رئيس حركة ’كرامة’ السعودية لـ’العهد’: ثورتنا قادمة.. والحراك الشعبي لم يعد تقليديًا

موقع العهد الإخباري ـ
لطيفة الحسيني:

يجسّد رئيس حركة “كرامة” السعودية معن الجربا الصوت الآخر اليوم في المملكة. صوتٌ من خارج تيار الموالاة السابق ومغاير للمُعارضة التقليدية.. يتحلّى بكثيرٍ من التصميم لإحداث خرقٍ في جدار آل سعود.. من موقعه القَبلي، يُصرّ الجربا على قول الحقّ في وجه السلاطين الجائرة والمستبدّة في المملكة، يعتبره واجبًا ملقى عليه في ظلّ اكتساح “حزب الكنبة” وأولئك الصامتين الساحة السياسة في السعودية.

الجربا الذي بدأ نشاطه السياسي عام 2006 داخل المملكة عقب العدوان الإسرائيلي على لبنان، يكثّف جهوده من أجل تفعيل الحراك الشعبي ضدّ النظام السعودي، متحدّيًا كلّ التهديدات التي دأبت الأجهزة الأمنية ومن يُحسبون عليها على توجيهها له. تركيز الجربا اليوم ينصبّ على مشروع توحيد المعارضة السعودية في الداخل والخارج.

في حوارٍ مع موقع “العهد الإخباري”، يفْصل الجربا بين نشاطه عام 2006 ونشاطه الحالي. الأوّل كان في عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز وداخل السعودية، أمّا اليوم فهو خارجها وفي عهد الحاكم الفعلي لها وليّ العهد محمد بن سلمان. حينها كان الأمر مختلفًا، فهو كان يتحلّى بحصانة وفّرتها له علاقة القرابة التي تجمعه بالملك السابق ( الملك عبد الله هو زوج ابنة عمّه، وزوج ابنة خالته هو الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية الأسبق). لكن المصاهرة هذه لم تنجح في إبقائه طويلًا في بلده..
محاولة استقطابه واحتضانه من قبل النظام عبر تخصيص زاوية له في صحيفة “عكاظ” (زاوية ومضة تجديد) بعد إقفال موقعه الإلكتروني (حوار وتجديد)، استثمرها بعكس ما أُريد لها، فهو تقصّد في مقالاته التركيز على الوحدة السنية الشيعية والمشروع الإسلامي الجديد من وجهة نظر الطرف السني ليلتقي مع الشيعي. وهنا يقول لـ”العهد”: “كنتُ أخدم خطّ المقاومة من منبر سعودي رسمي”.

ولأن لا مساحة للرأي الآخر في السعودية، اتخذ الجربا قرار “الهجرة”. عام 2014 خرج من المملكة معلنًا موقفه الداعم للمقاومة وللرئيس السوري بشار الأسد، كما يروي لـ”العهد”.

عندما اتّضحت الصورة أكثر وبدأ العدوان على محور المقاومة في سوريا ولبنان، ولا سيّما في الفترة التي هدّدت فيها الولايات المتحدة بالتدخل عسكريًا في سوريا، تداعى لتأسيس اتحاد القبائل العربية لدعم محور المقاومة عام 2013، وتمّ التواصل مع كلّ القبائل داخل السعودية وخارجها ولاسيّما تلك المتحدّرة من قبيلة “شمّر” التي ينتمي إليها.

برأيه، “الوهابية لا تمثّل السنّة بل هي حركة ناصبية جمعها ابن تيمية”. وبسبب بعدها عن قضايا الأمة، اتخذ قراره بالمضيّ قدمًا نحو دعم كلّ حركات المقاومة في الوطن العربي دون خوف، وهنا يقول “القضية بالنسبة إليّ عقائدية وأعتبرها تكليفًا إلهيًا بقول الحقّ، وخاصة أن الكلّ إمّا ينافق أو يخشى السلطات أو يجلس جانبًا من “حزب الكنبة” لا يحرّك ساكنًا.. قول الحقّ في هذا الموقع تحوّل من فرض كفائي الى فرض عينيّ”.

يكشف الجربا لـ”العهد” أنه مُنع من السفر لأكثر من 5 سنوات وهُدّد بسحب جنسيته، إلّا أنه تجاوز ذلك، وأكمل طريقه المناهض للنظام الحاكم الذي “يتعامل مع المواطن على أنه عبد ولا يسمح لشعبه بانتخاب الملك”، وفق ما يؤكد.

