هل تردّ سوريا او لا تردّ ولماذا؟

 

syria-israeliagression

صحيفة القدس العربي من لندن ،
د. عصام نعمان:
ضربت ‘اسرائيل’ سوريا بضوء اخضر امريكي. هذا بات أمراً واقعاً يطرح جملة اسئلة: لماذا ضربت ‘اسرائيل’ سوريا؟ لماذا ضربت ‘اسرائيل’ ما ضربته في سوريا؟ هل تردّ سوريا (او ايران) على الضربة الإسرائيلية؟ هل يتطور الإشتباك الإسرائيلي السوري الى حرب اقليمية ام يمكن لجمه و’تقنينه’ في مسار تسوية سياسية تطبخها امريكا وروسيا على نار هادئة ؟
ثمة تباين بين ‘اسرائيل’ وسوريا في تحديد ماهية الهدف موضوع الإعتداء الجوي. اسرائيل لم تتبنَ الإعتداء لكن وسائل اعلامها إدّعت، وسايرتها مصادر رسمية ووسائل اعلام امريكية، بأن غارةً (او غارتين؟) استهدفت قافلة شاحنات تحمل اسلحة متطورة ‘كاسرة للتوازن’ لحساب حزب الله.
سوريا أكدت ان هدف الإعتداء كان مؤسسة ابحاث علمية عسكرية في منطقة جرامايا بريف دمشق تُعنى بتطوير قدرات سوريا الصاروخية.
حزب الله دان الإعتداء وأكد تضامنه الكامل مع سوريا، نافياً ما زعمته ‘اسرائيل’ حول صلته بالهدف موضوع الإعتداء.
صحيفة ‘اسرائيل اليوم’ المقرّبة من حكومة بنيامين نتنياهو زعمت ان ‘اسرائيل’ شنت غارتين وليس غارة واحدة. في الاولى دمرت قافلة شاحنات تحمل صواريخ مضادة للطائرات (قيل إنها من طراز سام SA17) كانت في طريقها الى حزب الله. في الثانية دمرت مؤسسة ابحاث عسكرية قريبة من دمشق. تريث طرفا الصراع في كشف صورٍ لموقع الإعتداء. لكن صحيفة ‘يديعوت احرونوت’ نشرت صورةً له لا تظهر فيها قافلة شاحنات مصابة. ثم ما لبثت دمشق ان نشرت صورةً لمؤسسة الأبحاث المستهدفة لا تظهر فيها صواريخ مدمرة.
ماذا توخّت ‘اسرائيل’ من وراء الإعتداء الجوي المدوّي؟ ثمة اغراض عدة، ابرزها اثنان: الإمعان في إستنزاف سوريا وإضعافها، كياناً وقيادة وجيشاً، لتعطيل دورها كحلقة مركزية في محور المقاومة الممتد من جنوب لبنان غرباً الى طهران شرقاً عبر دمشق (وربما بغداد ايضا)، وإحباط المساعي الناشطة، محلياً وعربياً ودولياً، لتوفير اسس واقعية لتسوية سياسية للأزمة السورية محورها حوار منظَّم بين اهل النظام واطراف المعارضة او معظمها من غير المتمسكين بتنحية الرئيس بشار الاسد كشرط للمشاركة.
يتفرّع عن الغرض الاول الإستنزاف غرض آخر هو رفع معنويات المعارضة المسلحة التي تعرضت مؤخراً الى ضـــربات موجعة ما يدفعها الى معاودة عملياتها وتكثيفها الامر الذي يُضطر معه النظام الى زج وحدات متزايدة من الكتلة العسكرية الموقوفة لمواجهة ‘اسرئيل’، تخصيصاً، للمشاركة في الحرب الدائرة في الداخل.
يتفرّع عن الغرض الثاني إحباط التسوية غرض آخر هو إشعار امريكا وروسيا بالحاجة الى وضع مصالح ‘اســــرائـــيل’ وأمـــنها القومي في الحسبان اذا ما قرر القطبان التوصل الى تسوية اقليمية بينهما تشمل قضايا خلافية اخرى كالصراع العربي- الصهيوني، والبرنامج النووي الإيراني، ونفط المنطقة، وتقاسم مناطق النفوذ في بلاد الشام وبلاد الرافدين ووادي النيل والجزيرة العربية.
هل تردّ سوريا على الضربة الإسرائيلية؟
في هذه المسألة قولان. ثمة خبراء استراتيجيون مقربون من قيادة النظام يشيرون الى تصريح رئيس هيئة اركان الجيش السوري اللواء علي عبد الله ايوب: ‘اننا ندرك حجم التحدي الذي نواجهه نتيجةَ تمسكنا بمواقفنا وحقوقنا، ونعرف في الوقت نفسه حجم قدراتنا وجاهزيتنا لإستخدام هذه القدرات في الوقت المناسب’. التصريح الآخر هو لسفير سوريا في لبنان علي عبد الكريم علي: ‘سوريا تملك المفاجأة في الرد على العدوان’.
