هبة وهمية أم هيبة وحرب صهيونية؟

shawki-awada-saudi

موقع إنباء الإخباري ـ
شوقي عواضه:
من السذاجة ان يفكر البعض بأن ما اتخذه الكيان السعودي في لبنان من اجراءات تبعته فيها دول مجلس التعاون الخليجي سببه الهبة السعودية!
فالمخطط أبعد وأكبر وأدهى من ذلك.
تبدأ الحكاية من من مستنقع اليمن الذي يغرق فيه الكيان السعودي منذ أكثر من عشرة أشهر حيث لم يحقق أي هدف من أهداف عواصفه الحزمية والوهمية سوى المزيد من الدمار والمجازر التي لم ينافسه فيها سوى حليفه الأم الكيان الصهيوني.
وأضف إلى ذلك الهزائم المتتالية في سوريا والإنجازات التي حققها الجيش العربي السوري وحلفاؤه.
كل ذلك أحرج الكيان الداعم للإرهاب من داعش وغيرها وشوّه صورته، فالقصة ليست قصة هبة انما هي قصة هيبة سعودية.
أمام ذلك العجز وهذه الهزائم انبرى بنو سعود بتصريحاتهم الفولاذية، والتي لا تنمّ إلا عن خيبة أمل، وتحت عنوان نصرة أهل السنّة وإنقاذ أهل السنّة في سوريا أعلنوا عن تدخلهم مباشرة في العدوان على سوريا ضمن محور الشر الخليجي التركي.
وإزاء الموقف الروسي الصلب، وإعلان وزير الخارجية السورية وليد المعلم جدية التعامل مع أي قوات خارجية تتدخل في سوريا كعدو، أعاد بنو سعود حساباتهم وحفاظاً على ماء الوجه، كانت قصة الهبة السعودية مفتاح عاصمة حزم لبنانية يشنها الكيان وحلفه بالتعاون مع حليفه الأول الكيان الصهيوني.
مواقف الكيان السعودي من لبنان لم تكن عفوية أو ردة فعل، بل تندرج ضمن إطار الحملة التي أطلقها رئيس حكومة العدو نتنياهو على إيران وحزب الله من خلال تصريحاته الأخيرة التي أعلن فيها أن داعش لا تشكل خطراً على كيانه وإنما الخطر الحقيقي هو من إيران وحزب الله.
تلك التصريحات تزامنت مع دعوة مسؤولين صهاينة لإقامة علاقات مع دوّل سنّية خليجية في إطار تذكية نيران الحرب التي تخدم الكيان الصهيوني.
وفي نفس الإطار جاءت كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لتوضح المشهد وليؤكد فيها العداء للصهاينة ويكشف بعض المستور عن التعامل مع العدو الصهيوني من قبل بعض الدوّل الخليجية، مهدداً بقصف خزانات الغاز في حيفا في حال فكر العدو بالإعتداء على لبنان.
تصريح السيد نصر الله أثار غضب الصهاينة، حيث كان منطلقاً من واقع ومعطيات جدية، ما أثار جنون المسؤولين الصهاينة، ليأتي الرد سريعا من خلال مفتاح لعملية رد صهيونية بيد سعودية خليجية.
بدأت العملية بطرد 21 عائلة لبنانية من الإمارات العربية المتحدة، ثم تلاها موقف سعودي يعلن تراجعه عن تقديم الهبة العسكرية للجيش اللبناني، التي لم تكن سوى وعود، ليصعّد بعدها رجل الدولة الحر واحد أقطاب (ثورة الحرية) لتكتمل عناصر المسرحية الجديدة بدعوة ثوار الفالنتاين لتوقيع عريضة ولاء للكيان السعودي وإدانة لحزب الله، لتأتي الخطوة التالية بدعوة الكيان السعودي مواطنيه إلى ترك لبنان وعدم السفر إليه، وعلى خطاه مضت قطر والإمارات، مع تخفيض للتمثيل الديبلوماسي.
كل تلك الإجراءات شكّلت مؤشراً لشيء ما سيحدث هو بمثابة حرب على لبنان، والسبب ظاهرياً أن الكيان السعودي رفض تقديم الهبة للجيش اللبناني بسبب هيمنة حزب الله وإيران على القرار في لبنان.
