داعش.. دولة بلا وطن

SYRIA-CONFLCIT

إذا أردنا الحديث عن الدولة الإسلامية في العراق والشام، يجب أن نبدأ حديثنا عن الدولة الإسلامية في العراق والتي ذاع صيتها خلال الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003. فبعيد الاحتلال الأميركي بدأ سُنّة العراق بالمقاومة الفعلية، حيث استطاعوا فعلاً السيطرة على العديد من المناطق، ولأسباب عديدة اهمها الطائفية أخذت الكثير من تلك الجهات المقاوِمة الطابع الإسلامي، حتى أن أنصار الفكر القاعدي، بدؤوا بالظهور والعمل على إعلان دولة العراق الإسلامية من خلال فرض نمط متشدد على أهل المناطق السنية الذين بدورهم ضاقوا ذرعاً بهم، فبدأت المناوشات والخلافات بين الطرفين بالظهور، وهنا استغل الأمريكيون اشتداد وتيرة النزاعات بينهما وازدياد حدة القتال، فقاموا بتسليح العناصر السنيّة عينها التي حاربتهم على مدى الفترة السابقة ليحاربوا بها “الدولة الإسلامية” فأُطلق عليهم اسم “الصحوات”.

بعد بداية الثورة السورية وبالتزامن مع ضعف نفوذ “الدولة الإسلامية في العراق” نشأت جبهة النصرة لأهل الشام بقيادة الجولاني، والتي كانت خليطاً من مهاجرين أجانب جاؤوا للجهاد في سوريا ضد نظام الأسد وسوريين متشددين معارضين للحكم في سوريا.

شعر أبو بكر البغدادي قائد الدولة الإسلامية في العراق بخطر المنافسة التي بات يشكله الجولاني والنصرة في سوريا، فقام بالإعلان عن تشكيل “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) ويقال بأن ذلك الإعلان تم فعلاً من داخل أراضي الشام بعد دخوله “البغدادي” إلى سوريا بعدة أسابيع، لكن حتى الآن لا يوجد أي إثبات على ذلك سوى روايات بعض المجاهدين في التنظيم نفسه.

عمل البغدادي على استمالة المهاجرين (المقاتلين الأجانب) في سوريا، فانضم إليه العديد من المقاتلين الذين يطمحون إلى إقامة دولة إسلامية، أما الجولاني الذي كان على عكسه لم يول اهتماماً لقيام “دولة” في ذلك الوقت بل كان متفرغاً للقتال فقط، وابتعد عن كل الأمور الإدارية وما شابه ذلك.

استطاع البغدادي جذب كل تلك القوى التي كانت قد بدأت فعلاً بالانخراط في الأعمال الإدارية والشرعية، وخصوصاً بعد السرقات والخلافات التي حدثت بين بعض القوى في الجيش الحر في بعض المناطق المحررة، وكمثال واضح على تدخل عناصر داعش بالحياة المدنية، سيطرتهم على “الإدارة الإسلامية” في ريف حلب، والتي تركزت مهامها على الاهتمام بمواضيع الكهرباء، الماء، المحطات الحرارية، كراجات النقل العامة، المدارس، المعاهد، النظافة، الحفر، الصيانة والإغاثة بل وحتى المعونات للأسر الفقيرة.

بدأ نفوذ داعش في سوريا في الرقة وجرابلس، ثم امتد ليسيطر على الدانا واعزاز بشكل مطلق ناهيك عن وجودها في معظم “إن لم يكن” كل المحافظات السورية بأعداد ونفوذ متفاوتة.

– تتألف عناصر داعش من ثلاثة فصائل، الفصيل الأول: المقاتلون الأجانب الذين أتوا إلى سوريا بهدف إقامة دولة إسلامية.

الفصيل الثاني: مرتزقة سوريون كانوا قد سرقوا الملايين خلال الثورة ولجؤوا إلى داعش بحثاً عن الحماية والهروب من المحاسبة.

الفصيل الثالث: سوريون لم يجدوا الدعم والسلاح والتنظيم عند الفصائل التي انتموا إليها سابقاً فاضطرهم الأمر إلى الانضمام لداعش.

– أعداد التنظيم: تتراوح أعداد الدولة الإسلامية في العراق والشام بين 18 إلى 20 ألف “مجاهد”، ويتألفون من قسمين:

القسم الأول: مقاتلو النخبة: وهولاء يشكلون 25% من التنظيم، وهم من يمارس الدور القيادي، وهم المسؤولون عن القرارات المتعلقة باستراتيجية المعارك ومعظمهم من الأجانب (تقريباً بنسبة 70%) أي حوالي 3500 “مجاهد” ولا يشكل السوريون من هذا العدد سوى (تقريباً نسبة 30%) أي حوالي 1500 “مجاهد”.
القسم الثاني: المقاتلون العاديون: وهولاء يشكلون 75% من التنظيم. مسؤولياتهم محدودة ومهاهم تنفيذية، ويشكل السوريون أغلبهم، حيث تتراوح نسبة السوريين منهم من 70 إلى 75 بالمئة، أي تقريباً 11500 “مجاهد سوري” و 3500 “مجاهد أجنبي”.

أما عن مصدر المقاتلين الأجانب في سوريا عموماً والذي يبلغ حوالي الـ 10 آلاف مقاتل فهو من أكثر من 50 دولة، فالأردن يتصدر الترتيب بـ1400 مقاتل، تليه السعودية بـ850، تليها تونس بـ750، يليها لبنان وتركيا بـ550 مقاتلا لكل منهما، تليهما ليبيا ومصر بـ 300 إلى 350 مقاتلا لكل منهما، تليهما العراق بـ 350 مقاتلا، ليصبح العدد الإجمالي لهؤلاء الدول أكثر بقليل من خمسة آلاف، أي أن أكثر من نصف المقاتلين الأجانب في سوريا قد أتوا من ثماني دول فقط.

عدد المقاتلين الأوروبيين هو حوالي 1700 مقاتل وتأتي فرنسا لتتصدر القائمة لتليها بلجيكا وبريطانيا وهولاندا.

يمول التنظيم جهات عدة أهمها أفراد أثرياء من السعودية، وأموال صدام حسين وأتباعه التي هُرِّبت بعد سقوطه واحتلال العراق، وكما قلنا في البداية فإن دولة الإسلام في العراق والشام أصلها دولة الإسلام في العراق التي تأسست في عام 2006 والتي كانت قد وُضِعت على لائحة الإرهاب الأمريكية في 2004 تحت اسم “القاعدة في العراق قبل أن تصبح “دولة”.

لطالما حمل الإسلام المتشدد في سوريا الطابع الصوفي أو الإخواني، بينما حاليا نجد موجة سلفية كبيرة منها الوسطي كجيش الإسلام، ومنها المتطرف في أقصى اليمين السلفي الذي يحمل الفكر السلفي الجهادي التكفيري كداعش التي لم يسلم منها حتى الأضرحة، لذلك فإن معظم قوى المعارضة في سوريا والجيش الحر ترفض داعش وممارستها بحق المجتمع السوري، وترى فيها تطرفاً لا ينتمي لسوريا، فجميع المناطق التي دخلتها واستطاعت فعلاً أن تسيطر عليها كانت تعاني من الفراغ الأمني، ورأينا ذلك واضحاً في محافظة الرقة بعد تحريرها من النظام وفي بعض مناطق حلب أيضاً.
تشارلز ويندزور – باحث في الشأن الجهادي – ترجمة زمان الوصل

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.