وحدها النسبية قادرة على التعبير الحقيقي عن مؤيدي الحراك الشعبي

lebanese-elections

موقع التيار الوطني الحر الإخباري ـ
إدمون ساسين:

بمعزل عن كل الأسئلة التي طرحت والاتهامات التي وجهت الى مجموعات الحراك الشعبي  والتي تمحورت حول الاستفادة من تعميم الفساد على كل المشاركين في السلطة أو مصدر التمويل وأسباب الاهتمام الاعلامي الكبير بما يجري، أو حتى السؤال عن عدم تدخل الجيش عند دخول متظاهرين سلميين الى وزراة البيئة وتطويقها علما أن قائده لم يتردد بنشر المئات من العناصر على الطرقات القريبة المؤدية الى السراي الحكومي عندما كان حوالى مئتي متظاهر من التيار الوطني الحر يريدون الوصول الى مكان قريب من السراي لايصال صوت مطالبهم المتصلة بما يعتبرونه حقوقا مسلوبة (هذه ليست دعوة لتدخل الجيش)، بمعزل عن كل هذه الأسئلة والاتهامات التي تحتاج كل نقطة فيها الى نقاش عميق يستند في أول الأمر على أدلة يقدمها المتهم وعلى دفاع صريح من قبل المتهمين وهو نقاش متشعب ومعقد يحتاج الى مساحات طويلة للوصول الى حقائق قاطعة، بمعزل عن كل هذا ثمة حقائق باتت جلية وهي مستقاة من التظاهرات والتحركات التي قامت بها مجموعات الحراك الشعبي.

في الشكل ثمة اصرار من قبل المنظمين على أن الحركة القائمة هي حركة مطلبية تنطلق من أزمة النفايات الكارثية الناجمة أصلا من واقع الفساد الذي ضرب ويضرب الادارات العامة وعقول الكثير من السياسيين.

الحركة ترفض الفساد في هذا الملف وتريد و(عن حق) استقالة وزير البيئة محمد المشنوق انطلاقا من أنه وبموجب  الدستور وأعراف النظام البرلماني هو من يتحمل المسؤولية عما وصل اليه هذا الملف ويجب أن يتحمل أحد ما المسؤولية في هذه السلطة من أجل تعميم ثقافة المحاسبة والمساءلة وللضغط في اطار تسريع حل هذا الملف.

لكن بموازاة هذا المطلب ثمة من يسأل لماذا لم يتم تسمية كل متورط في هذا الملف سواء كانت شركة أو جهة سياسية أو حزبية منذ عام 1994 وحتى الوصول الى فصول سمسرات اليوم والخلاف على الحصص بحكم التوازنات السلطوية والسياسية القائمة وواقع النظام المبتور حاليا.

في تركيبة التحركات التي نظمتها مجموعات هذا الحراك ثمة حقيقة واضحة وجلية وهي أن مقياس نجاح التحركات  كان بقدرتها على استقطاب متظاهرين من الفريقين المتصارعين في البلاد كما أن نجاحها يعود الى القدرة على استقطاب مواطنين من كل المناطق والطوائف كاسرين الاصطفافات المعهودة والموروثة في هذا البلد. لكن عند هذه النقطة يكمن السؤال الأساس: كيف يمكن الوصول الى بداية تغيير حقيقي انطلاقا من تركيبة هذه التحركات؟

هل بالاستمرار بتشكيل حالة ضغط قد لا تؤدي الى نتائج على مستوى المحاسبة والمساءلة أو من خلال الدعوة الى انتخاب رئيس للجمهورية سينتخبه من يعتبرونهم قادة الحراك فاسدين وطلعت ريحتهم وعليهم بالرحيل؟ بداية التغيير الحقيقي يجب أن تنطلق من ايجاد قانون انتخابي يقوم على أوسع دائرة انتخابية ممكنة على اساس النظام النسبي وهو ما يتيح لو تحقق أن يعطي المتظاهرين الذين نزلوا الى ساحة الشهداء قيمة انتخابية حقيقية لا تعبر عنها الا النسبية.

ومن انتخاب لمجلس شرعي غير ممد لنفسه ومنبثق من الشعب يمكن الشروع في انتخاب رئيس يكون مؤتمنا على الدستور والقوانين وبعدها يصار الى تشكيل حكومة من مسؤولين منبثقين عن الارادة  الشعبية التي وحدها لها حسم أي أزمة في أي بلد . فكيف اذا كان البعض يريد اسقاط النظام وتحريره من الفساد ؟ هنا بالتحديد لا بد من العودة الى الشعب وصوته.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.