مضاوي الرشيد في مقابلة مع “Newsweek”: آل سعود وآل خليفة تآمروا ضد ثورة البحرين

mdawi-rashid

قالت الأكاديمية السعودية مضاوي الرشيد بأن النظام السعودي يمارس حاليا موقفا دفاعيا، وذلك بعد مجيء الملك سلمان إلى العرش.

وفي حوار مع مجلة نيوزويك الأمريكيّة، 26 فبراير، قالت الرشيد بأن سلمان “هو رجل محافظ جدا”، ولكنه يعمل على تسويق نفسه على أنه “ملك مستنير”.

سلمان، بحسب الرشيد، ليس على علاقة وثيقة مع المؤسسة الدينية الوهابية، وذلك لأنها تقع تحت سيطرة وزارة الداخلية.

وقد اختار سلمان رجلا محافظا ليكون مستشاره الشخصي، وهو سعد الشثري.

وتطرقت الرشيد إلى الانتهاكات الحقوقية في السعودية، واعتقال النشطاء والدافعين عن حقوق الإنسان، وأكدت الرشيد بأن الرياض تمارس انتهاكا متواصلا للمعاهدات الدولية، بما فيها تلك التي وقّعت عليها.

الرشيد قالت بأن السعودية تشعر بأنها مُحاطة ب”القوى المعادية” لها، وأشارت إلى أن هذا الواقع هو نتيجة لسياستها الخارجية الفاشلة في السنوات الأربع، ومنذ انطلاق الثورات العربية.

وأوضحت بأن الرياض كانت تشعر بتهديد من التحركات الشعبية المطالبة بالتغيير الديمقراطي، وقد اتخذت السعودية على عاتقها “أن تتصرف باعتبارها قوة مضادة للثورة”، وقالت الرشيد بأن السعودية تستخدم ثروتها النفطية لضمان الإبقاء على الوضع الراهن في العالم العربي.

وتوقفت الرشيد عند المشهد المصري بعد عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، وتخصيص الرياض أكثر من 20 مليار دولار لضمان “إحباط الثورة” هناك، وقالت بأن “الدكتاتورية العسكرية” في القاهرة ساعدتها على ذلك، والذي أدى إلى عزل نسبة كبيرة من السكان.

كذلك تطرقت الرشيد إلى الدور السعودي في البحرين، حيث استخدم آل سعود كلّ الطرق الدبلوماسية، والقوات العسكرية البرية لإجهاض الثورة البحرانية، ولمنع “ظهور نظام ملكي دستوري” هناك، كما قالت.

وتقول الرشيد بأن السعودية استخدمت الاتهام بالطائفية في حربها على الثورات، مشيرة إلى تظاهرات الشعية في المنطقة الشرقية عام 2011م، حيث دانت الحكومة السعودية على الفور تلك الاحتجاجات، واتهمتها ب”الطائفية” و”دعم إيران لها”. وهو ما حدث في البحرين أيضاً، بحسب الرشيد، التي أكدت بأن الاحتجاجات في المنامة كانت تجمع كلا من السنة والشيعة، إلا أن الحكومة الخليفية والسعودية تآمرتا على الثورة، وعملتا على تصويرها على أنه مرتهنة لإيران.

تقول الرشيد بأن ذلك كان تكتيكاً من تكتيكات “الثورة المضادة”، وذلك “من أجل تشويه سمعة الثورة، وجعلها أقل جاذبية للناس”.

وبشأن تأثير انخفاض أسعار النفط على السعودية، قالت الرشيد بأن ذلك لن يؤثر على السعودية في المستقبل القريب، وذلك لأن لديها أكثر من 750 مليار دولار من الاحتياطات، إلا أنها قالت بأنه على المدى الطويل، فإن الانخفاض سيؤثر بالتأكيد على قدرتها في التأثير على النزاعات خارج البلاد، إضافة إلى دعم الاستهلاك المحلي.

