مدينة الشهداء.. وعاصمة المقاومة

IMG-20140116-WA0001

موقع إنباء الإخباري ـ
حسن ديب:

إذا ما أردنا إختصار العزة والمجد والكرامة بكلمة واحدة، لكانت هذه الكلمة هي الهرمل، وإذا ما أردنا أن نصف البطولة والمروءة والشهامة بكلمة واحدة، لكانت هذه الكلمة أيضاً هي الهرمل.
هي تلك المدينة العاتية على الدهر والتي تقع على ضفاف نهر العاصي المتمرد على حدود الطبيعة، فأخذت منه تمرده وكانت مثله متمردة على الفتنة، رافضة لكل باطل، منتصرة للحق، عاملة لكل خير وجمال.
تلك المدينة الفاضلة حقاً، والتي يجب على من أراد زيارتها، أن يخلع نعليه عند مدخلها، ويدخلها حافي القدمين، طاهر القلب، تاركاً وراءه كل آثام الحياة، فهي منذ الأزل أرض مقدسة، تستمد قداستها من قوافل من الشهداء الذين ارتفعوا منذ انطلاقة المقاومة ضد اليهودية ولم تزل حتى يومنا هذا، هي المدينة الحاضنة لراية المقاومة، وهي نبع الشهداء الذي لا ينضب.
بكثير من البساطة يدرك كل زائر لمدينة الهرمل حجم ما قدمته هذه المدينة المقدسة من شهداء على مذبح الفداء، وذلك مما ستقع عليه عيناه من صور تزين شوارع المدينة على امتداد مساحتها، وهي صور لأبطال المقاومة الذين استشهدوا دفاعاً عن الوطن عندما ناداهم الواجب، فما تخاذلوا ولا هانوا، بل كانوا شعلة من بطولة تحرق كل يد تمتد الى حدود الله والدين والوطن، هي قوافل من الشهداء لا تنتهي، لا بل إنها قوافل تنمو مع كل شهيد أقسم على السير في درب الشهادة مؤمناً بأن دم الشهيد اذا سقط فبيد الله يسقط، وأن ما يسقط في يد الله فإنه ينمو.
هذه هي مدينة الهرمل، وهذا هو تاريخها من ماضٍ وحاضر، ولن يكون مستقبلها إلا كماضيها وحاضرها، خزان للمقاومة عندما يناديها واجب الجهاد. هذه هي مدينة الهرمل، ولأنها كذلك، فإن دولتنا اللعينة جعلتها على اللائحة السوداء التي أدرجت عليها كل أسماء المدن التي تنتصر للمقاومة. تناسَوها  وأهملوها، وحقدوا عليها، ورموها بجام حقدهم الأسود، وأرادوا لها أن تكون مدينة مكشوفة لكي تطالها يد الصهيونية الإسلامية البندرية، فغضوا بأبصارهم عن ما تعرضت له هذه المدينة من قصف صاروخي منذ بدء الحرب اليهودية على الكيان الشامي ومحور المقاومة، وتركوها عرضة ليد القتل والإجرام ، فعانى أهلها الأمرين من كل هذا ولكنهم لم يتخلوا ولو لمرة واحدة عن انتمائهم للوطن، لم يتخلوا عن هويتهم، تلك الهوية التي لطالما حاولت دولتنا الضائعة أن تخلعها عنهم لتمنحها لأمير زنديق هنا (الوليد بن طلال) أو لعميل لقيط هناك (جوني عبدو). وبالرغم من كل هذا، كانت مدينة الهرمل تضمد جراحها بصمت، فداءً للوطن وقطعاً لدابر الفتنة.
ورغم كل ما أبدته هذه المدينة الكريمة الشامخة من حرص على الوطن ومن رغبة في الوصول إلى مكان للتلاقي مع كل أطياف المجتمع اللبناني، إلا أن حكامنا كانوا وما زالوا يحاولون إظهارها بمظهر المدينة الخارجة عن القانون والمتمردة على الدولة …
