هل تصل عقوبة مرتكبي مجزرة عرسال بحق الجيش اللبناني إلى حد الإعدام؟

law-culture4

موقع إنباء الإخباري ـ
علي مطر:

إرتكب المسلحون في عرسال جريمة موصوفة بحق عناصر الجيش اللبناني، بعد أن أدى كمين مسلح لهؤلاء المسلحين إلى إستشهاد نقيب ورقيب، وجرح 8 عسكريين.
هذا العمل يعد جريمة مسلحة وموصوفة بحق الجيش، وبالتالي فإن المرتكبين للمجزرة، ومن عاونهم وغطاهم وكان وراءهم، يجب أن يحاسبوا على هذه الجريمة بأقصى الأحكام التي ينص عليها قانون العقوبات اللبناني، بمنأى عن لململة الموضوع سياسياً.

تعتبر المحكمة العسكرية الدائمة في لبنان صاحب الإختصاص في التحقيق والتحكيم في هذه الجريمة، لأن قانون القضاء العسكري في لبنان يقول في المادة 23 من الباب الثاني – صلاحية المحاكم العسكرية إن “صلاحية المحاكم العسكرية الدائمة تشمل جميع الأراضي اللبنانية، والأراضي الأجنبية التي يحتلها الجيش اللبناني، باستثناء المناطق التي تشملها صلاحية المحاكم العسكرية المؤقتة الخاصة بالقوات المسلحة”. وبما أن هذه الجريمة مرتكبة بحق عسكريين (الجيش اللبناني) فإن الصلاحية النوعية في الحكم تكون للمحكمة العسكرية، وهذا ما تؤكده المادة 24- معدلة وفقا للقانون رقم 306 تاريخ 3/4/2001 التي تقول إن:

المحاكم العسكرية تختص بالنظر وفق بعض فقرات هذه المادة في:

3- الجرائم المتعلقة بالأسلحة والذخائر الحربية المنصوص عليها في قانون الأسلحة وذلك ضمن الشروط المحددة فيه وفي هذا القانون.

4- الجرائم المرتكبة في المعسكرات وفي المؤسسات والثكنات العسكرية.

5- الجرائم الواقعة على شخص أحد العسكريين، باستثناء تلك التي تقع على شخص أحد المجندين ولا تتعلّق بالوظيفة.

6- الجرائم الواقعة على شخص أحد رجال قوى الأمن الداخلي والأمن العام.

7- الجرائم الواقعة على الموظفين المدنيين في وزارة الدفاع الوطني والمحاكم العسكرية أو لدى الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام، إذا كان لهذه الجرائم علاقة بالوظيفة. وتستمر هذه الصلاحية بعد تسريح الأشخاص المذكورين في الفقرات 5 – 6 – 7 – .

8- جميع الجرائم، مهما كان نوعها، التي تمس مصلحة الجيش أو قوى الأمن الداخلي أو الأمن العام.

المتفق عليه والمؤكد، أن جريمة عرسال ارتكبت ضد عناصر من الجيش اللبناني أثناء وظيفتهم، حيث نصب لهم كمين مسلح من قبل عشرات المسلحين، وقع خلاله العديد من العسكريين بين شهيد وجريح، وضربت هيبة الدولة اللبنانية والجيش اللبناني في هذا العمل الإجرامي. وبالتالي فإن صلاحية المحاكمة هنا تكون وفق المادة السالفة الذكر تابعة للمحكمة العسكرية.

كيف يعاقب القانون اللبناني المشترك في الجريمة والمحرض عليها:

ظهر واضحاً خلال حادثة عرسال أن هناك من حرض وساعد وآوى المجرمين قبل وخلال وبعد إرتكابهم لمجزرتهم بحق الجيش، وبالتالي يجب أن يكون لهؤلاء عقوبة قانونية أيضاً.
وهنا تقول المادة 212- إن “فاعل الجريمة هو من أبرز إلى حيز الوجود العناصر التي تؤلف الجريمة أو ساهم مباشرة في تنفيذها”.
كما تقول المادة 213- “كل شريك في الجريمة عرضة للعقوبة المعينة لها في القانون. تشدد وفاقاً للشروط الواردة في المادة 257 عقوبة من نظم أمر المساهمة في الجريمة أو أدار عمل من اشتركوا فيها”.