 

 

مجلة نيوز ويك:

تولى الملك سلمان السلطة في المملكة العربية السعودية في الأول من يناير 23. ما هو انطباعك عن موقفه تجاه حقوق الإنسان والإصلاح؟

الرشيد: الملك سلمان، الذي شغل منصب حاكم الرياض لأكثر من أربعة عقود، هو في الواقع رجل محافظ جدا. لكنه بنى امبراطورية اعلامية حين كان حاكما وهو يقدم نفسه الآن كمؤيد للطبقة المثقة والمثقفين . هو يحاول ان يظهر نفسه بأنه أمير مستنير.

صحيح أنه لم يكن قريبا ابدا من المؤسسة الدينية، لانها ببساطة  تقع تحت سيطرة وزارة الداخلية التي كان يسيطر عليها شقيقه. منذ أصبح سلمان ملكاً وتأكد من  ان أبناءه اصبحوا في مواقع السيطرة والقوة بالسلطة، قام باختيار رجل دين محافظ جدا، سعد الشثري، ليكون مستشاره الشخصي.

ماالذي جعل الملك يفعل ذلك؟؟ أعتقد أن الملك يريد الاحتياط اكثر وكسب المزيد من الرهانات له، لاسترضاء الجماعات الدينية، مع الاستمرار في أن ينظر إليه باعتباره راعي ما يسمى بالقطاع الليبرالي في المملكة العربية السعودية.

كيف تعتقد أن الملك تعامل مع قضية المدون رائف بدوي، الذي حكم عليه بالسجن والجلد 1000 جلدة لانتقادات وجهها  لرجال الدين؟ هل سيدعم الحكم؟
حسنا، الملك الجديد لم يعف عنه. وقد تم تعليق الجلد الإسبوعي فقط ، لكننا لا نعرف ماذا سيحدث بعد ذلك. من الواضح أن العقوبة التي أعطيت له هي مفرطة بشكل رهيب، لأنه لم يفعل شيئا خاطئا.  كل ما فعله هو انتقاد رجال الدين . و يجب اطلاق سراحه فورا.

لكن من غير العدل حقا التركيز على قضيته وحده عندما تكون السجون السعودية مليئة بسجناء الرأي. لقد عملت على مئات من حالات المعتقلين وفيها من المحامين وأساتذة الجامعات والناشطين الشباب، وغيرهم، الذين كانت جرائمهم الوحيدة  التحدث مع وسائل الإعلام الأجنبية، أو قراءة الكتب المحظورة (بما في ذلك كتبي)، وبالتالي “تشويه” سمعة المملكة في المجتمع الدولي.

والقائمة تطول وتطول. تجريم هذه الأنشطة هو انتهاك مباشر للمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك تلك المعاهدات  التي وقعت عليها المملكة العربية السعودية.

كُنت قد كتبت أن المملكة اليوم تجد نفسها “محاصرة” من قبل الدول المجاورة المعادية. كيف حدث ذلك؟

تطويق المملكة العربية السعودية من قبل قوات معادية هو نتيجة لفشل سياستها الخارجية في السنوات الأربع الماضية منذ بدء الانتفاضات العربية. لأنها شعرت بالتهديد من قبل الجماهير العربية الذين كانوا يطالبون بالتغيير الديمقراطي، فاتخذت المملكة على عاتقها أن تتصرف كقوة مضادة للثورات. وهي تستخدم ثروتها النفطية الفائضة لضمان أن يعود العالم العربي إلى وضعه السابق.

بعد وصول جماعة الإخوان مسلم إلى السلطة في مصر [في يونيو حزيران 2012]، وضخ المملكة العربية السعودية أكثر من 20 مليار دولار في مصر لضمان إحباط الثورة. ساعدوا تثبيت ما هو في الواقع دكتاتورية عسكرية والتي أدت إلى نفور نسبة كبيرة من السكان.

في البحرين، استخدموا الدبلوماسية والقوات البرية لقمع الثورة  هناك، من أجل منع ظهور نظام ملكي دستوري. في كلتا الحالتين، قد لاتكون الحكومة هناك معادية إلى المملكة العربية السعودية ولكنها استعدت الكثير من الناس.

