مقابلة سماحة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عبر قناة “الميادين” الفضائية ضمن برنامج “تموز الحكاية” مساء الاربعاء 14 آب 2013 (كاملة)

أمين عام حزب الله

مقدمة الأستاذ غسان بن جدو:

حين وضعت الحرب أوزارها في مثل هذا اليوم من عام ألفين وستة، كان الحسبان، ونحن أمام مشهد عربي انساني كبير بختم لبنان الكبير وتوقيع رجل لبناني كبير بحبر مقاومة كبيرة وبين جمهور وطني كبيرلشعب عربي تاريخي كبير ،، كان الحسبان أننا مقبلون على عهد كبير ينطلق من نصر تموز الكبير لينحت أفقا سياسيا واستراتيجيا مختلفا ،ويحفر في السلوك قبل الذاكرة ثقافة العنفوان بدل ثقافة الانبطاح..كان في الحسبان بحق أيها السادة..لم يكن في الحسبان أن الخذلان في زمن العدوان وقتذاك، يمكن أن يستمر في عنجهيته الذليلة، ليحول النصر على العدوان، عدوانا على النصر، ويحول المنتصر مهزوما.. ويا ليته اكتفى بتبخيس الانتصار، وترك صاحبه وشأنه، بل نغص عليه وعلى أهل المعاناة ما شعروا به فرحا ونصرا، أولئك الذين افترشوا السماء في العراء، رافضين تسول الهواء قبل التراب، ناهيك عن فتات أصحاب الاغاثة الملوثة بطعم الغدر..في عز الحرب أيها السادة..قصف وتدمير وقتل..كان تموز يكتب تاريخا مغايرا..صمودا ومواجهة ودحرا..في عز الحرب أيها السادة.. بانت رداءة عربية محيرة في خيبتها، حتى وإن تدثرت بعباءة العقلانية والحكمة والمسؤولية..في عز الحرب أيها السادة.. أبت عباءة تموز المقاومة الا أن تحمي الشعب و المقاتلين بعقلانية التخطيط وحكمة السياسة ومسؤولية الخطاب..في عز الحرب أيها السادة… رداءة عربية ومحلية محيرة في جبنها…تخذيل وتهويل وتهديد.. في عز الحرب.. أبى صاحب الحكاية انحناء لغير الله ايمانا وعملا وقتالا بتواضع الهامة وبأدب الرد على الطعن وأهله ومازالوا..في عز الحرب اكتفى بالقول..اتركونا وشأننا..لا نريد دعما ولا سلاحا ولا قتالا ولا امدادا أو مددا..فقط اتركونا وشأنننا… قالها بعامية شعبية بسيطة..حلوا عنا..فقط حلوا عنا.. بس ما حلوا عنك يا سيد..لا حلوا عنك خلال الحرب..ولا حلوا عنك وأنت في الضاحية تقود المعركة في غرفة عمليات تحت القصف وبين جواسيس العمالة،، بكل أنواعها ولا نستثني أحدا.. ما حلوا عنك يا سيد في السياسة ولا الدبلوماسية ولا الاعلام ولا التحريض المذهبي ..ما حلوا عنك يا سيد خلال الحرب ولا بعد الحرب..ما حلوا عنك يا سيد في جامعة الدول العربية ولا في الامم المتحدة ولا في مساجد يفترض أنها لذكر الله ولا حتى في مؤسسات دولة وسلطة في بعض بلدك…ما حلوا عنك يا سيد وأهلك المكافحون الصابرون المرابطون في أماكن نزوح وتهجير يرددون فدا إجر المقاومة وسيدها وفرضوا الانتصار بعودة فورية جبارة ما أرادها أبدا من خذلوك في الداخل والخارج..ما حلوا عنك يا سيد حتى وأنت تقدم نصر تموز للبنان كله وشعبه والعرب والجماهير التي لم تخذل المقاومة رغما عن جبروت الصغار أصحاب مهزلة المغامرات غير المحسوبة…ما حلوا عنك يا سيد حتى وأنت تقول لهم: طيب اعتبرونا منهزمين،بس حلوا عنا،، واتركوا فقط أهلنا يفرحون بأعشابهم وحصاهم وترابهم.. ما حلوا عنك يا سيد، لأنهم يرون في العشب اكتفاء ذاتيا بعزة،، وفي الحصاة مقلاعا لمقاومة من الحجارة الى ذاك ما بعد ما بعد حيفا،، ويرون في التراب قاعدة لتحرير الأرض والمقدسات،، تحرير ممنوع..ما حلوا عنك يا سيد وأنت تقول قبلتي القدس،، لأن هذه القبلة بالذات ممنوعة… ما حلوا عنك،، بس للأمانة، أنت أيضا ما حليت عنهم يا سيد..نقصد هنا اسرائيل تحديدا…هذه هو ما بعد حرب تموز…هو صاحب الحكاية ورمزها..والواقع يا سيد، أن أهلك الأحرار ما حلوا عنك وما بحلوا عنك محبة وأمانا والأهم ثقة وصدقا…

 

بن جدو: نحن في الرابع عشر من آب 2013. في مثل هذا اليوم قبل سنوات شكل صمود تموز انتصارا كبيرا للبنان وأهله ونحن الآن في هذه الحلقة الاخيرة بعد ثلاثة وثلاثين حلقة تمت فيها رواية بسيطة جزئية لما حصل في ذلك العدوان، “ما حلو عنك يا سيد” لماذا؟

السيد نصرالله: بسم الله الرحمن الرحيم،

أولا أجد من واجبي وبالنيابة عن كل اخواني المقاومين ان اتوجه الى شخصكم الكريم والى الفريق الذي أعانكم وساعدكم لاعداد هذه الحلقات والى كل العاملين والعاملات في قناة الميادين على هذا البرنامج، يعني حكاية تموز أو تموز الحكاية، لانه في الحقيقة كان محاولة موفقة جداً لإحياء هذه الاسطورة وهذه الملحمة وهذه الانجازات العظيمة وهذه الوقفات البطولية والتي أريد لها وهي تحصل يعني على الارض أن تدفن وأن تنسى وأن تغيب ، أولا لا بد من هذا الشكر  مشكورين.

الطبيعي “ما حلو عنا” ولن “يحلّوا” عنا طالما ان هذه المقاومة ملتزمة بالقضية المركزية للأمة وطالما ان هذه المقاومة ملتزمة بحماية لبنان والدفاع عن سيادته ودعم مقدرات لبنان. المشكلة الحقيقية لأميركا والغرب وحتى الجزء الكبير من النظام الرسمي العربي الذي يريد تصفية القضية الفلسطينية معنا بالتحديد هي اننا مقاومة، المشكل ليس مشكلاً داخلياً ، الداخل يستخدم كوسيلة للاستهداف، المشكلة الحقيقية هي هذه ، ولذلك أنا أذكر قبل عام 2000 وبعد عام 2000 وبعد 2006 دائما كان يعرض علينا: فليبقَ السلاح معكم ونعطيكم الاموال ونفتح امامكم ابواب الدنيا ولكن قدموا لنا التزاماً ولو ضمنيا، لا نريد ان نحرجكم بالعلن، انه في هذا الموضوع الاسرائيلي وقضية فلسطين ومواجهة الاطماع الاسرائيلية، أنتم خارج هذا الموضوع،

بن جدو: من عفوا؟

السيد نصرالله: الأميركيون بالواسطة والانكليز مباشرة عبر سفرائهم في بيروت والفرنسييين مباشرة وبالواسطة، الكثير من الجهات التي كانت تعرض، طبعا الاميركان لانه ما كان اتصال مباشر معهم، هذا عهد بعد 2000 انا ذكرت يمكن معكم في واحدة من المقابلات أن ديك تشيني أرسل شخصاً أميركياً يحمل الجنسية الاميركية وهو لبناني الأصل وطلب لقائي على أساس انه صحفي، ثم تبين أنه يحمل رسالة من ديك تشيني وهو بعد عام 2000 بالتحديد بعد احداث 11 ايلول وقدم عرضاً طويلاً عريضاً،

نعطيكم مليارات الدولارات، نشطبكم عن لائحة الإرهاب، نسمح لكم بالدخول في الحكومة ـ يعني كان علينا “فيتو” من زمان ـ نفتح أمامكم الدنيا بالخروج الى اي بلد وتقيمون علاقات دولية، ويُعترف بكم دوليا، ويبقى معكم سلاحكم ونطلق أسراكم الذين ما زالوا في السجون الاسرائيلية، كان وقتها ما زال الشيخ عبد الكريم عبيد والحاج ابو علي الديراني والكثير من الشباب ما زالوا في السجون ويبقى السلاح، بشرط أن تبقى أنت العبد الفقير (أي السيد نصر الله) التزاماً لا نريده علنياً ولا خطياً، التزاماً شفهياً في غرفة مغلقة وكل هذا نقدمه اليكم. نحن رفضنا، نحن لا نستطيع أن نقدم، لا للأميركيين ولا للغرب ولا لأحد في العالم، ولأن ما قيمة هذا السلاح إذا لم يكن في خدمة قضية الدفاع عن البلد؟

بن جدو: رفضتم مباشرة أو رفضتم بعد استشارة وتشاور؟

السيد نصرالله: لا لا مباشرة، يعني هو قال ـ هذا الشخص ـ أنا أعرف أن لديكم مجلس شورى وهيئة قيادة جماعية، ألا تريد أن تسأل اخوانك في الحد الادنى ؟

بن جدو: حلفاؤك في الخارج كذلك، ألم يذكر هذه النقطة؟

السيد نصرالله: لا لا لم يذكر ، هو ذكر عندما انا اعطيت جواباً قاطعاً بشكل مباشر هو قال: طيب ألا تريد أن تراجع إخوانك، تسألهم، تستشيرهم؟ انا قلت له هذا الموضوع أساسا هو روح حزب الله، هو ماهية حزب الله، هو اصالة حزب الله، ليس من الامور التي نناقش فيها. نحن عندما اخترنا هذا الطريق في سنة 1982 أجمعنا على هذا وواصلنا هذا الدرب وقدمنا في هذا الطريق خيرة الشهداء وتضحيات جسيمة من شعبنا اللبناني، من أهلنا، من إخواننا، من أخواتنا، وبالتالي هذا الموضوع ليس قابلا للنقاش.

محاولات كثيرة، يعني انا لا اريد ان نستهلك الوقت كله، لكن انا أؤكد لك في البداية ان

المشكلة الحقيقية معنا هي اننا مقاومة ومصرون ان نبقى مقاومة. الآن اذا انا أفتح خطا مع الاوروبيين أو غير مباشر مع الاميركيين واقول لهم نحن جاهزون، نحن نقدم التزاما: “ما عندنا شغل باسرائيل، تعمل التي بدها اياه”  نحن خارج هذه المعادلة، حينئذ ستتغير كل الامور ولن يطلبوا نزع سلاحنا في ذلك الوقت، بالعكس هم يريدون ان تمتلك كل البلدان العربية السلاح من أجل القتال الداخلي. هم ليس لديهم مشكلة بأصل وجود السلاح، هم لهم مشكلة بوجهة السلاح، وسنحصل على امتيازات سياسية ودنيوية هائلة وسوف يعرف الآخرون في الداخل اللبناني حجمهم عند أسيادهم هؤلاء ولكن بالنسبة لنا هذه قضية ايمان والتزام ومبدأ.

بن جدو: لكن بالمقابل سماحة السيد “ما حلّيت عنهم” وانا اتحدث بشكل أساسي عن اسرائيل، وحتى لا اذهب بعيدا واتحدث هكذا في قضايا قديمة، لا حتى هذه اللحظة، يعني يفترض انتهت حرب تموز، نحن الآن في وضع جديد ومع ذلك قبل أيام حصلت عملية هنا في اللبونة وحتى الآن نحن لا نعرف ما جرى ، ما الذي جرى سماحة السيد؟

السيد نصرالله:  أنا سأقول لك ما جرى، هو طبعا الاسرائيلي حاول ان يخفف الموضوع وبعض اللبنانيين حاولوا ان يخففوا الموضوع وان ما حصل هو ان هناك مجموعة اسرائيلية عسكرية كانت تخترق الاراضي اللبنانية وانفجر فيها كما يقولون بالصدفة لغم قديم، من المضحك ان البعض اعتبر ان اللغم من مخلفات 1948. لماذا؟ لا أعرف، مع ان الاسرائيليين كانوا لسنة 2000 موجودين في هذه المنطقة ، بكل الاحوال انا اريد ان اقول لك بصراحة ان ما جرى باللبونة اولا هو خرق اسرائيلي واضح ودخلت مجموعتان اسرائيليتان، المجموعة الاولى كانت ذات مهمة معينة دخلت داخل الاراضي اللبنانية، والمجموعة الثانية أيضا دخلت داخل الاراضي ولكن بقيت في نقطة تأمين حتى تكمل المجموعة الاولى مشوارها وتعود. هذه المنطقة بالتحديد يعني منطقة العملية كانت تحت مرأى المجاهدين في المقاومة الاسلامية سابقا، وبوسائل متعددة تم التأكد وكان لدينا معلومات مسبقة ان الاسرائيليين سيمرون من المنطقة طبعا، هي منطقة صعبة فيها اشجار كثيفة وفيها صخور وجبال ووديان وتلال والى آخره، فتم زرع عبوات هناك وعندما جاؤوا هم ـ وهم جاؤوا في ليلة مظلمة شديدة الظلام ـ تم تفجير العبوات، وهي أولا عبوات جديدة وضعت قبل مدة وليس لغماً من مخلفات الجيش الاسرائيلي وفجرت اولا العبوة الاولى في مجموعة القوة الخاصة كانت من غولاني، عندما تدخلت مجموعة التأمين أيضا تم تفجير العبوة الثانية، وكانت العبوات مسيطراً عليها وسقطت اصابات، وحقيقة أنه يوجد قتلى أو لا يوجد قتلى هذا سيتبين لاحقا، لان الاسرائيليين تكتموا بشدة على مصير هؤلاء، وإن كنت اعتقد انه قد لا يكون هناك قتلى، لانه قلت لك إن المنطقة فيها اشجار كثيفة وصخور كثيرة وهذا قد يحمي الجنود ولكن كان هناك عدد من الاصابات.

فالعملية التي حصلت هي عملية متقنة مسيطر عليها ومقصودة ولم تكن بالصدفة ولم تكن لغما ارضيا من مخلفات العدوان الاسرائيلي.

بن جدو:هذا ما تفضلتم به الآن، أولا مجموعتان المجموعة الأولى ما هي مهمتها وثانياً انتم الآن تكشفون لنا انه كان لديكم معلومات مسبقة عما حصل، غير انهم لم ينجحوا، هنا يبدو انه كان لديكم معلومات، الله أعلم من أين هذه المعلومات، والأساس هو القرار. انتم الآن تعرفون ما هي مهمتهم، كم عددهم، لا أعرف كم عددهم سماحة السيد؟

السيد نصرالله: أنا لا أود الدخول بالعدد بشكل دقيق، لأنه بالنهاية الدنيا كانت ليل، لكن العدد من حيث المجموع لا يقل عن 12 أو 13 بالمجموع.

بن جدو: مجموعة قوات خاصة غولاني؟

السيد نصرالله: غولاني نعم.

بنجدو: والمجموعة ما هي مهمتها، هل هي أول مرة تدخل تلك المنطقة؟

السيد نصرالله: أنا عادة لا أقول كل شيء، أخبئ شيئاً، حتى أيضاً الإسرائيليين الآن الذين تم ـ كما العادة ـ إخفاء الحقائق عنهم، أنا أريد أن أترك أموراً للوقت، مثلا على سبيل المثال ما هي مهمة هذه المجموعة، ما هي النقطة التي ذهبت إليها وعادت منها، هل التفجير الذي حصل أثناء الذهاب أو أثناء الإياب، هذه نتركها للوقت، لنترك الإسرائيلي يجلس ويدقق ويعرف، هم طبعاً يعرفون ما حدث معهم بالتأكيد داخل قيادة جيش العدو الإسرائيلي، لكن هذه الأسئلة، إلى أين ذهبوا بالتحديد؟ التفجير، الإستهداف، حصل أثناء الذهاب أو أثناء الأياب، نترك هذا للعدو.

بنجدو: عمليتهم هي عملية عملانية أم عملية استكشاف وتجسس؟ ما هي مهمتهم؟

السيد نصرالله: سنخبئ المهمة حالياً، هم دخلوا..

بنجدو: لا تعطنا التفاصيل، هل هي عملية عملانية أو تجسس، فقط إستطلاع؟

السيد نصرالله: لا، هم دخلوا عسكر. الآن، هل هم دخلوا يستطلعون هدفاً أو يستطلعون المنطقة أو ليزرعوا عبوة أو ليحضروا لعبوة أو ليضعوا جهاز تنصت على خطوط إتصال معينة، هذا نتركه للمستقبل، أو استهداف هدف لوجستي معين، هذا نتركه للمستقبل.

بنجدو: وهذا ليس هو أول خرق لهم؟

السيد نصرالله: لا، ليس أول خرق، أستطيع أن أقول لك، حتى اللبنانيين، حتى اليونيفيل، هم يتحدثون عن خروقات متعددة، لكن كخرق بهذا العمق وبهذه الدقة قد يكون هو الأول الذي نحن عملنا على التخطيط لإستهدافه.

بنجدو: سماحة السيد، إستهدافكم لهم هذا يعني قرار بقطع النظر عن الأمور اللوجستية، لكنه قرار، أنتم قررتم الآن أن تستهدفوهم، على أي قاعدة بنيتم هذا القرار؟

السيد نصرالله: نحن من 14 آب 2006 هذه الحدود هي بعهدة الجيش اللبناني  واليونيفيل والدولة والإسرائيليون خلال كل هذه السنوات كانوا يخترقون الحدود، ونحن كنا نبتعد في تلك المرحلة رغم اننا كنا نعلم، وكان دائما يعالج الموضوع (على أساس أن) الجيش اللبناني يتصل باليونيفيل التي تتصل بالإسرائيلي، تم تسجيل هنا خرق إسرائيلي هنا دخلوا 50 متر هناك 100 متر وهنا 40 متر، وتعرف الجدل الذي كان يحدث، خط ازرق والحدود الدولية، وتجاوزوا الخط التقني “هذه السوالف”.

طبعاً، في بعض المناطق كمنطقة مزارع شبعا داخل الأراضي اللبنانية المحررة، هم دائما يخترقون هناك، ليس لدينا تواجد مباشر، ويأخذون مزارعين ورعاة أغنام، ولاحقاً تحصل اتصالات، طبعاً هذا مهين لو في أحد في لبنان يسأل عن السيادة لكانت هذه الخروقات لا تطاق ولا تحتمل. طبعا من المضحك بعد 65 سنة من التجربة مع الإسرائيلي، التجربة العربية على كل الجبهات وفي كل البلدان يخرج في لبنان من يطالب الأمم المتحدة بردع إسرائيل عن خرق الأراضي اللبنانية والحدود اللبنانية.

لكن في الآونة الأخيرة بدأنا نطلع، نشعر، نعلم في اكثر من نقطة على الحدود بخروقات ذات طابع عملياتي وتحضير لعمليات تستهدف المقاومة وقد تستهدف كوادر في المقاومة وقد تستهدف الناس. هذا أمر نحن لا نستطيع أن نسكت عنه، ولذلك هذه لن تكون العملية الأخيرة، أقول قد تكون هي الأولى في هذا الوضع الجديد المستجد. أنا اريد ان اقول الليلة في 14 آب 2013 نحن لن نتسامح مع الخروقات الإسرائيلية البرية لارضنا. (الخروقات) الجوية بحثآخر، هذه سماء ليس لها سيادة وليس لها كرامة، لا يوجد دولة في العالم تقبل بما يحدث في سمائنا لكن على الأرض ما لا يدرك كله لا يترك جله. على الأرض حيث نعلم، لا أود تقديم التزام قاطع، اقول من البحر إلى جبل الشيخ لا اود تقديم التزام قاطع من هذا النوع، بالأصل هذه مسؤولية الدولة ومسؤولية الجيش اللبناني، لكن حيث نستطيع وحيث نعلم في اي مكان نشعر فيه ان الإسرائيليين دخلوا إلى الأراضي اللبنانية نحن سنواجه هذا الأمر، طبعا بالطريقة المناسبة، بالعملية الناجحة المتقنة المخططة، الأقدام التي سوف تدخل إلى ارضنا عندما نعلم بها سنقطعها ان شاء الله، نحن لن نقبل بهذه الخروقات البرية التي تحصل بين الحين والآخر وهذا حقنا لأنني الآن أعرف بعد هذا الكلام طبعا كل الذين سكتوا على الخرق الإسرائيلي في اللبونة في الداخل اللبناني سيتحدثون وانا قصدا اود ان يتحدثوا.

