مصدر عسكري اسرائيلي: لا نتوقع حربا في مواجهة حزب الله في السنوات المقبلة

صحيفة الأخبار اللبنانية ـ
يحيى دبوق:
في عام 2010، رفض نائب رئيس اركان الجيش الاسرائيلي في حينه، اللواء بني غانتس، توصيف عمليات تزود حزب الله بالسلاح من سوريا وعبرها، بانها «عمليات تهريب»، مؤكدا ان كلمة «تهريب» غير دقيقة في وصف الواقع اليومي لتعاظم قدرات حزب الله من سوريا. في كلمة القاها في مؤتمر هرتسليا العاشر (31/01/2010)، أكد غانتس ان ما يجري هو «عمليات نقل سلاح، لا مجرد تهريب».
في تلك الفترة، كانت المعادلة الاقليمية مختلفة: الجيش السوري لم يكن في حرب يخوضها ضد اعدائه في الساحة السورية، ولم يكن باستطاعة تل ابيب شن هجمات تستهدف «عمليات نقل السلاح» في سوريا، كان من شأنها ان تنذر بحرب اقليمية. في موازاة ذلك، لم يكن باستطاعة تل ابيب ايضا، توجيه ضربات في الساحة اللبنانية، ربطا بتداعياتها المباشرة وإمكان التدحرج نحو مواجهة شاملة مع حزب الله. كان بمقدور اسرائيل فقط، تشغيل عداد التقديرات الاستخبارية حول ترسانة حزب الله وتعاظمها، وإعطاء حساب دوري كل شهر او شهرين، عن تنامي عدد الصواريخ ونوعها ومداها ودقتها وقدراتها التفجيرية. من 40 الفا الى 50، ومن ثم الى 70 فـ90 فـ100 وصولا الى 130 الفا في الفترة الاخيرة، فيما يتجه العداد الاسرائيلي للإشارة الى رقم جديد: 150 الفاً.
كلام غانتس حول ضرورة التفريق بين واقع «تهريب» وواقع «نقل»، من شأنه ان يفضي الى تقدير مدى نجاعة الاستراتيجيات الاسرائيلية الموضوعة لمواجهة تعاظم حزب الله تسليحياً، كما ونوعاً. «النقل» يعني تلقائيا ان ضربات محدودة، هنا وهناك، في حال نجحت في الاساس، لا تغير من التعاظم شيئا ملموساً. علما ان نتيجة هذا التعاظم، لا يمكن احتسابها حصراً من عام 2010، بل من عام 2006، بعد انتهاء الاعمال القتالية بين الجانبين: 11 عاما شبه كاملة. وهي ترسانة لا تنكر اسرائيل حجمها ونوعها وفاعليتها وحضورها على طاولة القرار في تل ابيب: هي تدفع وتحفز نحو تفعيل القوة العسكرية في لبنان لإجتثاثها او الحد منها، كما انها في المقابل تدفع وتحفز، على منع وردع اسرائيل من تفعيل القوة العسكرية ضد لبنان. هذه النتيجة، المتناقضة، ابقت اسرائيل متوثبة لاقتناص الفرص، إن سنحت لها، لكنها ابقتها مردوعة عن الفعل، و11 عاما من الهدوء في لبنان، تعد فترة استثنائية قياسا بالعقود الماضية، ودليلا على نجاعة اصل وجود سلاح حزب الله، حتى من دون تفعيله.
من هنا، يمكن فهم رسائل اسرائيل الدورية، وكذلك في اليومين الماضيين، الموجهة الى الأذن اللبنانية، وكذلك الى آذان الجمهور الاسرائيلي نفسه: اسرائيل جاهزة ومستعدة للحرب في مواجهة حزب الله، لكنها لا تقدّر إمكان نشوب حرب. رسالة باتجاهين، تحرص اسرائيل على ايصالها عبر مصادرها العسكرية والسياسية واعلامها الموجه من الرقابة العسكرية.
الا ان رسائل تل ابيب الردعية، بمعنى التخويفية، تكون في العادة المتبعة اسرائيليا مرتبطة بمتغير ما ترى استحقاقه على الساحتين السورية واللبنانية، اللتين تعدان مؤثرتين من منظورها، على واقع وبيئة حزب الله، وتبعا لهما قراراته. أحد اهم هذه المتغيرات في الفترة الأخيرة، هي النجاحات الميدانية للجيش السوري وحزب الله، والخسائر التي منيت بها الجماعات المسلحة، إن في شمال سوريا او في جنوبها، بالقرب من الحدود الإسرائيلية، الامر الذي يقلص من فاعلية وتأثير «خيار» المسلحين في اشغال حزب الله عن اسرائيل. هذا المحظور، هو الذي دفع رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، للتحذير قبل ايام من ان ضعف الجماعات المسلحة (في سوريا) يعني تمتع ايران وحزب الله بالتفوق، لافتا الى انها «نتيجة مقلقة لإسرائيل».
ضمن الرسائل الإسرائيلية في اليومين الماضيين، أكد مصدر عسكري رفيع المستوى لموقع «المصدر» الإسرائيلي، جاهزية تل ابيب واستعدادها لخوض مواجهة شاملة مع حزب الله، إن تطلب الامر ذلك، وبحسب المصدر فان «الحدود معرضة لاندلاع حرب لان الهدوء مريب، والانتقال من الوضع العادي إلى حالة حرب، سريع جدا. يكفي أن يقرر حزب الله القيام بتفجير واحد، ثم يليه رد فعل إسرائيلي قوي كي تنشب معركة شاملة».
وأشار المصدر نفسه الى ان أحدا لا يعرف ما يمكن ان يحدث: «لذلك نستعد لكل السيناريوهات الممكنة، ومنها (سيناريوهات) متطرفة كأن يشن حزب الله هجوما على إسرائيل، أو أن تتورط إسرائيل في العمق اللبناني، ونحن مستعدون جيدا لكل سيناريو». الا ان الضابط الإسرائيلي استدرك قائلا: مع كل ذلك، لا نتوقع حربا في مواجهة حزب الله في السنوات المقبلة، اذ انه مشغول في الحرب السورية رغم ان خبراته تزداد وقدراته تتطور، وهو يعمل طيلة الوقت على تحسين بنيته التحتية لسيستخدمها وقت الحرب».
وضمن السياق نفسه، بثت القناة الثانية العبرية مشاهد ومقابلات مع عناصر وضباط وحدات من الجيش الإسرائيلي المنتشرة على طول الحدود مع لبنان، أكدت فيها على جاهزية إسرائيل لخوض أي مواجهة مع حزب الله.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.