جهاد إسماعيل لـ”إنباء”: إدراج الحياد في مقدمة الدستور لا يتناسب مع أحكام اتفاقية لاهاي وسائر بنود الدستور

بعدما أعلن رئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميّل، في مؤتمر صحفي، تقديم اقتراح تعديل دستوري يهدف إلى إدخال مبدأ “الحياد” في مقدمة الدستور اللبناني، يُطرح التساؤل حول أصول هذا التعديل؟ ومدى دستورية هكذا اقتراح؟

يلفت الخبير الدّستوري الدكتور جهاد اسماعيل، في حديثٍ لموقع “إنباء”، إلى أنه “من الثابت أن مقدمة الدستور، وفق قرار صادر عن المجلس الدستوري رقم ٧/٢٠١٤، تعتبر جزءاً لا يتجزأ من الدستور وتتمتّع بقيمة دستورية شأنها شأن أحكام الدستور نفسها، مما يعني أن اضافة أيّ نصّ، من قبل عشرة نواب، إلى مقدمة الدستور يتطلّب إعمال أحكام المادة ٧٧ من الدستور، أيّ موافقة أكثرية الثلثين من أعضاء المجلس النيابي في عقد عادي، ومن ثم الطلب من الحكومة إعداد مشروع قانون بشأنه بأكثرية الثلثين، قبل اقراره في الهيئة العامة للمجلس النيابي”

وعن مضمون الاقتراح يشير اسماعيل قائلا “ينظّم مبدأ الحياد اتفاقية لاهاي لعام ١٩٠٧ الّتي ترسم واجبات على الدولة المحايدة ومنها الامتناع عن الاشتراك في الحرب وعدم السماح باستخدام أراضيها ومعاملة جميع أطراف النزاع على قدم المساواة، لكن، في المقابل، تفرض حقوقا لا يجوز المساس بها ومنها التزام الدول المتحاربة احترام سيادة الدولة الحيادية وعدم القيام بأيّ أعمال عدائية على أراضيها، وموافقة دول الجوار ، وهذا ما لا يمكن تأمينه بسبب انتهاج “اسرائيل” العدوان المتكرر على لبنان وأراضيه، مما يعني أن اقرار هكذا نص، في ظل الاحتلال الاسرائيلي، يتعارض مع المفهوم الحقيقي للحياد الوارد في متن أو روحية اتفاقية لاهاي، ويهدّد سيادة الدولة أكثر فأكثر بدل أن يحصّنها”

ويضيف اسماعيل “لا جدوى للاقتراح ما دام أن لبنان، ملتزم بالفقرة “ب” في مقدمة الدستور، بميثاق الأمم المتحدة الذي ينص، في المادة السابعة منه، بأن يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد “الأمم المتحدة”، لا سيما أن المجلس الدستوري اللبناني، في القرار رقم ٧/٢٠٢٤، قضى فيه أن لبنان، بموجب مقدمة الدستور، ملتزم بمواثيق منظمة الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ما يضفي عليها جميعاً القيمة الدستورية”

تابع إسماعيل: “ما يعزّز هذا المنحى التحليلي هو أن الفقرة (ب) من مقدمة الدستور نفسها، كما سبق وذكرت، تنصّ على أن لبنان عضو مؤسّس وعامل في جامعة الدول العربية وفي منظمة الأمم المتحدة، وملتزم مواثيقهما، وبالتالي ليس من المنطقي اعتبار لبنان دولة حيادية، في حين أنه انضمّ إلى اتفاقيات إقليمية، كمعاهدة الدفاع العربي المشترك والتعاون الاقتصادي. وهذا يتعارض مع مفهوم الحياد، إذ إن الأعمال التحضيرية لميثاق جامعة الدول العربية تؤكد أن لبنان يُعدّ دولة “مساندة”، وهو ما لا ينسجم مع مبدأ الحياد، باعتبار أن الالتزام بهذه المواثيق يمثّل منطلقًا ذا قيمة دستورية.”

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.