نظرة أخرى للهجوم في الجنوب السوري .. معركة فصل الجبهات

Mohamad-mansour-syria

موقع إنباء الإخباري ـ
القاهرة ـ محمد منصور:
في هذه المرحلة من الواضح أن الجيش السوري يحاول تفتيت وإنهاء الجبهتين الأكبر فى سوريا حالياً ـ إذا ما استبعدنا الشمال والشمال الشرقي ـ وهي جبهة حلب والجبهة الجنوبية.
كان متوقعاً منذ فترة أن يبدأ الجيش السوري في تنفيذ هجوم متعدد المراحل في اتجاه المناطق الجنوبية “السويداء – درعا – القنيطرة” نظراً للانتشار الكبير الذي حققه عناصر “جبهة النصرة” و”الجيش الحر” والعناصر التكفيرية مثل “أحرار الشام وألوية الفرقان وجيش الإسلام” في هذه المنطقة عموما وخصوصاً في درعا خلال السنة الماضية، يضاف إلى ذلك المؤشرات المتزايدة من اتجاه الحدود الأردنية والحدود العراقية حول احتمالية تدخل بري محدود من قبل التحالف الدولي بذريعة “ضرب داعش. لكن و برغم توقع الجميع لهذا الهجوم إلا أن طريقة وتوقيت تنفيذه ونتائجه السريعة شكلت مفاجأة لكل المتابعين للشأن الميداني السوري.
الهجوم الذي بدأه الجيش السوري منذ أيام متعدد الأهداف بشكل يجعله الهجوم الأول للجيش السوري الذى “يضرب عشرات العصافير بحجر واحد” منذ معركة القصير. الهدفان الرئيسيان هما أولاً تأمين العاصمة دمشق من عدة تهديدات أبرزها خطر منصات الصواريخ التي استهدفت العاصمة عدة مرات وخطر اختراق محتمل للعاصمة كان يجري الإعداد له انطلاقاً من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة في الريف الشمالي الغربي لدرعا.
الهدف الرئيسي الثاني كان بدء تنفيذ خطة تأجلت عدة مرات تهدف إلى “فصل الجبهات”، فبعد أن كان الجنوب السوري ميدانيا يعتبر جبهة يقسمها الجيش السوري إلى محورين: “السويداء” و “درعا والقنيطرة” تحولت هذه الجبهة إلى عدة جبهات منفصلة “جبهة الريف الجنوبى لدمشق ـ جبهة درعا وريفها – جبهة ريف القنيطرة ـ جبهة السويداء”، وبالتالي يتحقق مبدأ مهم من مبادئ الحرب الخاطفة وهو “قطع طرق أمدادات العدو أو أطالتها” بجانب تأمين الطرق الرئيسية في الجنوب وهي أوتوستراد “دمشق ـ درعا” و”دمشق ـ القنيطرة”.
ولا يمكن تجاهل الرسالة التي تصل إلى إسرائيل من هذه الهجمة المتدرجة والتي مفادها أن واقع الحدود الذي تم فرضه خلال السنتين الماضيتين سيتغير حتماً في الشهور القادمة وعلى إسرائيل أن تتجهز لواقع جديد على هذه الحدود قد يشكل خطراً مماثلاً لما تمثّله الحدود اللبنانية بالنسبة للجيش الأسرائيلي.
على المستوى العسكري فإن الهجوم السوري في الجنوب يمكن تقسيمه إلى قسمين: القسم الأول به المجهود الرئيسي للهجوم فى اتجاه درعا وريفها، والقسم الثاني به اتجاهات هجوم فرعية تستهدف ريف القنيطرة “في اتجاه بئر عجم” وريف دمشق الجنوبي “في اتجاه دير ماكر”.
الهجوم السوري يعتمد في أساسه على تكتيك بدأ الجيش السوري في اتباعه منذ منتصف العام الماضي وفيه تم الاستخدام المحدود للقوة الجوية وتم استخدام مدفعية الهاوتزر “فوزيدكا” ومدافع الميدان وراجمات الصواريخ “أوراغان وكاتيوشا” في التمهيد والمسح النيراني للمناطق المستهدفة، مما يحقق الإرباك المطلوب لقوات العدو المدافعة، وفي نفس الوقت يسهل كثيراً من مهمة القوة المهاجمة والتي كان عمادها تشكيلات خفيفة من المشاة الميكانيكية “و لم يكن الاعتماد الأساس في الهجوم على الدبابات، وهذه نقطة أخرى تضاف إلى نقاط عديدة أضيفت إلى رصيد خبرات الجيش السوري خلال السنوات الماضية. هذا التكتيك أثمر نتائج مبهرة وسريعة جداً، خصوصا في محور ريف درعا.
جبهة ريف درعا: كان الهجوم الرئيسي للجيش السوري في هذا الاتجاه انطلاقاً من محيط كناكر ليبسط سيطرته خلال يومين على مجموعة من التلال الاستراتيجية مثل تل مرعي وتل الصياد بجانب مناطق مثل الدناجي والهبارية ودير العدس التي تعدّ أهم النقاط التي تمكّن الجيش السوري من دخولها.
كان لافتاً أن التمهيد النيراني والصاروخي نجح نجاحاً ملحوظاً لدرجة جعلت الجيش السوري يكمل المرحلة الأولى من هجومه دون مواجهة مقاومة لها وزن سوى في دير العدس التي تمكن الجيش السوري فيها من مصادرة وتدمير عدد من قواذف صواريخ “تاو” المضادة للدروع.
بسبب الظروف الجوية التي سادت الأيام الماضية منطقة العمليات توقف الهجوم السوري لساعات لكن تم استئنافه فى اتجاه المناطق الرئيسية المستهدفة في المرحلة الثانية من الهجوم وهي كفر ناسج وزمرين وكفر شمس التي يتقدم الجيش السوري اليها من ثلاثة اتجاهات ثم  تل الحارة الاستراتيجي الذي بات دخول الجيش السورى إليه مسألة وقت، ويترافق ذلك مع قصف جوي في تل عنتر وتل الحارة سملين وإنخل.
ويُتوقع أن يقوم الجيش السوري بعد انتهاء هذه المرحلة بتطوير الهجوم جنوباً في اتجاه الصنمين وإنخل وجاسم ونوى والشيخ مسكين.
جبهة ريف دمشق الجنوبي: كان لسلاح الجو السوري دوراً رئيسياً في إكمال الهجوم السوري الذى بدأ منذ أشهر فى كامل نطاق ريف دمشق. كان الهدف الأساسي هو آخر نقطة رئيسية في ريف دمشق الجنوبي وهي دير ماكر ومحيطها والتي تمكن الجيش السوري من بسط سيطرته عليها ليتم تحقيق تأمين شبه كامل لطريق دمشق – القنيطرة.
جبهة ريف القنيطرة: كان الهجوم السوري في هذا الأتجاه مقتصرا حتى الآن على القصف المدفعي لمناطق في محيط بئر عجم مثل رسم الحلبي ورسوم خميس وبريقة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.