بنجدو: سنأتي لصمتهم سماحة السيد..

السيد نصرالله: اقول هذا حقنا، حتى ال1701 لم ينزع حق المقاومة عن اي شعب ولا عن الشعب اللبناني ولا عن اهل القرى الجنوبية إذا دخل الإسرائيليون إلى الأرض اللبنانية، لا يوجد اي قرار ولا يوجد اي نص يقول هذا ليس من حقنا.

بنجدو: عفوا لماذا ركزت سماحة السيد على قضية القرار، لأن هذا مهم جدا، ربما تكتشف، ربما ترصد، ربما تراقب، ربما تقوم حتى بشيء ولا تقوله، وتوجه رسائل بشكل غير مباشر لإسرائيل ولكن إن المقاومة في هذه اللحظة تقرر بانها تواجه وبهذه القوة والآن تؤكد لنا اكثر من ذلك ليس فقط الآن تعلن انك ستواجهون اي إختراق؟

السيد نصرالله: بكل صراحة اي مكان يدخل إليه الإسرائيليون داخل الأراضي اللبنانية ونعلم به سنواجههم، لن نسمح للإسرائيليين ان يدخلوا داخل الأراضي اللبنانية.

بنجدو:على اي قاعدة سماحة السيد إتخذتم هذا القرار بعد كل هذه السنوات من تطبيق القرار 1701؟

السيد نصرالله:لأنه لم يفعل احد شيئاً، الإسرائيليون يدخلون ويخرجون ويخطفون ويأسرون ويزرعون العبوات ويزرعون اجهزة التنصت وليس هناك من يمنعهم.

بنجدو: من يفترض ان يمنعهم، اليونيفيل، ام الجيش أم كلاهما؟

السيد نصرالله: كلاهما بالدرجة الأولى هي مسؤولية الدولة طبعا انا لا اقول الجيش مقصر اقول هذه إمكاناته.

بنجدو: واليونيفيل مقصرة او تغض الطرف؟

السيد نصرالله: اليونيفيل تغض الأطراف.

بنجدو: سماحة السيد ماذا تفسر صمت الحكومة اللبنانية، الدولة اللبنانية، الطبقة السياسية اللبنانية غير الحكومة المستقيلة الطبقة السياسية اللبنانية صمتت على ما حصل؟

السيد نصرالله: بالنسبة لي هذا ليس مستغربا. انا اقول لك قبل حرب تموز، قبل العام 2000، الآن من الممكن أن يناقشك أحد “والله الآن محرزة إذا دخلوا الآن 18 جندي 12 جندي 15 جندي دخلوا على اللبونا او دخلوا على مزارع شبعا حتى على الأراضي التي هي خارج النزاع”، “شو حل القصة؟ شو  هل الحكاية يا اخي” كان الشريط الحدودي كله محتل من العام 85 وحتى العام 2000 كان هناك شريط حدودي، هناك عدد كبير من المدن والقرى والبلدات، وهناك تنوع طائفي في الشريط الحدودي، أين كان هؤلاء، ما هي حساسيتهم الوطنية إذا بموضوع سيادة، هناك ارض لبنانية محتلة، إذا بموضوع سيادة هناك ارض لبنانية محتلة، إذا موضوع مشاعر تجاه شعب كان هناك شعب تحت الإحتلال، وان كان الموضوع طائفياً كان هناك من كل الطوائف ناس تحت الإحتلال. هم كانوا خارج السياق، خارج الموضوع، وانا دائما عندما اقول المشكلة عندنا في لبنان ان هناك قوى سياسية في لبنان لا تعتبر إسرائيل عدوا، يا اخي هذا كله إذا خرج احد هذا نفاق هناك في لبنان من لا يعتبر إسرائيل عدوا اساسا ولا يتصرف معها على اساس العدو.

ولذلك هذا الخرق، لو فرضنا الآن أن ثمانية جنود او عشرة جنود سوريين دخلوا داخل الأراضي اللبنانية كنت رأيت ما هو الموقف، انهم يتعاطون مع سورية انها عدو، اما اسرائيل تدخل وتخرج لا مشكلة. القصة هذه خلفيتها، الموضوع ليس له علاقة بالمناكفات اليومية السياسية في لبنان، له علاقة بأصل الموقف هل اسرائيل عدو، هل ما تقوم به اسرائيل من الممكن في الغد ان يخرج احد ويقول انه من حق الإسرائيلي أن يدخل ويحتاط ويخرق لأنه هناك من يعد لعمل ما ضد اسرائيل، من الممكن أن تجد من يبرر لاسرائيل وهذا كنا نسمعه في التسعينات والثمانينيات، والقوم هم القوم لم يتغيروا.

بنجدو: انا لا اريد الآن ان نحدد سويا من لا يعتبر إسرائيل عدوا ولكن بالتأكيد نستطيع أن نذكر بعض الأشخاص، بعض المسؤولين، بعض الفئات التي لا يعرف عن تاريخها بانها لا تعتبر اسرائيل عدوا، صمت رئاسة الجمهورية على سبيل المثال، صمت الحكومة؟

السيد نصرالله:الآن لا يوجد حكومة، رئيس الجمهورية الذي عرفت به طلب من وزير الخارجية ان تُرسل شكوى إلى مجلس الأمن، طلب التوسع بالتحقيق واليوم يبدو ارسلوا شكوى.

دعني اقول لك هذا موقف مِن مَن صدر، هذا موقف ضعيف، انتم تقولون دولة ودائما عندما نذهب لنقاش الإستراتيجية الدفاعية هنا النقاش ان هناك جدية وعن جد الحدود والأرض والناس وكرامات الناس ودماء الناس وأمن الناس في المنطقة الحدودية وفي الجنوب خصوصاً المناطق المحاذية، هذا هم في الليل وفي النهار، هل يتم التعاطي معه بحساسية عالية او ببرودة، او لا هو خارج دائرة الإهتمام، دائما المشكلة هنا ونحن لدينا تجربة عشرات السنين.

بنجدو: كيف تفسر أيضاً التكتم الإسرائيلي على هذه القضية؟

السيد نصرالله: بالبداية حاول أن يقول إن العبوة انفجرت على الحدود، لاحقا لم ينجح، بالنهاية هناك يونيفيل وناس وجيش، والانفجارات كانت قوية جدا، وهو لاحقا اطلق قنابل مضيئة ،وكان هناك حراك طوال الليل.

بنجدو:هل حدثت إشتباكات؟

السيد نصرالله: نعم حدثت اشتباكات ولكن من بعيد.

بنجدو: ليس من قريب؟

السيد نصرالله: لا لا من بعيد. فهذا أمر هو حاول أن يخفيه، ولكنه لا يخفى. لكن فيما بعد سحبوا الجرحى الجنود إلى المستشفى وأغلق عليهم، ولذلك الآن ترى في الإعلام الإسرائيلي لا حديث، ما هي اصابات الجنود، وما هي طبيعة المهمة، وأين كانوا، كل هذه التفاصيل تم اخفاؤها، وتم اجراء رقابة عسكرية شديدة جدا على وسائل الإعلام، طبعا لا يناسبه لأنه هو معتدٍ، هو مخترق، هو دخل إلى أرض لبنانية، غدا سيخرج ناس ويقولون أنه خرق من الطرفين. انا اقبل أن يدين مجلس الأمن إسرائيل لخرقها لجنوب لبنان ويديننا مع اسرائيل، أنا أقبل.

نحن هذا سقف توقعاتنا في هذا الزمن السيء. من زمن، تعرف، ايام حرب تموز انت التقيت بي وقلت حلّوا، عنا وكذا نحن نقبل أن يساوي المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي بين الضحية والجلاد، نقبل ليس لدينا مشكلة.

بنجدو: إجمالا أنا لا أحب الأسئلة الإفتراضية سماحة السيد، لو ولو، ولكن بعد إذنك سيدي العزيز هل تدرك عندما تقول اننا لن نسكت من هنا فصاعدا على أي خرق إسرائيلي بري، وستواجهونه، سواء كما حصل في اللبونا أو ربما بما حتى هو اشرس واقوى، وربما الإسرائيلي ايضا يرد الفعل بشكل اقصى وتتجه الأمور، الله أعلم الى اين ممكن ان تذهب؟

السيد نصرالله: نحن من حقنا ان لا نسكت على اي خرق لأرضنا، الموضوع ليس فقط خرق سيادة، مرة دخلوا خرقوا السيادة وعادوا ربما هناك ناس كثر يتسامحون بموضوع السيادة، لكن هذه الخروقات ذات طابع عملياتي، ليست خروقات فقط للسيادة، هي خروقات عملاتية، لها اهداف عملياتية وهذا أمر لا يمكن السكوت عنه.

بنجدو: أردتم توجيه رسالة للإسرائيلي؟

السيد نصرالله: هناك أناس قادمون لقتلك، هناك أناس قادمون لزرع عبوات، هناك ناس يودون الإعتداء عليك، ماذا تفعل؟ هل تتركهم لليقتلوك ويعتدوا عليك، لأن هناك ناس تريد أن  تحسب ردات الفعل، هنا نتحدث من أسوأ الأمور ان يصل الحال إلى انه يكون هناك نقاش ان إذا دخل الإسرائيلي إلى الأرض اللبنانية من حقك ان تقاتل ام لا، هذا من اسوأ الأمور.

طبعا لا اعتقد أن أي أحد عاقل ممكن أن يطرح نقاشاً من هذا النوع.

بنجدو: لا يطرحها، كيف لا يطرح، سماحة السيد، حرب 33 يوم وانت تعلم جيدا ما حدث من نقاش وجدل، ان يطرح هذا الأمر يطرح؟

السيد نصرالله: يطرح، “شو بدي اعمل له”.

بنجدو: الآن دعني اعود إلى حرب تموز وإن كان هذه المسألة انا لم اكن اتوقع ان تأخذ كل هذا الوقت لكنها مهمة جدا الم تريدوا توجيه رسالة جدية للإسرائيلي بقطع النظر عن الجانب العملاني الذي تفضلتم بالإشارة إليه ان حزب الله جاهز رغم كل ما يقال بالضغط عليه، وانخراطه ربما خارج الحدود هنا؟

السيد نصرالله: هذه من النتائج، لم تكن من الأهداف.

بنجدو: لم تكن مقصودة؟

السيد نصرالله: هذه من النتائج العملية ان توجه هذه الرسالة لكن نحن لم نقم بهذه العملية لنوجه رسالة، قمنا بهذه العملية لأنها مطلوبة بحد ذاتها لاسباب دفاعية.

بنجدو: تعتقد سماحة السيد ان الإسرائيلي فوجئ بانكم كشفتم كل شيء وأيضا رديتم عليه بهذه الطريقة؟

السيد نصرالله:نعم بمقدار ما تسرب من الرقابة العسكرية الإسرائيلية كان واضحاً ان هناك مفاجأة ان مجموعته مكشوفة، تفاجأ ان هناك عبوات مزروعة، طبعا هو يعلم وبالتحقيق التقني ببساطة يستطيع ان يعرف ان هذه عبوات جديدة او قديمة او مدى زمن الزرع او ما شاكل. بالمقدار الذي سرب إلى وسائل إعلام  بالتأكيد هو فوجئ لأن مضى سنوات هو يدخل ويخرج.

بنجدو: منذ متى كنتم منتبهين إلى هذه المسألة سماحة السيد؟

السيد نصرالله: منذ مدة ولا اود ان احدد وقتا.

بنجدو: أيام؟ اسابيع؟ ما بين أربعة ايام او خمس اسابيع؟

السيد نصرالله:لا، اكثر.

بنجدو: اكثر من ذلك؟ لهذه الدرجة كله تحت السيطرة والرقابة والرصد؟

السيد نصرالله: نعم.

بنجدو: هذا يعيدنا سماحة السيد ويدخلنا مباشرة في حرب تموز والحقيقة ما بعد 1701 ولكن حتى وصلنا إلى  1701 كان هناك مخاض شديد وعسير حصل في حرب تموز.

انا اذا استميحك عذرا سماحة السيد عندما قمتم بعملية الأسر، لا نريد أن نعود إلى الماضي هل انتم كان لديكم خطط عسكرية معينة تهيئاً لاي رد فعل اسرائيلي؟

السيد نصرالله: الخطط والجهوزية لم تكن مرتبطة بعملية الأسر، في الحقيقة نحن بعد 25 أيار 2000 تعرف الناس إحتفلت بالتحرير وعادت إلى قراها وكان الجو جيداً في البلد، نحن منذ اليوم الثاني اعتبرنا أنه يجب ان نتهيأ لحرب تشنها اسرائيل علينا لأي سبب وبدون سبب لأن اسرائيل تملك سببا غير الحجة المباشرة، المقاومة في لبنان عام 2000 الحقت هزيمة، الكل يسميها هزيمة تاريخية إستراتيجية، هذه ليست تسميتي انا.

إذا قرأنا تصريحات المسؤولين الإسرائيليين من شامير لشمعون بيريز لشارون لكل من كان لناتنياهو الذي اعاد هذا الكلام بعد حرب 2006 لكبار القادة العسكريين الإسرائيليين، هناك اجماع اسرائيلي ان ما حصل في جنوب لبنان عام 2000 هو هزيمة تاريخية وله تداعيات خطيرة جدا وظهرت بعد ذلك في فلسطين.

هنا الإسرائيلي له ـ انا اسميه ـ ثأر تاريخي مع المقاومة في لبنان. المقاومة الحقت هزيمة بمشروعه والذي حصل في جنوب لبنان ليس طرد الإحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان وانما هو دق المسامير الأخيرة في نعش مشروع اسرائيل الكبرى، لأن الجيش الإسرائيلي الذي لا يستطيع ان يبقى في الجنوب اللبناني وهو جزء من دولة ضعيفة وممزقة ومقسمة هو لا يستطيع ان يمتد من النيل إلى الفرات. انتهت اسرائيل الكبرى. هو يجب ان ينتقم من هذا البلد ومن هذا الشعب ومن هذه المقاومة، وكنا نتوقع هذا الأمر في اي وقت، ولذلك بدأنا نعمل بعد ال2000.

عندما نتحدث عادة عن الشهيد القائد الحاج عماد مغنية رحمة الله عليه واخوانه ـ وهم كثر ـ نحن عادة نتحدث عن الشهداء الأحياء، لا نتحدث عن اسمائهم، عندما يستشهدون نتحدث عنهم ـ هو واخوانه قاموا بجهود كبيرة جدا، وخلال سنوات قليلة جدا على  المستوى اللوجستي، التدريب، اعداد الخطط والإستعداد لحرب تشنها اسرائيل في اي وقت وبدون سبب، لأن السبب الرئيسي هو هذا. عندما حصل اسر الجنديين الإسرائيليين وبمعزل عن عملية الأسر نحن كنا جاهزين على مستوى الخطط وعلى المستوى اللوجستي وعلى المستوى البشري لمواجهة اي حرب وكنا ننتظرها 2001 و2002 و2003 نحن نعتقد انها تأخرت للعام 2006 ولذلك ترى في الحرب خلال 33 يوماً المقاومة لم تكن مرتبكة، لم تكن تائهة، ولم يكن لديها قلق في خياراتها. كان لديها وضوح، ونحن نتحدث بالموضوع الميداني والقتالي والعسكري والرؤية العسكرية وكيف نواجه وفي إدارة المعركة لأن هذا كان محضر مسبقا وخلال سنوات.

بن جدو: شامير يقول أنا لا أمدح أحداً، لكنني أقف إحتراماً لهذا الشخص الذي أدار المعركة بمستوى التحدي الكبير – عن شخصكم .

نحن نتحدث عن تلك المرحلة، ولكن مع ذلك سماحة السيد أليس صحيحاً بأن إدارة المعركة، حتى من قبل الإسرائيلي، فرضت عليكم بعض التغييرات على الأرض. بمعنى آخر، كأننا فهمنا من البعض أن معركة مارون الراس وهذا الصمود الكبير للشباب في الخط الأول كان يمكن على سبيل المثال أن تسمحوا للإسرائيلي بأن يدخل وبعد إذن تنقضوا عليه في حرب عصابات وحرب إستنزاف ويغرق الاسرائيلي بمستنقع كبير. لكن نتيجة الصمود، 33 يوماً سماحة السيد وأنتم تقاتلون في الخطوط الأمامية، مارون الراس، بنت جبيل، عيناتا، عيتا الشعب، أحياناً شيء لا يصدق.

أليس الصمود منذ الأيام الأولى  لمارون الراس فرض عليكم أيضاً بعض التغييرات على الأرض؟

السيد نصر الله: هو بأصل التوجه، سنقول السياسة العامة واستراتيجية القتال لم تتغير، حتى بعد مارون الراس. إذا تذكر بعض الكلمات التي أنا قلتها أثناء الحرب، أنه نحن ليست إستراتيجيتنا الدفاع عن الجغرافيا، التمسك بالجغرافيا، الاسرائيلي يريد أن يدخل، يريد أن يتقدم، يوجد أماكن قد نمنعه كلياً من الدخول، يوجد أماكن قد نسمح له بالدخول للإنقضاض عليه، الهدف الأصلي هو إلحاق أكبر قد ممكن من الخسائر للعدو، البشرية والمادية، لأن نقطة ضعف العدو هي في الخسائر، سواء في الجيش أو في الجبهة الداخلية.

الذي يحسم المعركة ليس هو البقاء هذه البلدة أو سقوط هذه البلدة، وإنما حجم الخسائر بالعدو.

نعم، في بعض الأماكن نحن تركنا للأخوة حرية التقدير، أنتم تستطيعون أن تثبتوا، نحن لم نطلب من الأخوة أن يقاتلوا حتى يستشهدوا جميعاً حتى لا تسقط هذه القطعة من الأرض أو تلك البلدة، هذا في حرب تموز. في الإستراتيجية المستقبلية هذا أمر قد يكون مختلفاً، أنا لا أتحدث عن المستقبل، أتحدث عن الماضي. ولذلك الأخوة هم قرروا أن يصمدوا حتى آخر نفس في مارون الراس. في عيتا، أنا ذكرت، لا أذكر إذا هذا قلته مرة في الإعلام، في عيتا كان لدينا عدد كبير من الأخوة، كانوا يقاتلون بشراسة هناك ومرت فترة إنقطع الإتصال معهم، يعني 24 ساعة، 48 ساعة، وتعرضوا لقصف طيران شديد جداً، وأنا أذكر تلك الليالي، تلك الليلة أو الليلتين، نحن كلنا عشنا بجو أن الأخوة استشهدوا جميعاً، لأنه لم يخرج أحد خلال 24، 48 ساعة ، أنه “لو بقي أحد طيب يطلع ويقول أنه صار علينا كذا وكذا”، فهو لم يخرج أحد لأنهم كلهم كانوا مصرين بالبقاء في البلدة. بعد ذلك عندما عاد الإتصال، في ذاك الوقت تكلم معي أخونا الحج عماد، أنا قلت له الأخوان ليسوا مضرين أن يبقوا في قرية أمامية وعلى الحدود بشكل مباشر، نحن لا نلزمهم بالبقاء، يحبون أن يذهبوا إلى مكان آخر، يقاتلوا، يعني “متحيزاً لقتال”، فليس هناك مشكلة، القرار لهم، نحن لا نلزمهم بأن يبقوا و يقاتلوا حتى آخر شهيد.

الأخوة هم أخذوا قرار أن يقاتلوا حتى آخر شهيد، الأخوة هم أخذوا قرار أن يبقوا حتى آخر لحظة ، وبقوا، والاسرائيلي عجز أن الدخول إلى عيتا.