الانتفاضات العربية لم تبدأ بشكل  صراعات الطائفية. ولكن بعد ذلك  أصبحت جزء كبير منها هو خلاف وصدام بين السنة والشيعة، أو بين القوات العسكرية العلمانية والجماعات الدينية مثل جماعة الإخوان المسلمين. فكيف ساعدت المملكة العربية السعودية في تحفيز هذا التحول؟

سار الناس إلى الساحات قبل أربع سنوات لأسباب اقتصادية على الاغلب كبطالة الشباب ، وانعدام فرص العمل، ونحو ذلك وتفاقمت هذه المظالم عندما قوبلت بوحشية قمعية من الشرطة والامن ، فأغلقت ابواب النقاش وحظرت العديد من الأنشطة وليس هناك نظام قضائي فعال بالنسبة لهم يلجأون  إليه. في ذلك الوقت، وكان تظاهر الناس ليس للشريعة. انما كانوا يريدون الكرامة والازدهار والعدالة.

ولكن الحكومة السعودية كانت تصف جميع الثورات التي لاتروق لها بثورات طائفية بغض النظر عن مدى علمانية هذه الثورات. وهذا ما حدث في المملكة نفسها، عندما بدأ الشيعة يتظاهرون من أجل اطلاق سراح  السجناء في العام 2011 وعلى الفور أدانت الحكومة تلك الاحتجاجات ووصفتها بالطائفية وانها بإيعاز ورعاية ايرانية.

حدث الشيء نفسه في البحرين. في البداية تم تنظيم الممظاهرات من قبل الجماعات التي شملت كلا من الشيعة والسنة. لكن الحكومتين البحرينية والسعودية تآمرتا لتصوير الانتفاضة على انها برعاية ايرانية.

من وجهة نظري، كان هذا تكتيكا مضادا للثورة، من أجل تشويه سمعتها وجعلها أقل جاذبية لبقية السكان. ولكن مع هذا التكتيك أصبحت بعض القوى أكثر قوة كجماعة الاخوان المسلمين والسلفيين، وغيرها من الجماعات التي كانت ترتكز على الدين. واستغلت هذه الجماعات الانتفاضات كفرصة لتنفيذ أجندتهم الخاصة.
هل انهيار أسعار النفط على مدى الأشهر القليلة الماضية يؤثر على قدرة المملكة على التأثير على الأحداث في المنطقة؟

إن الانخفاض في أسعار النفط لن يؤثر على المملكة العربية السعودية في المستقبل القريب، وذلك ببساطة لأن لديها أكثر من 750 مليار دولار في الاحتياطيات. ولكن في المدى الطويل، وسوف يؤثر بالتأكيد على قدرتها في التأثير على النزاعات الخارجية ، و سيؤثر أيضا في دعم الاستهلاك المحلي.

يجب أن نعرف أيضا، مع ذلك، أن المملكة العربية السعودية قد أعلنت أنها سوف تبقي مستويات إنتاجها من النفط مرتفعة، وهذا أغضب منتجي النفط الصغار، والذين يريدون خفضا في الإنتاج لرفع الأسعار. حتى الآن، لا تزال الإيرادات تتدفق على الرغم من أن الأسعار أقل كثيرا. ولكن في المستقبل، لا يمكن لأحد أن يتوقع ما الذي سيحدث.

مضاوي الرشيد مدرسة الأنثروبولوجيا الاجتماعية في جامعة لندن للاقتصاد، وهي زميل في المجتمع المفتوح.  ومؤلفة كتب : الجنس والسياسة والدين في المملكة العربية السعودية، واثنين من الكتب الأخرى. في هذه المقالة التي ظهرت للمرة الأولى على موقع المجتمع المفتوح، أجابت على أسئلة حول التطورات الأخيرة في بلدها الأصلي والمنطقة المحيطة بها.

النص الأصلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.