ذكرى حرب أكتوبر المجيدة .. بأي حال تحل؟

صحيفة الوطن العمانية ـ
رأي الوطن:
يحيي الشعبان المصري والسوري ومعهما الشعوب العربية ذكرى حرب السادس من أكتوبر المجيدة والتي تصادف اليوم ذكراها العزيزة على قلب كل مصري وسوري وعربي، ففي مثل هذا اليوم استطاع الجيشان المصري والسوري ومعهما الجيش العراقي الباسل في كل من سيناء والجولان أن يغيرا قوانين الصراع مع العدو الصهيوني ويحددا اتجاه المعركة لصالحهما، ويوجها للمعتدي الصهيوني ضربة قاصمة، ولولا الدعم العسكري والمالي غير المسبوق من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا التي أقامت جسرًا جويًّا لحليفها الكيان الصهيوني لما قامت لهذا الكيان الغاصب قائمة.
لقد سطر هذان الجيشان العربيان الباسلان تاريخًا عربيًّا مشرفًا في الانتصار للكرامة والأرض والعرض ورد العدوان، ووضع حد للظالم مهما كان جنسه أو عرقه.
وتحل ذكرى معركة الشرف والعزة والكرامة اليوم التي صنع انتصارها ـ بعد توفيق من الله ـ إرادة المقاتلين الأفذاذ في كل من مصر وسوريا الشقيقتين العزيزتين على كل قلب عربي، لتكشف عن معنى الوحدة العربية ومعنى وحدة الصف ووحدة الكلمة، وتبين العمق العربي الكبير حين تتحد هاتان الشقيقتان المؤثرتان، وتبرز حال الوضع العربي من القوة والمنعة وقوة الموقف والتأثير في مجريات الأحداث.
وتحل الذكرى علينا اليوم، وقد أصبح حالنا العربي يرثى عليه، حيث تتداعى علينا الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها، ليصدق فينا قول رسولنا الكريم، ولكنه أيضًا ليس من قلة، وإنما غثاء كغثاء السيل، حيث يقضم الأعداء ليس شبرًا شبرًا، وإنما دولة دولة، ويعيثون فيها فسادًا وتفتيتًا وتمزيقًا وتجريدًا من كل مظاهر قوتها اقتصاديًّا وسياسيًّا وعسكريًّا وأمنيًّا واجتماعيًّا، فقد فتحت أمام الأعداء كل الأبواب ليدلفوا منها إلينا تحت شعارات ساقوها كذبًا وزورًا ووجدوا من بيننا من يطرب لها ويندفع وراءهم مستلذًا كذبهم وزورهم وبهتانهم دون أدنى وعي وإدراك، فكانت (حرية التعبير، حقوق الإنسان، الديمقراطية) مسميات لا يزال شعب العراق يدفع ثمنها باهظًا، ويدفع ثمنها اليوم شعوب عربية أخرى، وما هي في الحقيقة سوى رماح تنحر أبناء الوطن الواحد، وطوائف البلد الواحد، وأتباع مذاهب الدولة الواحدة، فغدت الدماء المراقة على الطرق والأزقة والحواري، وبكاء الأطفال الأيتام والثكالى الذي يجلجل كل بيت عناوين كبرى لشعارات الأعداء تلك، أو بالأحرى عناوين كبرى على كذبهم. لقد فهم الأعداء من أين ينفذون إلينا فقادونا إلى المذابح بإرادتنا ممهورة بصكوك كثيرة وبصيغ شتى، لأن درس انتصار أكتوبر يحركهم ويوجههم، بل يجب أن يضع حدًّا لأن تقوم قائمة لأي دولة عربية ترفع عقيرتها رافضة الظلم، ومنتصرة لأشقائها الفلسطينيين، ليبقى العدو الصهيوني هو القوة الأوحد، ولا ضمان لذلك إلا بالتفتيت والتمزيق والإضعاف.
تأتي ذكرى انتصار أكتوبر، وفي الفم مرارة مما حدث ويحدث لأكبر جيوش عربية نالت شرف الذود عن حياض الأمة العربية دون منازع، ولن يستطيع جيش عربي أن ينازعها هذا الشرف، وهي (الجيش المصري والجيش العراقي والجيش السوري)، فالجيش المصري رغم انتصاره تم تحييده باتفاقية كامب ديفيد انتقامًا منه، والجيش العراقي تم تدميره وحله برماح الكذب (الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان)، ويجري حاليًّا تدمير الجيش العربي السوري بالرماح ذاتها.
تأتي الذكرى وحال هذه الأمة يقول إن انتصار أكتوبر هو آخر انتصار لكم يا عرب، ما دمتم كذلك، تسقطون بعضكم بعضًا، وتحرضون ضد بعضكم بعضًا، وتكرهون بعضكم بعضًا باسم العروبة وباسم الدين والعقيدة، وباسم الأخوة، وباسم الجيرة، وما دمتم تلجأون إلى أعدائكم في كل شيء.

التعليقات مغلقة.