الحريري يطلق النار على الميثاقية والنأي بالنفس فيدفن الدستور!

 

صحيفة البناء اللبنانية ـ
د. يحيى غدّار:

قام الدستور اللبناني على مقولة الميثاقية والديمقراطية التوافقية، والمحاصصة في السلطة ومكاسبها وفي تقرير سياساتها، ومواقفها…

وأثناء الحرب العالمية العظمى التي شُنَّت على سورية، اشتقّ العقل الميثاقيّ مقولة «النأي بالنفس»، واتخاذ موقف الحياد في الصراع بين المستعربين والمتأمركين المتأسرلين وعرب المقاومة والكرامة…

وقاعدتا الميثاقية والنأي بالنفس، تلزمان أيّ مسؤول لبناني أيّاً كانت منزلته بعدم الانحياز بشخصه وبمواقفه وبالمؤسّسة التي يقود في الصراعات ويتخذ موقفاً تصالحياً وإيجابياً لصالح رأب الصدوع والسعي لتلطيف الأزمات أقلّها بانعكاساتها على لبنان المأزوم حتى النخاع والمضروب بنظامه وبوظائف كيانه الفاقد للدور والموقع…

رئيس الحكومة المكلّف، وغير الجادّ في تشكيل الحكومة بناء على التدخلات الخارجية، ولأهداف ليست خافية على أحد لجهة محاولة أخذ لبنان إلى الفوضى والانهيار، رغبة في تأزيم جمهور المقاومة وقاعدتها الاجتماعية، وتلك في خدمة «إسرائيل» وأميركا وحلفائهم بلا لبس أو إبهام، وبذرائع واهية لا تنطلي على عقل ساذج، والمتمسك باحتكار تمثيل مذهب بعكس القاعدة المقترحة للتشكيل أو لنتائج الانتخابات النيابية، لم يكتفِ بالتعطيل، بل ذهب أبعد بكثير بأن أطلق النار على الميثاقية، والنأي بالنفس، فقتل الدستور المعطّل أصلاً، والمعلّق على خشبة التحاصص، والفساد والإفساد والهدر…

قالها بغير سبب، أو طلب، أو حاجة لبنانية «لن نقيم علاقات مع سورية، ولسنا مهتمّين بفتح معبر نصيب»، قالها برغم معرفته العميقة بأنّ العلاقة مع سورية حاجة حياتية وشرط لمعالجة الأزمات، وتأمين ميثاقية الدستور…

نسأل لماذا الآن؟ وما الهدف؟ وأين المصلحة اللبنانية؟

الجواب فقط لتلبية حاجات الخارج بالضغط على سورية وحلف المقاومة، وانضباطاً في هجوم ترامب على إيران كما قال السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير بانتظار ما ستؤول إليه الضغوط الأميركية على إيران، ونصح «بأنكم كما هُزمتم سابقاً وكما سقطت رهاناتهم ستهزمون وتسقط رهاناتكم»، وحذّر بأننا نحن الحلف المنتصر والصاعد وقد تصير مطالبنا مطابقة لمفاعيل انتصارنا، وانّ العالم وحكوماته وأجهزته تقف بالصف أمام السفارات السورية وعلى الحدود…

بين تصريحات الحريري وصحبه من «القوات» و«التقدمي»، وما قاله السيد، مسافة فلكية، فالسيد حريص على لبنان والميثاقية، والوحدة الوطنية، والدستور، والنأي بالنفس، بينما الرئيس المكلّف ساعٍ وحلفه إلى التعطيل والتفجير والاستفزاز واستعداء سورية علناً وبلا مقدمات أو مصلحة…

وبكلّ حال، فسورية وقيادتها وشعبها وجيشها المنتصر لم تستجدِ أحداً لزيارتها أو ليضمّن بيان وزارته تصحيح ما ارتكب من خطأ مميت وقاتل عندما أسند الإرهاب وتآمر على سورية، وسورية تاريخياً لا تغدر، ولا تصفح ولا تسامح…

إذن، الحريري في قوله وتصريحاته المتكرّرة، عن عدم رغبته بزيارة سورية، ورفضه عودة العلاقات الى مجاريها الطبيعية، هو يستعدي اللبنانيين أنفسهم، ويستفزّ أصحاب المصلحة في فتح الحدود والعبور إلى الأسواق، ويعلن موت سياسة النأي بالنفس، ويتفرّد بفرض إرادته ومصالحه ومن يمثّل ولمن يستجيب من أوامر على كلّ اللبنانيين وهذا ارتكاب خطير يميت الدستور ومقدّمته، ويلغي قواعده والتوافقات والميثاقية، والسيد عندما يحذّر وينذر يضع النقاط على الحروف…

يصير السؤال: الى متى سيبقى اللبنانيون عاجزين عن حماية الدستور والنظام، وهل يقبل اللبنانيون بأغلبيتهم الساحقة أن يعاملهم الرئيس المكلّف كأنهم قطيع من الرعايا، وانه السلطان الأمير الآمر الناهي والمقرّر عنهم ولو ضدّ مصالحهم ومستقبلهم…

هو وأترابه وحلفاؤه أحرار بما يرغبون وبرهاناتهم، وليحصدوا العاصفة بعد أن زرعوا الريح، لكن ما ذنب لبنان، والمزارعين والصناعيين وأصحاب المؤسسات السياحية والعقارية، وما ذنب الاستقرار الوطني؟ ولماذا يقبل اللبنانيون وقواهم أن يجري تلزيمهم نتائج العناد ورفض الإقرار بالمعطيات وبالهزيمة؟

أمين عام التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.