إلى الشيخ معاذ الخطيب

moaz-khatib

صحيفة السفير اللبنانية ـ
حبيب فياض:
استوقفتني، كما الكثيرون غيري، رسالتك الموجهة الى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. وانا إذ اكتب اليك بصفتي فردا من البيئة الحاضنة للمقاومة في لبنان من دون ان احمل اي صفة أخرى، يهمني أن الفت انتباهك الى بعض المغالطات التي تضمنتها الرسالة، وتوضيح بعض الملاحظات التي لا بد منها في سياق الكلام عن الازمة السورية وموقف «حزب الله» منها.
بداية، لا بد من التذكير بان «حزب الله» لم يحمل، يوما، غير مشروع المقاومة للدفاع عن لبنان وتحرير أراضيه من العدو الاسرائيلي. وخارج لبنان ليس للحزب غير قضية واحدة هي نصرة الشعب الفلسطيني وصولا الى تحرير فلسطين. وليس لديه اي أجندة خاصة في اي بلد عربي بما في ذلك سوريا.
لقد قلتَ إن «المنطقة تُجَر إلى فتنة ربما لا ينجو منها أحد». وإذا أردنا تعريف الفاعل المجهول (تـُجر) لتحديد من يجر، فهل نجد غير أميركا وحلفائها ممن يحتضنون المعارضة السورية؟ علما أن «حزب الله» يحاذر الفتنة حدّ الهجس ويتبنى الوحدة الاسلامية حد الهوس… الكل يعلم ان الحزب كان قد دعا الى «طائف» عراقي، واستنكر ورفض احتلال اميركا للعراق واسقاطها لصدام حسين السني، مع انه اضطهد الشيعة على نحوغير مسبوق. كما لا نذيع سرا إن قلنا إن الحزب ارسل خيرة شبابه الى البوسنة والهرسك للوقوف الى جانب اخوانهم السنة هناك حيث كانوا يتعرضون للقتل والابادة.
ولقد اعتبرت أن «تدخل حزب الله في سوريا قد عقّد المسألة كثيراً». فان صح ما يقال عن دور لحزب الله في ريف القصير، فذلك ليس ابتغاء الفتنة ولا على خلفية مذهبية، بل حماية لما يزيد عن ثلاثين الفا من اهله وناسه المعرضين للقتل والتهجير، من قبل جماعات مسلحة تقتل لأي سبب كان، وليس فقط للاختلاف في السياسة أو المذهب.
كيف لك، حضرة الشيخ، ان تفسر تحالفك مع التكفيريين رغم انكشاف هويتهم القاعدية… والكل يشهد ان هؤلاء ما دخلوا بلادا الا وخربوها. الا تدري ان قليلا من الاختلاف عن هؤلاء يعادل الكثير من الاختلاف معهم، وان ديدنهم التكفير في الدين والتخوين في السياسة، وفي كلتا الحالتين هم يعملون على القتل باسم الدين.
ان حزب الله لم يكن يوما منحازا الى النظام مقابل الشعب، بل هو ضد المؤامرة التي تستهدف سوريا دولة وشعبا،والتي تؤدي الى تدمير سوريا الناس والحضارة والتاريخ والجغرافية والتعايش. والحزب يرى أن سوريا تحتاج الى اصلاحات جوهرية، لكن ما يحصل فيها اليوم خرج عن كونه حركة اصلاحية، وتحول الى دوامة مفتوحة على القتل والعنف، فهو يعتقد بعدم امكانية الحسم العسكري لمصلحة أي من طرفي النزاع، ويرى ضرورة في الاحتكام الى رأي الناس عبر استفتاء شفاف ونزيه لتحديد من يتولى قيادة العملية الاصلاحية التي يتفق عليها الجميع.
فاذا كانت هذه هي رؤية «حزب الله» الى الازمة، حبذا لو تشرح لنا، سيد معاذ، بشفافية رؤية الاطراف الاخرى في الازمة السورية وحقيقة دورهم فيها، وتحديدا حقيقة الدور الاميركي والاوروبي والتركي والقطري والسعودي، فضلا عن الاسرائيلي؟ على اني لا أظن، لما لديك من دراية، انك ستدرج الامر في خانة الدوافع الانسانية والحرص على الشعب السوري.
في الختام، تبقى فاعلية نبذك للحرب وايمانك بالحوار سبيلا وحيدا لحل الازمة، كما جاء في الرسالة، متوقفة على اصدقائك وحلفائك، ذلك ان النظام مستعد للحوار، و«حزب الله» باركه منذ البداية، وايران تعمل من أجله، وروسيا تدفع باتجاهه… لكن ما هو موقف الاطراف الدولية والاقليمية الحاضنة للمعارضة من الحوار؟ بل ما قولك بالمعارضين الذين اقاموا الدنيا ولم يقعدوها يوم دعوتَ أنت للتحاور مع النظام؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.