27 أكتوبر… يوم لا ينساه الكشميريون

صحيفة البناء اللبنانية ـ
هادي حسين:

27 أكتوبر/ تشرين أول، يوم أسود في الذاكرة السياسية والحقوقية للشعب الكشميري الذي حُرم من حق تقرير المصير عام 1947، بعد أن قامت الهند بنشر قواتها في «سرينغار» وأحتلت الوادي الذي تبلغ مساحته 53665 ميلاً مربعاً، وحالت دون انضمام الولاية ذات الأكثرية المسلمة 67 من السكان إلى جمهورية باكستان الإسلامية التي انفصلت عن الهند في آب/ أغسطس 1947. وكان من المفترض بحسب قانون استقلال الهند وخطة التقسيم أنّ تنضمّ الولايات ذات الأكثرية المسلمة إلى باكستان موطن مسلمي شبه القارة الهندية.

سياسياً، يعتبر إقليم جامو وكشمير منطقة متنازعاً عليها بتعريف القانون الدولي، حيث قامت الهند بضمّ الإقليم لأراضيها عنوةً في 27 أكتوبر/ تشرين الأول 1947، وفرضت عليه طوقا عسكريا بعد أن تعهّدت للشعب الكشميري وللأمم المتحدة بمنح الكشميريين حق تقرير المصير، عبر استفتاء عام حرّ ونزيه يُجرى بإشراف الأمم المتحدة، وهو ما لم يتمّ حتى الآن. بل وعلى العكس من ذلك، راحت الحكومة الهندية شيئاً فشيئاً تمهّد لضمّ كشمير كلياً إلى الهند واعتبارها ولاية هندية…

ففي العام 1953 صدر قرار هندي ألغى الوضع الخاص بكشمير الذي كان يمنحها صلاحيات الحكم الذاتي. وفي خطوة استفتزازية للمجتمع الدولي والشعب الكشميري اتخذ البرلمان الهندي في 30 أكتوبر/ تشرين الأول 1956 قراراً يعتبر منطقة جامو وكشمير ولاية هندية وجزءاً لا يتجزأ من الأراضي الهندية.

على الصعيد الإنساني، تتحدّث التقارير الحقوقية عن انتهاكات خطيرة يتعرّض لها الشعب الكشميري في القسم الذي تحتله الهند على يد قوات الأمن والجيش الهندي. وتبرز تلك التقارير صوراً متعدّدة لهذه الانتهاكات كالقتل المتعمّد للمدنيين والاحتجاز لفترات طويلة دون محاكمة، كما تتحدّث عن عمليات اغتصاب وخطف وتعذيب وحرق أحياء وغير ذلك في ظلّ صمت دولي وعالمي.

في نفس السياق بحسب تقرير «هيومن رايتس واتش» فإنه من كانون الثاني/ يناير 1989 حتى 16 أيار/ مايو 2017 قامت القوات الهندية باعتقال أكثر من 141.166 مدني، وقتلت أكثر من 100.000 كشميري. وفي عام 1993 أصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً عن حوادث القتل التي ارتكبها الجيش الهندي في منطقة سوبور والتي قتل فيها 100 مدني أحرق بعضهم أحياء، وقد وصفت المنظمة هذه الحادثة بالقول: «كانوا افراد الجيش الهندي يطلقون النار في كلّ اتجاه، وكان الناس يجرون ويتساقطون تحت الرصاص، إنّ حوادث القتل في سوبور هي حلقة في مسلسل القتل دون محاكمة».

تعكس هذه الأرقام الظروف المأسوية والصعبة التي يعيشها الكشميريون تحت احتلال القوات الهندية التي تحكم بالحديد والنار. فعلى الرغم من مرور ستة عقود على احتلال القوات الهندية للوادي إلا أنّ الشعب الكشميري لا يزال رافضاً ويقاوم الحكم المفروض عليه بمختلف الوسائل رغم التعتيم الإعلامي على القضية الكشميرية، التي تخضع لتوازنات إقليمية معقدة. وبسبب ذلك تلاشت معظم جهود التسوية السلمية سواء داخل أروقة الأمم المتحدة أو عبر الوساطات الدولية، وكذلك الحال في المفاوضات الثنائية التي جرت بين البلدين في الأعوام 1953 و1955 و1960 و1962 و1963 و1972… دون التوصل إلى نتائج مجدية.

فالقضية الكشميرية يتحكم فيها ميزان القوى الدولية وتحالفاتها الإقليمية مع كلّ من الهند وباكستان، إضافة إلى تداخل الملفات الذي يزيد القضية تعقيداً كصراعهما الهند وباكستان على الموارد المائية في المنطقة، وانخراطهما في الأزمة الأفغانية.

تجدر الإشارة أخيراً، إلى أنّ باكستان لم تطالب يوماً بضمّ كشمير إلى باكستان، بل طالبت منذ بداية هذه القضية بأن يُعطى الشعب الكشميري حق تقرير المصير، كما كان ينص عليه قرار التقسيم، وكما أكدت عليه قرارات الأمم المتحدة، وكما يطالب به الشعب الكشميري، فالقضية بحسب الرؤية الباكستانية هي قضية إعطاء شعب بأكمله حق تقرير المصير وفق القرارات الدولية. بينما ترفض الهند من الأصل الالتزام بقرارات الأمم المتحدة وتعتبر القضية الكشميرية مسألة هندية داخلية.

كاتب وباحث باكستاني

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.