لكن في بنت جبيل، القرار كان القتال إلى الآخر وعدم السماح للإسرائيلي بأن يدخل إلى بنت جبيل، تعرف معركة بنت جبيل لها حسابات اخرى.

الإستراتيجة العامة كانت ليست التمسك بالجغرافية وإنما إلحاق أكبر قدر ممكن من الخسائر بالعدو خلال أيام المعركة.

الآن في طبيعة الحال، الميدان يفرض التغيير في التكتيكات.

بن جدو: حول بنت جبيل، منذ اللحظة الأولى أم بعد مارون الراس فرضتم بأنه لا سبيل للسماح بدخول الإسرائيلي؟

سيد نصرالله: كلا، بنت جبيل كان القرار القتال  للآخر.

بن جدو: بشكل رئيسي..

سيد نصرالله: نعم، لأنه يوجد إمكانية. الآن المقاومة بالنهاية تريد أن تحقق أهدافها، تريد ان تقوم بواجبها، تخطط، تدرس إمكاناتها. تقول لي يوجد إمكانية للدفاع عن مدينة بنت جبيل لمدة طويلة من الزمن بالرغم من كل الصعوبات، أقول لك نعم يوجد إمكانية، يختلف عن منطقة صغيرة مقطوعة، منعزلة أو ما شاكل.

إضافة للرمزية، يعني يوجد عندنا موضوع الرمزية وموضوع إمكانية الدفاع وتحقيق إنجاز كبير.

بن جدو: بالمناسبة سماحة السيد، أنا ولا مرة سألتكم هذا الأمر، ولست مطلعاً، ربما تقصيراً مني، انه أجبتم عن هذه القضية. هل كانت لديكم مدة معينة أنتم قادرون على الصمود فيها مهما كان الثمن؟ يعني كنتم قدرتم شهرين، ثلاث أشهر، ستة أشهر، الواحد يححد مهما كان.

سيد نصرالله:  أنا لا أستطيع أن أقول تحديداً، أنا أستطيع ان أقول لك نحن من اليوم الأول حسابنا كان بالحد الأدنى لشهور.

بن جدو: وأنتم كنتم جاهزون لمعركة لشهور.

سيد نصرالله:  لشهور، هذا قدر متيقن. يعني مثلاً، بموضوع قصف الصواريخ، نحن ما ضربناه من صواريخ هو قليل نسبة لما كان لدينا، حتى معدل 150، 200، 250 صاروخ يومياً، هذا كان محسوباً. يعني تقول لي أنه أنتم كنتم تقدرون فقط على إطلاق 250 صاروخ في اليوم، أنا أقول لك كلا. الإمكانية الميدانية، يعني إنتشار المقاتلين والتموضعات التي كانت موجودة، كنا نستطيع أن نضرب أعداداً كبيرة من الصواريخ، العدد لم يكن محكوماً للقدرة الميدانية، وإنما كان محكوماً، انه نحن يوجد في بالنا وبالحسابات عندنا، عندنا عدد معين من الصواريخ، نريد أن نذهب إلى معركة طويلة، “ما بدا تنتهي المعركة” بعد وقت قصير لأن صواريخنا إنتهت.

أنظر في عناقيد الغضب في الـ”96″، رهان شيمون بيريز، كان هو رئيس حكومة، رهان الإسرائيلي كان أنه ماذا لديها المقاومة، لديها كاتيوشا، “بيخلصوا”. يعني، ما كان هو يغلب إرادتنا ولا يغلب ميداننا ولا يلحق هزيمة عسكرية فينا، كان يراهن أنه لن يسقط بعد الآن صواريخ على المستعمرات مقابل قصف المدن والقرى اللبنانية لأن صواريخ الكاتيوشا ستنتهي من مخازن المقاومة. هذه التجربة موجودة لدينا في الـ”96″، ولذلك نحن كنا مستعدين بشرياً ولوجستياً وعلى كل صعيد لمعركة طويلة جداً.

بن جدو: يعني ليس أقل من ستة أشهر.

سيد نصرالله: ليس أقل من ستة أشهر.

بن جدو: في واحدة من نقاط القوة في ذلك الوقت….

السيد نصرالله: أنت من الممكن أن ترى مثلاً بالأيام 30، 31، 32، 33، كان “لازم يبين” أن المقاومة بدأت تتعب، قصفها بدأ يتراجع، حضورها الميداني بدأ يخسر، بالعكس، عندما كان يتقدم الوقت، كان “عم بصير” تصعيد كبير جداً.

بن جدو: لكن ربما أيضاً كان مرتبطاً بالمخاض السياسي وقت ذلك، يعني أنتم كنتم تخوضون مفاوضات شرسة، ربما كان واضحاً أيضاً تصعيدكم ، كمية الصواريخ مرتبطة بأنكم تريدون أن تفرضوا على الجانب الإسرائيلي….

السيد نصر الله: الآن لا يوجد شك هذا مؤثر،  لكن الذي كان مؤثراً أكثر هو الحراك، لأن الاسرائيلي أخذ الأمور إلى الآخر. يعني الحقيقة، الأيام الأخيرة سببها  أن الوقت عند الإسرائيلي ضاق، ولذلك هو ذهب إلى كل شيئ ممكن أن يقوم به، بالبر، بالجو، بالإنزالات، الآن ممكن إن شاء الله نتكلم عن هذا الموضوع، لأن الوقت أصبح ضيقاً، لم يعد له هامش زمني فأخذ الأمور إلى الآخر. بطبيعة الحال، نحن أيضاً تناسبنا مع هذا التصعيد لإسقاطه ولإسقاط أهدافه.

بن جدو: سماحة السيد، أنا واضعها بترتيب، وأنا أود أن أحفظ هذا الأمر لأنه على مدى تلك الفترة، واحدة من نقاط قوتكم المعلنة والمعروفة هي قدرتكم على التواصل منذ الأيام الأولى، ربما هذه الـ24 أو 48 ساعة فقط هي الذي تمت فيها قطع الإتصال بينك وبين عيتا الشعب.

كان واضحاً إذن بعد سنوات، بعد سنتين تقريباً، لماذا كان رد فعلكم على قطع إمكانات التواصل والإتصال المباشر هذه ، شبكة السلك الداخلي.

هذا الأمر فاجأ الاسرائيلي؟ يعني، كان واحدة من نقاط قوتكم السرية أم كان الأمر معروفاً ومعلناً، ومع ذلك لم يستطع الإسرائيلي أن يضرب هذه النقطة.

السيد نصرالله: قد يكون تفاجأ، لا أستطيع أن اجزم، ولكن لا شك أنه كان من عوامل المفاجأة. إذا لم يكن نفس السلكي من عوامل المفاجأة، بقاء التواصل بين غرفة العمليات المركزية وغرف العمليات في المناطق والمناطق مع المحاور ومع القرى، بالتأكيد كان من عناصر القوى التي لم يحسب لها الإسرائيلي هذا الحساب.

بن جدو: حتى نوضح سماحة السيد، هذه القضية ليست أنتم مع القادة فقط ، يعني انتم مع القادة والقادة ….

السيد نصرالله: عموماً كان التواصل بالسلكي وبغير السلكي، لأنه لا أحد يعتمد على وسيلة إتصال واحدة، قد تقطع، قد يشوش عليها، قد قد قد….

لكن الذي أذهل الإسرائيلي، بل أذهل، أنا أذكر بذلك الوقت، حتى الدول التي كانت تتفاوض في مجلس الأمن، بعد مجزرة قانا الثانية، عندما أصبح هناك تباني ضمني على هدنة، 48 ساعة، وحدد الوقت، لم تطلق رصاصة واحدة، وهذا يدل على مستوى القيادة والسيطرة، لأنه أحياناً، حتى الجيوش لما تتعرض إلى قصف عنيف بهذا الشكل، طيران وصاروخ ومدفع وإلى آخره، يوجد قطع قد تنفصل، وبالتالي لا يعود لديها إتصال، لا يعود يوجد  إمرة، لا يعود يوجد سيطرة. أنت تتكلم عن مقاومة شعبية، ومع ذلك في الساعة المحددة، الكل يلتزم وقف إطلاق النار، وهذا كان مدهش، أذهل الجميع، كل الدول التي كانت تتابع، حتى الذي يفهم القليل من العسكر يعرف أن هذا أمر صعب.

بن جدو: هل لي سماحة السيد أن أسألكم عن هذه العلاقة الوجدانية بينكم وبين الإخوان في المقاومة، يعني في عز الحرب، قصف وتدمير، وتتبادلون الرسائل، وحتى إجابتكم لم تكن كذلك سرية وخاصة، يعني علنية، ما هو سر هذه الرسائل سماحة السيد؟ يعني لماذا بادر الإخوان في المقاومة إلى توجيه تلك الرسالة؟

السيد نصرالله: انظر، واحدة من مميزات المقاومة، الآن ممكن خارج لبنان أن يكون نفس الشيء، لكن انا أحكي الذي أعرفه، بالمقاومة في لبنان، العلاقات القائمة هي ليست علاقات إمرة، ليست علاقات إدارية وتنظيمية وتراتبية وو….  هي علاقات أخوية وعلاقات محبة، مودة. يعني نأتي ونقول أنه يوجد شباب يفدون إخواناً لهم بأنفسهم، نعم هذا موجود. اللهفة والمحبة، والناس تبكي لبعضها وتفرح لبعضها وتحزن لبعضها، هو موجود، موجود بدرجة عالية جداً. العلاقة القائمة هي ليست علاقة حزبية وتنظيمية، هذا الذي لم يقدر أن يفهمه الآخرون، هذه واحدة من نقاط القوة عندنا. يوجد علاقة عاطفية قوية جداً في داخل هذه المنظومة، حتى هذا تراه عند الناس، أنه في العلاقة أيضاً مع الناس هذ العلاقة العاطفية قوية.

هو يومها الشباب، لأن هذا حصل في منتصف الحرب تقريباً،  الشباب نتيجة الضغط يعلمون بكل التجارب السابقة، لأنه نحن نتكلم في الـ2006.

بن جدو: من فضلك، هم كانوا في بنت جبيل، شباب بنت جبيل تحديداً….

السيد نصرالله: كلا، من أكثر من منطقة، يوجد أخ كتب الرسالة، وتشاور فيها مع آخرين، واتصلوا ببعضهم، انه نحن نريد أن نرسل هذه الرسالة إلى السيد نيابة عن الجميع، وافقوا “ومشي الحال”.

الشباب ماذا لديهم تجربة، نحن نتكلم من الـ82، أنه عادة الذي يكون في المركز، أو بغرفة العمليات، بالقيادة السياسية، يختلف قليلاً عن الذي يكون في الأرض، عندما يأتي إلى عنده مشهد كبير ممكن “ينضغط”، الموجود في الميدان يكون مرتاحاً أكثر، لماذا؟ لأنه لديه المشهد الحقيقي. مثل الإعلام، الذي يكون جالس خارج لبنان ليس مثل الذي يكون جالس في لبنان، تكون أنت جالس في بيروت يبدأون بالإتصال فيك “شو صار” وتكون أنت “مبرّد أعصابك”.

الشباب أيضاً، واحدة من اهدافهم، يرسلوا رسالة إلى القيادة العسكرية والقيادة السياسية، نحن ثابتون ولا أحد يقلق علينا، وضعنا ممتاز، نحن كذا نحن كذا….. وأيضاً رسالة للعدو.

ورغم أنهم عندما أرسلوها، هم لم يرسلوها إلى الإعلام ولم يرسلوها “داخلي”، فكرة أخونا الحج عماد رحمه الله، أن هذه “منيحة تروح للإعلام”، تشاور هو وإخوانه وجد الفكرة مناسبة جداً، في الحقيقة هم لم يسألوني، لأن الخطاب موجه لي، هم يعرفون طبعي أنا، أنه “بس شيئ يتعلق بي” بشكل شخصي، أتحفظ قليلاً.

هي ظهرت في الإعلام، عندما ظهرت في الإعلام، كانت رسالتها لكل قيادة حزب الله، لكل الجو السياسي في البلد، للجو الشعبي، للمجاهدين أنفسهم، أيضاً للعدو.

طبعاً، عندما ظهرت في الإعلام، أنا يجب أن أجيبهم في الإعلام. من جهة، هذا يخدم بالتثبيت ويخدم بالعلاقة العاطفية، وأنا لا أخفيك، يومها أنا كتبت النص، كنت أحرص في تلك الأيام أن أكتب لأن كل كلمة يوجد عليها مسؤولية، في هذا المقطع في الذات “أنا مسكت حالي”، لأن الموضوع كان يعبر عن عاطفة وإذا هذا الكلمات كانت لها تأثير فيهم أو بالناس لأنها كانت خارجة من قلب صادق ومحب، يعني لو لم يكن هناك حرب وكذا، “أنا بدي إبكي” أمام الكاميرا، “بس شديت حالي منيح رغم انه بيّن، بالحنجر بيّن، بالصوت”، لأنه في الحقيقة أنا أبادل هؤلاء الأخوة نفس العاطفة ونفس الحب، “مش المثل الشعبي يقول القلوب عند بعضها” هذا له أساس، في حديث الأنبياء ….

بن جدو: هذا الأمر لا يزال قائماً؟

السيد نصر الله: بطبيعة الحال…

بن جدو: نفس الكوادر، نفس المقاتلين، نفس الوجدان…

السيد نصر الله: أنا أؤكد لك أن من أهم نقاط القوة في هذه المقاومة هي هذه العلاقة العاطفية، العميقة، الصادقة، هذه من نقاط القوة.

هذه من أين تأتي بها، من أي إستراتيجية دفاعية تأتي بها.

ـ بن جدو : نحن في “تموز الحكاية ” في حلقته الأخيرة والخاصة مع سماحة السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله. سماحة السيد كنت سألتكم قبل الموجز أننا سنتحدث عن بعض المفاجآت، لا شك بأنّ أولى المفاجآت كانت عملية البارجة، تحدثنا عن ما تيسر من معطيات عن تلك العملية، هل يمكن أن تعطينا التفاصيل والرواية الكاملة؟

ـ السيد نصر الله: ما تفضلتم به خلال الحلقات أظن أنه كافٍ وكامل (…) وكي لا نقع في التكرار.

ـ بن جدو : كنتم تتحدثون على الهواء مباشرة، أمس بالمناسبة كان لدينا ضيف في قناة الميادين، اللواء عريقات من داخل فلسطين، وكان يتحدث عن عملية البارجة بالتحديد، وهو يقول: صار لي عشرات السنين ـ وهو عسكري ـ لأول مرة في التاريخ نعلم أنّ هناك قائداً عسكرياً يوجّه البندقية ـ أيّاً كانت، وفي حالتنا كانت صاروخاً للبارجة ـ على الهواء مباشرة ولا يخطئ، وحظكم كان جيداً. كانت كلمة السر هي خطابكم أليس كذلك، أي عندما تتحدثون على الهواء مباشرة يتم إطلاق الصواريخ أليس كذلك، وأنتم تتحدثون جاءكم من يبلغكم أن العملية نجحت؟

ـ السيد نصر الله: الشق الأول بحاجة إلى تدقيق، والشق الثاني صحيح. نحن حاولنا أن ننظم وأن يكون الكلام إمّا متزامناً مع ضرب الصواريخ أو بعدها، لم يكن الموضوع سهلاً، وعادة الأناس الذين لديهم خلفيات مختلفة يمكن أن لا يقبلوا أنّ ما جرى هو توفيق من الله تعالى، وكل شيء توفيق من الله تعالى، لكن ما جرى توفيق خاص. يومها عندما كنّا قد أعلنا أنني سأتحدث، أتذكر وقتها أنّ الحديث تأخر. وكانت وسائل الإعلام تنتظر ساعة، بعد نصف ساعة، بعد ساعتين، بعد ثلاث ساعتين، وكانوا على تواصل مع الإخوة …

طبعاً موضوع ضرب البارجة لم يكن أمراً بسيطاً حتى من الناحية التقنية ومعقد جداً ، له علاقة بالأمواج وله علاقة بسرعة الريح وله علاقة بالصاروخ وله علاقة بالمَدَيات، الموضوع معقد جداً، لم يكن سهلاً. بعدها، الله سبحانه وتعالى وفّق أنّ الشباب وهم على كل حال جاهزون، وأنا بدأت بالكلام وكان ممكناً أن ينتهي الكلام ولا ينطلق الصاروخ.

ـ بن جدو : (…) جاءك شخص وأخبرك وأنت على الهواء تتحدث مباشرة …

ـ السيد نصر الله: عندما تحدثت عن المفاجآت لم يكن هناك نص، كنت قد كتبت رؤوس أقلام، نصف ورقة، رؤوس أقلام وتحدثت ثلث ساعة تقريباً ووعدت بالنصر وحكيت عن المفاجآت، وأنا أعرف ماذا قد حضّر من مفاجآت، والبارجة واحدة من المفاجآت، وبالتوقيت الله سبحانه وتعالى يوفّق لكن نحن أخذنا بالأسباب وبالباقي على الله سبحانه وتعالى، وكنت أنتظر في أي لحظة وحتى قبل الكلام أنه متى الشباب سيوفقون، وفي آخر الكلمة قبل أن أختم دخل أحد الإخوة وهم يعرفون أنني على الهواء لأنهم يجلسون في الغرفة الثانية يستمعون..

ـ بن جدو : ليس الحاج عماد مغنية؟

ـ السيد نصر الله:  ..لا لم يكن هو، الحاج كان في الغرفة الأخرى، لكن الاخ الذي دخل وأخبرني الحمد الله ما زال على قيد الحياة، الله يطوّل بعمره وعمر الإخوان جميعاً، هو صار يؤشر لي ويريد القول مشي الحال وضربت البارجة، أنا خفت أن أفهم خطأ وأن أقول شيء في الإعلام وأنا على الهواء… وكان هناك طاولة إلى جانبي فأشّرت له أن أكتب، فكتب لي أنّه الحمد الله الإخوان ضربوا البارجة وأصيبت والآن تشتعل أو تحترق، فأنا قلت الخبر: الآن في عرض البحر…

ـ بن جدو : هل صحيح أنه كان يدمع وكان متأثراً ؟

ـ السيد نصر الله: نعم كان متأثراً والكل كان متأثراً.

ـ بن جدو : وعندما قلت المفاجأة أسرعت لتنهي المكالمة وكأنك تريد أن تعرف ما حصل؟

ـ السيد نصر الله:  (…) حقيقة الأمر أن النقاط التي حضرتها وأن الكلام في ذلك الوقت الكلام الطويل لي جيداً، وبالنهاية كان أول كلام لي بعد القصف الذي جرى على البيت وعلى الأمانة العامة وطلعت إشاعات، وايضاً الموقف الذي أريد قوله قد قلته والباقي يقود إلى إطناب أو على موضوعات ستتحدث بها لاحقاً.

ـ بن جدو : كنت في الضاحية؟

ـ السيد نصر الله:  طبعاً في الضاحية.

ـ بن جدو : من بين المفاجآت الأخرى ما يتعلق بالميركافا، هل أنتم فعلاً قبل الحرب كنتم على ثقة أنكم تمتلكون قدرة صاروخية أو مسلحة أيّاً كانت على إصابة الميركافا رقم 4 التي يسمونها “عربة الرب” في مقتل؟

ـ سماحة السيد : هذا كان من أهم عناصر المفاجأة في الحرب، وأنا عندما قلت مفاجآت، هذه واحدة منها، لأنّ هذا السلاح يسميه العسكر “ضدّ الدروع” ولدينا أسلحة متنوعة “ضدّ الدروع” تختلف في المديات ويمكن أن يكون هناك رؤية بالنهار ولا يوجد رؤية بالليل، تختلف بحجم التأثير على الدبابة، وتنفع على دبابة ولا تنفع على دبابات من نوع آخر… الميركافا الجيل الرابع محصنة جداً تجاه عدد من أنواع الصواريخ “ضد الدروع”. نحن حصلنا على (صاروخ) الكورنيت، هنا ليس فقط امتلاك السلاح هو المهم، وإن شاء الله عندما نتحدث عن الدول، موضوع الكورنيت هو بالحقيقة غيّر المعادلة بالحرب.

