لجنة براين هوك أو تفعيل الحروب الأميركية ضدّ إيران…!

 

صحيفة البناء اللبنانية ـ
محمد صادق الحسيني:

قد يعتقد الكثيرون انّ الحروب الأميركية الفعلية، ضدّ الجمهورية الإسلامية في إيران، قد بدأت بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، أواسط شهر أيار 2018 الذي أعلنه الرئيس الأميركي ترامب في البيت الأبيض..

وكان ترامب قد انسحب من الاتفاق بتنسيق كامل وتفصيلي مع قادة جماعات الضغط اليهودية في الولايات المتحدة اللوبيات وممثل هذه اللوبيات في القاعدة العسكرية الأميركية في فلسطين المحتلة، بنيامين نتن ياهو.

هذا الانسحاب الذي برره الرئيس ترامب بعدم توازن الاتفاق وبرغبته في تعديل بنوده كي يضمن عدم قيام إيران بتصنيع سلاح نووي في المستقبل….

ثم أضاف الى هذه البنود بنوداً جديدة في ما بعد تمحورت حول:

ما يُسمّى زيادة النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.

النشاط الإيراني المزعزع لاستقرار الدول العربية.

دعم الاٍرهاب والمنظمات الإرهابية في العالم العربي.

ما يعني أن المشكلة لا تكمن في ضمان منع إيران من امتلاك السلاح النووي وإنما في موضوع آخر هو:

ضمان أمن القاعدة العسكرية الاستعمارية الأميركية المقامة على أرض فلسطين المحتلة والمسماة «إسرائيل».

هذه القاعدة، الى جانب عشرات القواعد الأميركية المقامة في مشيخات الخليج والسعودية وتركيا وبعض مناطق شمال شرق سورية المحتلة من قبل الجيش الأميركي، هي التي عملت ولا زالت تعمل على زعزعة الاستقرار في كل العالم العربي ومنذ أكثر من سبعين عاماً، وليست إيران التي تقوم بهذا العمل…!

وبما أن الشيء بالشيء يُذكَر فلا بد من التذكير بأن الولايات المتحدة هي التي تتدخل في الشأن الإيراني الداخلي وتعمل على زعزعته وإثارة الصدامات فيه بكل أشكالها داخل المجتمع الإيراني.

الجدير ذكره هنا أن هذا التصرف العدواني والمنافي للقانون الدولي، يعتبر من المحرمات المفروضة على أي دولة بشكل عام التدخل في الشؤون الداخلية لأية دولة أخرى يعتبر على أميركا خاصة خروجاً فظّاً وغير مبرر، ومداناً، على اتفاق الجزائر الشهير بين الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، والموقع بين البلدين بتاريخ 19/1/1981 في الجزائر العاصمة، والذي أطلق عليه آنذاك اسم:

إعلان الجزائر، والذي أنهى أزمة احتجاز الرهائن في السفارة الأميركية في طهران، والذي تضمن العديد من البنود نورد أهمها:

1 – تمتنع الولايات المتحدة عن التدخل السياسي والعسكري في شؤون إيران الداخلية.

2 – تقوم الولايات المتحدة الأميركية بإلغاء تجميد الأموال الإيرانية الموقعة في البنوك الأميركية كما تقوم كذلك بإلغاء العقوبات التجارية والاقتصادية المفروضة على إيران.

3 – يلتزم البلدان بإنهاء النزاعات القائمة بين الحكومتين وكذلك بين مواطني البلدين عبر احالة هذه النزاعات الى التحكيم الدولي، وبالتحديد الى محكمة مطالب إيران والولايات المتحدة، التي أنشئت بموجب هذا الاتفاق إعلان الجزائر .

4 – تؤكد الولايات المتحدة أن قرارات المحاكم الأميركية، بشأن تحويل أية ممتلكات للشاه السابق، سوف تكون غير خاضعة لأنظمة الحصانة السيادية التي تمنع محاكمة أو مصادرة أملاك او تحويل ملكية املاك شخص

سيادي كالملك او الرئيس…. وان قرارات هذه المحاكم سوف يتم تنفيذها.

5 – تدفع الديون الإيرانية المستحقة آنذاك للمؤسسات الأميركية.

ولكن الولايات المتحدة، وعوضاً عن أن تلتزم ببنود هذا الاتفاق، نكثت بوعودها جميعاً ولَم تنفذ أياً من بنود هذا الاتفاق، لا بل واصلت التآمر على إيران والعمل، وبكل الوسائل، على إسقاط الجمهورية الإسلامية في إيران.

الى أن وصل بها الامر الى تشريع تدخلها العدواني في شؤون الجمهورية الإسلامية الإيرانية وذلك عبر إنشاء ما سُمّي: مجموعة سورية وإيران للسياسة والعمليات Iran Syria Policy And Operation Group واختصارها ISOG. وذلك في شهر آذار 2006.

حيث ترأس هذه اللجنة، مناوبة، ابنة نائب الرئيس الأميركي آنذاك، ديك تشيني، واسمها إليزابيث تشيني، نقول مناوبة مع ايليوت ابراهامز. وهو من قادة اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، وكانت تضم ممثلين عن البيت الأبيض والخارجية والمخابرات المركزية ووزارة الخزانة الأميركية.