أما المادة 217 فتقول: – “يعد محرضاً من حمل أو حاول أن يحمل شخصاً آخر بأي وسيلة كانت على ارتكاب جريمة”.
إن تبعة المحرض مستقلة عن تبعة المحرض على ارتكاب الجريمة. المادة 218- “يتعرض المحرض لعقوبة الجريمة التي أراد أن تقترف سواء كانت الجريمة ناجزة أو مشروعاً فيها أو ناقصة.”

كا تقول المادة 220- المتدخل الذي لولا مساعدته ما ارتكبت الجريمة يعاقب كما لو كان هو نفسه الفاعل.
أما سائر المتدخلين فيعاقبون بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة من عشر سنوات إلى عشرين سنة إذا كان الفاعل يعاقب بالإعدام.
وإذا كان عقاب الفاعل الأشغال الشاقة المؤبدة أو الاعتقال المؤبد حكم على المتدخلين بالعقوبة نفسها من سبع سنوات إلى خمس عشر سنة.
وفي الحالات الأخرى تنزل بهم عقوبة الفاعل بعد أن تخفض مدتها من السدس حتى الثلث.
ويمكن إنزال التدابير الاحترازية بهم كما لو كانوا هم أنفسهم فاعلي الجريمة.

المادة 276- يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة كل لبناني أقدم بأي وسيلة كانت قصد شل الدفاع الوطني، على الأضرار بالمنشآت والمصانع والبواخر والمركبات الهوائية والأدوات والذخائر والأرزاق وسبل المواصلات وبصورة عامة بكل الأشياء ذات الطابع العسكري أو المعدة لاستعمال الجيش أو القوات التابعة له.
يقضى بالإعدام إذا حدث الفعل في زمن الحرب أو عند توقع نشوبها أو أفضى إلى تلف نفس.

كما تعتبر المادة 308- من قانون العقوبات من أهم المواد في هذا السياق، حيث تقول إنه “يعاقب بالأشغال الشاقة مؤبداً على الاعتداء الذي يستهدف إما إثارة الحرب الأهلية أو الاقتتال الطائفي بتسليح اللبنانيين أو بحملهم على التسلح بعضهم ضد البعض الآخر وأما بالحض على التقتيل والنهب في محلة أو محلات، ويقضي بالإعدام إذا تم الاعتداء”.

إذاً فالقوانين اللبنانية وفقاً للمادة 19 من قانون العقوبات تحاكم كل لبناني أو أجنبي أو عديم الجنسية، فاعلاً أو شريكاً أو محرضاً أو متدخلاً. وبناءً على ما تقدم وبما أن المتدخل الذي لولا مساعدته ما ارتكبت الجريمة يعاقب كما لو كان هو نفسه الفاعل. كما أن سائر المتدخلين يعاقبون بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة من عشر سنوات إلى عشرين سنة إذا كان الفاعل يعاقب بالإعدام.
وبما أنه يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة كل لبناني أقدم بأي وسيلة كانت قصد شل الدفاع الوطني، على الأضرار بالمنشآت والمصانع والبواخر والمركبات الهوائية والأدوات والذخائر والأرزاق وسبل المواصلات وبصورة عامة بكل الأشياء ذات الطابع العسكري أو المعدة لاستعمال الجيش أو القوات التابعة له، فإن كل من يثبت تورطه في إشكال عرسال ومن بينهم رئيس البلدية الذي حرض في مرات سابقة وآوى المسلحين في بلديته، وتم وضع جثث العسكريين في البلدية،  يجب أن تصل عقوبته بعد الحكم على المنفذين بالإعدام إلى درجة الأشغال الشاقة على أقل تقدير في حال أثبت تورطه. كما أن المسلحين التابعين لهذه الجماعات يجب أن يحاكمو بالأشغال الشاقة المؤبدة بحسب ما تنص عليه المادة 309، حتى لو أنهم لم يشاركوا بالأعمال المسلحة والجريمة ضد الجيش. كما علينا أن لا ننسى أنه تم التنكيل بجثث الشهيدين والجرحى لكسر هيبة الدولة.

وبطبيعة الحال، فإن ما ذكرناه سالفاً، يجب أن يكون خالياً من أية تدخلات سياسية، لأن القضاء يجب أن يكون منّزهاً فعلاً، لمعاقبة من أراد ضرب هيبة الدولة، وكسر شوكة الجيش اللبناني وتوجيه رسالات سياسية إرهابية له، وقد رأينا مدى التدخلات السياسية في قضايا عديدة، منعت أن يأخذ الجاني عقابه كما ينص عليه القانون اللبناني.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.