ـ بن جدو : حصلتم عليه قبل الحرب؟

ـ السيد نصر الله: قبل الحرب بمدة جيدة من الزمن. فامتلاك السلاح كان مهما، وثانياً تدربنا على السلاح، وثالثاً أنشأنا تشكيلاً خاصّاً، أي من في الجنوب لم يكن كلهم يعرفون بوجود سلاح عند المقاومة اسمه كورنيت، كان عدد قليل من الإخوة الذين تدربوا على السلاح وتمّت مَوْضَعَة هذا السلاح في الجبهة، كان الكوادر الأساسيين يعرفون بذلك فقط، وأقفل الأمر، واعتبر أنّ هذا من الأمور السريّة جداً التي لا يجوز ذكرها والبوح بها لأحد.

ولذلك الإسرائيلي (جرى معه) مثل ما جرى بالبارجة، في التحقيقات التي أجروها لاحقاً حتى احتمال ـ وليس أنه معلومة لا يملكون ـ حتى احتمال أو وهم أن يكون لدى حزب الله صواريخ أرض بحر لم يكن عندهم، إلى هذا الحد. أي ليس امتلاك صواريخ أرض بحر هو القصة فقط، هذا مهم، لكن الأهم أن تحتفظ بسرية أصل امتلاكك لهذا السلاح الذي بقي سراً، وثانياً أماكن هذا السلاح وتواجده وتكتيك استخدامه، الكورنيت نفس الأمر، لذلك هم تفاجأوا بالكورنيت وكانت طبعاً قدراته ممتازة.

ـ بن جدو : لكن كيف كنتم على ثقة أن الكورنيت قادر على ضرب ميركافا 4، وأصحابه باعوه بـ 25 ألف دولار وبعد تجربتكم أصبح بـ 250 ألف دولار؟

ـ السيد نصر الله: هي التجربة التي رفعت سعره وإلاّ من ناحية الدراسات العلمية تقدر على أن تحسم هذا الموضوع. أعتقد أنّه من حيث أتينا به قد أجريت تجارب عليه على مستوى معين من التدريع وكان مؤثراً جداً.

ـ بن جدو : إذاً لم تكن مفاجأة لكم؟

ـ السيد نصر الله:  كلا، (كنّا) مطمئنين أنّ أي دبابة إسرائيلية تدخل وتكون في مرمى الكورنيت ستدمر، وأغلب الدبابات التي دمرت (دمرت) بالكورنيت، وطبعاً أسلحة “ضدّ الدروع” الأخرى عملت أيضاً، لكن الكورنيت كان هو الأكثر فعالية.

ـ بن جدو : تحدثتم عن القدرة الصاروخية التي كان يمكن أن تمكّنكم بالحد الأدنى من الإستمرار لمدة ستة أشهر إذا لم يكن أكثر من ذلك، فيما يتعلق بالكورنيت ايضاً كانت لديكم قدرات جدية تسمح لكم أن تواجهوا أي عدد من الدبابات الإسرائيلية التي تدخل لبنان؟

ـ السيد نصر الله: نعم. الإسرائيلي تحدث لاحقاً عن مئتي دبابة وآلية بين ملالة وغيرها، اعترف بمئتين. لو أكملوا الحرب بالطريقة التي كانت القوات البرية قد دخلت بها نحن كنّا نتوقع تدمير مئات الدبابات.

ـ بن جدو: لهذه الدرجة .

ـ السيد نصر الله: نعم .

ـ بن جدو : في نهاية الحرب جاءكم من قال امنحنا وقتاً أطول وسندمر القوة البرية الإسرائيلية وكان كلاماً دقيقاً؟

ـ السيد نصر الله: نعم كان كلاماً دقيقاً، والفكرة كانت ممكنة وهي ليست قطعية ولكن ممكنة، بالمنطق واحد زائد واحد يساوي اثنين وبالإمكانات المتاحة وبمعنويات المقاتلين وبالخطط التي كانت موجودة وبالجهوزية المتوفرة، أيضا بما أصاب العدو خلال الحرب على المستوى المعنوي والقيادي والإداري ومعنويات الجنود والحركة الموجودة على الأرض كانت هذه الفرصة قابلة للنقاش.

ـ بن جدو : (…) خلال الحرب تهددون الإسرائيلي أنه إذا قصف بيروت سنقصف تل أبيب، أولاً التصريح بذاته كان مفاجئاً، ولكن على أي أساس بنيتم تلك المعادلة؟

ـ السيد نصر الله: إذا تذكر رئيس الأركان حالوتس ـ الذي قد يصبح الآن رئيس اتحاد كرة السلة! وعادة رئيس الأركان يصير وزير دفاع أو وزير خارجية أو رئيس وزراء، أخذوه إلى كرة السلة، طبعاً مع احترامنا لكرة السلة وهنا أتحدث عنه كرئيس أركان ما هو تاريخه السياسي ـ يومها هو هدد بقصف بيروت، لأنّ قصف حيفا استمر وما بعد حيفا أيضاً استمر وهو رأى أنّه صنع معادلة الضاحية ـ حيفا أي أنّه نقصف حيفا يقصف الضاحية ـ وتذكر أنّه حدد (رقم) عشرة أبنية بالضاحية مقابل قصف حيفا ـ ورأى أنّ هذه المعادلة لم تنجح، فمن أجل أن يحمي حيفا والشمال والوسط ذهب إلى التهديد بقصف بيروت، يومها صنعنا معادلة أنّه إذا قصفت بيروت نقصف تل أبيب، هذا كان الدافع لهذه المعادلة وهو حماية مدينة بيروت، والذي حمى بيروت هي المقاومة وليس القرار السياسي وتعرف أنّ الإسرائيلي لا يحترم أحداً، أنّه يجري التحدث معه في العالم ويسأل عنه ويُضغط عليه ويجري توصيته ببيروت، هذه الأمور “سوالف” قد تنفع في الأيام الأولى، لكن في النصف الثاني من الحرب أمام المأزق الإسرائيلي العسكري والميداني والسياسي والداخلي وفي الجبهة الداخلية من أجل الضغط علينا أو من أجل إلحاق الهزيمة بنا هو حاضر أن يقصف بيروت ومئة بيروت ولن يسأل عن أي ضغط سياسي خارجي. (…) تسألني إذا كان ذلك ممكناً، نعم كان ممكناً، نحن في حرب تموز في 33 يوماً كان لدينا القدرة أن نقصف مدينة تل أبيب، لكن لم نفعل وأردنا أن نستفيد من هذه القدرة لحماية العاصمة اللبنانية بيروت ولذلك لم نبادر إلى قصف تل أبيب وأنا عندما قلت “ما بعد ما بعد حيفا” لم أكن أقصد الوسط ولا الخضيرة،  وإنما كنت أقصد تل أبيب.

ما بعد ما بعد حيفا، ولذلك كانت لدينا هذه القدرة، وثانياً أصلاً لا توجد هناك إمكانية أنه أنا أو أحد في حزب الله يُهدد بعمل نحن لا نقدر عليه منذ82، وهنا تكمن صدقيتنا لدى الناس وأيضاً صدقيتنا لدى العدو، يعني أن العدو عندما أقول له إنني سأقصف المكان الفلاني، يطلعوا في “إسرائيل” ليقولوا “نعم مظبوط يقصف المكان الفلاني”، المقاومة في لبنان تملك القدرة لأنه منذ 82 إلى اليوم لا يوجد يوم من الأيام في المعركة مع إسرائيل حزب الله قال أنا أفعل كذا إن فعلتم كذا، وكان عاجزاً عن ذلك، أي كنا لا نُهدد بما كنا عاجزين عن فعله، أصلاً حتى في الحرب النفسية التي نؤمن بها، طبعاً بالحرب النفسية يمكن أن توجد فيها تأثيرات ومبالغات، لكن تارةً تقوم الحرب النفسية على معطيات كاذبة أو على أوهام، وتارةً تقوم على حقائق، الشطارة هي أن تعمل حرب نفسية قائمة على حقائق، لأنك تعرف أن تلزم نفسك.

بن جدو: الآن تكشف لنا سماحة السيد أنه ما كنت تقصده من ما بعد ما بعد حيفا كانت تل أبيب؟

السيد نصرالله: نعم

بن جدو: طبعاً بعد عام كشفت لنا وقتذاك بأن حزب الله يمتلك قدرات صاروخية تصل إلى آخر نقطة في فلسطين المحتلة، لكن سؤالي الآن: بعد أن كشفت لنا عن تل أبيب، بكل صراحة عام 2006 في الحرب كان لديكم قدرة صاروخية على الوصول إلى آخر نقطة في فلسطين المحتلة، أم إن قدراتكم الصاروخية هذه بعد 2006؟

السيد نصرالله: “خليها مخباية”، تريد أن تأخذ كل شيء الليلة، المهم الآن نعم من كريات إلى إيلات هذا إن شاء الله بالتأكيد.

بن جدو: في تلك الحرب لا شك كانت لديكم إنجازات كبرى،ولكن ربما شعر البعض أن هناك بعض الثغرات سماحة السيد، وأنا أريد أن أتحدث إلى حد التنظير الآن وأعطيك بعض الأمثلة على نحوٍ دقيق، إنزال بعلبك. إنزال بعلبك أُعتبر ثغرة بالنسبة إليكم، ثغرة أمنية وثغرة إستخباراتية، أي أن يأتي الإسرائيلي ويقوم بإنزال ولا أحد يواجهه على أرض المعركة، وثانياً خصوصاً أن الإسرائيلي كان لديه معطيات ربما إستخبارية أن الأسيرين كانا في تلك المستشفى، ما حقيقة الأمر، المعطيات لدى الإسرائيلي هل كانت خاطئة؟

السيد نصرالله: هذه واحدة من أسباب فشل الإسرائيلي في تلك الحرب، هي ضعف المعطيات والمعلومات وخطأها،يعني مثلاً  عندما أتى إلى مستشفى دار الحكمة – بعلبك أي مستشفى الإمام الخميني، أنت تقول إنه بنى على هذه المعطيات والمعلومات، أنا ربما للمرة الأولى أيضاً أؤكد لك أو أتكلم في هذا الموضوع، أن الأسيرين الإسرائيليين أصلاً لم يذهبا إلى بعلبك ، ليس فقط إلى المستشفى، لم يكونا بالمستشفى ولم يذهبا أصلاً إلى بعلبك، وإنما كانا في مكانٍ آخر، فإذاً الإسرائيلي بنى على معلومات خاطئة، هذا أولاً، ثانياً: المستشفى هي مستشفى، لذلك لماذا أنا أريد أن أفترضها أنها هدف عسكري؟ من أجل ماذا أقوم بإتخاذ إجراءات دفاعية لأدافع عن المستشفى، وأنا ليس لدي هدف عسكري داخل المستشفى، أي ليس لدي أسرى أضعهم داخل المستشفى وليس لدي كوادر أو قيادات مجروحة توجد في المستشفى أو ما شاكل، إذاً هي هدف مدني، هل بطولة أن الإسرائيلي يأتي ليعمل عملية إنزال على مستشفى؟ وهل المطلوب من المقاومة أساساً، كان هناك الكثير من المستشفيات في الجنوب وفي البقاع وفي بيروت، يجب أن نعمل إجراءات دفاعية لحماية المستشفيات؟ أصلاً المستشفى يجب أن تكون آخر هدف يُتجرأ عليه من قبل أي جيش أو أي جهة عسكرية، حتى نحن طبيعي، هذه مستشفى. فجأة جاء الإسرائيلي لينفذ إنزالاً عسكرياً على مستشفى، ولذلك أصلاً هذه المنطقة هي خارج دائرة الإستهداف بشكل منطقي، ونحن لم نُعد أنفسنا لنقاتل دفاعاً عن المستشفيات، لأننا نفترض أن هذه هي مستشفى، وهي مستشفى موجودة في طرف بعلبك، وأريد أن أقول لك أمراً: نحن في تلك الحرب لم ندّعِ أننا لدينا إنتشار ـ وهذا أصلاً غير ممكن ـ على الصعيد اللبناني بشكلٍ أن نمنع أي إنزال، ليس لدينا، هل نحن قدمنا هكذا إلتزام؟ لم نقدم هكذا إلتزام، وبالتالي أن يأتي الإسرائيلي لينفذ إنزالاً في جرود بعلبك أو في جرود سلسة الجبال الغربية أو سلسلة الجبال الشرقية. في الجنوب نفّذ العدو إنزالات،هذه الجنوب أثناء الحرب وخصوصاً في الأيام الأخيرة قام بإنزالات، نحن لم نُقدم أنفسنا وخصوصاً في تلك الحرب أننا نلتزم بمنع أي خرق أو نلتزم بمنع أي إنزال،هذا إلتزام غير واقعي، حتى في بداية هذه الحلقة لم أقل لك بأنني إلتزم بمنع أي خرق، بل قلت لك: نحن نلتزم بما نعلم به، فإذا غداً الإسرائيلي دخل وخرج ولم نكن نعرف بذلك، لكن عندما أعرف فإنني ألتزم، وبالتالي إذا كانت تعدّ هذه ثغرة فلتُعدّ ثغرة، في النهاية ما هي المشكلة أن تكون لدينا ثغرات، فنحن بشر.

بن جدو: وماذا عن صور؟ في النهاية هذه الجنوب.

السيد نصرالله: هناك لا ولم يكن بالإنزال الوحيد، أنا قلت لك حصلت إنزالات عديدة، لكن هذا سلط الضوء عليه لأنه حصلت إشتباكات قوية وسقط قتلى للإسرائيليين في ذلك الإشتباك، من الطبيعي الجنوب كله، كل بيت وكل ضيعة وكل تلة وكل وادي كان موضوعاً للإنزال الإسرائيلي.

بن جدو: هل آذاكم العملاء خلال  حرب تموز سماحة السيد؟

السيد نصرالله: هذا قبل الحرب، لأنني إذا أردت أن أقدم معلومات فسأقدمها قبل الحرب، أثناء الحرب الكثير من هؤلاء ونتيجة للإجراءات التي أُتخذت في بعض المناطق، أن البعض منهم أُعتقل وسُلم إلى الدولة اللبنانية، والبعض هرب أصلاً، أي غادر المناطق، لكن أنا أُقدر أداءهم بأنه كان محدوداً.

بن جدو: عفواً سماحة السيد تقول لي إنكم إعتقلتموهم وسلمتموهم إلى الدولة اللبنانية؟

السيد نصرالله: نعم.

بن جدو:عفواً ما تردد عن أنكم ـولست أدري إن كنتم تعلمون ـ تردد أنكم إعتقلتم عملاء وقمتم بتصفيتهم؟

السيد نصرالله: أعوذ بالله، كلا، أبداً هذا ليس له سابقة أصلاً، نحن لا نشتغل هكذا.

بن جدو: إطلاقاً؟

السيد نصرالله: نعم إطلاقاً، لم يحصل هذا أبداً، نحن كان لدينا عدد من العملاء أثناء الحرب، تم إعتقالهم وتم تسليمهم إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية، أصلاً ليس لدي سجن لأحتفظ بهم، يعني إذا حتى بعض الناس يقول لك: لتحتفظ بهم لديك بالسجن ولماذا تسلمهم إلى الأجهزة الأمنية، فإنه حتى من الناحية العملية…، كلا كلا  لم يحصل هذا أبداً، ونعم قمنا بتسليمهم إلى الدولة.

بن جدو: فيما يتعلق باليوم الأخير سماحة السيد، يعني ضرب مجمع الحسن والذي فعلاً كان هز الدنيا، هل لديكم تفاصيل عما حصل؟

السيد نصرالله: كلا

بن جدو:لماذا، تحليل، ألا لديكم معلومات مثلاً أن الإسرائيلي ربما وصلته معلومات خاطئة أو غير خاطئة عن أن سماحتكم موجود هناك وأن غرفة العمليات توجد هناك؟

السيد نصرالله: توجد ضربتان كبيرتان حصلتا في الضاحية، غير القصف الأول الذي كان مدمراً، توجد ضربتان كبيرتان حصلتا في الضاحية، وقتها ليس في الضاحية فقط بل في بيروت وكل المحيط، حيث شعروا بزلزال، هو ضرب مجمع سيد الأوصياء في برج البراجنة، حيث الحفرة الناجمة عن الضربة كانت عميقة ولم يبق شيء، وهو طبعاً مجمع ديني وليس مجمعاً سكنياً، يعني مسجد وحسينية وكذا … الخ، ومجمع الإمام الحسن هو مجمع سكني، أيضاً كانت الضربة قاسية جداً، وفي كلا الموردين قيل إن المستهدف هو فلان (سماحة اسيد نصر الله)، لكن الإسرائيلي كانت لديه معطيات أو ليس لديه معطيات أو كانت لديه معلومات خاطئة أو أنه كان مشتبهاً بشيء، أنا ليس لدي معلومات، لكن أنا أؤكد لك أن هذين المكانين أنا لم أذهب إليهما طوال الحرب قطعاً، يعني أنني لم أذهب إلى مجمع سيد الأوصياء الذي قُصف ولم أذهب إلى مجمع الإمام الحسن (عليه السلام) الذي قُصف، وإذا مثلاً قد يُقال أنه بالحركة التي لي أنه تركت إشارة أو أثر أصلاً ليس له أي أساس. أنا أحتمل أنه في مجمع الإمام الحسن يكون الهدف هو الناس، تعلمون ماذا حصل في الأيام الأخيرة،الإسرائيلي أصبح يعرف  بشكل واضح أننا ذاهبون إلى النصر، فأراده نصراً بمزيد من الدماء وبمزيد من الآلام وبمزيد من الخسائر البشرية، وهو يعرف أن هذا الأمر يوجعنا،” نحن يوجعنا الناس”، لذلك أنا أميل أكثر إلى فكرة أن الناس هم من كانوا مستهدفين، حيث كان يوجد عدد سكان جيد  كانوا لا يزالون في المنطقة هناك، لكن فرضية أن الإسرائيلي كان يستهدفني أنا أو أنه كان يفترض أنه توجد غرفة عمليات موجودة هناك، ولم تكن تلك الغرفة موجودة هناك أصلاً، لم يكن في مجمع الإمام الحسن شيئ من هذا الإطلاق.

بن جدو: سماحة السيد خلال الحرب أنتم كشفتم أنكم كنتم في الضاحية، وبعد الحرب كشفتم أنكم كنتم في الضاحية، وربما الإسرائيلي فوجئ بهذا الأمر بعد أن فوجئ أكثر تذكر المرة الماضية سماحة السيد عندما قلت أننا في الطابق السادس، يعني هذا أكثر شيء إهتم به الإسرائيلي واعتبر هذا مزيداً من الإبتزاز، والتحدث من الطابق السادس والتحدث معك في المقابلة خلال تلك الحرب، لكن بعد إذنك سماحة السيد، أنا خلال هذه الحلقات قلت إنه جزء من شجاعة هذا الرجل، الذي نعرف أنك لا تريد التحدث عن نفسك كثيراً، زرت بيروت وزرت أناس، فممكن أن نتحدث عنها؟

السيد نصرالله: لا توجد مشكلة، هو أثناء الحرب، وأنا عادةً أتجنب الخوض في هكذا قصص، لكن هي مفيدة الآن نفسياً ومعنوياً، خرجنا، خرجت من الضاحية كنت أنا والحاج عماد ومعنا طبعاً إخوان آخرون، وذهبنا إلى مدينة بيروت وتجولنا في مدينة بيروت، كنا أنا وإياه ومعنا إخوان، وبشكل عادي جداً، وتفاجأت ـ ولا أخفيك ـ بعجقة بيروت والمطاعم وشط البحر والناس في الشوارع والعجقات والأعراس، وتشعر كأننا نوجد في دولتين، يعني هذه الضاحية الجنوبية، كم هي مساحتها، فإذا تخرج منها غرباً أو تخرج منها شرقاً “كأنك تطلع على دولة ثانية”، كأننا نحن في دولة أخرى، يعني واحدة لا أخفيك واحدة من المساوىء طبعاً، وهو ليس سلبي هذا طبعاً هو إيجابي، نحن لا نريد أن يَمس بيروت سوءاً ولا أهل بيروت سوءاً، أهلنا وناسنا وحبايبنا، لكن يعطيك أيضاً مظلومية الضاحية، طبعاً الضاحية والمناطق الأخرى التي كانت تُقصف، لكن عندما أتكلم ضاحية بيروت، خرجنا وتجولنا و”فتلنا وتفرجنا” على العالم، لم أزر أحد، يعني أنني ذهبت إلى بيت أحد كلا، “تفتّلنا” ومشينا، نزلنا تمشينا

بن جدو: في الليل أم في النهار

السيد نصرالله: في الليل،واشترينا سندويشات واشترينا بوظة، وبعدين عدنا أدراجنا إلى ضاحيتنا المظلومة.