هذه اللجنة التي جمّد نشاطها، من الناحية العملية، بعد وصول باراك اوباما الى الرئاسة الأميركية تم نفخ الروح في شبيهتها يوم الخميس 16/8/2018 بإعلان وزير الخارجية الأميركي، جورج بومبيو، الذي أعاد شرعنة التدخل الأميركي السافر في الشؤون الداخلية للجمهورية الإسلامية في إيران وذلك بإعلانه تشكيل ما سماه:

مجموعة عمل إيران Iran Action Group

وسمى بريان هوك / Brian Hook / رئيساً لهذه اللجنة ومبعوث واشنطن الخاص لإيران أي لشؤون إيران / Special representative Form Iran.

علماً أن هذا الشخص من الجناح المتطرف في الخارجية الأميركية وعمل مستشاراً لجون بولتون، أثناء الفتره التي كان فيها ممثلا للولايات المتحدة الأميركية في مجلس الأمن الدولي، كما انه من أصحاب نظرية ان إيران هي مصدر العنف والقلاقل في الشرق الأوسط، كما أعلن في تصريحات صحافية يوم الخميس 16 آب الحالي.

وهذه التصريحات تؤكد أن المهمات الحقيقية لهذه اللجنة تختلف عن تلك التي أعلن عنها مايك بومبيو يوم الخميس نفسه حين قال:

إدارة ومراجعة وتنسيق كافة نشاطات وزارة الخارجية الأميركية المتعلقة بإيران.

حثّ الدول الصديقة للولايات المتحدة على الالتزام بالعقوبات الأميركية ضد إيران.

وهنا لا بد من التأكيد على أن تصريحات بريان هوك، رئيس لجنة «التخريب» في إيران، تؤكد ما لدى مصدر دبلوماسي أمني، من إحدى الدول الأوروبية العظمى، من معلومات حول مهمات هذه اللجنة، حيث أكد المصدر على ما يلي:

أ- أن أعضاء هذه اللجنة وتفاصيل عملها ستبقى سرية وهو أمر يدلل على انها ستقوم بمهام سرية وليس بمهام دبلوماسية شفافة ومعلنة.

ب- تم تشكيل مجموعات عمل متعددة ستكون الذراع الميداني لهذه اللجنة. وهذه المجموعات هي:

مجموعة العمل العسكري. ومهمتها نقل وايصال السلاح الى داخل إيران.

مجموعة نشر الديموقراطية. ومهمتها نقل الأموال الى مجموعات تنشط في هذا المجال داخل إيران.

مجموعة الاقتصاد والتنمية. ومهمتها مراقبة الأنشطة

والعمليات المالية الإيرانية.

مجموعة العلاقات الخاصة. ومهمتها إجراء دراسات معمقة لعلاقة إيران مع كل من: اليمن / العراق، / سورية / لبنان / وأية منظمات «إرهابية» أخرى المعني هي فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزه .

ج – تشير مهمات مجموعات العمل التي ستديرها هذه اللجنة الى ان الهدف هو:

التحضير لإثارة موجة من الاضطرابات الداخلية، بما يشبه الثورات المخملية، في إيران على المدى القصير والمتوسط، أي خلال بقية عام 2018 والعام المقبل 2019، وذلك من خلال زيادة الضغط الاقتصادي على الدولة الإيرانية كما على المواطنين الإيرانيين بهدف تحريكهم ضد الدولة.

استغلال فترة الاضطرابات الداخلية للتحضير لمرحلة التحرك العسكري ضد الدولة الإيرانية، عبر مجموعات داخلية مرتبطة بالمشروع الأميركي، والتي سيتم تدريب أفرادها

في السعودية وجنوب اليمن.

د – أن تمويل نشاط هذه اللجنة وكافة مجموعات العمل المتفرعة عنها سيتم عبر صندوق سعودي خاص يدعون أنه لتمويل محاربة الاٍرهاب وهو الصندوق الذي دفعوا منه مئة مليون دولار يوم 17/8/2018 لتمويل مجموعات مسلحة في محافظة الرقة السورية والتي تمّ تدريبها في قواعد الجيش الأميركي في شمال شرق سورية على أيدي ضباط أميركيين وبريطانيين وفرنسيين وأردنيين .

وهذا ما أكده، من الناحية العملية، مبعوث السلام الأميركي السابق الى الشرق الأوسط، اليهودي الصهيوني دينيس روس، في تصريح له نشرته وكالة رويترز، مساء يوم 16/8/2018، قال فيه:

إن السؤال الحقيقي هو عما إذا كانت السياسة الأميركية تجاه إيران ستقتصر على كونها سجالاً كلامياً عنيفاً وعقوبات ام انها ستصبح شيئاً أكثر من ذلك لوقف نشاطات إيران التي تهدد الاستقرار في كل من اليمن والعراق وسورية؟

إذن، فإن مهمة هذه اللجنة لا تقتصر على تنسيق نشاطات الخارجية الأميركية المعادية لإيران، وانما تشمل العمل الميداني والتحريضي، الداخلي والخارجي، لتصعيد التدخل الأميركي في الشؤون الإيرانية، وذلك كما يتضح من تساؤلات هذا الكاهن الصهيوني الذي خبر الشرق الأوسط جيداً.

ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.

بعدنا طيّبين قولوا الله…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.