وهنا لا بد من الإجابة على بعض الأسئلة التي تفرض نفسها وهي:
هل فعلأ أن الكيان السعودي أوكل لنفسه معركة الدفاع عن العرب والسنّة؟
إذا كان الكيان السعودي أخذ على عاتقه دفع الظلم عن العرب والسنّة، فهل يوجد عرب أكثر عروبة من أهل اليمن ؟ وهل يوجد سنّة ظُلموا أكثر من سنّة فلسطين؟
وأين هي حقوق سنّة الحجاز الذين يُحرمون من أبسط حقوقهم؟
لماذا لم يجرؤ الكيان السعودي وحلفاؤه على مواجهة روسيا في سوريا؟
هل يظن الكيان السعودي ومن خلفه حليفه الصهيوني أن حزب الله هو الحلقة الأضعف في التحالف مع الرئيس الأسد؟
لماذا صمت الكيان الصهيوني عن حشود الكيان السعودي وحلفائه بطائراتهم المتطورة في تركيا بينما لا يكف عن الترهيب والخوف من قوة إيران؟
أسئلة كثيرة لا يوجد لها أجوبة منطقية لدى التحالف الشيطاني، فالوقائع تشير إلى تقارب وهابي إخواني يقوده الكيان السعودي وتركيا بوساطة قطرية، فقد ذكر موقع (هافنغتون بوست) الأمريكي الشهير، والذي يحتضن أبرز الكتاب السياسيين الأمريكيين، كما أنه من بين المواقع التي تتصدر المواقع العالمية الأكثر متابعة، نشر مؤخراً تقريراً بعنوان “تحالف غير متوقع بين السعودية وتركيا للإطاحة بالأسد”.
ويجد التقرير أن التقارب التركي السعودي يشمل تخفيف حدة المواقف السعودية من الإخوان المسلمين، وهو ما تراه تركيا أمراً مهماً، مما يمهّد للتحالف المذكور، متزامناً ذلك مع معلومات نقلها الموقع تفيد أن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أعلن عن أن المملكة العربية السعودية أرسلت طائرات حربية إلى قاعدة إنجرليك الجوية التركية، لكنه أضاف أنه حتى الآن ليس واضحاً كم عدد الطائرات السعودية التي ستصل إلى القاعدة المذكورة، موضحاً أن السعودية أرسلت مختصيها إلى قاعدة إنجرليك لاستكشاف المكان، ودراسة ما يمكن فعله، لافتاً إلى أن المساعي السعودية تأتي من أجل الاستقرار في سوريا ومحاربة الإرهاب.
كل تلك التحضيرات اصطدمت بالحصن الروسي السوري، في ظل سلسلة من الهزائم التي تلقاها الكيان السعودي وحلفه المتقهقر، وبعد كسر هيبته، سواء في اليمن أو سوريا والعراق، ولذلك هو يسعى لإيجاد توازن يهدف من خلاله لتطويل أمد عدوانه ودعمه لداعش وغيرها من التنظيمات الارهابية التي تهاوت أمام ضربات المقاومين والشرفاء، ومن جهة أخرى يبرز نفسه مدافعاً عن العروبة ورافع لواء السنّة، في محاولة أخيرة لإطالة مدة حكمه الذي اصبح يعيش لحظاته الأخيرة نتيجة نكساته المتكررة وجنونه الذي سيؤدي به إلى الهلاك. وفي الحالتين سيكون الخاسر الأكبر.
وبكل الأحوال، مرة أخرى يثبت ذلك الكيان غباءه الذي تجلّت صورته بما لا يدعو للشك بأنه اكبر متآمر على العروبة والسنّة وعلى فلسطين والإنسانية.
وإذا كان هذا الكيان الغبي يظن بأن حزب الله لقمة سائغة، فليقرأ التاريخ الذي ليس ببعيد جداً، وليعتبر، فالعالم بأسره يشهد بأن حزب الله قد عمّد عروبته وإسلامه بالدم، والميادين تشهد وألأيام القادمة ستؤكد، ويبقى لكم أن تُثبتوا عروبتكم وإسلامكم وإنسانيتكم، والسبيل إلى ذلك استعادة حقوق الفلسطينيين المغتصبة، ولن تفعلوا.
*كاتب واعلامي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.