الخبراء الإستراتيجيون المقربون من النظام يعتقدون ان التصريحين ينطويان على مؤشر الى ردٍ سوري على ‘اسرائيل’، مفاجىء وقوي، وفي توقيت لن يكون بعيداً. يعلّلون رأيهم بأن القيادة السياسية والعسكرية لن تتحمل تشنيعات المعارضة المسلحة اللاذعة: ‘تضربوننا بالطائرات ولا تطلقون طائرة او صاروخاً ضد الطائرات الإسرائيلية المغيرة’. يرجّحون ان تخطط القيادة العسكرية لعملية عسكرية او استخبارية خاطفة ومدوّية في عمق كيان العدو، لا تتبناها دمشق علانية كي لا ترتّب على نفسها مسؤوليةً بموجب احكام القانون الدولي، انما يمكن الإستدلال بانها هي وراءها. يستطرد هؤلاء الخبراء: الرد السوري ضروري ليس لرفع معنويات اهل النظام وجمهوره فحسب بل لإشعار ‘اسرائيل’ وامريكا ايضاً بأن سوريا قادرة على كيل الصاع صاعين، وعلى مستوى اقليمي اذا اقتضى الامر، وذلك لمنع اعدائها من الإستعاضة عن التدخل العسكري الخارجي المباشر بتدخل عسكري اسرائيلي بديل يكون له مفعول التدخل الخارجي الاصيل.
يذهب هؤلاء الخبراء الإستراتيجيون الى أبعد من ذلك. يرجّحون بألاّ تسمح إيران لأعدائها بإحراجها، بعدما صرح وزير خارجيتها علي اكبر صالحي عشيةَ الغارة الإسرائيلية، ان طهران تعتبر اي إعتداء على سوريا إعتداء عليها. هي مُلزمة، اذاً، بالمشاركة بشكل او بآخر في الرد على ‘اسرائيل’ بما يحفظ ماء الوجه من جهة ويدعم حليفتها الإستراتيجية سوريا من جهة اخرى.
خبراء استراتيجيون مستقلون في بيروت لا يستبعدون بالمطلق ترجيحات الفريق الاول من الإستراتيجيين، لكنهم يرجّحون سيناريو مغايراً مفاده ان القيادة السورية ستتجنب في الوقت الحاضر الرد عسكرياً على ‘اسرئيل’ لئلا تتيح لها فرصة التدخل العسكري الواسع نيابةً عن امريكا وفرنسا وبريطانيا، فينتهي بها الامر الى القتال على جبهتين وبالتالي الى إنهاك نفسها عسكرياً واقتصادياً. يعتقدون ان القيادة السياسية والعسكرية ستسلك طريقاً بمسارين: الاول، تشديد الضغط على المعارضة المسلحة لتعطيلها وإخراجها من ساحة الصراع. الثاني، ‘الترسمل’ على العدوان الإسرائيلي المكشوف لمطالبة روسيا بمزيد من الأسلحة المتطورة على جميع المستويات لضمان مواجهة متكافئة مع ‘اسرائيل’، ذلك ان تحقيق توازن محسوس في الردع من شأنه إقناع الولايات المتحدة وحليفاتها في المنطقة بالإستعاضة عن ‘النهج العسكري’ بنهج سلمي قوامه الحوار والتفاوض من اجل التوصل الى تسوية للأزمة السورية وربما للأزمات الأخرى التي تعصف بمعظم دول المنطقة.
اذا ردّت سوريا على ‘اسرائيل’، هل يتطور الإشتباك بينهما الى حرب اقليمية؟ الجواب يتوقف على الاهداف المرتجاة لكلٍ من امريكا وروسيا وايران. ماذا يريد باراك اوباما؟ هل يصرّ فعلاًعلى احباط البرنامج النووي الإيراني ام انه مستعد للتعايش مع ايران نووية لقاء تسوية معها (ومع روسيا) تعالج كل، او معظم، ازمات المنطقة وتصون مصالح امريكا النفطية وامن اسرائيل؟
يُستفاد من آخر خطبتين لاوباما انه لا يحبّذ التدخل عسكرياً في سوريا بينما يسحب قواته من افغانستان، وانه متردد ويحسب حساب الربح والخسارة. وقال ايضا إنه ما عاد يحبذ الحلول العسكرية ويريد تسويات سياسية. لعله سيتخذ قراره في ضوء نتائج اجتماع ميونخ بين نائبه جو بايدن والمبعوث الدولي الاخضر الإبراهيمي ورئيس الإئتلاف الوطني السوري المعارض معاذ الخطيب، وبعده مع مسؤولين روس واتراك.
لا غلو في القول إن موقفي روسيا وايران سيتقرران، غالباً، في ضوء ما ستقرره امريكا في شأن ازمات المنطقة وصراعاتها.
بإختصار، ظاهر الحال يشير الى ان احتمالات تسخين الاجواء في المنطقة ما زالت متكافئة مع احتمالات تبريدها. غير ان منطق الاحداث يرجّح، قليلاً، احتمالات التبريد.

تعليق 1
  1. عباس يقول

    المؤامرةوحرب الخليح على العراق واحتلال الحولان واسكات واغتيال الري والكلمة والصحفيون المبدعين والسياسيون وتدمير سوريا بالطائرات والمرحيات وقصف المدن السورية وتدميرها ومسح حتى المساجد والبنى التحتية والمعالم التريخية بسكود وشنى انواع القنابل هذا هو الوقت والمكان المناسبين سبحان الله هذه الحكومات المنافقة والعميلة لاخر لحظة تسعى لعدم ازعاج امريكا واله حتى قامت اسرائيل باحتلال دمشق وتركت 30 متر يحكم فهم هذا الاسد وجمعته لخرج علينا وقال سنرد ف…………………………المناسب مع العلم اني منتسب لحركة البعث العربي القومي الاشتراكي الصدامي الوحيد من رد في الوقت والمكان المناسب الشهيد قائد الامة وفرسها صدام حسين المجيد التكريتي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.