إنها حرب باردة

russia-usa-flags

صحيفة الخليج الإماراتية ـ
افتتاحية الخليج:
ما يدور في أوكرانيا ومن حولها وبعيداً عنها، حرب باردة بكل معنى الكلمة . حرب تتجدد ولكن ليس على أسس إيديولوجية، كما كان في السابق بين الاتحاد السوفييتي ومنظومة الدول الاشتراكية من جهة، والولايات المتحدة والدول الغربية من جهة أخرى .
الحرب الباردة الآن ليست مواجهة بين الماركسية والرأسمالية، هي صراع على المصالح والاستراتيجيات . حرب لا يستخدم فيها سلاح، ولا يسمع فيها أزيز طائرات أو دوي مدافع، بل تستخدم فيها كل وسائل الضغط السياسي والاقتصادي . أما الحرب الساخنة فتدار بالوساطة من خلال وكلاء محليين وإقليميين .
كانت سوريا المكان الذي انطلقت منه الحرب الباردة، والصراع على أرضها الذي دخل عامه الرابع ويأكل الأخضر واليابس، لن يتوقف قبل أن يتمكن أحد الطرفين (روسيا والدول الغربية) من إعلان انتصاره بالدم السوري .
ثم فتحت جبهة أوكرانيا لتوسيع جبهة الحرب الباردة، وممارسة المزيد من الضغوط المتبادلة، وهي الأخرى تأخذ شكلاً حاداً ومتصاعداً .
ذلك يدل على صراع حقيقي، يحاول فيه كل طرف تأكيد وجوده وحضوره ودوره ومصالحه على الساحة العالمية . روسيا تسعى لاسترداد موقع الاتحاد السوفييتي كدولة عظمى في النظام الدولي، وتحاول حماية مصالحها الحيوية في محيطها والدفاع عن أمنها القومي، فيما تسعى الولايات المتحدة والدول الغربية إلى الحد من الطموحات الروسية وعدم تمكين الكرملين من تغيير المعادلات الدولية التي فرضت نفسها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي .
في الحروب الساخنة هناك نار ودمار وجيوش تتقاتل، لكن “الرادع النووي” بين الدول الكبرى يحول دون ذلك، خشية خطأ في الحساب والتقدير يؤدي إلى الهلاك . لذا لا بأس أن تجري الحرب الباردة بالوكالة فهي أقل تكلفة بالنسبة للدول الكبرى، لأن الخسائر من كيس غيرها، هي تكتفي بالدعم والمساعدة وممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية .
إنها حرب باردة . . وكيف تكون الحرب الباردة إذا لم يكن نموذجها في سوريا وأوكرانيا؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.