث شنت السعودية حربا ضارية على اليمن واستمرت في هجماتها الاعلامية ضد طهران فيما رد المسؤولين الايرانيين على ادعاءات السعودية لم يكن شديد اللهجة لأن طهران كانت تحاول عدم اثارة الجهات الاقليمية والدولية خلال المفاوضات النووية مع الغرب تجنبا لعرقلة مسار المحادثات آنذاك لاسيما كان من الواضح ان السعودية واسرائيل تعارضان الاتفاق المرتقب وتسعيان لافشال مسار المفاوضات النووية.

أما بعد حصول الاتفاق بين ايران والدول الكبرى تعزّز موقع ايران الاقليمي والدولي، حيث اثبتت طهران انها قادرة على ادارة مفاوضات مع القوى العالمية بشكل ذكي ومنطقي وامتصاص الغضب وتفادي العقوبات الدولية باعتبارها قوة اقليمية عظمى، وهذا ما أقلق الرياض وتل أبيب لاسيما بعد ان تم الاعتراف بدور ايران المؤثر في المنطقة عقب الاتفاق النووي. كما اعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما امام الجمعية العامة  للامم المتحدة ان واشنطن جاهزة للتعاون مع طهران وموسكو لتسوية الازمة السورية.

من جهة اخرى ايران تدرك جيدا ان السعودية لا تقدر على مواجهتها عسكريا الا بالاستناد على اميركا فيما التوصل الى الاتفاق النووي بين ايران والغرب خلط الاوراق ومهّد الطريق للاعتراف بايران كقوة فاعلة في الشرق الاوسط، وواشنطن لم تعد تريد مواجهة ايران او تهميشها. وفي هذا السياق اوحى الرئيس الاميركي ان “العداء بين ايران وامريكا لن يستمر للأبد” وهذا يعني السعودية خسرت سندها الاساسي في حال نشبت الحرب.

اما بعد ابرام الاتفاق النووي، ايران تتخلى عن سياسة الليونة امام خصومها الاقليمية مدركة الاوضاع الجديدة في المنطقة، ولم تعد تكتفي برد اعلامي او كلامي، وانما تستعد لكبح جماح الدول التي كانت تعودت على استغلال الدعم الاميركي لها للمغامرة والمقامرة في المنطقة. فكارثة تدافع الحجاج في مشعر منى ووفاة عدد كبير من الايرانيين خلال الحادث استلزمت ردا جديا وتحذيرا شديدا من قبل المسؤولين الايرانيين لوقف المغامرات السعودية الاقليمية لاسيما ان السعودية عمدت إلى ابتزاز مشاعر الدول وشعوبها التي فقدت ضحايا من الحجاج، بدلاً من أن توافق على تشكيل لجنة لتقصي الحقائق بمشاركة الدول الإسلامية ومن ضمنها إيران لإجراء تحقيقات شفافة تعرضها أمام العالمين العربي والإسلامي للكشف عن التقصير وسوء الإدارة بدلاً من التعاطي سلباً. وفي هذا السياق كان خطاب قائد الثورة الاسلامية هاما جدا حيث جعل السعودية أمام خيارين إما الاستدارة نحو التعاون مع ايران وإما التعنّت الذي يعني مزيداً من النار في المنطقة.

هذا في حين تعاني السعودية من مشاكل وازدواجية في سياستها الخارجية انها شنت الحرب على اليمن وكانت تتوهم انها قادرة على انهاء الحرب في مدة قصيرة واعادة عبد ربه منصور هادي الى الرئاسة مرة اخرى حيث اكدت المصادر الرسمية السعودية مرار تحقيق اهدافها خلال الحرب، فيما استمر قصف المدن اليمنية وقتل النساء والاطفال. واليوم نشاهد ان الحرب قد امتدت الى العمق السعودي وليس هناك افقا واضحا لانهاء الحرب في اليمن.

*كاتب و اعلامي ايراني

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.