الابتعاد عن النسبية يكرس الخيار الطائفي الذي يُباعِد بين اللبنانيين

 
موقع إنباء الإخباري ـ
ميسم حمزة:
تتوالى التصريحات الإعلامية المتعلقة بالقانون الانتخابي الحدث الأبرز على الساحة اللبنانية، والهم الأساسي للقوى السياسية التي تسعى إلى قانون يؤمن المصلحة الشخصية لا صحة التمثيل أو المصلحة الوطنية، فكل فريق سياسي يبحث عن القانون الذي يمكنه من الحفاظ على حصته الحالية.
وما بين الحديث عن قانون مختلط أو قانون الستين، يبقى الغائب الوحيد هو المواطن والقانون الذي يحقق الديمقراطية التي تعكس إرادة المواطنين، القانون الذي يكون أكثر عدالة وتمثيلاً، وينهي حالة الالغاء السائدة اليوم. فاعتماد القوانين الإقصائية يحمل عوامل التفجير واستمرار أزمة الوطن التي بدأت منذ 73 عاماً، والقوانين الانتخابية التي فصّلت على قياس واضعيها، وآخرها قانون الستين، هي المحرك الحقيقي للأزمات السياسية والشعبية، الي تبقي البلاد عرضة للاهتزازات والأزمات المتلاحقة.
ومع تصريح رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون بتأييده لانتخابات نيابية وفق قانون جديد، وإشارته إلى أن التخوّف من القانون النسبي في غير محله، وإعلان كتلة “الوفاء للمقاومة” تأكيدها “اعتماد النسبية الكاملة مع الدائرة الواحدة أو الدوائر الموسعة، وأن القانون الجديد هو التزام بالتعهد الذي أعلنته الحكومة في بيانها الوزاري”، ووقوف رئيس مجلس النواب ورئيس حركة أمل نبيه بري في صف المطالبين بإقرار قانون جديد يعتمد النسبية، ومطالبة القوى الناصرية والوطنية المستقلة بإقرار قانون انتخابي عادل ومنصف يحقق صحة التمثيل، إلى جانب مطالبة القوى المسيحية بالتغيير، فإن هذا الوضع يُبقي المستقبل والقوات وجنبلاط في خط آخر من المطالبة المبنية على حماية الوجود من جهة، والاستفراد بالسلطة من جهة أخرى، ضاربين النهوض بالنظام والوطن والتخفيف من أزمة التركيبة الطائفية عرض الحائط .
فقانون الستين مشكلة البلد، وبقاء هذا القانون يعني دخول لبنان في مرحلة الموت الكامل بعد الموت السريري الذي يعيشه منذ إقرار هذا القانون حتى يومنا هذا. والقانون المختلط هو تشويه للقانون ومحاولة لإخضاعه لتأثير أصحاب النفوذ. هو قانون فاسد لا يؤمن عدالة التمثيل ويعوّم قوى على حساب قوى أخرى لها الحق في الاستمرار في هذا الوطن كغيرها. وعلى القوى السياسية اللبنانية مجتمعة الضغط وعدم التراجع للوصول إلى عدالة التمثيل، وعدم التراجع والتهاون مهما كانت الظروف، وإلا فإن هذه القوى ستكون مشاركة بالجريمة الكبرى بحق الوطن، والمطلوب التعالي عن المصالح الخاصة، والنظر إلى مصلحة الوطن، وعدم إضاعته عبر وضعه أمام أحد خيارين: إما العمل بقانون الستين وإما إقرار قانون انتخابي مشوّه يرتكز على قانون مختلط بين النسبية والاكثري.
المطلوب هو الإسراع في اتخاذ قرار وطني جريء يؤسس لدولة المواطنة ويؤمن صحة التمثيل، لأنه المدخل الحقيقي لإنتاج سلطة مستقرة في لبنان عبر إقرار قانون انتخابي على قاعدة النسبية الكاملة مع اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة، فدولة المؤسسات والقانون تبدأ بقانون انتخاب على قاعدة النسبية، وكلما ابتعدنا عن النسبية نكون قد كرّسنا الخيار الطائفي – المذهبي الذي يُباعِد بين اللبنانيين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.