واشنطن للإئتلاف: إنتصر قبل 15 ك2 وإلّا فادخُل في الحلّ

obama-smiling

صحيفة الجمهورية اللبنانية ـ
طارق ترشيشي :
على الرغم من أنّ كثيراً من الأوساط السياسية والديبلوماسية، بما فيها مصادر الأمم المتحدة قد رجّحت أنّ المبعوث الأممي ـ العربي الأخضر الإبراهيمي لم يحقّق شيئاً خلال زيارته لدمشق، إلّا أنّ بقاءَه فيها إلى نهاية الأسبوع الجاري ليتوجّه منها إلى موسكو، يشير إلى أنّ في الأمر تطوّراً يحرص الرجل كعادته على إبقائه طيّ الكتمان.
فعارفو هذا الديبلوماسي الجزائري المخضرم من خلال دوره في حلّ الأزمة اللبنانية يعرفون انّ الحكمة المحبّبة الى قلبه هي: “إستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان”.

ويربط سياسيّون بين بقاء الابراهيمي في دمشق وبين توجّه معاون وزير الخارجية السوري فيصل المقداد على رأس وفد الى موسكو على أن يعود منها حاملاً أمراً ما من العاصمة الروسية قبل توجّه الإبراهيمي اليها.

وفي قراءة لما بين السطور، لأنّ السطور الابراهيمية غالباً ما تكون مكتوبة بالحبر السرّي، يُلاحَظ انّ مسوّدة الاتفاق الروسي ـ الاميركي، والتي شارك الابراهيمي نفسه في صوغها، قد تجاوزت مرحلة تنحّي الرئيس بشّارالأسد قبل انتهاء ولايته سنة 2014 لتتركّز حول أمرين: أوّلهما طبيعة المرحلة الانتقالية ودور الأسد فيها، وثانيهما ترشيح الأسد لنفسه في انتخابات ما بعد 2014.

وتُردّد أوساط مُطّلعة على الموقف السوري أنّ حديث الأسد بعد استقباله الابراهيمي عن موضوع السيادة الوطنية، يكشف انّ القيادة السورية غير مستعدّة لتقديم تنازلات تعتبرها مَسّاً بالسيادة الوطنية، خصوصاً تلك المتعلقة بالقوات المسلّحة التي يعتقد المسؤولون السوريّون “أنّ إحدى أهداف الحرب الحاليّة على سوريا هي ضرب الجيش السوري المتنامي القدرات في السنوات الاخيرة، في اعتباره أحد ثلاث جيوش يخشاها الإسرائيليون، وهي الجيش العراقي الذي تمّ حلّه بعد الاحتلال مباشرة، والجيش المصري الذي تجري محاولات متعدّدة الأطراف لإضعافه، والجيش السوري الذي كان وما زال عقبة رئيسية في وجه إسرائيل.

أمّا الموقف المتعلق بعدم ترشّح الأسد للرئاسة، فينطلق، في رأي هذه الأوساط، من معيار ديموقراطيّ بسيط وهو أنّه إذا كان الأسد مرفوضاً من شعبه، حسبما يقول معارضوه، فلماذا لا يذهب هؤلاء الى صناديق الاقتراع ليتمّ تحديد مستوى شعبيته وشعبية معارضيه، فإذا كان الهدف هو إقامة نظام ديموقراطي في سوريا فالديموقراطية لا تسمح بإقصاء أيّ مواطن عن الترشّح لمنصب معيّن”.

وفي هذه السياق يُذكّر بعض أصدقاء دمشق بكلام مماثل قاله الأسد في ربيع 2003 لوزير الخارجية الاميركي الأسبق كولن باول عندما طالبه بطرد قادة حركتَي “حماس” و”الجهاد الاسلامي” من دمشق والتخلّي عن حزب الله في لبنان والتعاون لضرب المقاومة العراقية للاحتلال، إذ قال له الأسد يومها: “ألا تطالبوننا بأن نكون حكماً ديموقراطيّاً يستجيب لمطالب الشعب السوري، إذن اذهبوا إذا وجدتم مواطناً سوريّاً واحداً يوافقكم على هذه المطالب فإنا مستعدّ لكي أناقشها معكم”.

ولذلك يتوقّع بعض المصادر ان تبقى مهمة الابراهيمي في الوقت الضائع حتى 15 كانون الثاني المقبل حيث سيتسلّم وزير الخارجية الاميركي الجديد جون كيري مهمّاته، وحيث قيل إنّ الإدارة الاميركية قد حدّدته موعداً نهائيّاً لقيادة الائتلاف السوري المعارض، فإمّا أن يحقّق انتصاراً نوعيّاً على النظام حسب ما وعد أركانه وداعموه مرّات كثيرة خلال العامين المنصرمين، وإمّا أن يدخل في العملية السياسية لكي ينقذ سوريا، حسب المصادر الاميركية، من توسّع نفوذ “جبهة النصرة” وامتداداتها داخل البلاد السوريّة وخارجها.

ويؤكّد بعض المُطّلعين على نتائج اللقاء الأخير لوفد الائتلاف السوري مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في باريس وفي حضور نظيره الفرنسي لوران فابيوس، أنّ هذا الوفد لم يملك أجوبة على جملة أسئلة طرحها لافروف، سواء بالنسبة الى قدرتهم على تصفية “جبهة النصرة” وأخواتها، أو بالنسبة الى فهمهم للمرحلة الانتقالية التي لا يمكن أن تُحسَم في بدايتها أمور لا يمكن أن يحسمها إلّا حوار بين الطرفين. يومها استمع لافروف وفابيوس إلى وفد المعارضين السوريّين لثلاث ساعات خرج بعدها الوزير الروسي قائلا “إنّه حوار طرشان.. وفالج لا تعالج”.

وإذ يعتقد كثيرون أنّ فشل هذا الاجتماع الباريسي سيطلق مرحلة جديدة من التفاهمات الدولية حول سوريا، فإنّ سياسيّين مدركين حقيقة الأزمة السورية يعتقدون أنّ التفاهمات الدولية وحدها لا تكفي، بل لا بدّ من أن تنعكس إقليميّاً وعربيّاً وصولاً إلى حلّ سوريّ ـ سوريّ لا حلّ للأزمة السورية من دونه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.