هل يمكن الوثوق بدعوة الولايات المتحدة إلى “محاربة “داعش”، وليس الأسد”؟

 

تناولت صحيفة “فزغلياد” الروسية دعوة واشنطن، التي بثتها قناة “سي إن إن”، المعارضة السورية الموالية لها إلى القتال ضد “داعش” وليس ضد القوات الحكومية، وسألت الصحيفة عن مغزى هذا الخبر.

 جاء في المقال:

في الوقت الذي يقوم فيه الجيش السوري بدحر “داعش” في معقلها الأخير في محافظة حمص، دوى فجأة “انفجار” على الجبهة الإعلامية. فقد ذكرت محطة “سي إن إن” أن الولايات المتحدة تدعو فصائل المعارضة السورية لمقاتلة “داعش”، وليس القوات الحكومية، وأن “التحالف سوف يساند فقط تلك القوى، التي أخذت على عاتقها محاربة “داعش”، كما نقلت ذلك القناة الأمريكية عن العقيد الأمريكي رايان ديلون، المتحدث الرسمي باسم غرفة أركان قيادة عملية “العزم الراسخ”.

بيد أن القناة أشارت إلى أن أحد الفصائل، الذي يتعاون مع التحالف – وهو لواء “شهداء القريتين” – يعتزم مواصلة القتال بقوته الذاتية ضد جيش الأسد، كما ذكر العقيد ديلون.

ومن الجدير بالملاحظة، أن هذا الخبر الذي نقلته المحطة جاء على خلفية التقارير المتتالية، التي تتحدث عن نجاحات الجيش العربي السوري على الأرض من جهة، ومن جهة أخرى تصاعد الاقتتال بين المجموعات الإسلاموية المتطرفة في مدينة إدلب، وسيطرة تنظيم “تحرير الشام” المتشدد على المدينة.

كما يرى العديد من الخبراء ووسائل الإعلام في الغرب أن واشنطن لم تعد تهتم لمسألة رعاية المعارضة السورية، في إشارة منهم إلى وقف الإدارة الأمريكية برنامج وكالة الاستخبارات المركزية لدعم المعارضة السورية، بعد فشل تطبيقه. وعدَّت صحيفة واشنطن بوست هذه الخطوة الأمريكية “تنازلا لروسيا”، على الرغم من نفي الرئيس الأمريكي لذلك. وهنا، جاء خبر “سي إن إن” الأخير ليصب الزيت على النار.

قد يكون الموضوع نتيجة “جس النبض” إزاء اتفاقات هامبورغ

بروفيسور المدرسة العليا للاقتصاد، المحلل السياسي المختص بالشؤون الأمريكية ألكسندر دومرين يدعو إلى التعامل بحذر شديد مع مثل هذه التصريحات الأمريكية.

ويقول البروفيسوردومرين: “في مثل هذه الظروف حين يُنظر إلى روسيا كعدو للولايات المتحدة، ويصوت الكونغرس لمصلحة قانون عقوبات جديدة ضدها، فإن هذه الخطوة في سوريا تعكس تناقضا كبيرا في السياسة الأمريكية.

ويرجح البروفيسور دومرين أن يكون الهدف، الذي ترمي إليه وسائل الإعلام الأمريكية، هو “جس النبض” لمعرفة “المضمون الحقيقي” لاتفاق بوتين وترامب في هامبورغ حول سوريا، وهو ما قد يمكن استخدامه ضد الرئيس الأمريكي، الذي “يقع وسط محيط عدائي”، تشكل وسائل الإعلام هناك أحد أركانه الأساسية.

قد يعودون إلى فتح ملف الأسد بعد القضاء على “داعش” 

 


الخبير العسكري، رئيس قسم دراسات نزاعات الشرق الأوسط وقوات المنطقة المسلحة في معهد التنمية الابتكارية أنطون مارداسوف لم ينف احتمال ظهور مثل هذه الدعوة علىخلفية المفاوضات الروسية–الأمريكية حول مناطق تخفيض التصعيد، بما يعني أنه يجب في الوقت الراهن الالتزام بشروط الهدنة مع الجيش السوري، والتوجه نحو مقاتلة “داعش”، وفقا لمارداسوف.

في حين أن كبير الباحثين في معهد الاستشراق فلاديمير إيسايف قرأ خبر “سي إن إن” بشكل مختلف، وعلق على ذلك بالقول: “عندما توقف الولايات المتحدة فعلا تمويل المجموعات المسلحة، آنذاك يمكن أن ننظر إلى هذا النداء الأميركي بجدية، أما الآن ففي الواقع الفعلي “لا يزال كل شيء مجرد كلام”، وفقا لإيسايف. وأضاف إيسايف أن الأمريكيين حتى الآن لم يتمكنوا من وضع خط فاصل بين المجموعات “المعتدلة” و “غير المعتدلة” في المعارضة السورية، التي يصعب في الكثير من الأحيان تحديد ولاءاتها والتنبؤ بسلوكها.

أما مدير مركز الشرق الاوسط وآسيا الوسطى سيمون بغداساروف، فعلق على ذلك بالقول: “لقد سمعنا كثيرا من الأمريكيين مثل هذه الأقوال التي تؤكد أن “مهمتنا الرئيسة – محارية “داعش” وليس الأسد، وفي كل مرة يعكسون الآية ويتوجهون إلى ضرب الأسد، بزعم أن “الأسد تعدى الخط الأحمر” باستخدامه السلاح الكيميائي”. ودعا بغداساروف إلى التعامل مع مثل هذه التصريحات الاميركية بحذر، وبعيدا عن الثقة. وختم بالقول: “خلال الاشهر المقبلة سيتم الإجهاز على “داعش”. لذا يبذل الأمريكيون كل جهد لإحكام السيطرة على الجنوب والجنوب-الغربي من سوريا، وبعد ذلك، سيتولون أمر الأسد”، – بحسب بغداساروف.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.