بن جدو: أعتقد أيضاً سماحة السيد قضية المهجرين والنازحين كانت واحدة من القضايا التي تعنيك بشكلٍ خاص؟

السيد نصرالله: طبعاً هذا بلا شك كان أيضاً يعنيني بنسبة معينة، زادت من عزمنا عندما عملنا معادلة بيروت – تل أبيب، هذه زيارة قبل معادلة بيروت – تل أبيب.

بن جدو: هل توجد إمكانية سماحة السيد تحدثنا لأول مرةٍ عن الشهيد عماد مغنية؟

السيد نصرالله: عن ماذا؟

بن جدو: في تلك الحرب بالتحديد، كيف أدارها؟ أنتم كنتم مع بعضكم عما ما أعتقد؟

السيد نصرالله: أحياناً كنا نفترق، يعني ليس منطقياً أن المجموعة كلها تظل مع بعضها بشكل دائم، كنا نلتقي وكنا نفترق، يعني هذا كان محسوب جيداً، وأنه كان ممكن أنه نتيجة خطأ أو خلل أو نتيجة الصدفة أن المكان الذي أنت موجود فيه أو المجموعة الموجودة فيه أن تنزل (تنهار)، في الضاحية كان يوجد قصف عشوائي للبنايات، يعني في معادلة الضاحية – حيفا  كان هو أي الإسرائيلي ينتقي عشر بنايات ويُنزلها على الأرض، وأيضاً كان أنا أو أي أحد من الإخوان الآخرين نكون موجودين في هذه البناية التي تُضرب بالعشوائي، فكان التجمع خلاف العقل وخلاف المسؤولية الجهادية والشرعية، ولذلك نحن قسمنا بعضنا.

بن جدو: من فضلك كي لا أفهم أنه كذلك الصدفة والعشوائية التي للإسرائيلي هي التي حمتكم أو أنقذتكم؟

السيد نصرالله: كلا كلا الله هو الذي حمى ولكن الإدارة الجيدة أيضاً، وفي موضوع القصف الإسرائيلي في الأيام الأخيرة نفدت الأهداف في الضاحية من مراكز وبيوت ومؤسسات وتلفزيون وإذاعة ومؤسسة الشهيد.. لم يترك شيئاً، كل شيء إسمه مركز أو مؤسسة، انتهى، لم يعد لديه أهداف لكي يضربها، فعندما صار الإسرائيلي يضرب رداً على حيفا والوسط، ماذا فعل؟ لما يضرب بنايات بشكل عشوائي، يعني الكثير من البنايات التي تم تدميرها في الضاحية لا يوجد فيها لا مراكز لحزب الله ولا مؤسسات ولا بيوت قيادات لحزب الله، وبالتالي عندما ذهب الإسرائيلي إلى التدمير العشوائي، يمكن للتدمير العشوائي أن يُصيبك بالصدفة، في كل الأحوال، ثانياً: يمكن أن يحدث خلل، نحن أناس لسنا معصومين، يعقوب سلام الله عليه ماذا وصى أولاده؟ يا بني لا تدخلوا من بابٍ واحد، المنطق أن لا نجتمع في مكانٍ واحد، ولذلك نحن كنا عاملين عدد من غرف العمليات، وكنا متواصلين فيما بيننا، في غرف العمليات المركزية كل واحدة كان لديها معطيات كاملة، حتى إذا استشهدت هذه المجموعة، المجموعة الآخرى تُكمل وحدها، يعني نحن في كل حزب الله لم يكن هناك أحد يقاتل أنه “طالما أنا طيّب (حي) المعركة ماشية وبعدي الطوفان”، كلا نحن كنا حقاً مرتبين أمورنا بشكل أنه من أستشهد قد أستشهد كيف البقية تُكمل هذه الحرب ونخرج منها منتصرين إن شاء الله، هذا هو الجواب لهنا فقط

بن جدو:وماذا عن الحاج؟

السيد نصرالله: كان رحمة الله عليه ـ مع الإحتفاظ للأحياء، لأنه بالنهاية شوف هذه الحرب لنكون منصفين، لا نستطيع أن ننسبها إلى واحد دون واحد، يعني الكل كان شريك في هذه الحرب والكل كان له سهمه، صحيح أن الأسهم تتفاوت، بالدنيا صعب على الشخص أن يعطي الناس حقوقها، يوجد يوم قيامة حيث يعطي الله سبحانه وتعالى لكل واحد حقه ونتيجة عمله، لكن باعتبار أننا نتكلم عن أخ عزيز وكبير أستشهد، طبعاً الحاج كان  بالهرمية يعني هو رأس الهرم، بالتشكيل الجهادي، وهذا هو الذي يميزه عن بقية الإخوة الأحياء الذين كانوا شركاءه بالمعنى العام، والآن هم ما زالوا يحملون المسؤولية بكفاءة، وهو في الواقع كان رأس الهرم، في التشكيل الجهادي، ومرحلة الإعداد للحرب، هو رجل عمل في الليل وفي النهار،ولم يترك فرصة، يعني بذل جهوداً كبيرة جداً، والمعروف عن الحاج عماد أنه كان مبدعاً، يعني لديه إبتكار وأفكار، هو ليس مقلداً إذا صح التعبير، بل هو مجتهد في هذا العمل، ويعمل بمثابرة وبدقة ومتابعة متناهية، وأيضاً علاقته مع كل الإخوة كانت علاقة ممتازة، وعلاقة المودة التي تحدثت عنها سابقاً كانت موجودة، وأثناء المعركة بقي الحاج عماد بالليل والنهار يُتابع مع الإخوة يتصل ويحكي معهم، وإلى اللحظة الأخيرة الحاج كما بقية الإخوة كان حاضراً وبقوة وبعده سهران وتواصل كان قائماً، وأنا أقول لك سواء بالحاج أو بالإخوان الذين كانوا يديرون المعركة، إنه خلال الثلاثة وثلاثين يوماً لم ترَ في وجوههم إرباكاً أو وهناً أو ضعفاً أو توترا، كلا بالعكس، هذا من نعم الله سبحانه وتعالى علينا،الحاج كان لديه هذه المواصفات: يعني الهدوء والثقة واليقين، انه نحن ننتصر ونحن قادرون على ذلك.

بن جدو: حتى أنه يوم قصف البارجة كان في الشارع، كان يعاينها بنفسه

السيد نصر الله: نعم.

بن جدو: سماحة السيد فيما  يتعلق بالسلاح هل حصلتم على سلاح بشكل مباشر من سورية؟

السيد نصرالله: نعم،

بن جدو: قبل الحرب او خلال الحرب.

السيد نصرالله: لو كنا نتحدث قبل الأحداث في سورية كان من الممكن أن اتحفظ على هذه الإجابة، أكيد لا اقول لك، لا، أهرب، الكذب مشكلة.

لكن الآن من حق سورية علينا أن نقول نعم لأنه ما يُخشى منه حصل، أن تأتي اسرائيل وتقصف سورية؟ لقد قصفتها. الصحيح هو نعم. قبل الحرب جزء كبير من جهوزية المقاومة في لبنان كان يعتمد على السلاح من سورية، وليس فقط تسهيلات. لا، نحن أخذنا سلاحا من سورية. مثلا، عمدة القدرة الصاروخية التي استخدمت على حيفا وما بعد حيفا هو صواريخ من صناعة سورية وكانت صواريخ ممتازة جداً، لم يكن هناك أي تحفظ.

بن جدو: سلمت لكم؟

السيد نصرالله:سلمت، نعم.

بن جدو: بقرار؟

السيد نصرالله: طبعا بقرار. تتحدث عن صواريخ. في سورية كلاشينكوف لا يمكنك ان تعطي دون قرار من رأس الهرم، بطبيعة الحال من الرئيس بشار الأسد.

بن جدو: هذا الأمر كان منتشرا لدى القيادة في سورية؟

السيد نصرالله: هذا شأنهم، لا أعرف، أنا ليست مسؤوليتي أن أرى إن كان نائب الرئيس وزير الدفاع رئيس الأركان رئيس الوزراء لديه علم أو ليس لديه علم ليس شغلتي.

بن جدو: الكورنيت من أين  سماحة السيد؟

السيد نصرالله: أيضا من سورية.

بن جدو: الكورنيت؟

السيد نصرالله: نعم.

بن جدو: قبل الحرب.

السيد نصرالله: طبيعي.

بن جدو: خلال الحرب هل استمر مرور السلاح؟

السيد نصرالله: أيضاً لنعطي سورية حقها، اثناء الحرب لم يكن هناك خط أحمر، فتحت مخازن الجيش العربي السوري للمقاومة اللبنانية، تعالوا وخذوا ما تريدون دون أي تحفظ، أي نوع أي كم اي شيء، خذوا ما تريدون.

بن جدو: هذا في البداية او النهاية؟

السيد نصرالله: من بداية الحرب.

بن جدو: من بداية الحرب لم يكن هناك تلكؤ، مثلاً لننتظر الأمور إلى أين ستصل كم يوم، صمود غير صمود، تعرف في ذلك الوقت الوضع كان صعباً، مغامرات غير محسوبة؟

السيد نصرالله: الرجل عد مغامراً،على كل حال لا، من الأيام الأولى فُتحت المخازن تعالوا وخذوا السلاح الذي تريدون أي نوع صواريخ، أي سلاح، أي ذخائر، أي شيء وأنا لا أخفيك، نحن أخذنا سلاحاً من سورية اثناء الحرب.

بن جدو: خلال الحرب.

السيد نصرالله: نعم، أخذنا للإحتياط، لأننا كنا نفترض انه ربما الحرب تطول، ليس للحاجة الفعلية اليومية.

بن جدو: سماحة السيد أنا قلت خلال هذه السلسلة إن الرئيس بشار الأسد عرض عليكم أو أبدى استعدادا ان سورية مستعدة للانخراط في هذه الحرب لمواجهة العدوان الإسرائيلي، وسأترك الإجابة لكم، لكن هذه المعلومة التي قلتها هل هي دقيقة؟

السيد نصرالله: صحيح.

بن جدو: صحيح أبدى الرئيس بشار الأسد استعداد سورية للإنخراط في مواجهة العدوان؟

السيد نصرالله: لأتحدث عن التفصيل قليلاً ونكون دقيقين أيضاً أثناء الحرب حتى في بدايتها حصل اتصال بالقناة المعتمدة مع الرئيس الأسد، القناة هذه اتصلت مع الأخ المعني بالإتصال من عندنا، ونقل رسالة من الرئيس الأسد لي، انه يظهر ان المعركة كبيرة وخطرة، الأهداف معلنة وواضحة، تعرف وقتها الأهداف التي أعلنها الإسرائيلي ـ وإن بقي وقت وتحدثنا بالشق السياسي  ـ هي تدمير المقاومة في لبنان، سحق حزب الله، وعبارة السحق استخدمت عربيا وإسرائيليا وامريكيا، حتى مذكرات جورج بوش مكتوب فيها: سحق حزب الله.

الرئيس الأسد كان يرى أن الهجمة كبيرة، دولية وإقليمية، وهناك تواطؤ داخلي بهذا الأمر، أنه إذا تم القضاء على المقاومة، المعركة لن تقف عند هذه الحدود، وستتواصل باتجاه سورية، ومن حقه ان يحتاط لدمشق. كان يفترض بالأيام الأولى انه من الممكن القوات الإسرائيلية التي بدأت تتقدم ربما تدخل من ناحية حاصبيا، راشيا، البقاع الغربي وتتجه إلى المصنع وتلتف على دمشق وهذه نقطة الضعف المعروفة تاريخيا.

ولذلك كان هناك دراسة بالقيادة السورية ـ ضمن أي أطر هذا تفصيل انا لا أعرفه، لا أعلمه ـ انه إذا الأمور ستذهب بهذا الإتجاه قد تفكر القيادة السورية بالمبادرة إلى إدخال قوات سورية إلى سلسلة الجبال الشرقية وإلى البقاع الأوسط والغربي بإتجاه حاصبيا لملاقاة القوات الإسرائيلية الزاحفة، للدفاع عن دمشق وهذا يعني أن أي حركة من هذا النوع يعني دخول في المعركة، والرجل قال بالنهاية نحن مصيرنا واحد لبنان وسورية مصير واحد، وهذه نظرته للمقاومة في لبنان، دائماً عندما عرض عليه وهو عرض عليه حتى قبل العام 2006 عرض عليه ان يبقى في لبنان وأن يرسل قوات إلى الجنوب حتى إلى الأولي، لم يعد خطاً أحمر وان لبنان لك، لبنان لسورية وعرض هذا الأمر من زعماء عرب لكن في مقابل نزع سلاح المقاومة ونزع سلاح المخيمات الفلسطينية وهو رفض وكان جوابه ان المقاومة في لبنان هي ضمانة حماية لبنان وهي جزء من الأمن القومي العربي والأمن القومي السوري، حتى وقتها ذكر لي الجواب قال لي هم قالوا لي ترسل ثلاث فرق أو اربع فرق إلى الجنوب، إلى الحدود، وقال لهم إذا انا ارسلت فرق عسكرية إلى الجنوب وليس لدي غطاء جوي يطلع الإسرائيلي خلال ساعتين يمسحهم بينما هو لا يستطيع أن يقاتل المقاومة فكان هذه الفكرة.

لم يكن يبّلغني قراراً، حتى نكون دقيقين كان يقول ـ لأن هذا موضوع جداً دقيق وله علاقة بالقيادة وبآلية إتخاذ القرار في سورية في وضع سورية بشكل عام ـ إننا نحن نفكر هكذا وندرس هذا، أنتم ما رأيكم؟

فأنا وقتها ـ وهذه قصة ان القريب يرى ما لا يراه البعيد ـ أرسلت للسيد الرئيس الأسد: لا نحن وضعنا ممتاز جداً، هم لن يستطيعوا أن يسحقوا حزب الله، لن يستطيعوا أن يدمروا المقاومة، ونحن ذاهبون إلى نصر يا سيادة الرئيس وإن شاء الله ستلحق بهم الهزيمة وسيفشلون في تحقيق أهدافهم وانا شخصيا لست قلقا، ولا يظهر الجو أنهم ربما يدخلون من جهة حاصبيا راشيا البقاع  الغربي البقاع الأوسط، لا اعتقد ان دمشق الآن في دائرة الخطر وإذا انتصرنا لن تكون إن شاء الله في دائرة الخطر، ولذلك أنا أدعو إلى التوقف أو التريث، أن لا تقدموا على أي خطوة على هذا الصعيد.

وبكل صراحة أقول لك، قلت إنه نحن لا نريد أن تحصل حرب إقليمية في المنطقة، نحن قادرون أن ننجز نصراً في هذه المعركة، لماذا نذهب إلى حرب إقليمية، قادرون على صنع نصر فلماذا نكبر الخسائر؟ طبعاً الرجل يحترم آراء الآخرين، يحترم رأينا وبنى عليه وطبعا كانت القيادة في سورية تواكب يومياً، ساعة بساعة ويوماً بيوم. وهو بالحقيقة  في سورية ليس فقط الناس استقبلونا، قبل الناس النظام استقبلنا، النظام استقبل ناسنا، واستقبل عسكرنا، وفتح لنا مخازنه، ووقف معنا سياسياً وعسكرياً وأمنياً وكان جاهزا أن يقاتل إلى جانبنا لو كان هناك ضرورة لذلك (الفضل) بالدرجة الأولى للنظام لو هذا النظام “سكّر علينا” الناس لا يستطيعوا استقبالنا، هذه ايضا تحفظ للنظام في سورية.

نعم هذه هي القصة التي حصلت، ولذلك لاحقا عندما خطب الرئيس الأسد واعتبر ان هذا نصر أيضا لسورية، هذا صحيح، كان نصراً لسورية طبعاً، نحن اعتبرناه نصراً للبنان ولسورية ولكل العرب ولكل حركات المقاومة ولإيران وللعالم الإسلامي وللعالم العربي. لكن هناك ناس تهديهم نصر لا يريدونه، هناك ناس معتادون استاذ غسان على الهزائم، تأتي وتهديهم نصراً، ليسوا معتادين كواحد تضعه في هواء عليل وجو طيب وجلسة حلوة يمرض، لأنه ليس معتاداً، عام 2000 أهديناهم النصر، هناك ناس رفضوا، وعام 2006 أهديناهم النصر فقالوا لا هذا ليس نصرا.

بن جدو: منذ الأيام الأولى؟

السيد نصرالله: وهم “زعلانين” لما تود ان تنتصر وتهديهم نصرا.

بن جدو: فيما يتعلق بإيران سماحة السيد، معروف علاقتكم وأنتم أعلنتم اكثر من مرة بانكم تتلقون دعما منهم خلال الحرب، هل إن هذا الأمر حصل واستمر؟

السيد نصرالله: لا أذكر خلال الحرب لم ننقل سلاحاً اثناء الحرب من إيران لم نكن محتاجين.

بنجدو: لم تكونوا محتاجين.

السيد نصرالله: لا، لا، لم نكن محتاجين، ما كنا نريده سورية كانت تؤمنه، لذلك تركز النقل في زمن الحرب من إيران على عناصر الصمود، موضوع المهجرين، اللاجئين، المواد الغذائية، الخيام، الإستعداد لمرحلة ما بعد الحرب، نحن كنا جاهزين قبل الحرب لم نكن محتاجين لخط من هذا النوع.

بن جدو: سماحة السيد نحن سنتحدث عن الجانب السياسي ولكن أريد ان اختم فيما يتعلق بالجانب العسكري، وأنا أتحدث عن الإخوان، القيادة التي كانت إلى جانبك في الحرب، عند مناقشة مخاض القرار 1701 انتم اجتمعتم بالشورى كاملة وإتخذتم القرار آنذاك  ببعض النقاط ولم يكن القرار 1701 قد صدر خصوصا فيما يتعلق بانتشار الجيش وبعض القرارات الإستراتيجية الكبرى. ولكنني كأنني فهمت سماحة السيد بأنه ايضا عندما اتخذ ذلك القرار أتاكم من بعض أركان قيادتكم العسكرية  مَن طالبكم بأن لا تقبلوا بهذا القرار قائلاً اعطونا فرصة ونستطيع أن ندمر القوة العسكرية الإسرائيلية، هذا ليس فقط احتمال، ولكن أقول إن هذا الأمر طلب منكم ولكنكم رفضتم، لماذا رفضتم؟”

السيد نصرالله: الحقيقة لم يعرض على الشورى، عُرض علي قبل أن نذهب إلى ذلك اللقاء الذي كنا نأخذ فيه قراراً سياسياً. كان لبعض الإخوة تقدير نتيجة الوضع الميداني كان لديهم تقدير إذا كان بإستطاعتنا نأخذ بعض الوقت أسبوعين أو ثلاثة.

بنجدو: ثلاثة اسابيع؟

السيد نصرالله:هناك إمكانية أن هذه القوة البرية التي دخلت إلى الجنوب والتي يمكن ان تلحق بها أيضاً من قوى برية أن ندمرها ونلحق بها خسارة كبيرة جداً.

بنجدو: لماذا رفضتم؟

السيد نصرالله: أولاً طبعاً هذه فرضية تحتاج لتدقيق ونقاش، وجهة نظر لها أدلتها.

ثانياً وهو الأهم أن انتهى، الوضع بأكمله يتجه لانتهاء الحرب، أتحدث بالحلول السياسية، بالمفاوضات، بالأفق.

