يهود أميركا ينذرون نتنياهو: لا تُلقِ الخطاب!

obama-natanyaho

صحيفة السفير اللبنانية ـ
حلمي موسى:

 

بات السجال بين الإدارة الأميركية ورئاسة الحكومة الإسرائيلية حول الخطاب المقرر لبنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي يقلق بشكل متزايد يهود الولايات المتحدة. وقد تعاظم السجال حول الخطاب في ظل تزايد الإشارات حول قرب توصل الإدارة الأميركية إلى اتفاق نووي مع إيران وهو الموضوع الذي بذريعته يصل نتنياهو إلى واشنطن بدعوة من الجمهوريين. وحمل سيناتور جمهوري على الرئيس باراك أوباما بشأن احتمال اتفاقه مع إيران، بشكل يبقي للجمهورية الإسلامية قدرة تخصيب.

وتزايدت في اليومين الأخيرين الاعتراضات، خصوصاً في أوساط الديموقراطيين واليهود، على خطاب نتنياهو أمام مجلسي الكونغرس. ويشعر كثيرون أن دواعي نتنياهو من وراء الخطاب ليست أمنية صرفة، وإنما تقف خلفها دواع انتخابية. وهذا ما نقل الحديث عن مقاطعة أعضاء ديموقراطيين من مجلسي النواب والشيوخ من دائرة الاحتمال إلى دائرة الفعل.

وكانت بداية ذلك في إعلان ثلاثة من الديموقراطيين القدامى المؤيدين لإسرائيل، بينهم جون لويس من جورجيا، إلى إعلان مقاطعتهم الخطاب. واحتج الثلاثة على قرار رئيس مجلس النواب جون بوينر دعوة نتنياهو لإلقاء خطاب أمام الكونغرس من دون التشاور مع الرئيس أوباما.

وقال لويس إن دعوة نتنياهو إلى الكونغرس هي «إهانة للرئيس أوباما ولوزارة الخارجية».

وأشارت صحف أميركية إلى أن أكثر من 40 نائباً أسود من الديموقراطيين يفكرون في مقاطعة خطاب نتنياهو. ورفض البيت الأبيض الرد بنعم أم لا عن التقديرات بشأن مقاطعة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي يرأس مجلس الشيوخ، الخطاب.

وقال متحدث باسم البيت الأبيض إن جدول مواعيد نائب الرئيس في ذلك اليوم «لم يتقرر بعد».

ومن بين أعضاء مجلس الشيوخ الذين أعلنوا أنهم يفكرون في مقاطعة الخطاب، وكانوا سابقاً من أبرز مؤيدي إسرائيل، السيناتورة ديان فاينشتاين التي كانت إلى ما قبل أسابيع ترأس لجنة الاستخبارات في الكونغرس.

كذلك يفكر السيناتور ريتشارد دربين في مقاطعة الخطاب، في حين يفكر كثيرون في المقاطعة كنوع من إبداء الاحترام لأوباما ضد خطوات نتنياهو والجمهوريين.

وعادت زعيمة الأقلية الديموقراطية في مجلس النواب نانسي بيلوسي إلى الإعلان أنه حتى إذا لم «يقاطع» النواب الديموقراطيون الخطاب، فإن كثيرين منهم سيكونون «مشغولين» في أعمالهم ولن يحضروا الخطاب.

وكتب معلق إسرائيلي أن «نتنياهو توهم أن خطابه الثالث أمام مجلسي الكونغرس سيضعه في مصاف ونستون تشرتشل، وهو الزعيم الدولي الوحيد الذي دعي ثلاث مرات لإلقاء خطابات أمام الكونغرس، لكنه قد يجد نفسه في صف واحد مع مجموعة صغيرة جداً من زعماء العالم، الذين ما إن يصلوا إلى واشنطن، حتى يتعذر على ساسة كبار ومحترمين مثل جو بايدن وجون لويس العثور على مكان في جدول مواعيدهم من أجله».

ومن الواضح أن سوء العلاقة بين حكومة نتنياهو وإدارة أوباما يقلق المنظمات اليهودية الأميركية جداً، وهي التي تجد نفسها في موضع تشكيك بها سواء من اليمين في إسرائيل أو من الأوساط المؤيدة للإدارة في الولايات المتحدة.

وكانت الانتقادات لخطاب نتنياهو جاءت هذه المرة ليس فقط من أوساط اليسار اليهودي في الولايات المتحدة، وإنما أيضاً من أوساط التيار المركزي. وتشهد على ذلك حدة انتقاد رئيس «الرابطة ضد التشهير» إيف فوكسمان للخطاب وصمت اللوبي المناصر لإسرائيل، «إيباك»، الذي دعا نتنياهو أيضاً إلى إلقاء خطاب أمام مؤتمره السنوي التقليدي.

ونشرت صحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية أن جهات عدة في «إيباك» بعثت برسائل إلى نتنياهو، مفادها أنه من الأفضل ألا يحضر لإلقاء الخطاب. كما نشر موقع «والا» الإخباري تقريراً عن مسؤولين كبيرين في منظمات يهودية أميركية تحدثا فيه عن «أجواء صعبة وقلق حقيقي على دعم الحزبين لإسرائيل».

وقال أحد هذين المسؤولين: «إننا لم نفلح في تفسير السلوك الإسرائيلي في هذه المسألة. فالأمر لا ينطوي على شأن أمني. وهو يبدو مثل محاولة مقصودة للمساس بالرئيس أوباما، وهذا أمر لا يمكننا الدفاع عنه».

وأشار إلى أن «النواب الذين أعلنوا حتى الآن مقاطعتهم خطاب نتنياهو هم من الجناح الأشد يسارية في الحزب الديموقراطي، لكن جون لويس هو رمز في الحزب. وتحديداً بسبب آرائه اليسارية جداً، فإن دعمه التقليدي لإسرائيل كان دوماً مهماً في نظري. لقد وقع هنا ضرر فعلي».

أما المسؤول الثاني فأبدى تقديره، ليس على أساس معلومات، وإنما «بسبب فهم خطورة الوضع»، قد نجد أن الخطاب أجل إلى موعد آخر. «فالرسائل التي ترسلها البؤر الأهم في الطائفة اليهودية بهذا الشأن قاطعة: ينبغي إزالة فتيل التوتر. وتأييد إسرائيل يجب أن يبقى، ليس موضوع خلاف بين الحزبين، ومقبولاً على الغالبية في الحزبين».

وبرغم التأكيدات الصادرة عن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية بإصرار نتنياهو على الذهاب إلى الكونغرس لإلقاء خطابه، إلا أن مراسلين عدة أشاروا إلى أن إلغاء الخطاب أمر تتم دراسته في ضوء موجة الاعتراضات.

ويخشى بعض المحيطين بنتنياهو أن مقاطعة عدد من النواب والشيوخ للخطاب، قد يضعف صورة نتنياهو، ليس في الولايات المتحدة فحسب، وإنما أيضاً لدى الناخب الإسرائيلي.

Source link

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.