ماذا سيفعل مجلس الأمن إزاء اعتداء مسلحي سورية على قرى لبنان

law-culture12

مواجهة من يخترق سيادة لبنان: الحق في القانون للجيش اللبناني والجيش السوري..

موقع إنباء الإخباري ـ
علي مطر:
مرةً جديدةً تخترق الجماعات السورية المسلحة الاراضي اللبنانية وتقوم بقصف قرى الهرمل، ما أدى إلى وقوع شهيدين وعدد من الجرحى، دون أي رقيب أو حسيب، ودون أن نسمع إدانة ممن يدعون حرصهم على السيادة اللبنانية.

الذي يعنينا هنا هو كشف مدى الخرق للأراضي اللبنانية، وكيف يمكن التعامل معه قانونياً.
لا شك أن ما قامت به المجموعات المسلحة يعد خرقاً للسيادة اللبنانية وللقانون الدولي، ويعتبر خرقاً للاتفاقات الأخوية بين لبنان وسورية، وللسيادة السورية حيث يقوم المسلحون بإطلاق الصواريخ على لبنان من الأراضي السورية ما يؤدي إلى توتر بين البلدين.

بطبيعة الحال، فإن القانون الدولي يمنع بشكل صريح التدخل العسكري أو انتهاك سيادة الدول، وقد نص القرار 2131 كانون الأول 1965 على “إعلان عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وحماية استقلالها وسيادتها”.

وينص إعلان مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول، الصادر بمقتضى التوصية 2625 بتاريخ 24 أكتوبر 1970 الصادر عن الجمعية العامة على أنه “ليس لدولة أو مجموعة من الدول الحق في التدخل المباشر أو غير المباشر ولأي سبب كان في الشؤون الداخلية أو الخارجية لدولة أخرى. ونتيجة لذلك اعتبر، ليس فقط التدخل العسكري، بل أيضاً كل أنواع التدخل أو التهديد الموجه ضد مكوناتها السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية مخالفاً للقانون الدولي”.

بالإضافة إلى ما تقدم، فقد أكدت اتفاقية مونتيفيديو عام 1933 في مادتها الثامنة على مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول حيث نصت على أنه “ليس لأي دولة الحق في التدخل في الشؤون الداخلية والخارجية لأي دولة أخرى”، كما أنها أكدت حق الدفاع عن النفس. وهو ما نص عليه اصلاً ميثاق الأمم المتحدة في المادة الثانية لناحية عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وانتهاك سيادتها ـو استخدام القوة ضدها. ولكن هل أن هذه الجماعات الارهابية تحترم القانون الدولي اصلاً؟ هل أن من يرتكب المجازر بحق المدنيين يحترم ميثاق الامم المتحدة؟
منذ اللحظة الأولى لبدء المعارك في سورية لم تحترم هذه الجماعات القانون الدولي باختراقها السيادة السورية وبعدها أخذت تخترق مراراً وتكراراً السيادة اللبنانية، وكذلك لم تحترم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث ارتكبت عدة مجازر بحق المدنيين.

سيبادر لبنان عبر وزارة الخارجية بالقيام بالاتصالات اللازمة لعدم تكرار الاعتداءات السورية، لكن هل سيردع هذا “الجيش الحر” و”جبهة النصرة”؟ وسيقوم لبنان بتوجيه مذكرة إحتجاج الى الحكومة السورية، وكذلك الى مجلس الامن، حيث بموجب ميثاق “الامم المتحدة”، تقع على عاتق مجلس الأمن المسؤولية الرئيسية عن صون السلم والأمن الدوليين. وهو يأخذ بزمام المبادرة في تحديد وجود تهديد للسلم أو عمل من أعمال العدوان. ويطلب إلى الدول الأطراف في النزاع تسويته بالطرق السلمية. وفي بعض الحالات، يمكن لمجلس الأمن اللجوء إلى فرض جزاءات وصولاً إلى الإذن باستخدام القوة لصون السلم والأمن الدوليين وإعادتهما.

تقول المادة 40 من الفصل السابع المتعلق بمجلس الأمن إنه منعاً لتفاقم الموقف، لمجلس الأمن، قبل أن يقوم توصياته أو يتخذ التدابير المنصوص عليها في المادة 39، أن يدعو المتنازعين للأخذ بما يراه ضرورياً أو مستحسناً من تدابير مؤقتة، ولا تخل هذه التدابير المؤقتة بحقوق المتنازعين ومطالبهم أو بمركزهم، وعلى مجلس الأمن أن يحسب لعدم أخذ المتنازعين بهذه التدابير المؤقتة حسابه”. ولنفترض أن مجلس الامن دعا الارهابيين لوقف اعتداءاتهم فهل سيستجيبون، وهل هم يشكلون كياناً معيناً لكي يوقفوا هذا الاعتداء؟ وفي حال دعا الائتلاف المعارض لكي يتم وقف هذه الاعتداءات على لبنان، فهل ستستجيب “جبهة النصرة” لذلك؟

لمجلس الأمن في حالة أخرى أن يفرض عقوبات على الجهة المعتدية، حيث تقول المادة 41 أن “لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء “الأمم المتحدة” تطبيق هذه التدابير، ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفاً جزئياً أو كليا وقطع العلاقات الدبلوماسية”، فهل هذا سيحصل فعلاً؟ وعلى من سيفرض مجلس الامن هذه العقوبات؟ هل يفرضها على المعارضة التي تدافع عنها الولايات المتحدة الاميركية؟ أم سيفرضها على المسلحين الذين تدعمهم أميركا والدول الغربية؟
وبطبيعة الحال فإن مجلس الامن لن يستطيع التدخل عسكرياً لكي يمنع هذه الخروقات لاعتبارات عديدة سياسية وقانونية. وفي حال دعا مجلس الامن الحكومة السورية لوقف هذه الانتهاكات ـ وهي اصلاً لم تقصف القرى اللبنانية في الهرمل بل الارهابيين ـ فماذا سيكون الحل غير التعامل مع هؤلاء عسكرياً، مع أن الامم المتحدة تقف علناً ضد سورية والى جانب الجماعات المسلحة؟ وهل سيعطي مجلس الأمن الحق لسوريا بالقضاء على الارهاب؟ طبعاً هذا لن يحصل كون الأمم المتحدة تدافع عن المعارضة، إلى جانب الولايات المتحدة الاميركية والدول الغربية.
ما تقدم هو برسم كل معني عن خرق الحدود اللبنانية ووقوع الشهداء، وكل من يدعي حرصه على سيادة لبنان والقانون الدولي.
ولكن لا بد من الاشارة، إلى أنه من واجب الجيش اللبناني حماية حدوده، وليس كما يسوق البعض لفكرة “اليونيفيل” وبالتالي التعامل مع المسلحين الذين يخرقون السيادة اللبنانية، وكذلك من حق الجيش السوري التعامل مع الإرهابيين الذين يخرقون سيادته ويقومون بقصف لبنان. وبالتالي لا يحق لأحد أن يمنعه هذا الحق الذي تكفله جميع الشرائع والقوانين الدولية، ولا يوجد حل أنجع من ذلك، وفي حال طالب أي أحد سورية بأن تقوم بايقاف الاعتداءات فعليه أن يعترف بحقها علناً بأن تلاحق الارهابيين الذين يضربون سيادتها، وبالتالي يأخذون أراضيها لضرب سيادة الدول العربية المجاورة لها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.