ثالثاً، وهو مهم جداً، موضوع الناس، بالنهاية نحن لا نودّ تحميل شعبنا وبلدنا وناسنا وأهلنا ما لا يطيقون، وكانت هذه دائماً من اصول عمل المقاومة. من العام 82 دائما كان هذا إلتزام موجود عند المقاومة، إن تعود لتاريخ عمليات المقاومة نحن بإمكاننا كل يوم أن نشن عمليات وكل يوم نقصف هاون وكل يوم نقصف كاتيوشا، لم نكن نقوم بذلك، أخذ معنا الموضوع وقتا لأننا كنا نحاول أن نوازن بين العمل العسكري الميداني الذي يستنزف العدو وقدرة الناس على الصمود وعلى التحمل. هؤلاء ناسنا وشعبنا وأهلنا، نحن أهل البلد من نقاتل، نحن لسنا قادمين من الخارج، يبقى هناك فرق، حتى من يأتي من الخارج ونيّته مهما تكون نظيفة وجيدة لكن بالنهاية ليست زوجته وأولاده وأبوه وأهليته هم من يجلسون تحت القصف أو تحت الردم، وهم المهجرون يعيشون في الطرقات وفي الحدائق العامة.

موضوع الناس بالنسبة لنا أصل، ليس أن الناس هم يضغطون علينا، بالعكس جنابك رأيت بالحرب معنويات الناس وموقف الناس، وكانت بعض وسائل الإعلام الأجنبية تبحث عن أي أحد يعبر عن موقف سلبي.

بن جدو: صحيح.

السيد نصرالله: وكانت معنويات الناس ممتازة وإرادة الناس ممتازة، لكن نحن كان يهمنا، طالما وصلنا إلى المكان الذي فشل به العدو، انتهى، “شو ما تريد أن تسميه”، هزيمة، نصر، فينوغراد، كم استعمل كلمة فشل فشل فشل فشل  فشل هذا محسوم.

في لحظة من اللحظات العدو فشل في تحقيق أيّ من أهدافه، ولدي تسوية تعطيني هذه النتيجة، لمَ لا أوقف الحرب، فلأوقفها.

بن جدو: إذاً قضية الناس كانت هي النقطة الأساسية التي دفعتكم بشكل أساسي لأن ترفضوا هذا الأمر.

السيد نصرالله: طبعا نقطة أساسية وجوهرية.

بن جدو: سماحة السيد مع الإحترام والتقدير الكامل للرئيس نبيه بري لماذا في الحرب تم تفويض الرئيس نبيه بري وليس شخصاً آخر مثل الرئيس لحود الذي يعتبر أيضا حليفكم وهو رأس الدولة، هل كما اعتبر البعض لأنه حليف شيعي؟

السيد نصرالله: أثناء الحرب طبعاً الوفود تأتي لتفاوض الدولة التي تفاوض. لدينا في لبنان تركيبة معروفة، هناك ثلاثة رؤساء: الرئيس لحود تذكر كان ممدداً له، والعالم قاطع الرئيس لحود، جزء كبير من دول العالم إتخذت موقفاً منه ، وأيضاً جزء من الداخل اللبناني قاطع الرئيس لحود وكان يحرض على الرئيس لحود، وطبعاً هذا الجزء في الداخل اللبناني لن يسمحوا بحصول الحل إذا كان سيحصل عن طريق الرئيس لحود.

إذا لن يسمحوا له، المنطقي جدا انه هناك رئيس جمهورية يفاوض بمعزل عن طائفته او عن شخصه أو ما شاكل.

الرئيس لحود كان هو رئيس جمهورية كشخص موضع ثقة بالمطلق، خصوصاً في مسألة المقاومة. أنا أشهد أن الرجل اثناء الحرب مارس دوراً كبيراً جدا وكان لديه معاناة كبيرة جداً في مجلس الوزراء وكان حريصاً ان يأتي إلى كل جلسات مجلس الوزراء ويترأس الجلسة، وتعرف كم كانت المعاناة خلال 33 يوم في مجلس الوزراء وجنابك تحدثت عن بعض التفاصيل في الحلقات.

الرئيس لحود حضر ودافع وحمل حملاً كبيراً جداً وضخماً جداً واتُهِم، وأنا أشهد انه خلال فترة رئاسته هناك بعض الأمور هو كان يسبقنا، كنت أحيانا أنا عندما استمع إليه أقول يا فخامة الرئيس طوّل بالك علينا شوي، إلى هذا الحد، فهنا لم يكن هناك مشكلة أبدا، ليست المشكلة هي في شخص الرئيس لحود أو من كان رئيس جمهورية وإنما المجتمع الدولي الذي يأتي ليفاوض قاطع الرئيس. بالنهاية سنفاوض.

بقي الرئيس بري والرئيس السنيورة من تأتمن؟ طبيعي أنا أئتمن الرئيس بري، وهذا ليس له علاقة بالموضوع الطائفي، لو كان الرئيس لحود لديه امكانية ليفاوض كان طبيعي نحن والرئيس بري كنا فوّضنا الرئيس لحود وجلسنا قربه والرئيس بري كان ساعده.

فبطبيعة الحال الرئيس بري تأتمنه، أولا هو من قادة المقاومة، من كبار المقاومين، حزب الله وحركة أمل نحن أبناء مدرسة واحدة، مدرسة سماحة الإمام السيد موسى الصدر أعاده الله بخير ورفيقيه.

رئيس المجلس، خبرته جديته وشجاعته كل المواصفات المعروفة لا داعي لذكرها، والرئيس بري لا يحتاج إلى هذا المديح وهناك شراكة مصير ودم على مستوى البلد.

طبعا لم أكن لافوض رئيس الحكومة، بكل صراحة لأن رئيس الحكومة لم يكن موثوقاً في هذا الملف بكل صراحة، لم يكن موثوقا على الإطلاق في هذا الملف، منذ اللحظات الأولى لم يكن موثوقاً وإلى اللحظات الأخيرة لم يكن موثوقاً. والمعركة السياسية، معركة التفاوض، للأسف الشديد للأسف الشديد أخ غسان قبل أن تكون مع الأمريكي والفرنسي والبريطاني ومجلس الأمن، كانت المعركة مع رئيس الحكومة السابق وفريقه السياسي، للأسف الشديد، وأنت ذكرت تفاصيلها.

بن جدو: سنتحدث عنها بعد الموجز سماحة السيد؟

السيد نصرالله: ولو اعطيناهم رقابنا لقصّوها هذه باختصار شديد.

بن جدو: في تلك الحرب؟

السيد نصرالله: نعم لو اعطيناهم رقابنا لقصّوها، نعود لهذا، هذا يحتاج لبعض التفصيل.

بن جدو:على كل حال الرئيس بري أكان شيعياً أو بوذياً هو بلا شك يمتلك مؤهلات وقدرات تؤهله أن يدير معركة سياسية، ولكن هذا فاصل كان ينبغي أن نفتحه خصوصا ان هناك من تحدث انه لأن حليفه شيعي صارت المسألة مذهبية، وليست مسألة بشكل آخر؟

السيد نصرالله: أقول لك بصراحة لو كان رئيس الحكومة هو الدكتور سليم الحص نعم انا أئتمنه بكل صراحة، وأنا الآن أتحدث بعاطفة وليس فقط بعقل، بعقل وعاطفة أئتمنه على دمائنا وأموالنا وأعراضنا ومقاومتنا وقضيتنا. لو كان رئيس الحكومة دولة الرئيس عمر كرامة أئتمنه كما أئتمن الرئيس الحص. الرئيس السنيورة لا، بكل صراحة. فالموضوع ليس موضوع شيعي وسني، الموضوع موقف سياسي، موقع سياسي، ومشروع سياسي.

بنجدو: سندخل ربما في هذه المسائل ولكن أيضاً سنتطرق سماحة السيد بعد إذنك إلى بعض التطورات الراهنة.

بن جدو: كنا نتحدث قبل الموجز عن من اعتبروا أنهم شركاء، يعني بمعنى أخر نستطيع أن الاشخاص الذين أعلنوا بأنهم معكم، طبعاً الرئيس إميل لحود، دولة الرئيس سليم الحص، الرئيس نبيه بري، الوزراء والسادة سليمان فرنجية، إلى غيرهم من هؤلاء القادة جميعاً، المرحوم فتحي يكن رحمه الله، طلال إرسلان، عبد الرحيم مراد، أسامة سعد وكلهم، حتى لا يحزن أحد مننا، ولكن لم تفصلكم عن حرب تموز سوى 6 أشهر فقط، عن اتفاق التفاهم بينكم وبين العماد ميشال عون، بكل صراحة وللتاريخ هل فاجأكم موقف العماد عون أنذاك ؟

السيد نصرالله: أنا شخصياً لم أفاجأ، لأنه عندما التقيت بالعماد ميشال عون، الذي كان أول لقاء في كنيست مار مخايل، بشباط قبل الحرب، وكان خلوة في ما بيني وبينه، أنا سمعت رأيه بوضوح، وفي ما بعد عندما كنا نلتقي في طاولة الحوار في أكثر من وقت وفي أكثر من مناسبة، سواء على الطاولة أو باللقاءات الجانبية، أيضاً أنا سمعت رأيه بوضوح، ببساطة باستطاعة الانسان أن يكتشف أن العماد عون لا يقول لك شيئاً ويخفي شيئاً أخر، من مميزات العماد عون وضوح في رؤيته ووضوح في الاعلان عن رأيه، يعني ما في داخله يقوله لك. طبعاً، هذه أولاً، فإذاً الموقف الذي كنا نتحدث به قبل الحرب، رؤيته للمقاومة وللصراع مع العدو الاسرائيلي، ورؤيته للدفاع عن لبنان، وهو كان قائد جيش سابق وهو يعلم المعادلات العسكرية والاستراتيجات العسكرية، يعرف ما معنى جيش نظامي ومقاومة شعبية، كل هذا التفصيل صار يحكى فيما بعد، فالرجل كان لديه وضوح شديد في الرؤية وفي هذا الموضوع، إلى الآن يقول ان في الموضوع الاستراتيجي حاسم خياره وهو كان حاسم خياره، حسناً هذا بالخلفية.

بطبيعة الشخص، هو من النوع عندما يلتزم بموقف يلتزم به حتى النهاية، وهذا معروف عن العماد عون، هو التزم بموقف وأخذ خياراً، ويقول لك هذه رؤيتي الاستراتيجية، خياري الاستراتيجي، بالموضوع الداخلي أختلف أو أتفق معك، هذا بحث آخر، ولكن أنا لم أفاجأ، وموقفه كان موقفاً تاريخيا. أعتقد أنني في مرة من المرات قلت إنه موقف أخلاقي، بعض السياسيين قال كأنه انا أخفف من قيمة الموقف، قلت له لا موقف أخلاقي يعني ما فوق السياسي، عندما تأخذ موقفاً أخلاقياً وإنسانياً يعني أنت تأخذ موقفاً ما فوق السياسي، ضمناً هو موقف سياسي، وحسم خياراته، والآن تقول انه موقف تاريخي، طبعاً، وأنا أذكر أن أحد الشطار في 14 اذار، قال سترون غداً..لأنهم هم كانوا يراهنون انه لطالما اميركا والغرب والعرب وكل العالم أتوا ليسحقوا حزب الله فحزب الله سيسحق، حسناً، العماد عون أخذ خياراً مع المقاومة في هذا الموقف، ففي وقتها يقول هذا الشاطر: “أنه تنتهي الحرب وابحثوا عن العماد عون في أحد مستشفيات المجانين في فرنسا” ومعروف في لبنان صاحب هذا الكلام، فالرجل هذا كان موقفه، ففي أكثر من مناسبة كنت دائماً أعبر عن.. حتى في آخر لقاء بيني وبينه أنا جددت الشكر، فقال لي هذا موقفي وقناعتي وخياري الاستراتيجي ولا يوجد داع لتشكرني، يعني نحن بقيمنا من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق، طبعاً حتى في هذه المناسبة سواء للعماد عون أو لكل الذين ذكرتهم من أسماء والاحزاب والقوى والشخصيات في لبنان وفي خارج لبنان طبعاً نحن دائماً نعبّر عن شكرنا وتقديرنا لموقفهم الى جانب المقاومة وحتى كان هناك أناس هم جزء من المعركة، لذلك أنا أتجنب الدخول في الاسماء لأنني أخاف أن أذكر أسماء وأنسى أسماء كثيرة.

بن جدو: حسناً سماحة السيد انا لا أريد أن آخذ دور محامي الشيطان هكذا للفهلوة الصحافية، سؤال إبتدائي: قلتم قبل قليل لو سلمت رقبتكم للرئيس السنيورة لقطعها، لماذا؟

السيد نصر الله: حسناً كنت حريصاً قبل ذلك أن لا أطيل في الأجوبة اما هنا أطلب منك ان تسمح لي.. من بداية الحرب طبعاً قبل الحرب قلب النقاش على طاولة الحوار ومن بعد ال 2005 يعني من بعد استشهاد الرئيس الحريري وتشكيل هذا الوضع السياسي الجديد في البلد، التركيز كله على موضوع سلاح المقاومة، يعني المقاومة، لانه المقاومة من دون سلاح، “شو بعمل يعني بكتب قصائد شعر”، آخذ موقفاً سياسياً، العرب من 65 سنة مقاومين بالاعلام وبالسياسة وبالشعر وبالأدب، حسناً، مع إحترامنا  لهذه الوسائل لأنها هي جزء من المقاومة، جزء مكمّل ولكن رأس الحربة هو السلاح، كل الضغط كان بموضوع المقاومة، عندما ذهبوا إلى الحوار، لما دعا الرئيس بري إلى طاولة الحوار جاءوا على قاعدة أنه كيف سنعالج موضوع سلاح المقاومة، وانا حكيت بشهر رمضان أنه منذ اليوم الأول الى اليوم الهدف الحقيقي لقوى 14 اذار ليس حماية لبنان وليس الدفاع عن لبنان ولا وضع استراتيجية دفاع وطني، أصلاً  ليس هذا هدفهم، هدفهم في العامية “عطونا هالسلاحات والله يعطيكم العافية”، بهذا التبسيط، هذا سلاح المقاومة سلّمونا اياه، سلمه للجيش اللبناني، وليس همّهم ان نسلمه للجيش اللبناني، تقول لهم الآن، حسناً يا شباب أنا أخذت قراراً أن أرمي هذا السلاح في البحر، أخذت قراراً أن أجمع هذا السلاح وأفجره، أو أرد هذا السلاح لمن أعطاني اياه، هم همهم كيف يتخلصون من هذه المقاومة، وهذا طبعاً مبني على معطيات ومعلومات ونقاشات وحوارات ومواقف علنية،  أنا لا أتحدث عن معلومات خاصة. في طاولة الحوار طبعاً كل الجهد كان يذهب في هذا الاتجاه، بدأت الحرب، موقفهم في الحرب أنت تكلمت عنه ولا أريد أن أكرر، وكل اللبنانيين والعرب والذين تابعوا الحرب يعلمون موقفهم السياسي والاعلامي وأداءهم، ولكن عندما وصلنا الى الحكومة، “شو بدي بالقوة السياسية، فليحكوا كما يريدون ويقولوا ما يريدون ويتهموا كيفما يريدون، يعني يومها اننا أفتعلنا حرب من أجل الملف النووي الايراني، أو من اجل أن “نزمّط (ننجي)سورية من المحكمة الدولية” حكي تافه وسخيف، حسناً “شو بدي فيهم” لا أريد أن أضيّع وقتاً عليهم، لكن الحكومة جهة لتأخذ قرار ونحن كنا في هذه الحكومة، حكومة يرأسها دولة الرئيس فؤاد السنيورة، وكان يوجد تحالف رباعي وكان يوجد التزامات وعهود لم يتم الوفاء بها بكل الاحوال من قبل الشركاء الاخرين، وقبلنا أن ندخل الى هذه الحكومة وأن نكون شركاء فيها وليس لدينا لا ثلث ضامن ولا ثلث معطل ولا شيء، هم يأخذون القرار الذي يرونه مناسباً، حسناً من بداية الحرب الفريق السياسي الآخر، يعني رئيس الحكومة ومن وراءه ومن وراء من وراءه، هم تبنوا أهداف الآخرين، يعني من أول الطريق، ثاني يوم من الحرب أو ثالث يوم، باللحظة التي كان يوجد أبنية مهدمة ويوجد مليون مهجر والاسرائيلي يتكلم بالسحق والمحق والخ… يأتي اتصال من هذا الفريق أنه أذا كنتم تريدون إيقاف الحرب عليكن أن تقبلوا بما يلي ـ وطبعاً كانوا متبنين هذا الطرحـ لم يكونوا يعرضون وساطة، يعني كانوا يضغطون علينا، يعني إذا لم تقبلوا سيدمر البلد وأنتم تتحملون نتيجة الدمار، هذه معركة لا يوجد لها أفق ـ حسناً،  ما الذي تريدون منّا أن نقبل به يا شباب ؟

واحد، تسليم سلاح المقاومة.

ثانياً، القبول بقوات متعددة الجنسيات، وليس قوات أمم متحدة، نتنشر في الجنوب وعلى طول الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة ومع سورية وفي المطار والميناء.،  يعني المداخل الحساسة، لأجل أن يضمنوا أن لا يدخل سلاح أو ما شاكل.

ثالثاً، تسليم الاسيرين، فيما بعد بهذا الموضوع “نزلوا شوي”، أن يسلمان الى الحكومة اللبنانية. فإذا سلّمت الاسيرين للحكومة اللبنانية فلن يبقوا ساعتين مع الحكومة اللبنانية.

بن جدو: ولاحقاً نزلوا وطالبوا بتسليم أسير واحد؟

السيد نصرالله: لنبدأ من هنا، حسناً، سارت الحرب، قلنا لا لا، وكان أفق الحرب واضحاً، أفق سحق، عندما أتحدث عن أهداف الحرب لا أتحدث عن معلومات، هذه موجودة بالتلفزيونات والوثائق وأنت وثقت هذا الموضوع من “أولمرت ونزول”.

و”بعدين” من أكثر من جهة، في كتاب”مذكرات جورج بوش” (يوجد) سحق حزب الله، أحد الزعماء الوطنيين اللبنانيين يتصل بالسعودية ليطلب تدخل الملك، فالملك لا يكون موجوداً، هذا الوسيط يتحدث مع الأمير نايف، وقتها كان وزير داخلية وكان أساسياً (في النظام) في وقت الحرب، فالأمير نايف يرسل للزعيم اللبناني بأنه لا تبحثوا، هناك قرار دولي إقليمي بسحق حزب الله. لاحظ العبارة، عبارة موحّدة. عندما ذهب الوفد العربي إلى نيورك من أجل المفاوضات والتقى مع جون بولتون، جون بولتون أيضاً بلّغهم: هذه الحرب لن تقف إلا إذا سحق حزب الله، دمّر أو سلّم سلاحه.

هذا الفريق السياسي يا أستاذ غسان كان متبنياً لهذه الأهداف، وأنا لم أظلمهم ولا أتجنى عليهم، الوقائع تقول هذا. حسناً، تابعنا الحرب، صار الإسرائيلي ينزل بأهدافه، ينزل ينزل ينزل ينزل، لم يعد الهدف سحق حزب الله ولا تدمير حزب الله، وصلنا إلى آخر الحرب كان يريد 15000 جندي في لحظتها من اليونيفيل، قبل ب2000. كان يريد إخراج حزب الله من جنوب الليطاني، قبل ببقاء حزب الله بجنوب الليطاني. كان يطالب بنزع سلاح حزب الله (فقال في آخر الحرب) ليبقَ سلاح حزب الله، يبقى سلاح حزب الله، لهذا الحد الإسرائيلي نزل. وفي موضوع الإسيرين نذهب إلى التفاوض.

عملياً الإسرائيلي نزل نزل نزل نزل، هم لم ينزلوا. تقول لي: نحن أين كان ألمنا في الأيام الأخيرة للحرب؟ طبعاً كل ايام الحرب كانت مؤلمة ومرة، في الحكومة بالنقاشات والجدل لم نشعر للحظة من اللحظات أن هناك رئيس حكومة أو فريقاً سياسياً يتعاطف معك ولو إنسانياً، ولو إنسانياً. لا تعاطف إنساني، ولا تعاطف اخلاقي فضلاً عن السياسي. بالسياسة في مكان آخر تماماً مشروعه شيء آخر، أنت تتحدث عن حرب وهو يتحدث عن بسط سلطة الدولة على تمام الأراضي اللبنانية.