انطلاقًا من التطوّرات المتسارعة في المملكة، من الأزمة الاقتصادية التي يعيشها المواطنون جرّاء السياسات المالية التي فرضها محمد بن سلمان، الى الاعتقالات الواسعة التي نفّذها، يلفت الجربا في حديثه لـ”العهد” الى أن “الحراك في السعودية لم يعد تقليديًا”، ويردف “على الرغم من أننا لا نرى مظاهرات ومسيرات تجتاح الطرقات، إلّا أن هناك أساليب جديدة في التعبير عن الغضب والسخط بدأ الشعب باللجوء إليها، وذلك حتى لا تتمكّن السلطات من اعتقال المشاركين في أيّ مظهر من مظاهرها”، ويوضح أن “هناك مظاهرات شعبية غاضبة حصلت وتمّ التعتيم عليها في الإعلام”، جازمًا بأن “الشارع بدأ يفرض كلمته على السلطات، والمرسوم الأخير الذي صدر عن الملك أتى ترضية للشعب، بعد أن رضخ لكلمته رغم أنه لم يلحظ حقوق موظفي القطاع الخاص أو حتى العاطلين عن العمل.. هذا يعني أن حاجز الخوف انكسر، والشعب يطوّر نفسه اليوم”.

من وجهة نظر مؤسّس حركة “كرامة” المسجّلة رسميًا في جنيف، هناك تغييب للمعارضة الشعبية في السعودية، لذلك يذكّر في حواره مع “العهد” بدور القبائل العربية التي ناهضت الملك عبد العزيز في عامي 1929 و1930، على الرغم من أنه تمّ القضاء على رموزها ومصادرة نفوذها وإضعاف هيبتها وحصر ولاءاتها لآل سعود بتخطيط أمريكي استخباراتي”. لهذا يكشف الجربا أنه يبذل جهودًا لإعادة إحياء دور القبائل لمؤازرة الحراك الشعبي ضدّ النظام.

يشرح الجربا لـ”العهد” كيف أن تكتيك الحراك الشعبي يقوم اليوم على “احتجاجات عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي وإخفاء متعمّد للقيادات”، ويشير في هذا السياق الى “تمرّد المواطنين وتحدّيهم الإجراءات المفروضة عليهم مؤخرًا لناحية أسعار الوقود وفواتير المياه المرتفعة وأخذ حقوقهم من الأموال العامة بالقوة دون أن تستطيع الأجهزة القبض عليهم”.

لدى الجربا عتبٌ كبيرٌ يوجّهه لكلّ من يلوم الشعب السعودي على عدم انتفاضته بشكل مؤثّر، فالأخير لا يحظى بأيّ دعم دولي أو إقليمي أو إسلامي ولا حتى من قبل الجمعيات الحقوقية والإنسانية التي تبتزّ النظام ببياناتها الكاذبة والمتخاذلة حتى تحصل منه على الأموال، حسب تعبيره، ويرى أن “الدول العربية والإسلامية تركت الشعب السعودي أسيرًا لهذا النظام الخائن، حتى أن بعضها متواطئ ومتآمر علينا”.

يرفض الجربا الإيحاء بسوداوية المشهد في السعودية، لذا يعبّر عن إيمانه بـ”أننا مقبلون على ثورة نحضّر لها بخطوات تراكمية ضمن الأطر السلمية”.

ووفق ما يلمس، وصول محمد بن سلمان الى العرش سيُطلق كلّ المعارضات الدينية والسياسية والشعبية، ويضيف “الأسرة الحاكمة والمؤسسة الدينية والشعب والتجار والمثقفون سيتضافرون جميعًا لمواجهة وليّ العهد الحالي عندما يُنصّب ملكًا بشكل رسمي”.

وعليه، يتوقّع الجربا حصول انقلاب ثالث ورابع على ابن سلمان على غرار ما حصل أمام القصر الملكي في الرياض عندما تجمهر عشرات الأمراء وقُمعوا بالقوّة.

أمام السياسات المتهوّرة للسعودية في المنطقة عمومًا والخليج خصوصًا، يرجّح الجربا أن ينهار مجلس التعاون الخليجي أو يجُمّد بعد انتهاء دوره الفعلي، وتوجّه السعودية والامارات والبحرين لتشكيل تحالف مستقلّ.

خليجيًا أيضًا، يرى الجربا أن قطر باتت بوابة النفوذ التركي والإخواني الى الخليج بعدما خرجت من العباءة السعودية، ويجزم بأن الكويت وسلطنة عمان ستكونان الهدف الثاني التي تعمل على ضربه المملكة الى أن تتواجه في النهاية مع الإمارات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.