300 انتحاري سعودي بالعراق: نحن شركاء في القتل

 

"300 انتحاري سعودي بالعراق: نحن شركاء في القتل"

المعلومات التي نشرها قائد القوات الخاصة العراقية اللواء فاضل برواري على صفحته الشخصية واستند فيها على بيانات صادرة من وزارة الداخلية عن أعداد من قاموا بتفجير أنفسهم في عمليات انتحارية في العراق بعد عام 2003 (الغزو الأمريكي للعراق) حيث أتى السعوديون في المركز الثاني بعدد (300) سعودي، لم يتقدم عليهم في العدد سوى الجنسيات الفلسطينية والأردنية مجتمعين حسب الإحصائية.

الرقم مخيف بل ومرعب، فثلاثمائة خلال عشر سنوات فقط رقم كبير، ورغم أنني لم أجد إحصائية عن عدد الذين ذهبوا للعراق خلال هذه الفترة بنيّة الجهاد كي أستطيع حساب النسبة المئوية للذين تم إقناعهم بأن يقتلوا أنفسهم تحت مسمّى (انتحاري)، لكن السؤال الأهم من وجهة نظري هو: لماذا الشاب السعودي تحديداً من السهل إقناعه لقتل نفسه؟

هذا السؤال الذي يبدو استنكارياً يتشظّى ليكوّن عشرات الأسئلة، فالشاب السعودي بعيد جداً عن الأحزاب وممارساتها، ويذهب بنيّة (الجهاد) أي قتال الكفّار لحماية المسلمين، لكنه ما إن يصل إلى أرض الجهاد المزعوم حتى تتلقفه الأيديولوجيات وتحوّله لمجرد مادة (tnt) لقتل الآخر الذي لا يكون في أكثر الأحيان هو الكافر المقصود بالقتل، الغرابة أن هذا الشاب هو أكثر شباب أهل الأرض قاطبة في تلقي العلوم الدينية في المدارس، وعلماء الدين في بلده رأيهم واضح وصريح فيما تُسمى (بالعمليات الاستشهادية)، ليعود السؤال بألم أكثر: هل الشاب السعودي ساذج لدرجة أن يتم إقناعه بسهولة كي يقتل نفسه؟

هل جرعات (التلقين) التي تلقاها في البيت والمدرسة هي التي صنعت منه شخصية مهزوزة ومسلوبة الإرادة؟

بعيداً عن التنظيرات الحالمة لا بد أن نعترف أننا نحن جميعاً من صنع هذا الشاب البائس بوصايتنا الحمقاء، (فالولد) لابد أن يُطيع من هو أكبر منه بدون نقاش أو إقناع، فنحن من سلبناه أعظم ما أعطاه الله (العقل)، فهو نشأ متبنياً رأي الأب الذي يعتبر مناقشته في رأيه من (ولد) هو نوع من العقوق، والأمر كذلك في المدرسة أو الحَلقة فالمطلوب أن يحفظ فقط ولا يفكّر، وإن تمرد وانطلق في الشارع فإنه لن يكون إلا تحت وصاية (رئيس الشلّة)، وفي النهاية نستغرب أن يُنفذ بدون تردد طلب «شيخ المجاهدين»!

الأمر المهم ما الذي دفع شاباً بسيطاً هذه تربيته للتفكير بالجهاد؟

الأمر ببساطة أن خُطب الجمعة ووسائل الإعلام ومواقع التواصل تضخّ يومياً أخبار المسلمين الذين يقتلون ويعذبون في أصقاع الأرض ثم يبكي ناقل الخبر دون أن يُخبرك ما المطلوب منك كمسلم؟

كثيراُ ماتساءلت أمام مثل هذه الخُطب ما هو المطلوب مني عمله كفرد مسلم، وهل هناك تحريض خفي؟

تنهي مساحة المقال، وتُلح كثير من الأسئلة التي هي في حاجة لوقفات علماء الاجتماع والدين والتعليم.. كي لا نكون شركاء في القتل.

 

المصدر: صحيفة الشرق 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.