بعد ذلك، بعد الحرب، ماذا حدث في 5 ايار 2008؟ جاء في “فينوغراد” أهم شيء، أهم شيء من نقاط القوة لدى حزب الله هو موضوع القيادة والسيطرة والاتصالات.

أليست حكومة الرئيس السنيورة هي التي أخذت قراراً بأن تضرب أهم سلاح في المقاومة أدى إلى النصر في حرب تموز؟ حكومته التي أخذت هذا القرار. هذه الحقيقة في المعطيات الأساسية، المشكلة كانت هنا.

بن جدو: المشكلة مع شخصه أو مع فريق سياسي؟

السيد نصرالله: كلا، فريق سياسي.

بن جدو: فريق سياسي كذلك داخلياً فقط أو من يرعاهم خارجياً؟

السيد نصرالله: كلا، كذلك قلت لك من وراءه ومن وراء وراءه.

بن جدو: عربية ودولية؟

السيد نصرالله: عربياً نعم، كان هناك قرار دولي وعربي واقليمي ويوجد دول اقليمية متورطة، مصر “نظام حسني مبارك”،  والسعودية “المملكة العربية السعودية” وإذا اردت اكمل الباقين..

بن جدو: أكمل، تفضل؟

السيد نصرالله: كلا، خلص “يكفي هالقد” هؤلاء أهم شيء. يوجد دول عربية متورطة في هذه الحرب، وهذا الفريق السياسي حاول أن يوظف هذه الحرب، ليس من أجل الناس وليس من أجل أهل الجنوب وليس من أجل أهل البقاع وليس من أجل المقاومة وليس من أجل السيادة وليس من أجل مزارع شبعا ولا من أجل الاسرى، لم يكن هؤلاء يعنون له شيئاً، كان يوظف هذه الحرب كيف ينتهي من المقاومة، من سلاح المقاومة، ولذلك استمر بعد الحرب، هذا المشروع مستمر، ما زال مستمراً حتى هذه اللحظة، إلى الآن مستمر. لذلك هذا الفريق هو نفسه، نفس العقلية، نفس الخلفية، نفس الاتجاه.

بن جدو: ما زال نفس الفريق في الداخل وفي الخارج؟

السيد نصرالله: نعم.

بن جدو: هو ذاته؟ بما فيه الدول التي سميتها؟

السيد نصرالله: نعم، وبشكل أسوأ.

بن جدو: كيف يعني أسوأ؟

السيد نصرالله: أسوأ، يعني الآن بات يستخدم كل شيء. يعني بالسابق في حرب تموز ربما لم يلجأ أحد الى الخطاب المذهبي، ولكن الآن لا يوجد محرّمات في الحرب على المقاومة، لا يوجد محرّمات أبداً، لا أمنية ولا سياسية ولا إعلامية ولا مالية ولا اقتصادية ولا اجتماعية، لا يوجد محرّمات، الوضع واضح على كل حال. الآن اكتفي في هذا التفصيل انك جنابك فصّلت ماذا جرى داخل مجلس الوزراء، ولكن أنا أعطيت الإطار العام. حتى أنا اذكر في الأيام الأخيرة، الوفد العربي في نيويورك اتصل بالرئيس بري وقال له ما قصتكم نحن هنا “خالصين”، يعني المشكل كان هنا في لبنان وليس في الامم المتحدة، هذه الحقيقة.

بن جدو: فيما يتعلق بالوفد العربي، ما كان واضحاً انه حين ذهب الوفد العربي إلى نيويورك لم يكن هناك قبول أميركي وإسرائيلي بالدخول بالمفاوضات، فجأةً يأتي الجانب الاسرائيلي إلى الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني يقول له: “أنا أقبل بكل شيء”، ولم يعرف ما هو السر ولم يعرف الناس ما هو السر؟ ما هو السر سماحة السيد حتى يقبل الاسرائيلي ويهرول ويلحّ على قرار وقف إطلاق النار؟

السيد نصرالله: الآن طبعاً نحن والشيخ حمد يوجد مشكلة بسبب الوضع في المنطقة وسوريا، ولكن لا يوجد شك أن الأداء الذي حدث وقتها في حرب تموز في الأمم المتحدة كان أداء جيداً، يعني نحن نختلف فيما بعد، نهجم على بعض فيما بعد، ولكن في المكان الصح نقول صح، يعني الآن مثلاً يوجد بعض الناس ينتقدونا انه انتم في زمن سابق قلتم “شكراً قطر”، نعم قلنا شكراً قطر صحيح، قطر وقفت، وجاء(حمد) زار الضاحية، وعمرت وساعدت..

ولكن فيما بعد أنا لا استطيع أن اقول له شكراً قطر في الموقف الموجود في المنطقة ـ لأجل أن اعمم الان ولا ادخل فقط في سوريا ـ هذا فقط الان بين هلالين.

بعد الحرب بمدة من الوقت ـ سأحكي هذه القصة التي ستجيبك على السؤال في سياق القصة ـ طلب أن يراني، فالتقيت به ( الشيخ حمد بن جاسم) وأول ما جلس قال أنا في الحقيقة منذ أيام مفاوضات نيويورك وقد خططت أن اطلب موعداً منك لأسألك سؤالاً فدعنا نبدأ بالسؤال ثم نكمل بالشيء الثاني.. قلت له: “تفضل إسأل بالذي تريده، أنت ضيفي وهذا حقك”.

قال: سأحكي لك هذه القصة وأنت أجبني: عندما ذهبنا الى نيويورك كنت أنا وعمرو موسى  (مع حفظ الالقاب) وفلان وفلان.. إستقبلنا جون بولتون على المدخل: ماذا جئتم تعملون؟ – انت تعرف اصداقاء وحبايب..- ماذا جئتم تعملون؟

قالوا جئنا لنرى، لأننا نحن المبعوثون من جامعة الدول العربية، ونريد أن نعمل جهداً لنوقف الحرب – هذا كله كلام الشيخ حمد – يقول جون بولتون: اذهبوا و”صيّفوا” و”شّوا الهواء” و”كيّفوا”، انتم تضيعون وقتكم. يوجد حلان: إما أن يدمّر حزب الله ويسحق، أو يقبل بتسليم سلاحه، غير ذلك لا تبحثوا.

قالوا دعنا نرَ، نريد أن نسعى ونفاوض ونريد أن نجادل، ودخلنا لنجادل. يوم، إثنين، ثلاثة، اربعة، الاسرائيلي بدأ “ينزل” ولكن يوجد أماكن ما زال مصراً عليها ـ الاسرائيلي في ذلك الوقت ـ منها مثلاً “أنه ليس نزع سلاح حزب الله في لبنان بل جنوب ليطاني منزوع السلاح”، انه اريد 15000 الف جندي يونيفل يجب أن يتواجدوا في لبنان وبعدها أنا أنسحب من الأماكن التي دخلت إليها، المدنيون ممنوع يدخلوا ويرجعوا الى قراهم وإلى مدنهم قبل أن يأتي الـ 15000 الف جندي يونيفل وثم ينسحب الاسرائيلي، ثم يكمل ما مقدار الوقت الذي نريده لنأتي بـ 15000 جندي؟ بدأوا بسؤال الدول المستعدة بالمشاركة، بحاجة لأربعة أو خمسة أشهر. يعني ماذا سنفعل؟ وقف إطلاق نار، مع نزع سلاح جنوب الليطاني ـ هذا في الأيام الأخيرة ـ وسننتظر الـ 15000 جندي يونيفل ليأتوا إلى الجنوب، والناس ستبقى مهجرة أكثر من شهر ليأتي اليونيفل يستلم من الاسرائيلي، والاسرائيلي ينسحب. هذا كله كان يعرض علينا ونحن نقول كلا، كلا ابداً.

الشاهد هنا، يقول: في ليلة من الليالي في جلسة متعبة كثيراً – وهم مصرّون على الـ 15000 جندي، فتعبنا ولكن ظاهر لنا الملامح اين يوجد الاشكال وأين ظاهر الحل.. يقول انا رجعت الى السفارة القطرية لأنام، أريد أن أرتاح، وبعد حوالي النصف ساعة يقولون لي إن مندوب اسرائيل في مجلس الامن يريد أن يتكلم معك، يريد أن يدخل إلى عندك. قلت ليتفضل ليدخل. يعني هذا شيء طبيعي لديهم، فدخل المندوب الاسرائيلي، وقال للشيخ حمد نريد “همّتك”، نريد الآن أن نعقد جلسة لمجلس الأمن ونريد أن نوقف الحرب، يقول له هل تمزح معي؟ هل “تتمهزء” بي؟ هكذا، الآن جئنا متعبين جئنا لنرتاح. قال له (الاسرائيلي) كلا أنا أتكلم إليك بجدية.

ما الذي حدث (سأل حمد) أجابه لا أدري جاءنا اتصال من دولتنا، من حكومتنا، نريد وقف إطلاق نار، نريد أن نوقف الحرب بأي ثمن، “خلص” اذهبوا وقوموا بذلك.

الأميركيون بـ”الجو”(سأل حمد) أجابه نعم بالجو، فقلت له (حمد) نعم لألبس ونذهب.

ذهبنا الى مجلس الامن فرأيت جون بولتون بانتظاري على الباب، يقول (حمد): حضنني جون بولتون وقال “بدنا همتك شيخ حمد” نريد أن نأخذ قراراً ونوقف الحرب، هذا الكلام مهم جداً.

حمد يقول له: حزب الله تدمر؟ يقول له كلا، سلموا سلاحهم؟ أجابه كلا، يعني هل قبل بتسليم سلاحه؟ (رجع على الكلام الاول) اجابه كلا.

إذاً ما القصة؟ قال له (جون بولتون) لا أعرف، أنا الذي أعرفه أن أولمرت تكلم مع جورج بوش قال له “خلص” أوقفوا لنا الحرب، والن نريد أن نرى كيف ندبّرها.

يقول(حمد) دخلنا إلى الجلسة، بعد قليل (سألناهم): هل تريدون نزع السلاح في جنوب الليطاني، كلا لا يوجد مشكلة بأن يبقى السلاح، لا يوجد مشكلة، “طيّب” موضوع 15000 يونيفل، نريد أربعة أو خمسة أشهر لنأتي بهم، كلا يا أخي نقبل بهؤلاء الألفين “بيمشي الحال”، خلص يتحدد موعد ونحن ننسحب، وطبعاً الأمور الأخرى.. “طيب” والأسيرين؟ كلا، نتبادل، نقوم مفاوضات عليهم.

قال (حمد): أنا ذهلت، على ماذا كنا نطحن و”ندق رأسنا بالحيط” فقلت أكيد صار هناك شيء، وأنا منذ ذلك الوقت نويت عندما آتي إلى عندك (أن أسألك) في هذه الليالي ماذا حدث، حتى كان هناك انهيار لدى الاسرائيلي ، صار في ذلك الوقت إنهيار بالتفاوض السياسي.

بن جدو مقاطعاً: في الايام الاخيرة؟

السيد نصرالله: نعم، انهيار في التفاوض.

قلت له لا أعرف (السيد نصرالله مخاطباً حمد) في اي ليلة في التحديد أنت تقول لي. ولكن انا جوابي لك (لحمد) هو الذي سأقوله وللسادة المشاهدين، في آخر أيام الحرب في مذكرات جورج بوش ماذا يقول؟ يقول جلسنا نتناقش أنه في الآخر هل ستكمل الحرب او لا؟ كوندليزا رايس ماذا تقول؟ تقول يجب أن نوقف، هذه صاحبة الشرق الاوسط الجديد.

بعض القادة الاسرائيلين يقولون لو استمرت الحرب كانت إنهارت اسرائيل، لست أنا من يقول هذا. لكن أنا في المباشر ما الذي أنا اعرفه ورأيته؟ انه هذا نتيجة تراكم، يعني نتيجة 33 يوم، وليس نتيجة ليلة محددة وإن كان هناك تطور كيفي ونوعي حصل في الليالي الأخيرة. يعني عندما ذهب الاسرائيلي بالحرب..

أولاً سلاح الجو عمل به وانتهى من الأهداف وضرب الأهداف مرة واثنتين وثلاث ولم يقدر ان يحسم المعركة ولم يقدر أن يوقف قصف الصواريخ ولم يقدر أن يقتل قيادات كبيرة وأساسية بل حتى قيادات وسطى، “طيب” والمقاومة مازالت مستمرة، وهو يعلم من التنصت ومن الفعل الميداني أنها ما زالت بنشاطها وحيويتها واندفاعها، اذاً سلاح الجو “خلص”.

ثانياً: البحر، عندما ضربت ساعر 5 خرج من المعادلة قوة البحر..

ثالثاً: دخل إلى الميدان ودخل بقوة النخبة وشاهد مواجهة قاسية جداً، قصفت دباباته، في النهار لم يعد قادراً على تحريك المروحيات، الطيران الحربي لا ينقل قوات بل يضرب هدفاً، ولكن اذا أراد أن ينقل قوات وأراد أن يبعث بدعم لوجستي .. فإنه سيعتمد على المروحي، في النهار ايضاً أسقطنا له مروحيات. بقي لديه الليل، في الأيام الأخيرة استعمل كل شيء يقدر على فعله الاسرائيلي، يعني بين هلالين هناك بعض الناس يقولون كلا المشكلة كانت في العجز الاسرائيلي، في العيوب، في الفشل.. “فينوغراد” لا يقول هكذا، يقول نحن في كل الحروب مع العرب كان لدينا عيوب وعيوب خطيرة وربحنا الحرب، ليس الخلل الذي حصل في هذه الحرب هو العيوب الاسرائيلية، كلا الجبهة المقابلة التي تقاتل.. اذاً ماذا بقي لديه؟ بقي لديه أن يدخل بقوة بالدبابات، بكتائب دبابات بشكل كبير. ضربت الدبابات في مجزرة الدبابات المعروفة، وعمدوا الى نقل القوات بالهيلكبترات بالليل الى خلف الخطوط، ليشتتوا الجبهة ويقوم بضربنا من الخلف.. نقل بعض القوات، هو كان لديه افتراض في الأيام الأولى، رأى أن الهيلكبتر عندما تتحرك في الليل لا نقوم بإنزالها (المقاومة)، في النهار المقاومة تسقطها. يعني المقاومة لديها ضعف أو نقص باستهداف المروحيات في الليل، فلجأ في الأيام الأخيرة إلى فكرة نقل القوات بالمروحيات خلف الخطوط، وهو أراد أن يصل إلى نهر الليطاني ـ وهذا الجهد الذي بذله باتجاه الغندورية ـ ويقوم بإنزال القوات ويقول أنا في المياه أنا في الليطاني أنا أقفلت (الطريق) على كل المقاومة الموجودة في جنوب الليطاني، هذه ستفعل تغييراً كبيراً وهائلاً وخطيراً في الحرب.. “طيب” في البداية نقل القوات وهو كان يفترض أن المقاومة في الليل لا يمكنها أن تسقط مروحية، في الأيام الأخيرة المقاومة أسقطت طائرة مروحية حديثة جداً في وادي مريمين أو تلة مريمين قرب ياطر، وقيل في ذلك الوقت إنها كانت تحمل 5 ضباط وبعضهم من قادة العمليات الذين يريد أن ينزلهم.

اذا ما الذي حدث لدى الاسرائيلي؟ أدخل دبابات، يضربني (المقاوم) بالكورنيت. أنقل قوات بالمروحية، يقوم بإنزالي في الليل، لم يعد قادراً على نقل القوات، بات نقل القوات في خطر، إستعادة القوات في خطر، لم يعد لديه شيء. عندما وصل إلى مكان ليس لديه أي شيء، أوقف الحرب لأن الحرب باتت بلا أفق، الحرب ليس لديها جدوى سوى المزيد من الخسائر الاسرائيلية بالجنود والضباط – لأن أغلب القتلى سقطوا في الأيام الأخيرة – في الدبابات وفي المروحيات وبنفس الوقت الجبهة الداخلية تتعرض لقصف متواصل ومستمر من قبل المقاومة، لم يعد الاسرائيلي قادراً على فعل شيء.

ولذلك أنا أعتقد ، هذا الجواب الذي أجبته (لحمد) به، يعني تراكم.. والذي سيغير المعادلة الحقيقية آخر تراكم نوعي، كيفي، أسقط آخر أمل عند الاسرائيلي هو اسقاط المروحية في منطقة ياطر، بات لديه وضوح بأنني لم أعد قادراً على نقل القوات في الليل ولم يعد لدي إمكانية بأن افعل شيئاً، لا أستطيع أن أدخل دبابات ولا استطيع أن أنقل قوات بالمروحيات، ماذا أفعل؟ أخذ قراراً بأن يوقف الحرب لأنه لم يعد هناك جدوى من الحرب..

هنا أريد أن أختم هذا الشق لك لأقول لو كان لدينا قيادة سياسية في لبنان، لو كان لدينا حكومة منسجمة ووطنية ومخلصة وتفتش عن سيادة لبنان، كنا أنهينا الحرب بشروط لبنان، وأنا لا أبالغ في هذا، وكل المعطيات والشهادات تؤكد هذا معاً، كنا حصلنا على مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وحصلنا على أسرانا – لم ننتظرهم – يعني الباقون، وفرضنا نحن شروطنا على الإسرائيلي، لكن للأسف الشديد المعركة السياسية كانت في الداخل وليست في مجلس الامن.

بن جدو:على ذكر الداخل الآن سماحة السيد الآن الوضع كما ترى في قضية الحكومة الآن حكومة أمر واقع أو “مش أمر واقع”؟

السيد نصرالله: ومع ذلك أنا أود أن أعتذر من المشاهدين إن تحدثت بعاطفة أو بانفعال بهذا المقطع لأنه عندما تتذكر تلك الأيام هناك ألم ومع ذلك نحن كيف تصرفنا عندما انتهت الحرب تحدثنا عن الوحدة الوطنية وأهدينا النصر لكل اللبنانيين ولم نفتح حساباً مع أحد وانا خطبت في 22 ايلول “بدنا كتف على كتف وإيد  بإيد” وتابعنا بالحكومة مع نفس هذا الفريق السياسي حتى نعمر البلد ونكمل البلد. “نحن هيك تصرفنا” في الوقت  الذي تحدثنا فيه عن بعض ما يجري معنا اثناء الحرب يا أستاذ غسان.

بن جدو: لكن قد يجيبونك يا سماحة السيد يقولون لك صحيح هذا الخطاب ولكن سلاحك بقي في الداخل وبقيتم تهددوننا به والدليل على ذلك ما حصل في سبعة أيار والقمصان السود ولحد هذه اللحظة وبالتالي لو يسمع الآن الرئيس السنيورة أو من تعتبرهم قد خذلوكم في ذلك الوقت يقولون ربما يتفاخرون الآن، يقولون ما كنا نتحدث عنه عام 2006 كان هو عين الصواب؟

السيد نصرالله: لا، في سبعة أيار هم اعتدوا على المقاومة وعلى سلاح المقاومة، المقاومة دافعت عن نفسها، هذه هي الحقيقة، لو لم يعتدوا على المقاومة وعلى سلاح المقاومة ـ نحن في حرب تموز أنا اقول لك هذا الفريق كانت المشكلة معه ـ تابعنا نحن كملنا بالسياسة وبالتعاون وحتى لاحقا بعد مؤتمر الدوحة يمكنك أن تسأل الرئيس السنيورة وبعده يمكنك ان تسأل الرئيس سعد الحريري وزراؤنا كيف كانوا في الحكومة، تعاونهم وجديتهم وإيجابيتهم لم نتعاطَ بمنطق الخصومة لكن هذا يبقى بين هلالين”.

بن جدو:على فكرة لم تتحدثوا عن الشيخ سعد الحريري ربما لم يكن في السلطة آنذك؟

السيد نصرالله: الفريق، “خلص”.

بن جدو:الفريق بشكل عام وقت ذلك ولا انا لدي رغبة الآن أن أتحدث كثيراً عن الرئيس سعد الحريري.

