حملت الأسوأ ولكننا لن نستسلم….

2012year

موقع إنباء الإخباري ـ
ميسم حمزة:

ها هي ترحل ململمة جراحاتها، ترحل بعد الألم الكبير الذي خلّفته وراءها، وكأنها زوبعة مصائب حلّت على العالم العربي كله…

ها هي ترحل ويا لسخرية القدر، أبكت عيون البشر، فالأحلام أصبحت صغيرة والهموم كبرت وكبرت، فأثقلت كاهلنا واتعبتنا، ويا ليت الزمان يعود ولو قليلاً إلى الوراء، لنمحو تلك البقعة السوداء التي خلّفها البعض في رزنامة هذه السنة التي سترحل، للأسف، حزينة.

حدّثونا عن ربيع عربي، وكان أملنا أن نشهد وحدة هذا الوطن، ولكن كنا على أبواب خريف عربي أسود، حوّل مسار كل ثورة هادفة لبناء هذه الأمة، وحرفها عن أهدافها لتصبح كالمرض الخبيث الذي لا يحمل أي خير وأي استقرار، فتراجعنا وتألمنا وبكينا على هذا الوطن المتشرذم الغارق في وحول المخططات الاجنبية التي نفذت وما زالت تنفذ مخططاتها بأمرة منها، وبتنفيذ من بعض المستعربين المستكلبين على الوطن، فتراجعنا وتسلحنا بالإيمان بهذا الوطن وبعض أبنائه القابضين على جمر العروبة، وكلنا أمل بأن يتوحدوا.

كنت أحلم بأن يتغير الواقع، ولكن ما جرى فاق كل توقعاتي، ففي مصر مثلا، وبدل أن تستعيد مصر العروبة والقومية موقعها الريادي في الوطن، تفاجأت بحكم استبدادي همجي لم يعِ حقيقة هذه الدولة الحرة التي قاد في الماضي رئيسها الخالد جمال عبد الناصر الحروب، لتبقى أم الدنيا جزءاً من الوطن العربي الذي يمدّ يد العون لكل أجزائه، فأخذها الرئيس الحالي محمد مرسي بعيداً، فهذا الرئيس الذي ينتمي إلى الاخوان المسلمين وصل إلى السلطة ليس بالقوة الشعبية بل بالمساعدة الخارجية وباستقدام المال والإعلام العربيين، فعندما انتهت صلاحية نظام مبارك ظهر المشروع الغربي الذي أوجد نظاماً إسلامياً يتفق مع الغرب، وهو ما ظهر واضحاً عندما قدم الرئيس مرسي الإعلان الدستوري الذي يريد إلغاء دور مصر والتفرد بالحكم من أجل استكمال وضع مصر في المشروع الذي يرضي الاميركي. ولكنني كجميع الوطنيين الاحرار نؤمن بأن المجتمع المصري عريق والوطنية المصرية يقظة وليست مستكينة وستعيد مصر إلى موقعها، لأن مصر تؤثر على كل الوطن العربي، ولو كانت مصر معافاة لما طالت الأزمة التي تشهدها سوريا اليوم، التي تواجه منفردة الغطرسة الاميركية والحرب الشعواء على النظام المقاوم والممانع الذي وقف إلى جانب المقاومات في لبنان وسوريا والعراق، وهو اليوم يدفع ثمن هذه المواقف بالدم والإرهاب. ولكن سوريا ستبقى سوريا، ونحن نؤمن بأن هذا النظام ومهما طالت الأزمة سينتصر لأنه قوي بصمود شعبه وبقيادته الحكيمة وبجيشه الباسل.

ولن يغيب عن هذا العام لبنان، هذا البلد الصغير، الذي يعاني الأمرّين، والتقاتل بين خطّين، خط مقاوم ممانع متمسك بالعروبة والوطنية والعداء للكيان الغاصب الذي ألحق فيه (هذا الخط) أشد الهزائم في تاريخه، وبين خط حاقد على المقاومة وواضعا يده بيد المشروع الغربي وينفذ الإملاءات الخارجية ويسعى ليكون لبنان ممراً للتآمر على الدولة الشقيقة. والوحيد الذي يدفع ثمن هذه الحرب الباردة هو المواطن الذي أثقلت كاهله الهموم الاقتصادية والمعيشية، في ظل غياب المخططات التي تساعد على الحد من أزمته.

وكل ما جرى هذا العام، وفي الأعوام الماضية، والأعوام القادمة هو لتغييب القضية الأساس في وجدان الأمة، وهي قضية فلسطين، ففيما يلتهي العرب بما تصنعه الأيادي الغربية يقوم الكيان الصهيوني بتصعيد معركته الاستيطانية والتهويدية في القدس، وبتثبيت الاستيطان فيها وفي محيطها لتوسيع حدودها من أجل جذب المزيد من اليهود، في إطار مخطط “القدس الكبرى”، الذي من المفترض إنجازه بحلول عام 2020؛ ليعلن العدو بعدها عن القدس عاصمة أبدية للشعب اليهودي.. وكل هذا يحصل والعرب لا يحركون ساكناً لمنع هذا العدو من تنفيذ مخططاته التوسعية الجهنمية.
هذا العام، سيلملم كل جراحاته ويرحل بعيدا، سيرحل ولكننا باقون ممسكين على جمر العروبة، لأنها سلاحنا الذي سنواجه به كل المشاريع الغربية والتهويدية، وسنبقى نؤمن بأنه سيخرج من هذا الوطن رجال يكملون مسيرة النضال بعد رحيلنا، وسيعملون على تحقيق الوحدة التي دعا اليها القائد المعلم جمال عبد الناصر..
فكل عام وأنتم اشرف الناس.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.