ماذا يعني الهجوم على حزب الله والسيد حسن نصرالله اليوم؟

nasrallah-victoryday2013

موقع إنباء الإخباري ـ
د. إبراهيم علوش:
ماذا يعني الهجوم الإعلامي الشرس اليوم على الحزب الذي هزم الكيان الصهيوني، وحرر جنوب لبنان عام 2000، وقاوم العدوان وهزمه عام 2006، ووقف حجر عثرة أمام صهينة لبنان وأمركته، ويسهم الآن في معركة الدفاع عن سورية كما كان يفترض بالقوميين واليساريين العرب أن يفعلوا قبله وأكثر منه؟!

وماذا يعني الهجوم على سماحة السيد حسن نصرالله الذي باع الدنيا واشترى المقاومة؟! السيد المستهدف من قبل الكيان الصهيوني على مدار الساعة منذ سنواتٍ طوال؟! الذي لم يبخل بالشهيد هادي، كما لم يبخل إبراهيم بإسماعيل؟! والذي تشترك وسائل الإعلام البترودولارية والعالمية وقوى المارينز الإعلامي في السعي لتشويهه لأنه تجرأ على المجاهرة بموقفٍ واضحٍ في سورية حيث جبُن غيره؟!

ليس من المطلوب بالمناسبة أن نتقاطع مع حزب الله، أو السيد حسن نصرالله، في كل مواقفه في كل الساحات منذ انطلق عام 1982، كما ليس من المطلوب أن نتقاطع مع أي جهة أو شخصية وطنية في كل مواقفها ومنطلقاتها الفكرية والعقائدية في كل لحظة…

بل المطلوب أن نفكر دوماً: أين تكمن مصلحة الأمة العربية في هذه اللحظة؟ وأين تقع خطوط التماس بين الأمة وأعدائها؟ ومن يخدم مصلحة الأمة وحركة مناهضة الإمبريالية والصهيونية حول العالم، ومن هي تلك القوى والشخصيات التي تتعارض مواقفها ومصالحها وسياساتها مع مصلحة الأمة، في كل لحظة؟

ومصلحة الأمة الأساسية اليوم تتمحور حول المعركة في سورية وعليها، فإذا انهارت، لا سمح الله، فإن الأمة ستدخل عصورَ ظلامٍ جديدة على مدى عقود، وإذا صمدت وانتصرت، فإن ذلك سيكون بداية فجرٍ عربيٍ جديد.

إذن الاصطفاف حول معركة سورية يحدد الخط الفاصل كحد السيف بين معسكر الأمة، من جهة، ومعسكر أعدائها، من جهة أخرى، في المشهد العربي اليوم. ولا منطقة رمادية بين سورية وأعدائها اليوم لأنها معركة كسر عظم بين الأمة وأعدائها، تماماً كما كانت معركة العراق من قبل، ومعركة تأميم قناة السويس، ومعركة تحرير الجزائر من الفرنسيين، الخ…

وفي معركة كالتي تخوضها سورية اليوم دفاعاً عن الأمة، يصبح حزب الله احتياطياً إستراتيجياً أساسياً في: 1) تشكيل قوة رادعة للكيان الصهيوني في لبنان، 2) كبح جماح القوى التابعة للغرب والبترودولار في لبنان، 3) تشكيل حجر عثرة أمام “التسوية” مع العدو الصهيوني فلسطينياً وعربياً، 4) الإسهام الفعال بالدفاع عن سورية، أو عن نفسه في سورية بالأحرى، 5) تقديم نموذج فذ للمقاومة والتحرير عربياً وعالمياً.

ولا يمنع ذلك أن نختلف مع حزب الله، أو غيره، في قضايا أخرى. ولكن السؤال يبقى: من المستفيد من الهجوم على حزب الله وسماحة السيد الآن، الأمة العربية أم أعدائها؟ ومن المستفيد من خلط الأوراق بين القضايا الكبيرة والصغيرة، ومن إثارة نعرات الماضي بين الأوس والخزرج الآن؟

للعلم، يختلف كاتب هذه السطور مع موقف حزب الله في ليبيا والعراق… ويوغوسلافيا أيضاً، وينطلق من رؤية قومية عربية جذرية، مع كل الاحترام للرؤى الأخرى. ولكن حزب الله يقيّم سياسياً في ساحته الأساسية: ساحة لبنان وساحة الصراع مع العدو الصهيوني، والآن في معركة الأمة المركزية: سورية، أي هنا والآن من منظور مصلحة الأمة.

أما تناول حزب الله من منظور طائفي، سني-شيعي مثلاً، فكارثة، خاصة بالنسبة لمن يزعم أنه قومي عروبي! والمنظور الطائفي منظور معيب بالنسبة لأي مواطن عربي، وهو يصب في مشروع “الشرق أوسطية” لتفكيك الشعب العربي وإثارة الفتن والحروب الأهلية والتهيئة لإقامة دويلات الملل والنحل المتصارعة إلى ما لا نهاية.

الطائفية آفة، وأساس الفتنة التي ذهبت بالدول العربية-الإسلامية عبر التاريخ من بغداد للأندلس، كما أنها النقيض المباشر لدولة المواطنة ولكل التطور الحضاري للإنسان في حقل المجتمعات السياسية، لكنها اليوم ورقة دموية يتم تحريكها عن وعي وإدراك لإضعاف معسكر المقاومة وتدمير المجتمع العربي، ليس فقط عبر إثارة صراع سني-شيعي، بل عبر إذكاء صراعات دينية وعرقية ومناطقية وعشائرية.

إيران؟ نعم ثمة مشكلة معها، أو أكثر من مشكلة، لكن العاقل من لا يضيع البوصلة، ومن يتصدى للمشكلة الأكبر، لا الأصغر، والمشكلة الأكثر خطراً وراهنية اليوم، من منظور مصلحة الأمة، هي الإمبريالية والصهيونية وأدواتهما، وحكام البترودولار، وتركيا عضو حلف الناتو، لا من يدعم سورية وحزب الله بكل ما يملك، ويتحالف مع روسيا والصين في مواجهة الإمبريالية الأمريكية عالمياً وإقليمياً. وبعد أن تنتصر سورية ويعود المشروع القومي العربي للوقوف على قدميه مجدداً، يصبح لكل حادث حديث. وفي النهاية، إيران، كتركيا، علينا أن نوجد حلولاً للمشاكل العالقة معهما، ويمثلان جارين تاريخيين، والصراع معهما ليس صراع وجود.

وأعلن، أنا القومي العربي، الذي وقف ضد إيران في العراق، ومع المشروع القومي العربي في العراق وسورية ومصر وكل مكان، أنني مع حزب الله والسيد حسن نصرالله قلباً وقالباً، كما وقفت معه في كل صراعاته مع الكيان الصهيوني واتباعه في لبنان عبر الزمن.

وليفهم بعض من لا يدركون معنى الكلام، قبل أن يسارعوا للرد العشوائي، أنه يعطي الوقوف مع حزب الله في مواجهة الهجمة التي يواجهها مصداقية أكبر، أما الدفاع عن حزب الله من منطلق طائفي مضاد، فيمثل انجراراً للمعركة التي يريدها الخصم، وكذلك فإن الوقوف مع حزب الله من منظور مصلحة الأمة، وعلى أساس قومي عروبي، أكثر مصداقية بكثير من الوقوف معه على أساس مناهض للقومية العربية. فحزب الله الآن بحاجة أكثر من اي وقت مضى لمن يتصدى للهجمة عليه من خارج طائفته، ومن غير إيران… فما رأيكم أيها القوميون واليساريون العرب؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.