نكبة فلسطين ونكبات العرب

jaafar-sleem-nakba

موقع إنباء الإخباري ـ
جعفر سليم*:

في العام 1947 بدأت المعارك في فلسطين بين ما سمي حينها بجيش الإنقاذ العربي لتحريرها من العصابات الصهيونيهة المسلحة المدعومة من الاحتلال البريطاني عسكرياً وسياسياً. وأطلقت هذه العصابات اسم حرب الاستقلال على المعارك التي تبين أنها حرب شكلية، لتبرير تسليم فلسطين لليهود.
وفي 29 من تشرين الثاني من العام 1947 أُصدر القرار الدولي رقم 181، وحمل اسم قرار تقسيم فلسطين، يتبنى فيه خطة تقسيم أراضيها إلى ثلاثة كيانات. وهذا بالفعل ما حصل جزء منه ففي 14أيار عام 1948 وفي اليوم التالي أعلن قيام دولة “اسرائيل”، تنفيذاً لوعد وزير خارجية بريطانيا آرثر بلفور عام 1917، ولتعهد الأمير فيصل الأول بن الحسين بن علي الهاشمي لحاييم وايزمن رئيس المنظمة الصهيونية العالمية في مؤتمر باريس عام 1919، الذي يُعطي فيه لليهود تسهيلات في انشاء مجتمع للتعايش في فلسطين، والإقرار برسالة بلفور التي ورد فيها “إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة مقام قومي في فلسطين للشعب اليهودي”، لينطبق عليه القول: يعطي ما لا يملك لمن لا يستحق.
وفي 3 آذار من العام 1949 أُعلن انتهاء المعارك، بعد قبول مجلس الامن الدولي الكيان الصهيوني كدولة عضو كامل العضوية في الأمم المتحدة، وقبول السياسيين العرب الهدنة.
وبعد عودة المتطوعين العرب والأجانب إلى البلاد المجاورة لفلسطين تم اعتقالهم بدل تكريمهم ووضعوا في معتقلات أعدت لاستقبالهم بإيعاز من البريطانيين.
في السنوات السبع والستين الماضية، شهد العالم العربي نكبات ونكبات، ومنها العدوان الغربي (بريطانيا ـ فرنسا ـ اسرائيل)
في العام 1956 وهدفه كان السيطرة على قناة السويس إثر قيام الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر بتأميمها، واستطاعت هذه الدول أن تحتل بور سعيد ومنطقة السويس بعد تصدي بطولي للجيش المصري، بالرغم من الامكانيات الضعيفة. وهنا تدخل الاتحاد السوفياتي وأصدر إنذاراً بضرب لندن وباريس بالصواريخ الذرية، وانتهت الحرب بانسحاب الجيوش الغازية.
وفي العام 1967 قام الكيان الصهيوني بشن اعتداء على مصر واحتل سيناء، وعلى سوريا واحتل الجولان، كما احتل ما تبقى من فلسطين التي كانت تحت الوصاية المصرية والاردنية، فسيطر عليها بالكامل.
وفي العام 1973 استردت مصر وسوريا أجزاء من الأراضي المحتلة بعد هجوم منسق. إلا أن التخاذل العربي المتجدد دائماً أرغمهما على قبول وقف إطلاق النار، وبقيت فلسطين التاريخية تحت الاحتلال.
وفي العام 1978 نفّذ العدو الصهيوني اجتياحا للقرى اللبنانية الحدودية، ووصل إلى نهر الخردلي وأقام الشريط الحدودي وأنشأ جيشاً من العملاء لمساندته في احتلاله، واستكمل اجتياحه في العام 1982، حتى وصل إلى العاصمة العربية الثانية بيروت، ولم يخرج منها لولا سواعد المقاومين من بيروت إلى بنت جبيل، ولا ننسى هنا أن نوجه التحيه لأرواح الشهداء اليمنيين الذين ارتفعوا دفاعاً عن لبنان وفلسطين في قلعة الشقيف.
وتخلل هذه الفتره الزمنية عدوانان جويان في العام 1993 والعام 1996 . وبعد التحرير في العام 2000 شهد لبنان عدواناً كبيراً في العام 2006 توقع منه التحالف العربي – الغربي – الصهيوني ولادة شرق أوسط جديد، يحقق أحلامهم بالقضاء على المقاومة في لبنان وفلسطين، وفي غزة تحديداً بعد شن ثلاث اعتداءات كان آخرها في العام 2014.
وسط هذه المحطات التاريخية نجد أن الأمن القومي العربي لم يكن مهددا كما يظنون، ولم يخرج علينا وزراء الحرب العرب ليعلنوا النفير وتحريك البوارج والطائرات والدبابات باتجاه الحدود مع فلسطين للوقوف بوجه الكيان الصهيوني، بالرغم من صفقات شراء الأسلحة التي تفوق سنويا 100 مليار دولار، وتخزن في المستودعات ليبقى شعارهم الدائم: القوة موجودة والإرادة مفقودة، كما قال أمير قطر في يوم من أيام العدوان عام 2006.
أما اليوم، وفي الحرب على سوريا واليمن وليبيا، نجد أن الروح القتالية والقوة والإرادة موجودة، وها هم الأعراب يلقون هداياهم على الشعوب العربية المستضعفة في مخيماتهم، وأماكن نزوحهم في المدارس والمساجد في مشاهد مكررة للتي رأيناها في قطاع غزه من خلال قصف مدارس الأمم المتحدة – الأنروا وأماكن تخزين المؤن التابعه لها، كما حصل مؤخراً في قصف مخازن منظمة أوكسفام البريطانية في صنعاء.
ولا ننسى قصف الطيران للقبور والأضرحة ضمن ثقافة نبش القبور الوهابية التي تُمارس في سوريا والعراق وليبيا على أيدي العصابات الوهابية، ولم يسلم منها أضرحة الأئمة والصحابة والأولياء الصالحين في بلاد الحجاز في القرن التاسع عشر والقرن العشرين.
أوجه الشبه كثيرة في التحالف العربي –الغربي- الصهيوني، حتى أن المرء يظن أنه يعيش في الماضي الحاضر مع بعض الفروقات الطفيفة، وأهمها أسماء الأمراء والوزراء في الغرب والشرق.
*عضو اتحاد كتاب وصحافيي فلسطين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.