لماذا يستهدفون المالكي ؟

nouri-maleki1

وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:

تتوضح خيوط التدبير والتسهيل والاستثمار التي تشكل حبكة خفية من وراء غزوة داعش التي نسبت إليها تسمية “الانتفاضة الشعبية” من المواقع والجهات الدولية والعربية والتركية التي احترفت الكذب والخداع في تصنيعها لخرافة “الثورة السورية” التي قادت تحت ستارها أعتى حرب عدوانية لتدمير الدولة السورية المقاومة وهي بذات الوسائل تسعى لتخريب العراق.

أولا دفعة واحدة اشتعلت الحملات السياسية الغربية والخليجية والتركية وتلاقت على مطلب واحد هو إزاحة الرئيس نوري المالكي كشرط لإعادة رسم معادلات السلطة السياسية في العراق ولمساندة الحكومة العراقية في قتالها ضد الإرهاب الداعشي وملحقاته فما هي الدوافع الفعلية للهجوم على المالكي ؟

هذا الأمر يفترض التنبه لحقيقة ان جوهر كل ما يدور هو موقع العراق من معادلات المنطقة ومن محوري الصراع المحتدم على مستقبل الشرق : منظومة الاستقلال والمقاومة ومنظومة التبعية الأميركية الغربية والإسرائيلية أولا وأساسا .

موقف الرئيس نوري المالكي من العدوان على سورية يمثل أحد الدوافع الرئيسية لاستهدافه من قبل الحكومات التي أرادت للعراق ان يتحول إلى محطة انطلاق للعدوان وأن يشارك في محاصرة سورية ويسهل السعي لتدميرها وفي الحد الأدنى فقد سعت حكومات الولايات المتحدة وحلف الناتو وحكومات تركيا وقطر والسعودية لزج حكومة المالكي في سياسة وسلوك يشبهان موقف الحكومة الأردنية التي قدمت الحماية والتغطية لنشاط العصابات الإرهابية التكفيرية عبر الحدود وقدمت معسكرات التدريب ومراكز قيادة العمليات او الحكومة اللبنانية السابقة التي رفعت شعارات النأي وتورطت أمنيا وقضائيا في حماية المتورطين اللبنانيين بالعدوان على سورية وبينهم احزاب وجماعات سياسية واجهزة حكومية لبنانية .

مواقف الرئيس المالكي كانت واضحة في التشديد على حل سياسي سوري دون تدخلات خارجية وعلى التضامن مع سورية ضد الحصار الأميركي والغربي وتوثيق التعاون بين دمشق وبغداد اقتصاديا إلى أبعد الحدود وقد سجل موقفا شجاعا في وجه مفوض العقوبات الأميركي الذي زار بغداد وجميع المواقف التي اتخذها المالكي في هذا المجال كانت واضحة وقوية وظلت هي نفسها في الجامعة العربية وفي قلب البيت الأبيض ومن هنا فحلف العدوان على سورية يحمل الرئيس المالكي نصيبا من المسؤولية عن هزيمة هذا الحلف وفشله في النيل من سورية.

ثانيا  اعتمد الرئيس المالكي نهجا وخيارا سياسيا منسجما مع مصلحة العراق الإقليمية من خلال توثيق العلاقة مع إيران وعبر السير في طريق التعاون الاقتصادي والاستراتيجي مع الدولة الشقيقة العظمى التي تنتزع اعترافا اميركيا وغربيا بمكانتها وبدورها في المنطقة والعالم وهو ما يشكل احد مصادر استهداف المالكي لصالح مواقع وزعامات عراقية ترتبط بالمملكة السعودية وبالولايات المتحدة وتلتزم بتحويل العراق إلى تابع في منظومة الهيمنة على المنطقة بدلا من شراكته مع منظومة الاستقلال التي تضم إيران وسورية وانضمامه إلى جهود رفض الهيمنة والتبعية وبالنظر لقدرات العراق ولإمكاناته المادية والبشرية فذلك يمثل نذيرا بابنبثاق قوة عراقية عملاقة تتقدم جميع دول الخليج وتنتزع الصدارة بينها وفي ذلك ما يكفي حافزا للتركيز على النيل من المالكي.

لقد اصطدم المالكي بمخطط السعودية وتركيا لتمزيق العراق وقاومه بشدة من خلال التصدي لجماعات الإرهاب والتكفير ولمحاولات انقلابية عديدة شاركت فيها قيادات سياسية من مختلف الفئات العراقية خططت في الرياض واسطنبول وشارك في بعضها تنظيم الأخوان بدعم وتمويل من الدوحة.

المتباكون اليوم على ما يزعمون انه حقوق السنة في العراق هم في الواقع يريدون هذه التغطية لتنصيب عملاء الغرب في السلطة العراقية ويستخدمون داعش والبعث في محرقة الفوضى والإرهاب ليثبتوا أولئك العملاء وليس الممثلين الفعليين لأبناء غرب العراق الذين يسعى المتآمرون على العراق إلى تحويلهم وقودا في حرب تخدم اهدافا ومصالح إقليمية ودولية معاكسة لمصالح العراقيين الفعلية.

ثالثا  الرئيس نوري المالكي ينطلق من رؤية لدور العراق وموقعه المستقبلي بناء على المصالح العراقية التي تحتم الترابط مع إيران وسورية ورفض استعمال العراق ساحة للتآمر عليهما وبدون شك فهو مطالب من هذا الموقع بالسير في تحرير العراق من دستور بريمر لصالح مفهوم الدولة الوطنية العراقية البعيدة عن العصبيات العرقية والمذهبية ومطالب اكثر بتخطي الانقسامات ومد الأيادي لشراكات عابرة للمذاهب والمناطق من اجل عراق جديد ومستقل يجسد انتماءه العروبي والمشرقي بعيدا عن الهيمنة الاستعمارية وهي شراكات تمثل التعبير الوحيد عن مضمون الوطنية العراقية في وجه العنف الطائفي والعرقي الذي يسعى أعداء العراق إلى إشعاله وتعميمه.

وإذا كان من البديهي ان الرئيس المالكي مع سواه من قادة العراق مسؤولون عما بلغته الأحوال من ترد ومن معاناة ومن ازمات وما يحيط بالعراقيين من تهديدات وجودية في السنوات التي اعقبت هروب الاحتلال الأميركي ولكن الأكيد ان المالكي يدفع وحيدا ضريبة سيره في الاتجاه المعاكس للمخطط الأميركي ولأدواته في المنطقة انسجاما مع مصالح العراق العليا رافضا الإملاءات والطلبات الخارجية وهو في التصدي للإرهاب الداعشي وللقوى السياسية العميلة التي تتلطى خلف العصبيات الطائفية لتحقق مصالحها غير آبهة بالناس وبمعاناتهم يمثل خيارا وطنيا صلبا يستحق التقدير.

الدول المتورطة في التآمر على وحدة العراق تريد تحقيق غاية واحدة هي منع تواصل بغداد مع طهران ودمشق وتسديد ضربة لمحور المقاومة والاستقلال في المنطقة لصالح محور الهيمنة ولها في قلب المعادلة العراقية مناصرون وعملاء متورطون في خططها ومن جميع التلاوين العراقية وهذه الدول التي تتقدمها المملكة السعودية تسعى إلى غايتها عبر تعميم أسطورة الانتفاضة المزعومة وقد انتقلت لوضع الشروط المفضوحة التي تبنتها مواقع في الإدارة الأميركية مما يكشف سر اللعبة الدموية في العراق حيث لا تمثل داعش غير قناع من جملة أقنعة في فصل واحد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.