من يصنف الإرهاب السعودي؟

253bf4c3-bb53-423e-bc7d-add0c29ef45f
صحيفة السفير اللبنانية ـ 

منير الخطيب : 

هريبة وزراء الداخلية العرب تصنيف «حزب الله» تنظيماً ارهابياً لا تتجاوز كونها نكتة سمجة، في وقت لا يحتمل المزاح على الاطلاق. النكتة أتت بعد قرار لـ «مجلس التعاون الخليجي» اعتبر أن «الحزب» منظمة إرهابية، وهي، أي النكتة السمجة، استكمال لحملة موصولة إلى مجلس جامعة الدول العربية، لن تنجح الا بترسيخ الانقسام العربي، الذي لن تجسر هوته الاغراءات السعودية الدينية ولا الدنيوية.
التوقيت المحلي منضبط على ساعة. أي خلل في العلاقة بين مكوناتها يكشف البلد على حروب الاقليم المذهبية. وكذلك الأمر بالنسبة للتوقيت الاقليمي. حدود الخرائط الجديدة لم تتضح إحداثياتها بصورة نهائية. أما طاولة مفاوضات التسوية السورية، فلم تستكمل كراسيها بعد. والى الآن من غير المعروف من هو الإرهابي ومن هو اللاإرهابي.
«حزب الله» لا ينتظر شهادة من الأنظمة العربية، الصديقة أو غير الصديقة. اكتسب شرعيته بمقاومة الاحتلال، وكل ما عدا ذلك من أخطاء ارتكبها، أو انجازات حققها، يبقى في إطار اليوميات السياسية العادية التي ابتلي بها الشرق وأهله. لكن السعودية ومعها «مجلس التعاون الخليجي»، مرغماً أو راضياً، تجاوزت في حملتها الضاربة ضد «حزب الله» إلى ما «تحت الحزام». وكأنها تسدد حساباً لمصلحة لإسرائيل. بالأمس رحب بنيامين نتنياهو بالقرار «الخليجي»، لا بل ان وزير الاستخبارات في حكومة العدو اسرائيل كاتس طالب «تأسيساً على التصنيف الخليجي» بالعمل على «اتخاذ خطوات دولية أخرى لفرض عقوبات اقتصادية وشخصية على حزب الله».
خرجت الحملة على الحزب من إطار المماحكات السياسية. بدأت تتخذ مساراً قانونياً يبنى عليه إجرائيا، ولو باطلاً. الحملة الاسرائيلية مفهومة، ولكن المستغرب هو الإصرار السعودي على المضي في هذا المسار التصعيدي، وعسى أن يكون ذلك مجرد تقاطع مصالح لا تنسيقاً مدبراً.
تدرك الرياض تماماً أن من خيارات الحزب العسكرية، شعار: «نكون حيث يجب أن نكون» ليس شعاراً فضفاضاً للمساومة، بل هو التزام مطلق بالمقاومة وبحمايتها. وتدرك ايضاً أن الضغط على «الحزب» يُخسِرها في ساحاتٍ دورُها فيها موسومٌ بدعم الإرهاب بحسب التصنيفات المتداولة، سوريا ولبنان واليمن وليبيا وأفغانستان والصومال وغيرها. هل تأخذ السعودية قراراً غير محسوب بمواجهة مباشرة وشاملة مع «الحزب» في إطار تصديها لما تسميه «الخطر الفارسي» لتسجيل نقاط تحملها معها الى الحوار حول مستقبل سوريا على قاعدة مذهبية؟ هنا السياسة السعودية تصبح مغامرة، أقرب الى المقامرة. الرياض مندفعة الى مواجهة هذه المرة من دون غطاء. هي قد تظن أنها بإمكاناتها المالية والديبلوماسية، تستطيع شن الحروب والتراجع عنها ساعة تشاء، لكنها هنا كشفت نفسها بانخراطها المباشر في معاركها. وبدأت الاصابع تشير اليها. هي لن تكون من الآن فصاعدا بمنأى عن مضاعفات المسارات التي تتبعها بلجوئها إلى معايير التصنيفات السياسية الغربية في حملاتها السياسية.
المجتمع الغربي يعتبر التمييز شكلا من أشكال الإرهاب، فهل يقبل بالتمييز الممارس في «المملكة» ضد كل من هو ليس من العائلة الحاكمة؟ التمييز سقطة أخلاقية لا يحتملها العالم الذي كافح لإزالة وصمة عار نظام جنوب أفريقيا السابق ضد المواطنين الأصليين. ومكافحة التمييز العنصري هي السلاح الأكثر قبولاً وقد يكون الأمضى بعد المقاومة، في مواجهة اسرائيل. الرياض باتت مكشوفة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.