فتباً لكم يا أصحاب الدولة، وتباً لفخامتكم، ودولتكم وسعادتكم ومعاليكم ، فهذه الهرمل التي لها من البطولة والرجولة والشجاعة ما يسمح لرجالها وبغضون ثلاثين دقيقة (توقيت فعلي) بأن يصلوا الى عقر دار ذاك الدعي ليصلبوه على رؤوس الأشهاد وليفسروا حلم أبيه ولكن على طريقتنا نحن أهل بعلبك ، ثلاثين دقيقة لا أكثر (أيضاً توقيت فعلي) ، وهو أيضاً الوقت نفسه الذي يحتاجه رجالنا للوصول الى تلك القلعة، وليقطفوا كل زهورها زهرة، زهرة، وليجعلوا من قصرها مدينة للملاهي ليس إلا …
وثلاثون دقيقة أيضاً لا تحتاج أكثر منها للدخول الى حمص مجدداً وتعيد إلى أذهان حضرتكم ما حصل في القصير وصدد وما سيحصل قريباً في القلمون وبعده في حلب .
ولكنها حتى اللحظة، ما زالت تنأى بنفسها عن الدخول في أي صراع داخلي للدفاع عن نفسها، ما زالت على العهد بأنها مدينة كل للبنان ولكل أبناء لبنان، هي على العهد رغم أن يد التفجير طالتها بالأمس لتستبيح دماءها الزكية بعد أن استباحها القصف الصاروخي الصهيوني المرخاني طيلة الفترة السابقة ، ولكنها بقيت على ما هي عليه، وبقيتم أنتم يا أصحاب الدولة من أشباه الرجال على ما أنتم عليه، فلا التفجير عنى لكم شيئاً ولا الدماء التي أريقت كان لها أثر في داخلكم، فنأيتم بأنفسكم عنها ، وكأنها مدينة من كوكب آخر.
ولكنها يا سادة أثبتت وبحق أنها مدينة أكبر من فخامتكم وسعادتكم ومعاليكم، حقاً إنها أكبر منكم جميعاً، فلا هي اننظرت منكم موقفا تعرف مسبقاً بأنكم لن تتخذوه، ولم تنتظر منكم زيارة أنتم أصغر من القيام بها، فكيف تقومون  بزيارة هذه المدينة المقدسة وقد تلوثت أيديكم بكل ما هو عار في تاريخ الوطن.
هي أكبر منكم يا سادة، يا من تاجرتم بكل ما ملكت أيمانكم من هذا الوطن، فما اختلفتم إلا على السلب والنهب وما اتفقتم إلا على المواطن، فأصبحتم بفسادكم الأعمى ورقة مكشوفة أمام الجميع. وبقيت الهرمل على حالها وكغيرها من المدن التي تحضن المقاومة وتقدم الدم والروح لأجل الوطن، وهو التاريخ بينها وبينكم، هو التاريخ الذي سيسجل في دفاتره يوماً ما وفي زمن ما، كيف كنتم عاراً على جبين هذا الوطن، وكيف كانت مدينة الهرمل تاجاً من الغار يلف هذا الوطن من مشرقه حتى مغربه ومن شماله الى جنوبه، هو التاريخ الذي يسجل الأفعال ولا يسجل الأمنيات، هو الذي سيدوّن في القريب القريب، إنكم استحقيتم عن جدارة لقب أصحاب التخاذل والهوان، واستحقت هي عن جدارة لقب مدينة الشهداء وعاصمة المقاومة…
إليكِ يا مدينة الشهداء سلام من الله أبدا …
وإليكِ يا عاصمة المقاومة، تحية الدماء التي ارتفعت من أجل الوطن كل الوطن…
إليكِ يا مدينة السلام ألف سلام وسلام حتى موعد النصر في ساحات الإنتصار…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.