فيما يتعلق بالوضع الحالي سماحة السيد الآن هناك مشكلة الحكومة، ماذا أنتم فاعلون، هناك أحد الأقطاب الذي يقول الذي يسمى بالتيار الوسطي يقول قد نشكل أي حكومة الآن المهم ان نخرج من هذا الفراغ، حكومة أمر واقع مش أمر واقع ماذا أنتم فاعلون، الوضع إلى متى يستمر على اللبناني بهذه الطريقة؟

السيد نصرالله: طالما النقاش على موضوع المصلحة الوطنية للأسف الشديد في لبنان يحدث إلقاء تهم من يعرقل. عندما تم تسمية الرئيس تمام سلام كلف بتشكيل الحكومة، وكان الوقت ما زال جو انتخابات، وضعت شروط، وهو يقول لم توضع عليه شروط، طيب نحن نقول وضعت عليه شروط، وإن لم تكن وضعت عليه شروط  فهو وضع شروطاً على نفسه تعقّد وتعطّل تشكيل الحكومة. في بلد مثل لبنان تأتي وتقول أنا أود تشكيل حكومة غير حزبية، حزبيين لا أريد، طبعا هو لم يقل “حزب الله ما بدي، لكن حزبيين ما بدي”. خلصنا.

فريق الرابع عشر من آذار والأمريكي من وراءه هم يقولون لا نريد حزب الله في الحكومة، “ما بدي حزبيين” ولا أريد مرشحين للانتخابات ولا إستفزازيين. من قصده بالإستفزازيين؟ كل اللبنانيين يعرفون ما هو قصده، وأود أن أسير بالمداورة بالحقائب. أو أنت يا دولة الرئيس لا تودّ تشكيل حكومة، أنت لا تريد تشكيل حكومة، تأتي أنت لتشكّل حكومة، تأتي للقوى السياسية، في لبنان، في هكذا ظرف سياسي، بهكذا تعقيد سياسي، وأزمة ثقة كهذه بين القوى السياسية، تقول أنا أود تشكيل حكومة من غير الحزبيين وغير مرشحين وغير استفزازيين، وهو مفهوم له مصاديق “طالعة نازلة”، وتود المداورة بالحقائب، يعني يا دولة الرئيس لا تود تشكيل حكومة. هل أكون أنا من أعطل؟ أنت وضعت هذه الشروط.

كل ما قاله فريقنا، ليس فقط حزب الله، نحن نريد حكومة وحدة وطنية تتمثل فيها الكتل البرلمانية أو القوى السياسية بحسب أحجامها النيابية، هذا هو، جملة واحدة. أنتم جئتم ووضعتم شروطاً. “هو قال هيك”، من خارج دائرة الرئيس سلام اننا لا نقبل بحكومة فيها حزب الله. “طيّب”، عندما يأتي الرئيس سعد الحريري ويقول أنا وأنتم خارج الحكومة هل هو زاهد؟

بن جدو: تضحية؟

السيد نصرالله: لا هذه ليست تضحية، هذا طلب أمريكي، الأمريكي وبعض الدول العربية والسعودية تحديداً لا يريدون حزب الله في الحكومة، ولا يريدون الفريق الآخر ـ بمعزل عن حزب الله ـ بقية هذا الفريق السياسي  ونحن جزء منه أن يكون له شراكة حقيقية في الحكومة. لذلك إذا يتوقف الامر، لا (تيار) مستقبل ولا حزب الله، يمشي الحال، رئيس الحكومة 14 آذار. هل هي قصة (تيار) مستقبل او هي قصة خط سياسي وقوى سياسية؟ مع احترامي لدولة الرئيس ونحن شاركنا بتسميته، هو صحيح أمس قال هو ليس من كتلة المستقبل، لكنه هو من قوى الرابع عشر من آذار، نحن قبلنا به نتيجة المواصفات الجيدة الموجودة بالرجل.

الآن الوضع من يظهر أنه يعقد؟

بن جدو:”هذا مين بدّو يعرقل او يعطل”؟

السيد نصرالله: ثانياً الحديث اليوم عن حكومة حيادية، أين يوجد حياديون في لبنان؟ ما هذا الكلام؟ دلّني على حيادي في لبنان؟ لا يوجد حياديون. هناك انقسام سياسي عامودي وأفقي وغير ذلك، والعالم كلها مصنفة، هذا 8 وهذا 14، وهذا وسط.. هل نحن لدينا تكنوقراط في لبنان؟ الانتخابات التي تحصل في المهن الحرة، أطباء ومهندسين، انتخابات سياسية. البلديات في بلدنا، ربما خلافاً للعالم كله، هي انتخابات سياسية. لا يوجد شيء اسمه تكنوقراط، ولا يوجد شيء اسمه حيادي. يأتي ويعين عشرين وزيراً وهؤلاء يلتزمون بقرار تيار المستقبل أكثر من أعضاء في تيار المستقبل. أحب أن أقول لك شيئاً في لبنان، بعض الزعماء السياسيين “أريح له” أن يوزر مستقلاً من أن يوزر حزبياً، لأن الحزبي ابن المؤسسة التي يرئسها، المستقل يطيعه أكثر. “لا توجد سالفة” أن نؤلف حكومة حياديين، هذا احتيال، هذا غير صحيح، لا يوجد شيء من هذا. المصلحة، الظرف الموجود في البلد، يفترض أن تؤلف حكومة وحدة وطنية حقيقية إذا كان هناك جدية.

ـ بن جدو: ثقتكم لا زالت مستمرة بالرئيس تمام سلام؟

ـ السيد نصر الله: نحن ما زلنا معه ونؤيده كرئيس حكومة، ونقبل به رئيس حكومة.

ـ بن جدو: لكن الرئيس ميشال سليمان يقول قبل يومين إن الحكومة السابقة للرئيس نجيب ميقاتي، شكلت تقريباً من لون واحد، و لم تعتد  على الأطراف الأخرى؟ بالتالي ما العيب الآن أن يتم تشكيل حكومة؟

ـ السيد نصر الله:  مع احترامي لفخامة الرئيس، نقل عنه، أنا لم أرَ نصاً، لكن عادة يجب أن تسمع بشكل مباشر. ليس دقيقاً هذا النهج، هناك مغالطة، كلنا يذكر يوما كُلف الرئيس نجيب ميقاتي، نحن كأغلبية، أو التي تشكلت وقتها وسميناه، سأل إذا كان الأخرون يشاركونا فنحن نقبل. هم عطلوه شهرين، وكان هناك نقاشات بينهم، حيث من المعروف وقتها أن حزب الكتائب كان ميالاً للمشاركة، فيما القوى الآخرى لم تكن ترغب بالمشاركة، كان هناك موقف صعب في هذا الموضوع. أخذ وقته شهرين. وهذا الرئيس ميقاتي موجود حي يرزق، الله يطوّل عمره، وقتها سأل، ونحن ليس لدينا مشكلة أن يشاركوا، ويريدون ثلثاً ضامناً هذا حقهم. أنا عندما أطالب لنفسي بثلث ضامن، حقهم أيضاً أن يطالبوا بثلث ضامن. نحن لم تكن لدينا مشكلة، هم رفضوا، اليوم نحن غير رافضين، نحن نقول إننا نريد المشاركة، مصلحة البلد أن نكون كلنا سوياً، نريد أن نشارك وفق أحجامنا الطبيعية.

ـ بن جدو: لنفترض جدلاً أنهم ذهبوا بتشكيل حكومة؟

ـ السيد نصر الله: نتكلم وقتها.

ـ بن جدو: برأيك يستطيعون تشكيل حكومة أمر واقع؟

ـ السيد نصر الله: “بيكونوا عمبيغلطوا، عمبيغلطوا بحق البلد”. في حكومة الرئيس ميقاتي نحن لم نشطب أحداً، هم أرادوا أن يبقوا في الخارج. حكومة أمر واقع يعني أنت تقوم بشطب نصف البلد.

ـ بن جدو: هل تعتقد سماحة السيد بأن حلفاءك: الرئيس نبيه بري، الجنرال ميشال عون، كل حلفائك في الثامن من آذار يمكن أن يذهبوا بالمشاركة في حكومة من دونكم؟

ـ السيد نصر الله: لا، أبداً. هم لا يشاركون من دوننا ونحن لا نشارك من دونهم.

ـ بن جدو : إذاً إن شكلت حكومة ما تسمى بأمر واقع وحيادية أو تكنوقراط فهي ستكون بمعزل عنكم في كل الأحوال.

ـ السيد نصر الله: عندما يتحدث عن أمر واقع فهو هكذا. هو يشطب بإرادته نصف البلد.

ـ بن جدو: ستعارضونها أم ستواجهونها؟

ـ السيد نصر الله: نتكلم (لاحقاً).

ـ بن جدو: هل هم قادرون على تشكيل حكومة كهذه ؟

ـ السيد نصر الله: بالمعنى الإجرائي، بالمعنى السياسي…

ـ بن جدو: بالمعنى الواقعي وليس بالمعنى الإجرائي والسياسي؟

ـ السيد نصر الله: لها علاقة بالعقل والحكمة والمصلحة.

ـ بن جدو: هل تعتقد أن الرئيس ميشال سليمان يمكن أن يوقع على حكومة كهذه؟

ـ السيد نصر الله : في السابق كنت لا أعتقد، بعد الخطابات الأخيرة التي ألقاها يُمكن، يُحتمل.

ـ بن جدو: هل انزعجت من الخطاب الأخير في عيد الجيش الذي تحدث فيه عن المقاومة ..؟

ـ السيد نصر الله: هذا رأيه. هذا ليس جديداً.

ـ بن جدو: لم يزعجكم؟

ـ السيد نصر الله: هذا رأيه، ما المشكلة في أن يقول رأيه. رئيس الجمهورية عنده رأي، رئيس الوزراء عنده رأي، الوزراء عندهم رأي، القوى السياسية عندها رأي. ولذلك هناك كثر قالوا إن الحزب لم يرد على رئيس الجمهورية، لماذا أرد، كل الناس تعبّر عن رأيها، إذا رئيس الجمهورية لا يستطيع أن يقول رأيه بصراحة؟ من سيقول رأيه؟ وهذا الرأي هو طرحه على طاولة الحوار. وهذا للنقاش ولم يصبح قراراً رسمياً. في لبنان كل شيء مفتوح. لا، نحن لم نعتبر أن خطاب الرئيس يحتاج إلى رد. طبعاً، ترى السخافة في البلد، للأسف الشديد، وقلة المسؤولية وانعدام المسؤولية عند بعض الجهات السياسية عندما اتهموا حزب الله بقصف الصواريخ على منطقة اليرزة ومنطقة بعبدا، هل هذا رداً على خطاب الرئيس بعيد الجيش؟ هل يوجد أسخف من هذا ؟ هل يوجد أسوأ من هذا؟

ـ بن جدو: مع ذلك تتوقعون أنه ربما يوقع الرئيس ميشال سليمان على حكومة كهذه، لا تستبعده على الأقل؟

ـ السيد نصر الله: هناك ضغطوطات كبيرة، هناك ضغط أميركي، هناك ضغط غربي، هناك ضغط سعودي، الآن مصر مشغولة بنفسها.

ـ بن جدو: ألم تنفتح العلاقة بينكم وبين السعودية سماحة السيد، يعني فقط الخلاف حول الموضوع السوري هو الذي يقطع الآن العلاقات، يقطع الأفق، لا توجد قنوات تواصل؟

ـ السيد نصر الله: عليك أن تسألهم هم.

ـ بن جدو: “مسكرين”؟

ـ السيد نصر الله : نتيجة الوضع السوري هناك إعلان عدواة من طرف واحد، نحن لم نعلن بعد عداوة. نحن الآن نقول يوجد إشكال، لكن لم نعلن عداوة مع المملكة العربية السعودية، لكن السعودية الآن تمارس عداوة مع حزب الله في كل شيء، بالاعلام وبالسياسة وبالأمن وبالعلاقات وبكل شيء.

ـ بن جدو: هل وصلتم في تحقيقاتكم إلى نتيجة ما فيما يتعلق بمتفجرة بئر العبد؟

ـ السيد نصر الله: أعتقد هناك تعاون جيد، نحن نبذل جهوداً، المسؤولية الأساسية ملقاة على الأجهزة الأمنية ومديرية المخابرات. هناك أمور واعدة. دعنا لا نقول أكثر من ذلك، في المستقبل يمكن أن يظهر شيئ إن شاء الله.

ـ بن جدو: جهة داخلية أم خارجية؟

ـ السيد نصر الله: لا زلنا في الاحتمالات، وإذا كنت غير متأكد من أمر ما فلا أتحدث فيه. إذا كان ليس لدي يقين في أمر ما فلا يصح أن أتهم الناس.

ـ بن جدو: هل تشعر بأن الناس مطمئنة إلى ترتيبات ما في مناطقكم على الأقل، عفواً على هذا المصطلح، يجعلهم يعيشون بشكل طبيعي، أم أن هذا الأمر قد يتكرر؟

ـ السيد نصر الله: نحن نبذل أقصى جهد ممكن. أنا قلت هذه بالدرجة الأولى مسؤولية الدولة. أنا رأيت بعض وسائل الإعلام تقول إن الشباب في الضاحية وأماكن أخرى يقومون بالتفتيش، فلتأتِ الدولة وتعبئ هذا الفراغ  كله فهذا أفضل لنا. نحن نبذل جهدنا، إن شاء الله لا يحصل شيئ، لكن علينا أن نبذل جهدنا.

ـ بن جدو: فيما يتعلق بالطيارين التركيين، اتجهت الأصابع بشكل غير مباشر أن حزب الله  قد يكون وراء خطف الطيارين، حتى أطراف داخلية قالت: نحن لا شك لدينا بأن حزباً منظماً قوياً هو الأقدر على أن يفعل هذا الأمر، وأيضاً الأتراك طلبوا من إيران، عندما يطلب الأتراك من إيران مساعدتهم، يساعدهم مع من؟

ـ السيد نصر الله: هذه مثل ضرب الصواريخ على اليرزة وبعبدا، يعني مباشرة نتهم حزب الله! حزب الله لم يخطف الطيارين التركيين، لم يكن على علم، نحن علمنا مثل بقية الناس من التلفزيونات. ولا علاقة لنا بهذا الأمر، لم نفعل، ولم نعلم، ولم نُسأل وليس لنا علاقة به على الإطلاق.  وهذا جزء من التوظيف السياسي. وطبعاً، لا نقبل هذه الطريقة، رغم أن من قام بهذه الطريقة له ذريعته وحججه. لكن أن تأتي وتقول لي أنا مسؤول عن أي شيء  يحصل على طريق المطار؟ أنا لست متصدياً لهذه المسؤولية. نحن لم نقل في يوم من الأيام أننا مسؤولون عن الأمن. أبداً، نحن لا نمارس هذه المسؤولية. نعم، في الآونة الأخيرة، بسبب موضوع السيارات المفخخة، بدأنا نعمل إجراءات لمنع أو للحيلولة دون ادخال سيارات مفخخة. لكن تختلف عائلتان أو عشيرتان أو غير ذلك، فلا دخل لنا في هذا الموضوع. يقوم أناس بقطع طريق المطار ما علاقتنا بهذا الموضوع.

ـ بن جدو: نحن لا نريد أن ندخلكم في أتون الوضع العربي، ولكن نحن نعلم جيداً اليوم أن هناك حالة طوارئ في مصر، هناك عنف أنتم تعلمونه، ربما تعطون موقفاً أو لا تعطون موقفاً من هذه القضية، نتمنى أن نفهم وجهة نظركم في هذه المسألة، ولكن وأنا أتحدث عن مصر، لأن هذا اللقاء مباشر أؤكد لكم سادتي المشاهدين، هناك مسألة حصلت خلال ثورة 25 يناير تتعلق باقتحام سجون ومن بين الذين أطلق سراحهم سامي شهاب، تم حديث داخل وسائل الإعلام المصرية وأوساط سياسية بأن حزب الله بعناصره هو الذي دخل واقتحم تلك السجون، أطلق سراح سامي شهاب وحتى عدد كبير من المسؤولين هناك بما فيهم الإخوان المسلمين، ما ردكم سماحة السيد؟

ـ السيد نصر الله: أنا سمعت هذا قيل في بعض وسائل الإعلام المصرية، حتى بعض الجهات، المحاكم المصرية أثارت هذا الموضوع. نحن أصدرنا بياناً سابقاً، لكن أعود وأؤكد لك، هذا كلام غير صحيح على الإطلاق، لم يكن لحزب الله أي علاقة بالأمر، لم يشارك أي عنصر من حزب الله، لم يكن هناك أي لبناني سوى الأخ الموجود في السجن، وعندما فتحت الأبواب وخرج المساجين خرج أخونا. أما نحن لم يكن لنا علاقة لا في التخطيط ولا في الإجراء ولم نكن موجودين على الإطلاق، ويزج باسمنا هكذا ظلماً وعدواناً بشكل قاطع.

ـ بن جدو: الوضع في مصر بكلمة؟

ـ السيد نصر الله : نحن حزينون لما يجري في مصر وآسفون جداً، ودائماً كنا نأمل أن تعالج الأمور من خلال التواصل، من خلال الحوار، من خلال التفاهم، وأن لا تصل إلى ما وصلت إليه وخصوصاً اليوم. نحن قلقون على مصر، وخائفون على مصر.

ـ بن جدو: بدأنا في تموز ننهيها في يوم الانتصار بتموز، من فضلك سماحة السيد كلمة أخيرة لجمهورك ولإسرائيل؟

ـ السيد نصر الله: أولاً لجمهور المقاومة: نحن دائماً نشكرهم ، هذا الجمهور واكب هذه المقاومة، هو أصلاً مقاوم. وحمل هذا العبء وتحمل هذه المسؤولية وقدّم تضحيات كبيرة جداً، ونسأل الله تعالى أن يجزيهم خير الجزاء يوم القيامة. لكن في الدنيا هم صنعوا انتصارات وانجازات. في النهاية، لولا مجموعة هذه العوامل التي منها هذا الجمهور وتضحياته وصبره وصموده وموقفه. رأيت جنابك المواقف التي يعبّر عنها الأناس العاديون، كبار السن، الصغار، الشباب، الصبايا، من هدمت بيوتهم، من قدّموا الشهداء. لولا هذه البيئة هل يمكن لمقاومة مسلحة أن تستمر؟ هم النبض، هم الدم الذي يجري في العروق. أنا أشكرهم في هذه المناسبة، وأقول لهم: نحن تحدثنا سابقاً في 22 أيلول  بعد الحرب : انتهى زمن الهزائم وهذا زمن الانتصارات، وأنا أقول لك ولهم وللإسرائيلي أيضاً: رغم كل ما يجري في المنطقة، بالنسبة لنا انتهى زمن الهزائم، رغم كل ما يجري في المنطقة، رغم كل السواد والظلام واليأس الذي ينتاب ساحات كثيرة وحالات كثيرة، إن شاء الله المنطقة سوف تعبر هذه المرحلة، وما تطلع إليه إسرائيل من إعادة تكريس نفسها في المنطقة كقوى عظمى تفرض شروطها على شعوب المنطقة ، هذا لن يتحقق. واليوم المقاومة على الرغم من كل ما حصل ويحصل هي أقوى بكثير مما كانت عليه بال33 يوم عام 2006.

ـ بن جدو: شكراً لكم سماحة السيد حسن نصر الله على هذه المقابلة. فقط أود أن أشير للسادة المشاهدين أن السيد فعلاً متواضع جداً ومؤدب جداً، ولكنني على مدى 33 يوماً قدمت كثيراً من المعطيات، ولكن أقول لكم بكل صراحة ثلاثة أرباع إن لم يكن أربعة أخماس كل ما كان لدي من معطيات، كانت من سماحة السيد حسن نصر الله. أنا شاكر له.. على مدى سنوات أفدتنا كثيراً بكثير من المعطيات وأعطيتنا من ثقتك ومن وقتك حتى تعطينا مما كان تفاصيل في حرب تموز. أنا أعلم أنك لا تقول هذا الأمر، ولكن أنا شاكر على الهواء مباشرة وأمام الملايين على ما قدمته لنا. شكراً سماحة السيد، شكراً لكم مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة، شكر لكل الفريق الذين شاهدتم أسماءهم على مدى 34 يوماً من تموز الحكاية. إلى انتصار جديد بإذن الله في أمان الله.

ـ السيد نصر الله:  الله يباركم فيكم، ممنونين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.