لماذا عجزت ثورات الربيع العربي عن تحقيق أهدافها؟

arabicspring

موقع إنباء الإخباري ـ
زينب عقيل:

“الشعب يريد إسقاط النظام”
سقط النظام وسقطت معه الشعوب.
لقد أرادت هذه الشعوب الحياة، لكن، لماذا لم يستجب القدر!؟
ربما لأن أياً من هذه الثورات لم يستند على مبدأ ثقافي كافٍ لتنجح الثورة، وربما كانت تملك أجندات عناوينها رنانة، إلا أن مضمونها غير متماسك بل وعشوائي في معظمه، يستند على إيديولجيات واهية غير قادرة على مواجهة أي تداعيات.
وبالرغم من أن جميع المؤشرات كانت تدلّ على أن الربيع العربي ليس إلا الشرق الأوسط الجديد، إلا أن الشعوب العربية التي عجزت عن إنجاح ثوراتها، كانت مسيّرة نحوه تحت عناوين المطالبة بتحسين المعيشة وكفّ يد الحكومات الظالمة، ولربما كانت لتنجح برغم المؤامرة، وينقلب السحر على الساحر، لو كانت لدى الشعوب الإستراتيجية الثقافية القوية بقوة تلك التحركات.
هنا أستحضر قول الإمام الخميني (قدس سره) بعد انتصار الثورة: “نحن لم نثر من أجل المطالبة بتخفيض سعر البطيخ.”
إنها الثورة الوحيدة صاحبة شعار “لا شرقية لا غربية” في حين أن ما شهدناه من ثورات منذ أكثر من قرن لطالما كان مرتبطًا ـ إلا ما ندر ـ بمطامع استعمارية.
إن ثقافة التبعية، التي تعزز الشعور بالدونية لدى العرب، والثقافة الانهزامية القائمة على تسفيه ثقافة المجتمع إذا خالفت ثقافة الغرب، والثقافة الإستهلاكية التي تجعل الفرد تابعاً قهرياً، غير منتج، وباحثاً عن الجديد ليستهلكه، وليس فقط  مادياً بل فكرياً أيضاً؛ هذه الثقافات التي غزت شعوب منطقتنا عقب الحملات الإستعمارية الغربية، هي متجذرة في نفوس معظم شعوب المنطقة، حتى باتت هي المتحكمة حتى في ثوراتهم.
ومن خلال المتابعة التاريخية لبعض الكيانات التي نجحت في ترسيخ ثقافةٍ مناهضةٍ لتلك الثقافات، وهي ثقافةٌ قامت على إخراج المستعمر من النفوس قبل إخراجه من الأرض، ليستطيع الحق أن يقف في وجه الباطل؛ هذه الكيانات  ـ كما الحال في لبنان ـ أُسّست على قوائم ثقافية وفكرية توصّل إليها روّادها وتبنوها، وحاربوا من أجلها بل وضحّوا بالكثير من أجل ترسيخها، وبالتالي تعتبر  واحدة من أركان الإستراتيجية الثورية التي لا يمكن التخلي عنها، والتي أوصلت إيران إلى ما هي عليه من ريادة فكريّة وعلميّة بعد ثلاثين عاماً من الثورة.
إنها ثقافة المقاومة التي غابت على مدى قرون عن معظم شعوب المنطقة، وغيابها لصالح تلك الثقافات التي رسّخها المستعمر في عقول الشعوب، أدّى إلى أنّهم حتى في ثوراتهم يقودهم المستعمر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.