مسيحيون و.. صهاينة!

yelina

موقع إنباء الإخباري ـ
يلينا نيدوغينا:

علامَ تدل صَيِحات المطران جبرائيل نداف، وهو أحد “أبرز” رجال الدين “المسيحيين” الأورثوذوكس العرب في إسرائيل كما تصفه صحافة الكيان، إلى انضمام  العرب المسيحيين الى قِوام الجيش الصهيوني، و.. “ضرورة وضع عقوبات على الشاب العربي المسيحي الرافض أداء “الخدمة العسكرية”.. وقد أثارت دعوته حالة كُبرى من الجَدل والغضب في غالبية الأوساط المسيحية في الكيان الاسرائيلي الصهيوني.

صِيحَات نداف تَدل على: أن الصهيونية الاسرائيلية، وقد تكون الدولية أيضاً، باتت نافذة في بعض الأوساط “المسيحية” وما هي بمسيحية؛ وبأن الدعوة الى دعم ومساندة كيان الاحتلال باتت دعوة علنية وصريحة ولا خجولة لدى قياديين مسيحيين في ظل الدولة الصهيونية؛ وبأن هؤلاء إنما يتكلمون بإسم العديد من زملائهم رجال الدين والعِلمانيين “المسيحيين” الذين بات لزاماً عليهم صهيونياً الخروج من بوتقة التأييد السري للصهيونية الى العَلن، التزاماً بمقررات ومنهاج ما يُسمّى بـ”الصهيونية المسيحية” الغربية وعملية التطبيع الرسمية والعلنية والاستثمارية والاقتصادية والتجارية والسيكولوجية والسوسيولوجية والواقعية الجارية بين عرب وعربان العالم العربي وبين اسرائيل، الساعية الى تفكيك “عُقدة” مناهضة التطبيع العربية معها؛ وفي الحقيقة التي لا تتوسل إلى برهانٍ ولا تَنحى إلى حُججٍ، أن اولئك الداعين الى التماهي مع اسرائيل والدفاع عنها يستهدفون مصائر القضية الفلسطينية والعرب والعالم العربي والمسيحية المشرقية والمسيح نفسه بالدرجة الاولى، بالجلدِ والصلبِ والسحلِ والتشويهِ واستعداءِ العالمين العربي والاسلامي عليها، ناهيك عن العالم كله.
لم نقرأ للآن أية بيانات من القيادات المسيحية المختلفة تُدين  الدعوة المتصهينة، التي يَتكائر ويتوالد عديد الداعين إليها والمدافعين عنها، وفي الاردن لم نلاحظ وجود أية استنكارات من القيادات الكنسية في هذا الشأن ولا من المؤسسات والمنظمات والهيئات التابعة للكنائس والدائرة في فلكها وعلى اختلافها، وكأن ما يجري إنما هو من شأن المريخيين والعُطَاردِيين وشعب كوكب الزهرة غير الشقيق.

بعد قيام دويلة اسرائيل، شرع بعض العرب الى الدفاع عنها ومنهم “بعض” عرب النقب وبعض تابعي الأقليات القومية والمذهبية، وهنا نتناول ظاهرة الإلحاقية بإسرائيل بصيغة التبعيض، وهي صيغة علمية وواقعية وموضوعية لئلا نظلم الشرفاء والمتحررين من قبضة الغازي ومخططاته. وفي دفاع العربان عن اسرائيل، قُتل “العديد” منهم في معارك اللاشرف واللابطولة العدوانية على لبنان وسوريا والاردن، لكنهم لم يَكسبوا مَكسباً صهيونياً واحداً لا هم في مماتهم، ولا عائلاتهم، لكونهم أغياراً في المفهوم الديني للموسوية الاسرائيلية “العصرية”، وفي الفكر الصهيوني، وهي نهاية حزينة لكل مَن يدعو الى خدمة المُحتل والاستقواء على شعبه بحِرابٍ أجنبية واستيطانية، قالعة لجذورنا وحضارتنا وثقافتنا.

وفي تواصل دعوة نداف قوىً تقف خلفه منافحة عنه، وطابور خامس يُشغِّلُ عناصره في الخفاء، ومشاركة نداف في “مؤتمر جماهيري حاشد” كما وصفته صحافة العدو بهدف تضخيم أهميته، هو بلا شك علامة إلحاقية فارقة وفاضحة لكل تلك العناصر. المؤتمر غير العتيد حضره كل من رئيس بلدية الناصرة العليا شمعون جسبو، ورئيس القطاع الاجتماعي والأمني في وزارة “الدفاع” حاييم بن عامي، قد خُصّصَ “لدعم” دخول العرب المسيحيين في “الجيش الإسرائيلي” وتشجيعهم على ذلك، باعتبارهم “جزءاً أصيلاً” من المجتمع الإسرائيلي، “يجب مشاركته في مختلف الأنشطة، سواء العسكرية أو السياسية لإسرائيل”. وفي المؤتمر وغيره من الأنشطة الحالية للعَمالة، تصوير المسيحيين كجزء أصيل حال خدمتهم للعدو، وهو ما يُحتّم مقاطعة رجال الدين العملاء، والدعوة الى منع كُهّان العدو من مزاولة الكهنوت داخل الكنائس، بأي شكل من الأشكال، وإعلان الحِرمان الكامل عليهم مِن قِبل جميع مؤسسات الطوائف، ومقاطعة أنشطتهم ودعوة الجميع إلى مقاطعة كل مِن يُشارك في تلكم المؤتمرات والفعاليات.
ما يجري في فلسطين وخارجها، وأخيراً تطبيع الكاردينال الراعي مع زمرة سعد حداد في شمال فلسطين المحتلة، يَشي بأن هناك توجهاً اسرائيلياً ودولياً لتوحيد صفوف المسيحيين العرب وراء الكيان، إنقاذاً لسمعته المتهاوية ودعماً ليهودية الدويلة، وتهميشاً لحقوق شعب فلسطين والأمة، ومن المُعيب ان يتوقف أبناء الطوائف المسيحية بسبب خمولهم وركودهم الفاضح عن التجمّع لمعارضة إلحاقيتهم بجيش الكيان ومحاولات تحويلهم الى خزّان نفسي ودفاعي وطعام لمدافع الصهيونية. وهنا، لا بد من التأكيد على حقيقة مهمة هي أن القيادات المسيحية التي تخشى على نفسها ولا تستنكر دعوات الالتحاق بجيش العدو، إنما تفقد شرعيتها المسيحية والوطنية، وسيسجل التاريخ إسماء جميعهم لتتم محاسبتهم آجلاً أم عاجلاً، ففي العمالة بيع للأوطان وتآمروا بأبخس الأثمان، بأقل من ثلاثين من الفضة التي باع بها يهوذا الإسخريوطي السيد المسيح للإحتلال الروماني، ويُباع السيد حالياً للإحتلال الصهيوني على يد بعض “أتباعه” أنفسهم، لمجرّد نيل حظوة دنيوية ما ومكانة ليس مصيرها سوى “غي هنوم” الأبدية في محرقة وادي بيت المقدس التاريخي..

*كاتبة اردنية روسية ورئيسة تحرير الملحق الروسي سابقاً.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.